2620

0

المطبخ الجزائري ... أصالة تراث وفخامة أطباق

 

 

المطبخ الجزائري مزيج تراثي يجمع بين عدة ثقافات أهمها  العربية و الأمازغية و التركية و الفرنسية  التي كان لها الفضل في اثرائه بفضل   الاحتكاك مع شعوب أخرى، جعلت الجزائر تحضى بتنوع كبيرفي  طبخها المرتكز على المنتجات البرية و البحرية لخيرات البلاد ،يضاف عليها طبيعة كل منطقة وما تزخر به من مختلف الخضروات و الفواكه و التوابل الموسمية الخاصة، وهذا ما أهل بلادنا للتميز بفسيفساء ينفرد به المطبخ الجزائري،وتشكل  المرأة الجزائرية الفنانة والمبدعة  بلمستها الفريدة تفاصيله من منطقة إلى أخرى .

شيماء منصور بوناب

واليوم نشهد امتزاج  الأطباق الجزائرية باللمسات العصرية مما جعل الكثير من المختصين في المائدة الجزائرية يحاولون الرجوع إلى الأصالة والتقاليد والمحافظة على هوية المطبخ الجزائري.

 

القريتلية أكلة تركية تميزت بها عنابة

ولعل من أبرز الأكلات التقليدية التي تخلى عنها الكثير منا  نجد "القريتلية التي يعود أصلها لفترة حكم العثمانيين بالضبط في مرحلة حكم الملكة "قريت" التي اشتهت في فترة حملها أكل الدود ، وعند معرفة السلطان بالأمر طلب من خدام قصره وحاشيته تحضير أكلة فاخرة تشبه الدود طوعا لرغبة الملكة التي قدم لها هذا الطبق من قبل وصيفتها التي اتخذت من العجينة شكل الدود في التحضير مع بعض الإضافات الأخرى، التي أشارت  السيدة كريمة فرقوس مختصة في صنع الحلويات  في قولها "القريتلية من بين الاكلات التقليدية المشهورة في ولاية عنابة  لا زال القلة من أبنائها يحافظون على طريقة صنعها يدويا في المنزل رغم صعوبتها  التي تتطلب وقت كثير للتحضير مع مراعاة  صنعها بشكل منفرد "حبة بحبة" بأطراف الأصابع ،لتقدم بعد ذلك مع بعض أنواع الخضر و لحم الغنم الطازج ثم تزيينها بالبيض و تسقى بالمرق الأبيض كما تقدم في المناسبات خاصة الأعراس رغم غلاء سعرها.

يضاف على هذه الأكلة التقليدية بعض الأطباق الأخرى التي ترتكز في صنعها على المرق الأبيض أيضا مثل الكسكس الجزائري الذي عرفنا عليه الشيف نديم من خلال ما أفاده " بأن الكسكس هو أحد الأطباق التي  لا يمكن أن تتخلى عنها العائلة الجزائرية في مناسبتها "فرح أو قرح "و حتى في يومياتها" ،باعتباره طبق تعود جذوره لزمن الدولة العثمانية التي أدخلته كطبق أساسي في المطبخ الجزائري  الذي أضاف له  بعض اللمسات و التعديلات التي تخص الثقافة الجزائرية ، خاصة  من ناحية أنواعه "الناعم ،الخشن، المتوسط" كل و رغبته أو ذوقه المتعلق  بعادات كل منطقة في الجزائر ،اذ نجد من يقدمه بالمرق الأحمر مع مجموعة من الخضروات و اللحوم البيضاء و الحمراء كما نجد من يفضل تقديمه حلوا مع بعض الفواكه و المكسرات و اللبن خاصة في فصل الصيف .

إلى جانب ذلك ذكر ذات المتحدث بعض الأطباق الجزائرية المحضة التي تزخر بها الطاولة العاصمية   خاصة في رمضان  مثل " شربة مقطفة و البوراك  "  الذي يتم تقديمهما في مستهل الإفطار، ثم مرافقتهما بطبق جانبي حلو و مالح يسمى " طاجين الحلو" الذي يتم تحضيره بالفواكه المجففة "الزبيب و هو العنب الصغير و المشمش و البرقوق" مع قطع من اللحم الأحمر مع القليل من الصلصة الحلوة التي نوه من خلالها الشيف نديم على ضرورة الحفاض على قوامها الثقيل دون إضافات جانبية كما هو معروف اليوم عند المختصين الذين غيروا فيها وفي مكوناتها .

 وفي حديثه عن الهوية الجزائرية من منظور الأكلات التقليدية نوه للرشتة العاصمية التي احتلت المرتبة الأولى عالميا في قائمة الاكلات الفخمة  نضرا لذوقها المميز و طريقة تحضيرها التي ترتكز على أنواع محددة من الخضر و التوابل مثل "اللفت الأبيض و القرفة ثم الدجاج "..في ذات الصدد شدد على أهمية الرجوع للأصل التقليدي في تحضير الأطباق قصد الحفاظ عليها من النهب و السرقة من طرف  بعض الدول الشقيقة .

