244

0

رواية الجائزة والمسؤولية القيادية

 

محمد مراح

أتناول  الملاحظات في عناصر :

1/ رواية بيوض إنعام  لا سبق فيها للمباذل اللفظية على قلتها ، و"ما أسكر كثيره فقليله حرام"؛ ولذا فَتَمَحّلُ حجة  "القلة " سخيفة.

2/ النقاش الدائر لا جديد فيه؛ فمشكلته في النقد الأدبي تدور حول سؤال : هل الفن للفن ؟ وما علاقة الفن بالأخلاق ؟ لذا فما يدور من قول ونقيضه في شأن رواية الجائزة  لا يخرج عن هذه المعضلة الأدبية والفنية. نفهم هذا كالآتي :

أ‌.       فهي من هذه الناحية لاجديد فيها. لكن موازين الحجج يقيناتختلف قوة وضعفا بين "مؤلهي الفن " و" علويته عن كلّ قيمة غير القيمة الفنية،و "وظائفي الفن " ، وإنزاله منزلة النشاط الإنساني الذي تسرى عليه معايير الخير والشر ، القبح والحسن، حاكمية القيم العليا في المجتمع .

           ب .  تتحكم في غالببية "مؤلهي الفن "  من "مشاهير الفن والأدب "عُقَدة الانتفاخ  الغازي " الكريه،  تضغط على قواهم النفسية والذهنية، فَيَفْتَرُّ قاموسهم  "القيمي" ! عن "مصفوفات " وصفية وحُكْمِيّْة، تجمع رذائل القول والخصومة: فجورا وصلفا  وجواظا واعتداء وامتهانا لكرامة الأفراد والمجتمع،ومواضعاته القيمية والأخلاقية والروحية . مما يفصح عنه التحليل النفسي من "ثقوب عملاقة سوداء" في الأجهزة النفسية ، لا تقصر سجلات سلوكهم الثقافي  يتوفير الأدلة عليها ، بمدلولات متظاهرة  .

جـ . الضحية الأولى في هذا الموقف " المنطق " و" الفن والأدب"؛ فمحل النقاش في مكون واحد من العمل الأدبي أو الفني، وهو ما قد يتضمنه من تحلل في نقل صور السلوك الجنسي السوي والمنحرف بكل دقائقه وتفصيلاته وكذا تفاصيل الإنحرافات السلوكية والاجتماعية نسخا مطابقا لواقعها إلى العمل الفني أو الأدبي . فيثير ردود فعل " الأخلاقيين" التي تنحصر في هذا الجانب الواحد ، لكن ردود العقدة النفسية المذكورة من سدنة معبد " آلهة الفن" ، تهجم بغريزة الوحوش عليه بكل ضرواة، وعدوانية . والمنطق السوي يقضى حينئذ بتحكم حالة إختلال عقلي ونفسي في تقدير الموقف الاعتراضي أو المستنكر . وقد يجني ذلك على العمل الفني أو الأدبي الراقي ؛ فتذهب جمالياته جراء حيوانية الهجوم الغرائزي .

د . تمنحنا سجلات بعض  أؤلئك "المشاهير" لوحات شديدة القتامة ؛ فصاحب  الوصف " الإنكشاري"، دُعِيَ في جريمة رسوم  " شارل إيبدو " المسئية للنبي صلى الله عليه وسلم ، وعواقبها، من قناة وطنية للمشاركة في نقاش حرّ في الموضوع، فرد على دعوات   المؤسسات إعلامية للمشاركة في تلك الندوات ، بعث قصاصة كتب عليها الشعار (أنا شارلي) ! و وَصْفُ المعارضين بالإنكشاريين انتهاك للتاريخ ، جهلُ تَلَقِّى حصص غباء تاريخي؛ باستخدام المعنى العامي الشوارعي ، بينما الإنكشاريون كانوا جندا نظاميين في سبيل الله ، وردع أورويا الصليبية المتربصة بالخلافة الإسلامية .  وتمنحنا سجلات صاحب أشدها سوادا وقتامة ؛محترف الأكاذيب الغبية؛ صديق سلمان رشدي، كتب يحتفى بخروج المجرم من مخبأه واعتبره انتصارا !  كأن الناس لايقرأوان أنه خرج بعد إسقاط فتوى الخميني فيه، وتهاوى الرواي الجزائري في مهوى الخزي؛ إذ على من انتصر المجرم رشدي ؟ على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ؟ !

وهنا نكتة ؛ روى الشيخ الغزالي رحمه الله عن قسيس مصري معروف متعصب ضد الإسلام ، لما اطلع على رواية " آيات شيطانية" وسفالاتها ، فقال : إن صاحبها يستحق أن يُصفع بكل أحذية الأرض بكل المقاسات !!!

ه . كفة " الأخلاقيين" ترجح كفة  " المؤلهين "للفن  ؛ لأن رصيدهم ثري وثقيل: التعبير عن ضمير الأمة بأكبر نسبة ، وتقديم المعيار الأخلاقي إذا تعارض مع المعيار الجمالي كما يقول مالك بن نبي،فضلا  عن  السوقية و قلة الأدب والحياء، وأن أجواء ومساحات الفنون والآداب أرحب مما يريد " الواقعيون "حصرها فيه .

3/ الرواية المجازة، من العدل والقسطاس المستقيم أن تخضع للرأي والقبول والرد والنكير والاحتجاج على " القليل" من الفحش والسوقية؛ لأنها قُيّمَتْ كلها أو معظمها بمكافأة مالية سخية من المال العام فللضمير الجمعي حق الرقابة .

4/صاحبة الرواية مديرة المعهد العالي العربي للترجمة هيئة تعليمية وعلمية تابعة للأمانة العامة لجامعة الدول العربية، مقره في الجزائر.

وهذا المنصب يفرض التزامات أخلاقية ، قد لا ينص عليها القانون بالضرورة، فالمنصب له إلزاماته ؛ لأنه يجمع بين الصفة الأكاديمية والسياسية؛ إذ الجزائر حصلت على تفويض مجلس الجامعة العربية لاحتضان هذا المعهد السامي الأهمية، وبالتالي فالسلوك الثقافي الفردي من أعلى قيادة فيه له اعتباره وأثره على القيمة الاعتبارية لها، وعلى صورة الدولة التي تشرفت بالاحتضان والإشراف. ولا أحسب عاقلا يجادل تهوينا أو نفيا في جسامة  تضمين " قليل من السوقية والبذاءة" في عمل أدبي يصدر ويقيم ويجازى في مستوى جائزة تطمح للعالمية من أعلى قيادته أثناء ممارستها مهامها الرسمية الموقرة. وهو أشبه بواجب التحفظ الذي تفرضه التشريعات والأعراف والقيم على المسؤولين والقياديين .

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services