500
0
في اليوم الوطني للطفولة ...تحديات كثيرة في عصر الرقمية والتكنولوجيا
يشكل الإهتمام بالطفولة حيزا واسعا في المجتمع الجزائري، حيث يسعى لدعم هذه الفيئة و حمايتها من التهميش و التعنيف و غيرها من الاضطهادات التي تؤثر في نفسية الطفل على المدى القريب والبعيد. و عملا بذلك جاء قانون 863 الصادر عن الأمم المتحدة المتعلق باليوم العالمي للطفل ينص في جوانبه على مساندة الجهود الدولية الرامية لتعزيز مكانة الطفل ودعم حقوقه المشروعة في اطار يكفل رمزية هذه المناسبة لدى جميع الدول و المنظمات الداعمة لمشروع الطفولة في مجال التعاون والتضامن للإرتقاء بمعالم الطفولة في منظومة واعية.
شيماء منصور بوناب
واستنادا لمرجعية المعاهدة الدولية لحماية الطفولة فقد اتخذت الجزائر من يوم 15 جويلية يوما وطنيا للطفل الجزائري بموجب ما نص عليه قانون رقم 12/15 المتعلق بحماية الطفل والصادر في 15 يوليو 2015 محددا بذلك أهم الحقوق التي تحفظ خصوصيته في بيئة سليمة تراعي ضمان عيشه حياة كريمة صحية يتلقى فيها أساسياته التعليمية والترفيهية ، وكذلك الحماية من العنف ، وعدم التمييز .
تحديات كثيرة تهدد الطفولة
رغم تباين الإحصائيات وتضارب النتائج المتعلقة بالرهانات العامة للعالم أجمع والتي تؤثر في الطفولة ، إلا أنه حسب اليونيسيف فإن هذه الفئة تواجه خمسة تحديات فتاكة توضحها الأستاذة مباركي سلطانة ليريا رئيسة اللجنة القانونية للمؤسسة الجزائرية لترقية المبادرات الشبانية وتأهيل المرأة و الطفولة في الجهل والأمية التي أثرت على المستوى التعليمي بشكل رهيب ساهم في تراجع قدرات الأطفال الخاصة بتنمية الذات و تطويرها كونهم في مرحلة جد حساسة ، يضاف إليها الحروب وتبعاتها التي تشير حسب الاحصائيات الأخيرة لما يعادل 200 مليون طفل يعيش خطر الموت بسبب الحروب التي أفتكت بهم و بأحلامهم.
أما الفقر و المجاعة فلطالما كان الأزمة والعقدة التي خلفت جيل غير متوازن صحيا بأمراض نادرة في المناعة سببت حالات موت كثيرة في الأونة الأخير والتي تأثرت أيضا بشكل مباشر بالتغيير المناخي الذي فعل مسببات الأمراض بما لا يتحمله الطفل. وعن الاتجار بالأطفال نجد أنه رغم الجهود المتبادلة بين السلطات والجهات المعنية إلا أن هذه القضية لا تزال من الطابوهات العامة للمجتمع الذي لايزال مع الأسف مقصرا في الحقوق الإنسانية للطفل الذي يعاني من الإهمال و عدم المرافقة التي تفرض على المجتمع بناء منظومة قانونية حقيقية تغطي النقائص وتكفل الحقوق التي تحافظ على سلامة الطفولة.
و من الجهة القانونية وعلى المستوى الدولي الخاص بالمعلوماتية والرقمنة التي سيطرت على الأطفال بمقتضى مواكبة العصرنة،تشير ذات المتحدثة لكون الأنظمة القانونية قد تبنت منهج حماية الطفولة في ظل التحولات العالمية للرقمنة عبر اتفاقيات و معاهدات دولية تكفل الحقوق التامة للطفل، ولعل من أهمها اتفاقية الأمم المتحدة لحماية الطفولة رغم أنها لم تتحدث في هذا الموضوع بتفاصيل دقيقة إلا أنه في التعليق العام رقم 25 لحقوق الطفل المتعلقة بالبيئة الرقمية يؤكد أن الطفل يتمتع بحقوقه في العالم الرقمي .
