1387
0
ذكرى عيد الاستقلال... الجزائر بين ماض مبهر وحاضر مثمر
في الذكرى ال 61 لعيد الاستقلال والشباب المصادف ل 5 جويلية من كل سنة نستذكر تاريخ بداية مرحلة جديدة جاءت بعد 132 سنة من التضحية والنضال، يحيييها الشعب الجزائري احتفالا وتخليدا لتبقى هذة المحطة راسخة في ذاكرة الأجيال ويتجدد معها العهد للمحافظة على مكاسب والإنجازات.
نزيهة سعودي
واجهت جبهة التحرير الوطني الممثل الوحيد والشرعي للقضية الجزائرية وجناحها العسكري جيش التحرير الوطني أعظم قوة استعمارية مدعمة بأكبر قوة عسكرية وهي قوات الحلف الأطلسي، لتتوج الثورة المظفرة بتحقيق النصر يوم 05 جويلية 1962.
المجاهد خالد جباري " أغلبية الشباب الجزائري لا يعرف تاريخ الثورة"
عرفت هذه الحقبة التاريخية مجاهدون صامدون تحملوا ضراوة المعارك و واجهوا كل أنواع العنف من طرف العدو المستعمر في هذا السياق حدثنا المجاهد خالد جباري أحد أبطال الذاكرة و ضابط بالولاية السادسة من مواليد 1940 ببلدية امدوكال التابعة لولاية الأوراس، عن عظمة الثورة الجزائرية مؤكدا حقيقة أنها الأولى والأخيرة في العالم، "7 سنوات و نصف و نحن مع ثالث قوة في العالم في جميع الميادين و استطعنا مجابهتهم و الحمد لله رغم التعذيب انتصرنا و أخرجنا العدو المستعمر بالقوة إلى يومنا هذا تحاول فرنسا اقحامنا في المشاكل ونحن لها بالمرصاد.
تابع المجاهد جباري بالقول أن هذا الاستقلال لم يأتي بسهولة بل بتضحية مئات الآلاف من الأبطال ورجال الجزائر استمر حتى آخر يوم من الوجود الفرنسي، وتصويت الجزائريون ب 99% باستقلال الجزائر.
للأسف يقول المجاهد جباري الأغلبية من الشباب الجزائري اليوم لا يعرفون تاريخ الجزائر، وختم قوله بالدعوة إلى ضرورة ترسيخ الذاكرة الوطنية للأجيال ليتحلوا بالنخوة ويقفوا صامدين من أجل الجزائر.
"المؤرخ بلغيث" علينا أن نكون يد واحدة لكي لا تتكرر الصورة البشعة التي عرفتها الجزائر
كما تطرق الدكتور محمد الأمين بلغيث مؤرخ و أكاديمي للحديث عن يوم استردت الجزائر استقلالها مؤكدا أن الجزائر آنذاك واجهت وضعا صعبا خاصة بعد ظهور المنظمة السرية العسكرية التي دمرت مجموعة كبيرة من المؤسسات منها ميناء وهران، ثم ارتكبت جريمة في حق العمال الجزائريين شهر ماي 1962 كان عدد الشهداء يزيد عن 65 شهيد، وفي بداية جوان تمكنت من حرق أعظم مكتبة جامعية في إفريقيا، في جامعة الجزائر، كما أن الإدارة الإستعمارية الفرنسية استطاعت إفراغ كل البنوك الجزائرية من العملة الصعبة، كما تم قتل مجموعة كبيرة من الشخصيات المعول عليها أسبوع قبل التوقيع على اتفاقية إفيان.
الجزائر في 5 جويلية 1962 يتابع الباحث والأكاديمي استلمت مؤسسات منهارة ظنّا من فرنسا أنها ستركع أبناء الثورة اللذين سيستلمون هذه المؤسسات، كما ترك المعمرين أراضي الفلاحين دون حصاد، ناهيك عن وقوع صراع حول السلطة مع بداية دخول جيش من الحدود ووقعت مناقشات حادة إلى أن خرج الشعب وعبر عن رأي المجموعة الوطنية الكاملة، فاليوم نواجه خطر محدقنعلينا أن نسعى لنكون يد واحدة لكي لا تتكرر الصورة البشعة التي نتذكرها.
