عرفت سياسة التشغيل خلال الأعوام الأربعة الأولى من تولي رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الحكم، حركية واسعة أدت إلى تحريح الاقتصاد الوطني وتوفير اليد العاملة، فبين عامي 2019/2023 حرصت الحكومة الجزائرية على تعزيز نشاط المؤسسات الناشئة وبروز بعض الشخصيات الوطنية والأفكار الخلاقة للقيمة المضافة بهدف مجابهة الاستيراد والدخول لعالم الانتاج.
بثينة ناصري
ومع كل هذا لم يتسنى لبعض الشباب والطلبة الدخول إلى عالم الشغل، فما كان لرئيس الجمهورية إلا أن يقرر منح منحة البطالة لهم والتي لاقت استحسان الجميع وكانت بمثابة عون لهم خاصة مع تراجع القدرة الشرائية وغلاء بعض المواد الاستهلاكية.
و للحديث عن آليات التشغيل التي اعتمدتها الجزائر للخروج من قوقعة البطالة، أكد لنا بريش عبد القادر رئيس الكتلة البرلمانية لحركة البناء الوطني، في تصريحه لجريدة "بركة نيوز" أن الجزائراعتمدت بشكل كبير على قانون الشغل الذاتي لدى الشباب بحكم أن الطالب الجامعي وخرجي التكوين المهني استغنوا عن فكرة الإدماج والانخراط في عمل مأجور لدى الوظيف العمومي أو القطاع الإقتصادي.
وأوضح بريش أن الشاب أصبح من خلال هذه التوجيهات يفكر في كيفية انشاء مؤسسة للحصول على عمل ذاتي يشتغل فيه ويوفر معه اليد العاملة، معتبراً هذه المقاربة الاقتصادية مقاربة جيدة وستعطي ثمارها في المستقبل.
وقال ذات المتحدث "كتقييم للإنجازات المنجزة بفضل توجيهات وبرنامج رئيس الجمهورية، فقد تم القضاء على مختلف أشكال التوظيف الهش والتشغيل الهش الذي كنا نشهده في السنوات الماضية، من خلال ادماج عقود ما قبل التخطيط"، مبرزا إلى أنه تم ادماج عدد كبير جدا والذي بلغ لأول مرة حوالي 8000 حامل شهادة الماجستير والدكتوراه ومازال هناك عدد آخر سيلتحق في الأيام القادمة للتوظيفي على مستوى الجامعات.
وتابع حديثه عن تسوية العقود المؤقتة لعمال التضامن وقطاع الجماعات المحلية، مؤكدا أن سياسة التشغيل وتسوية الوضعيات التي كانت عالقة مكنت من خلق ما يسمى بالاستقرار الوظيفي لكامل الفئات، منوها إلى أن الجزائر تمكنت من إيجاد آليات منسجمة في مقاربة إقتصادية من خلال منحة البطالة وتثبيت العمال في مناصبهم وكذا خلق الوظائف، مما حقق الاستقرار في سوق الشغل المجتمعي.
ولفت بريش إلى الاستقرار والطمأنينة والراحة النفسية التي يتمتع بها شباب اليوم بسبب الانخراط في سوق المقاولاتية وتسخير لهم قانون المقاول الذاتي، بالإضافة إلى عودة الحركية الاقتصادية وصدور قانون الاستثمار، وبهذا أصبح القطاع الاقتصادي الخاص والعمومي يخلق المزيد من الوظائف، مشيرا إلى نتائج سوق الشغل في الجزائر والتي جعلت منه سوق مستقر، واستطاعت أن تستقبل أكبر عدد من المشتغلين.
وأكد أنه لا تزال هنالك جهود تبذل وأعمال منتظرة من الحكومة لتقوم بها في مجال تنظيم أكثر لسوق العمل واحتواء أكثر للسوق الموازية وكذا ادراج كثير من الوظائف الموجودة في السوق الموازية والتي تكون منخرطة بهيئات الضمان الاجتماعي حتى ينال العمال حقوقهم وحتى تكون منظومة الحماية الاجتماعية تعزز أكثر سواء صناديق التأمين الاجتماعي أو التقاعد من خلال تنظيم العمل.
مواكبة الجزائر للمتغيرات الدولية للاندماج في المسارات الاقتصادية الكبرى
وفي ذات السياق أوضح الدكتور محمد شريف ضروي خبير في التخطيط الاستراتيجي والتنمية، أن الحديث عن واقع التشغيل في الجزائر يأتي من خلال الانطلاق في تأسيس منهج أو استراتيجية تطوير سوق التشغيل، حتى تتكيف مع المتغيرات الداخلية والفكر الشبابي المتطور ومع المتغيرات الدولية، باعتبار أن هذه المفاهيم مستجدة في هذا الشغل وغيرت تماما من هذه المنظومة.
وأشار ضروي إلى ابتكار الشباب والمقاول الذاتي كذا الابتكار وريادة الاعمال، معتبراً إياها من الضروريات التي تجعلنا نتناول الواقع كما هو حتى نقوم بعملية التمحيص والتعديل والتغيير لتطوير هذا الواقع، مؤكدا أن سوق الشغل يهم الشعب الجزائري والمجتمع والمنظومة الاقتصادية، باعتبار هذا الأخير يتطور بتطور هذا المورد الاستراتيجي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء.
وقال في ذات الشأن: "من الجيد في السياسة الجزائرية أننا وصلنا إلى التكيف مع المتغيرات الدولية من خلال المفاهيم والاندماج في السياسات الدولية، خاصة في مجال ريادة الاعمال والابتكار وتنظيم المنظومة الفكرية للشباب، وهذا في اطار الاندماج في المسارات الاقتصادية الكبرى.