1390
0
صون اللغة العربية في البيئة الرقمية محور اهتمام مؤتمر الترجمة والذكاء الاصطناعي

أجمع مشاركون اليوم في المؤتمر الدولي الموسوم بـ "الترجمة والذكاء الاصطناعي بين متطلبات التغيير وآفاق التطوير"، على ضرورة حماية مكانة اللغة العربية في البيئة الرقمية، من خلال تطوير حلول وتطبيقات ذكية تراعي خصوصياتها اللسانية والثقافية، بما يضمن حضورها الفعال في الفضاء الإلكتروني العالمي.
نسرين بوزيان
وأشار المتدخلون في المؤتمر المنعقد بمقر المجلس الأعلى للغة العربية، احتفاء باليوم العالمي للترجمة تحت شعار: "تلاقح الثقافات لبناء الحضارات"، المنظم من قبل أكاديمية الوهراني للدراسات العلمية والتفاعل الثقافي بالتنسيق مع المجلس الأعلى للغة العربية، إلى أهمية توجيه المختصين نحو تطوير مهاراتهم الرقمية، والاستفادة من البرمجيات الحديثة في مختلف المجالات.
الترجمة تفاعل حضاري يتجاوز نقل المعرفة
      
  
وفي كلمته بالمناسبة، أبرز رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، صالح بلعيد، أن هذه الطبعة الثانية التي تنظمها أكاديمية الوهراني تأتي لتؤكد أن مسألة الترجمة لا تقتصر فقط على نقل المعرفة من لغة إلى أخرى، بل تمثل جزءا من مسار التفاعل الحضاري بين الأمم، لا سيما في ظل التحديات الراهنة التي تفرضها الترجمة الآلية.
وأوضح بلعيد أن البرمجيات الحديثة قد سخرت إمكانيات كبيرة للترجمة، من بينها برامج الذكاء الاصطناعي التي ساهمت في تحقيق نتائج متقدمة، وصلت في بعض الحالات إلى نسبة خطأ شبه منعدمة.
تعميق الفهم الحضاري للترجمة
وقد تمحورت المداخلات حول إشكالية مركزية تتعلق بالترجمة وما يحيط بها من رهانات ثقافية ومعرفية، في ظل العولمة والذكاء الاصطناعي، حيث دعا المشاركون إلى تعميق النظر في الترجمة بوصفها فعلا حضاريا متعدد الأبعاد، يجمع بين النقل اللغوي والتقاطع الفلسفي والثقافي، إلى جانب البعد التكنولوجي والمعرفي.
     
من أبرز المداخلات، كانت مداخلة أستاذ التعليم العالي بجامعة الشاذلي بن جديد بالطارف، الدكتور نوار عبيدي، والتي جاءت بعنوان: "الخصائص الرياضية للغة العربية واستغلالها في الترجمة بالذكاء الاصطناعي"، حيث سلط  عبيدي الضوء على البنية الرياضية التي تتسم بها اللغة العربية، وكيف يمكن استثمار هذه الخصائص في الترجمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن اللغة العربية تمتاز بالمنطق والتركيب الرياضي، ما يجعلها قابلة للتكامل مع الخوارزميات الحاسوبية، بفضل مرونتها وقدرتها على التكيف مع مختلف الأصوات.
         
أما  رئيس وحدة الترجمة واللغات بأكاديمية الوهراني للدراسات العلمية والتفاعل الثقافي، الدكتور عبد المالك بلخيري،  فقد تمحورت مداخلته حول البعد المعرفي، حيث تناول العلاقة بين الترجمة كفعل حضاري وثقافي، والفعل الاتصالي المتخصص، مبرزا أهمية التداولية في توجيه المترجم نحو فهم المعنى وسياقات التواصل، لا سيما في اللغات المتخصصة. 
وأكد على ضرورة إلمام المترجم بالقواعد والمفاهيم الخاصة بالمصطلحات، مبرزا أهمية التداولية ولغات التخصص في تطوير أدوات الترجمة، خاصة في سياقاتها الاجتماعية والثقافية.
          
 
من جانبه، أبرز أستاذ التعليم العالي بالمركز الجامعي تيبازة، فتحي بوقفطان في مداخلته التي جاءت بعنوان: "استعمال طلبة الترجمة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي: نعمة أم نقمة؟"، أهمية هذا الموضوع في ظل التحولات الرقمية الراهنة.
وقد ركز بوقفطان على الاستخدام المتزايد لتطبيقات الذكاء الاصطناعي من طرف طلبة الترجمة، متسائلا: هل يعد هذا الاستخدام نعمة تسهل مهامهم، أم نقمة تؤثر سلبا على تكوينهم المعرفي واللغوي؟
وأشار إلى أن من أبرز إيجابيات هذه التطبيقات توفير الوقت، وتسهيل الوصول إلى المعلومة، والوساطة التقنية، ونقل المعرفة، وترجمة اللهجات، حتى تلك التي كان من المستحيل التواصل بها سابقا.
لكن في المقابل، نبه إلى أن الاعتماد المفرط على هذه التطبيقات قد يؤدي إلى نوع من "الشلل الذهني" لدى الطلبة، مما يضعف رصيدهم اللغوي، ويؤثر على جودة الترجمة، خاصة أن الترجمة ليست مجرد نقل من لغة إلى أخرى، بل هي فن وعلم قائم بذاته، له تخصصاته ومجالاته الدقيقة.
واختتم بوقفطان  مداخلته بالتأكيد على ضرورة التعامل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي بعقلانية وتدقيق، بحيث توظف كأداة مساعدة لا كبديل للفكر والاجتهاد اللغوي والمعرفي.
      
وفي تصريح لـجريدة " بركة نيوز"، أكدت أستاذة التعليم العالي بجامعة وهران، ليلى عالم أن المقولة الرائجة حول "إحلال الذكاء الاصطناعي محل المترجم" لا أساس لها من الصحة، معتبرة أن الذكاء الاصطناعي يمثل أداة داعمة للمترجم، وليس بديلا عنه، مشددة على أن الترجمة تبقى فعلا انسانيا يستند إلى الحس الثقافي والمعرفي، وهو ما لا يمكن للآلة الإحاطة به بالكامل.
