الثورة الجزائرية ...أيقونة القرن العشرين
و بخصوص الثورة الجزائرية يشير بلغيث أنها ثورة شعبية و أيقونة القرن ال20 ،فالشعب من كان يناضل و يحارب في أعظم ثورة قدمت الرخيص و الغالي من أجل الاستقلال ثورة أمجاد و شباب أكبرهم سنا هو مصطفى بن بولعيد عمره 37 سنة، كما تزامنت في وضع عالمي رائع وهو الصراع بين الشرق و الغرب، هنا وجدت الجزائر مكانة راقية بين الشعوب المنافحة على الحرية هؤلاء الثوار اللذين كانوا يستلهمون حركات شيغفارا و غيره كانوا يرون الجزائر نموذج للثورة و المثل الفرنسي يقول "الجزائر هي ثورة كل العرب" و فعلا الجزائر حررت العرب و مكانتها تظهر في تضامن شخصيات عالمية كبرى ذات وزن عالي من بينها جونسون صاحب الكتاب الرائع الجزائر خارجة عن القانون.
كذلك أحلى لوحة في التاريخ هي لوحة بيكاسو عندما كان يرسم جميلة بوباشا أيقونة الثورة الجزائرية، إضافة إلى شخصيات عالمية كبرى دونت معاني الإنسانية الكبرى التي تحلت بها الثورة امثال "فرونس فانون" في كتابه الذكرى الخامسة للثورة الجزائرية وشخصيات إيطالية كبرى أعطت هذه المكانة، ولكن تبقى لمسات جزائرية أمثال بوصوف وكبار المقاومين والمجاهدين من ديدوش مراد والعربي بن مهيدي هم من جعلوا الجزائر أيقونة القرن العشرين.
مكاسب الجزائر على الصعيد الخارجي، الإقليمي والدولي
للحديث حول جزائر الانتصارات و المكاسب أوضح الدكتور لعروسي رابح أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر 3، أشار إلى المكاسب التي حققتها الدبلوماسية الجزائرية على المستوى الخارجي الإقليمي و الدولي ، مؤكدا أنه خلال هذه السنة و في ذكرى الاستقلال يحق للجزائر أن تعتز و تفتخر بما حققته من مكاسب غداة الاستقلال.
أول مكسب يمكن الحديث عنه وهو نجاح القمة العربية في نوفمبر من السنة الماضية و التي اختتمت بعودة سوريا إلى مقعدها على مستوى اللجنة العربية و التي جاءت في ظل اللجنة الرئاسة الدورية للجزائر على مستوى القمة العربية.
وعن المكاسب الأخرى أكد لعروسي على الموثوقية التي أصبحت الجزائر تحضى بها لدى القرار الأممي وخاصة ما يتعلق بمجلس الأمن الدولي والدورالريادي للجزائر في حل الخلافات الدولية الإقليمية وبدليل حصولها على عضوية غير دائمة في المجلس الأمن الدولي.
فالموثوقية الجزائرية والدور الريادي للجزائر يعتبر إنجاز ومكسب الدبلوماسية الجزائرية حيث حظيت بموافقة الدول العربية والإفريقية ومنظمة التعاون الإسلامي.
ويضيف محدثنا بالقول أن الجزائربمواقفها تؤكد للعالم أنها قادرة على أن تكون فاعل أساسي في إحلال السلم والأمن الدوليين بغض النظر على الجهود التي تبذلها لإفريقيا، وفيما يتعلق بالمناخ ،كلها مكاسب من أجل تنمية إفريقيا وليكون لها تمثيل في مجلس الأمن الدولي بعد إقصاء كبير من الهيئة الأممية.