المربى الطبيعي ... تحلية جزائرية محضة

و باعتبار أن الجزائر بلد الخيرات يمتلك عدة أنواع من الخضر و الفواكه الموسمية فإنه بذلك فرض على أبنائه استغلال هذه الخيرات من جانب التنويع و الاستفادة حتى في الأطباق و الأكلات ، ولعل أكثرها شيوعا هي تحضير المربى بأنواعه ، وهو ما وضحته ابنة البليدة أم يونس و ادريس مختصة في  تحضير المربى أو المعجون يختلف حسب  نوعية الفاكهة المستعملة،أوالخضر التي تتطلب التقيد ببعض اللمسات التي تحافظ على قوامها لأطول مدة، منوهة بذلك لما تقوم به في ورشاتها التكوينية لصنع المربى من خلال تعليم المتربصين و المتربصات أساسيات العمل بكل تفصيل و دقة لضمان نجاحه باعتبار أن لكل فاكهة أو خضر خصوصياتها التي تتحكم في كمية إضافة المكونات  الأخرى.

وعن أقدم مربى تقليدي اشتهر في الجزائر تشير أم يونس  "لمعجون السفرجل" الذي يطلق عليه سكان العاصمة "معجون تباسة" نظرا لقوامه المتماسك الذي يأخذ شكل "المعين"، أما عن مكوناته الأساسية فتركز على "لابيكتين" المستخرج طبيعيا من بذور الفاكهة بحد ذاتها .

من جهتها أيضا  تركز الحرفية غول مفيدة على مربى الخضر الذي شاع تحضيره مؤخرا نتيجة زيادة الطلب عليه خاصة "مربى اليقطين  و الجزر"  لما له من فوائد عظيمة للأطفال تقدم لهم على شكل "كوم بوت"  أي مستخلص طبيعي تتحكم المرأة الجزائرية في نسبة سكره حسب الرغبة، اضافة للتنويع في الخضر الأخرى كالطماطم التي لم تكن معروفة في ما مضى على شكل مربى حلو يقدم للتحلية.

وعلى الصعيد العصري تؤكد أم يونس على ادراج المكسرات في المربى كلمسة عصرية " برستيج" غالبا ما تقدم في الأعراس ، ولعل أكثرها طلبا " لارانج و تشوينة  وتين ....يتم تقديمها في طابع عصري مزين حسب رغبة الزبون و ذوقه .

الحلويات التقليدية ورهانات العصرنة "البرستيج"

وبالحديث عن زخم الحلويات التقليدية نجد صرح غير متناهي الأنواع بين المعسلة و الجافة تختلف من ولاية لأخرى كل و ميزتها تقدم مع الشاي أو القهوة من أبرزها ما ذكرته كريمة فقوس من مقروط و قريوش و البقلاوة إضافة لأنواع أخرى تلازم المائدة الجزائرية ، وعن التشابه بين ما يقدمه المطبخ الجزائري و المطبخ التونسي تعرج  السيدة مفيدة لاستعمال المكسرات خاصة "الفستق الحلبي" في بعض الحلويات التي تشترك في مكوناتها و أسمائها مع الحلويات التونسية نظرا للثقافة المشتركة بين البلدين.

وتحت مسمى " سلطان المائدة" تشير سكاني راضية مختصة في الحلويات التقليدية العاصمية للمقروض التقليدي الذي يختلف شكله و تحضيره عند أبناء العاصمة و ولايات الشرق فنجد "مقروض المقلة و مقروض الكوشة" كما يطلق عليهم ، ومن مكوناته الأساسية اللوز بالنسبة للعاصمة و معجون التمر بالنسبة للشرق الجزائري.

أما مقروط اللوز فهو نوع آخر تتشابه تسميته مع ما سبق ذكره إلا أن يحتفظ بخصوصياته من حيث المكونات التي تفيد من خلالها الحرفية  آيت تقرين حياة لطريقة تغليفه بالسكر الناعم بالشكل التقليدي حفاظا على أصالته و لمسته ، ومنه توضح أن فخامة الحلويات التقليدية تستدعى تجنب التزيين المبالغ الذي يطلق عليه" البرستيج " الذي جرد الحلويات من بصمتها و هويتها خاصة في إضافات التزيين التي يعتمد فيه الحرفيون على مكونات غير صالحة للأكل .

وهو ما دعمته سكاني راضية في تبنيها لفكرة العودة للأصل التقليدي بدل البرستيج الذي جعل من الطابع التقليدي للحلويات مجرد اسم فقط ، وهو ما تعتمد عليه في مجال صنعها للحلويات التقليدية دون أي لمسة عصرية لأن هذه الأخيرة جعلت من الزبون يبحث عن الشكل على حساب الذوق.

في جانب ذلك نجد حلوة  "مخبز" بالشكل التقليدي الذي تؤكد عليه السيدة راضية استنادا على مكونه الأساسي الذي يكمن في  اللوز و يأخذ شكل المثلث مع تزيين بسيط بورق الألمنيوم صغير الحجم و مثلث الشكل ، إضافة لحلويات أخرى"  كالعرايش" التي كانت و لا تزال من أفخم الحلويات الجزائرية التي غالبا ما تقدم في الأعراس .

و عن المائدة الجزائرية تشير السيدة حياة لكونها مائدة عريقة أساسها النحاس وأهم أدواتها المرش الذي يحتوى على ماء الزهر أو الورد المقطر بجانبه صحن الحلوى التقليدية تحت مسمى " الفوارة"  ، كما تحتوي على الأواني النحاسية الخاصة بالشاي أو القهوة توضع على السينية النحاسية.

ويبقى رغم محتلف التعديلات واللمسات الجمالية،الطبق الجزائري من أغنى الأطباق في العالم وجب المحافظة عليه وصونه كأحد أهم دعائم التراث الذي يعبر بعمق على تاريخنا وأصالتنا.

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services