1424

0

"تحول المقروئية في الجزائر: بين الكتاب الورقي والإلكتروني"

في ظل التحولات التكنولوجية والتحديات التي تواجه دور النشر في الجزائر، يتساءل الكتّاب والناشرون عن مستقبل المقروئية، ما يجعل فهم طبيعة المقروئية في الجزائر موضوعًا ذا أهمية خاصة، كما يسعى القراء والمؤلفين في فهم كيفية تأثير وسائل الاتصال وتطورالتكنولوجيا على عالم الكتاب.

هذا التحول يعكس تباين الأفكار والآراء حول قضايا النشر، من الاحتفاظ بسحر الكتاب الورقي إلى استكشاف إمكانيات وفرص الكتاب الإلكتروني.

مريم بوطرة

إعتبر مدير دار المتنبي للطباعة والنشر في ولاية المسيلة، ناصر خشاب، وهي مؤسسة ثقافية وعلمية متخصصة في نشر وطباعة الكتب الأكاديمية في مختلف التخصصات، أن المقروئية للكتاب الورقي شهدت تراجعًا نسبيًا نتيجة لتوفر وسائل التواصل ومنصات البحث الإلكترونية.

ورغم ذلك، يرى خشاب أن الكتاب الورقي يتفوق على الإلكتروني، حيث يشير إلى أن عملية البحث في الكتب الورقية تمنح الباحث تعمقًا في الأفكار والمعلومات، وتوسعًا في البحث من خلال الاعتماد على مصادر متعددة لبحث واحد،على عكس الكتاب الإلكتروني، الذي يتميز بالسرعة، إلا أنه يقتصر على توفير المعلومة المطلوبة دون توسيع البحث و يشدد خشاب على أن الكتاب الورقي لا يقبل بأي بديل، حيث يظل ذا مضمون ووجود ملموس.

تكامل القراءة: الكتاب الورقي والإلكتروني في رحاب الإبداع الثقافي

أما الشاعر والمنسق العام لاتحاد الكتاب الجزائريين، عزوز عقيل، فألقى نظرة عميقة على أهمية عالم النشر، سواء كان بصيغته التقليدية الورقية أم الإلكترونية، مؤكدًا على أن كلاهما يكمل الآخر بشكل لا يمكن إنكاره، حيث استعرض عقيل خصوصيات الكتاب الورقي، مشددًا على ميزاته الفريدة،ومع ذلك، لم يغفل عن التأكيد على أهمية النشر الإلكتروني، الذي يقدم عملية سهلة وسريعة للطلاب والباحثين في الوصول إلى المعلومات.

وفي رؤية عقيل، يبقى هذا التحدي تحديًا كبيرًا، حيث أبرز اختلاف درجة الاستيعاب بين القراءة الورقية والإلكترونية،مشيرا إلى أن القراءة الورقية غنية بتفاصيلها وتتميز بقدرة أفضل على الاستيعاب مقارنة بالقراءة الإلكترونية، التي قد تطرأ عليها بعض الصعوبات كالتعب الناتج عن قراءة النصوص على الحواسيب، وعلى هذا الأساس، أكد أن الكتاب الورقي والإلكتروني يكملان بعضهما البعض.

 ويعتبر الاستغناء عن أحدهما تحدًا غير واقعي، حيث يمكن استغلال كلًا منهما في سياقه المناسب، ومع ذلك، إعتبر عقيل أن الكتاب الورقي لا يستبدل ولا يعوض، ويبرز هذا الرأي بقوله: "لو كان الاستغناء لتوقفت  المعارض الدولية التي تنتشر كثيرا وفي كل البلدان".

"تحديات النشر في الجزائر: المقروئية الإلكترونية وغياب البنية التحتية الضرورية"

أما إدريس إبراهيم، الممثل الرسمي لدار الكتاب الحديث في الجزائر، تحدث بصفته الناشر والموزع للكتب، سلط الضوء على التحديات التي يواجهونها في عالم النشر مشيرا لمشكلة المقروئية الإلكترونية، التي اعتبرها تحديًا كبيرًا في الساحة الجزائرية.

وعن التحديات المطروحة ،بدأ التحدث عن مشكلة الطباعة، حيث يُشير إلى نقص الإمكانيات الضرورية التي تعين الناشرين والمؤلفين على ممارسة أنشطتهم بفعالية في ظل العقبات السياسية والبيروقراطية والاقتصادية التي تواجههم في الجزائر.

عند التطرق إلى المقروئية الإلكترونية في الجزائر، يُشير إبراهيم إلى أن الكتب الإلكترونية تكونت بشكل غير قانوني بنسبة 80%، مشيرًا إلى غياب قاعدة إلكترونية لبيع وشراء الكتب في الجزائر، مركدا على أن البلاد تفتقر إلى البنية التحتية الإلكترونية الضرورية لتيسيرعمليات الشراء والدفع عبر الإنترنت.

هذه التحديات تلقي بظلالها على الجهود المبذولة لتعزيز المقروئية الإلكترونية في البلاد، وتبرز الحاجة الملحة لتطوير البنية التحتية وتذليل العقبات لتعزيز صناعة النشر في الجزائر.