تعزيز اللحمة الداخلية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية
مكسب آخر وهي حقيقة التلاحم بين الشعب الجزائري ومؤسساته المدنية والعسكرية والرسالة التي أصبح يوجهها الجيش الوطني الشعبي في إطارالتحضيرالجيد والعمليات التكتيكية والتدريبات العسكرية لمجابهة التحديات الإقليمية خاصة ما يتعلق بالتحديات التي تهدد الفضاء الإقليمي .
كما أن فتح قنوات للتواصل مكنت رئيس الجمهورية من أن يحضى بشعبية و احترام كبير بمواقفه الخارجية و الداخلية، إضافة إلى الإستقرار في الداخل و ما يتعلق ببعض القطاعات كزيادة رواتب الموظفين و الزيادات المختلفة التي ساهمت في تعزيز الجبهة الاجتماعية لتسير في رواق تمتين اللحمة الداخلية لتحقيق مناعة داخلية قوية لمواجهة التحديات المختلفة.
مشاركة الصحفي المناضل في تحرير الجزائر
ومن جهته أشار الأستاذ زغلامي العيد من جامعة الجزائر 3 كلية علوم الإعلام والإتصال أن الجزائرخاضت حرب شرسة ضد الاستعمار والبطش وكل أنواع التعذيب، ولكن بفضل إرادة الشعب انتصرت الثورة و استعدنا بشرف عزمنا واستقلالنا.
كما ذكر زغلامي أن تدمير الجزائر أدى إلى مليون و نصف مليون شهيد إضافة إلى أرامل و ضحايا و فقرو لكن بعد كل هذا كسبنا العزة و الكرامة، الدليل على ذلك هو استفتاء جويلية 1962حيث صوتت الأغلبية الساحقة بالاستقلال، فالجزائر اليوم تفتخر باسترجاع سيادتها بعدما كانت تعيش تحديات كثيرة، منها اقتصادية و سياسية بعد الاستقلال و لكن الإرادة كانت بناء دولة جزائرية تمتاز بالعدل و الإنصاف و الحرية، شارك فيها الجانب الإعلامي، كما أن الصحفي المناضل أقحم نفسه في العملية التنموية و تم إنجاز الكثير من المشاريع التي نفتخر بها اليوم.
ثورة الجزائرية مرجعية لكل العالم
الثورة الجزائرية بشهادة المؤرخين الأجانب، ثورة عارمة خلال 200 سنة الماضية أحدثت تغيير في الخريطة الجيوسياسية و تاريخ البشرية لأنها تمكنت كثورة شعبية و بوسائل تقليدية و إرادة قوية من دحر المستعمر، مؤكدة أن عظمتها في عظمة شعبها و إرادته القوية.
يتابع الأستاذ زغلامي بالقول أن الثورة أصبحت مرجعية لكل دول العالم التي عاشت تحت الاستعمار و ما وقع في 5 جويلية 1962 أثر على كل الدول المستعمرة وعجل باستقلالهم و استرجاع سيادتهم.
وفي ذات السياق دعا الأستاذ زغلامي الشعب الجزائري إلى الحفاظ على الاستقلال و السيادة والامتثال إلى قواعد و مستلزمات العدالة الاجتماعية و دولة القانون و الحرية و العمل بجدية لأن المواقف السيادية التي تتبناها الجزائر في المحافل الدولية تشرّف المجتمع الجزائري و تعبر عن فخره باستقلال بلده، لذا لا بد من المحافظة على هذه المكتسبات التي حصلنا عليها، وعلى جيل الاستقلال و الشباب معرفة أن هذا الإستقلال لم يكن هدية من طرف المستعمر و الدليل على ذلك هو أن فرنسا لحد الآن لازالت تحاول بشتى الوسائل الاستفزاز و التحريض و محاولة احتواء الجزائر، لكن مواقف الجزائر دائما مشرفة تجعلها دائما في الصدارة و تطمح إلى أن تكون قوة إقليمية.