يُضيف  ذات المتحدث أن المقروئية الإلكترونية على مستوى العالم، في نظره، لم تخلق أي مشكلة في الدول المتقدمة، وهي الدول المخترعة لفهم الكتاب وأساس المقروئية الإلكترونية والكتاب الإلكتروني في العالم، ورغم ذلك، يؤكد أنها لم تسبب مشكلات للكتاب الورقي، حتى في ظل الأزمة الاقتصادية المتعلقة بارتفاع أسعار الورق.

الأسباب التي ساهمت في نقص المقروئية

أوضح إبراهيم بعض الأسباب التي ساهمت في نقص المقروئية في الجزائر، مشيرًا إلى نقص الإبداع الفكري كعامل رئيسي، حيث يشدد على ضعف القدرة الشرائية للمواطنين ويصف هروب القارئ وانعدام القراءة في مختلف الفئات، بما في ذلك الطلاب، مضيفا أن حتى مكتبة الجامعة شهدت مؤخرًا انحسارًا في الاهتمام وتراجعًا في استخدام الكتب، مما يعكس التحديات التي تواجه ثقافة القراءة والاستفادة من الموارد المكتبية في الجزائر.

تابع المتحدث أن وفقًا لتقارير الخبراء، تظهر الكتب الإلكترونية، سواء كانت علمية أو أدبية، على أنها لا توفر الراحة التي يتمتع بها الكتاب الورقي، و استشهد بنتائج بحوث أقيمت في هذا السياق، حيث تشير إلى أن الكتاب الإلكتروني يظل مخصصًا بشكل أساسي للبحث عن معلومات محددة ونقلها لدراسة معينة، مبرزا أن الكتاب المقروء يظل دائمًا في موقعه، حيث يمكن قراءته وتصفحه والاحتفاظ به، مما يجسد اختلافًا جوهريًا بين هذين العالمين، حتى فيما يتعلق بنفس الكتاب.

وفي هذا السياق، أشار إلى وجود جهود فكرية وإبداعية في الوطن، ولكنه يُبدي استياءً تجاه عراقيل تواجهها بعض دور النشر .حيث أوضح  أن هناك دورًا وطنية توقفت عن الطبع نتيجة لإنعدام المقروئية، مشيرًا إلى دور الكتاب الإلكتروني كداعم للكتاب الورقي في الجزائر، خاصة في المجال العلمي، ويشير إلى التحدي الذي تواجهه الكتب العلمية بسبب تكلفتها الباهظة.

في سياق متصل، عبّر إدريس عن استيائه من الطريقة غير الشرعية التي أصبح يتعامل بها في جلب الكتب الإلكترونية، مُشيرًا إلى أن هذه العمليات لا تخضع لسيطرة أي جهة رقابية، وذلك نظرًا لعدم وجود قاعدة تجارية تمكن الطلاب من شراء الكتب الإلكترونية.

في ظل هذا الوضع، ظهرت معاملات غير شرعية، واستغل بعضهم هذه الفرصة للاستيلاء على مؤلفات الآخرين، بما في ذلك المؤلفين الجزائريين.

وفي هذا السياق، شدد على ضرورة تدخل السلطات المختصة لإعادة الاعتبار لعمليات النشر و دعا إلى توفير الإمكانيات للناشرين وإقامة سلطة رقابية فعّالة قبل وبعد عمليات النشر، بهدف تنظيم القطاع وتوجيهه وفقًا للقوانين المحددة، مع التأكيد على أهمية احترام وتنفيذ هذه القوانين، وختم كلامه بتأكيد أنه لا يمكن الحديث عن الكتاب الإلكتروني في الجزائر عندما يكون غير متاح على الإطلاق.

وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه دور النشر، سلط الشاعر الضوء على ارتفاع أسعار الأوراق في الفترة الأخيرة، مما جعل العملية النشرية أكثر صعوبة، حيث اضطر العديد من الكتّاب والأدباء إلى التراجع نظرًا للتكاليف المالية الهائلة وعدم قدرتهم على تحملها.

يجدر الإشارة إلى أن هذا الشاعر ادريس ابراهيم يشغل منصب مشرف على موقع ثقافي يحمل اسم "الصالون الثقافي". يتميز هذا الموقع بتخصصه في الجوانب الثقافية المتنوعة، بدءًا من المسرح والسينما وصولاً إلى الإبداع والشعر، ومن خلال موقعه، يقوم بتقديم محتوى غني يشمل حوارات أدبية، وقراءات لكتب دراسات أدبية، بالإضافة إلى دراسات نقدية. يُضاف إلى ذلك وجود مجلة إلكترونية تجعل من تصفحها تجربة تشبه القراءة في مجلة ورقية، مما يمنح المستخدم تجربة ثقافية شاملة.

بين تفضيل البعض للكتاب الورقي وتحديات النشر في العصر الرقمي، يتبادل الخبراء والمثقفون وجهات نظرهم حول كيفية الحفاظ على قيمة القراءة في ظل التكنولوجيا المتقدمة، وكيف يمكن للجزائر تطوير ساحة النشر بشكل يلبي احتياجات القرّاء والكتّاب.

 

 

 

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services