الجزائر قبلة الثوار
و على صعيد آخر حدثنا بلعروسي عبد العزيز مفتش تربية و أمين ولائي لمنظمة أبناء الشهداء من ولاية برج بوعريريج عن التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الجزائري مشيرا إلى فترة بعد الإستقلال و ما تركت لنا فرنسا من إرث ثقيلا فقر و جهل و حرمان، لكن بفضل رجال الجزائر استطعنا أن ننطلق في بناء الجزائر و مررنا بمراحل عديدة إلى غاية وصولنا لما نحن عليه اليوم، الجزائر اليوم مستقلة و ذات سيادة وطنية آملين أن نتقدم إلى الأمام، واجباتنا كأسرة الشهيد الدفاع على الذاكرة الوطنية و الإرث الذي تركه الآباء و الأجداد.
وجه بلعروسي كلمة للشباب الجزائري يذكرهم أنهم ورثوا دولة حررها الشهداء وضحى من أجلها الكثير، فمن الضروري استلام المشعل ومواصلة مسيرة الشهداء ليكونوا يدا واحدة ليدافعوا على ما دافع عليه شهدائنا لخدمة وطننا وتحقيق مستقبل زاهر للأجيال القادمة.
و في الأخير أكد بأن ثورة الجزائر كانت ثورة شعبية احتضنها الشعب ذاكر مقولة الشهيد العربي بن مهيدي "ارموا الثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب" و فعلا قد احتضنها الشعب و دافع عنها و قدم تضحيات جبارة فقد دمرت قرى و أيتام و أرامل و شهداء، صداها كان عالمي و عربي وإفريقي و تضامنت معها كل الشعوب المقهورة لتصبح الجزائر فيما بعد قبلة لكل الثوار.
ومن جانبه أبرزعبيدلي محمد أمين عضو الأمانة الوطنية لأبناء الشهداء أن المستعمر الاستيطاني داس على كل ممتلكات الشعب الجزائري فمن ناحية تجهيل المجتمع القليل من ممن تابعوا دراستهم، بعدها وبفضل الرجال المخلصين والمجاهدين فتحت المدارس لكل أبناء الشعب الجزائري وأتيحت مجانية التعليم والطب واليوم يشهد العالم على رجال الجزائرالذين كانوا في مستوى تحمل المسؤولية.
الجزائر بين الأمس و اليوم..
وبالنسبة ليوم 05 جويلية فهي ذكرى لمسيرة نضال وكفاح ضد الاستعمار وتاريخ حرية دفع ثمنها مليون ونصف مليون شهيد فعظمة الثورة تجلت في انجازاتها سواء من جانب تشييد الجامعات والثانويات والمدارس، فاليوم يوضح عبيدلي بالقول "نحن في أفضل حال من الجانب العلمي والفكري، أما الجانب الثقافي فقد أصبحت المؤسسات الثقافية والمراكز متواجدة في كل ربوع الوطن.
أما من جانب علاقاتها الخارجية اكتسبت الجزائر مكانتها في العالم ويحسب لها ألف حساب خاصة بعد أن أصبحت عضوا في المنظمات العالمية التي لها وزن ونفوذ .
و أضاف عبيدلي بصفته ابن شهيد من ولاية ورقلة ليحدثنا عن يوم استشهاد والده وهو في سن 5 سنوات معبرا عن المأساة الحقيقية التي عايشها مع والدته و أخته مشيرا إلى بشاعة ما قام به جيش الاحتلال الفرنسي آنذاك، و بعد الإستقلال ورغم الفقر و الأوضاع المزرية التي عاشها و هم في أوج حاجتهم للقمة العيش إلا أنه نجح و واصل دراسته في الجامعة و تحصل على شهادة بكالوريا على ضوء الشموع سنة 1975، وفي هذا الصدد وجه رسالة للأجيال الصاعدة من أجل حماية الوطن و تاريخه المشرف بقوله " التاريخ يا شماريخ" في كلمة اقتبسها من مولود قاسم رحمه الله.