مشروع الطفل القانوني ... يحمي الحقوق و يبني الوعي
تظهر أبعاد مشروع الطفل القانوني في أنه بمجرد أن يوضع الطفل في وسط يساعده على معرفة و تطوير فكره و ثقافته القانونية تتوضح لديه الصورة بين ما هو حق و بين ما هو واجب مستقبلا ، خاصة وأنه في مرحلة عدم النضج الكامل الذي يجعله بحاجة لتأطير وتأهيل متنوع في المجالات الحياتية و العملية التي تتيح له الفرصة لإدراك واستيعاب دوره في المجتمع ليصبح بعد ذلك فرد واعي قانونيا لا تنقصه المعارف الأساسية التي تصونه و تحميه .
وبناءاعلى ذلك فإن تبني مثل هذه المشاريع واقعيا في الجزائر يعزز مكانة المنظومة القانونية الجزائرية و يفعل بوادر الارتقاء قانونيا في المجتمع الذي بات بحاجة ماسة لتغيير جذري في الحصص التعليمية للأطفال بما يتماشى مع العصرنة التي تفرض برمجة حصص قانونية في سن مبكر من الطفولة لتسهل عملية نمذجة أفكار الطفل على نحو صائب يخلق له فضاء حر يحميه و يصون حقوقه وواجباته التي تعكس مستوى ثقافته القانونية التي نجدها مع الأسف محدودة أو سطحية في الجزائر مقارنة بالدول الأجنبية التي سبق و أن حققت هذا المشروع واقعيا.
ااتطور التكنولوجي تحدي آخر تواجهه الطفولة
الحديث عن التطورات التكنولوجية والإعصار الاعلامي الذي نشهده اليوم بات يشكل محورا أساسيا في حياة جيل اليوم من الأطفال الذين يتأثرون وينجذبون بكل سهولة خلف تيار مواقع التواصل الاجتماعي وما تتوارد عليه من تطبيقات أخرى تشهر بالشذوذ و التعنيف وما تبعها من ممارسات لاأخلاقية تعيق نموه و تفكيره و حتى عقائده التي اتخذت من مفهوم التمرد بداية للانحراف .
وعلى ضوء ذلك تنوه المرشدة الدينية حمير حياة بأثروحقيقة تداعيات التطور التكنولوجي السلبي على هذه الفئة الغير ناضجة فكريا ولا ثقافيا ولا علميا و التي جعلت من مواقع التواصل الاجتماعي ملاذها للانفراد والخلوة بينها وبين معتقدات جديدة دخيلة على مجتمعنا الإسلامي و لا تمد بصله لثقافتنا و معتقداتنا التي يتم تشويهها استنادا لبعض الحيل والرمزيات التي تأثر في الطفل تدريجيا دون رقابة من الأولياء ومن هم أولى الأمر منه .
فغياب الرقابة والمتابعة التربوية للأطفال جعلهم يتجردون من مؤهلاتهم التواصلية التي تركتهم في عزلتهم كغرباء حتى على أهاليهم ومحيطهم الخارجي دون وعي منهم بمخاطر هذه التبعية الالكترونية التي شوهتهم نفسيا وفكريا و حتى عقائديا نتيجة تجرد الأولياء من مسؤولياتهم التربوية على حساب مسؤولياتهم العملية التي ضيعت الأطفال وجردتهم من طفولتهم .
وهنا نقف أمام معضلة بحد ذاتها تشير اليها المرشدة الدينية في نقطة تقديم الهاتف الذكي في طبق ذهب للأطفال قصد تفادي الازعاج أو للهروب من واقع المسؤوليات التي جعلت من طفل اليوم يغوص في عمق العالم الافتراضي الذي أبعده عن هويته وماهيته التي تقضي تدريجيا على براءتهم وعفويتهم التي تؤكد عليها ذات المتحدثة حين أشارت لنقطة العودة للأصل الديني كملاذ للخروج من قوقعتهم السلبية المنغلقة على ذواتهم و معتقداتهم التي هي بحاجة للرجوع للخلفية الدينية وتصحيح المفاهيم العقائدية التي شوهتها المواقع الرقمية، يضاف إليها تشجيع و تحفيز الأطفال على التوجه للمدارس القرأنية وتعلم الشريعة المقدسة و نشر الوعي بقيمة حفظ القرآن الكريم ثم التعرف على سيرة سيد الخلق التي تعينهم على تحسين سلوكياتهم في فن التعامل والاقتداء الذي بدوره يعيلهم على تنمية مكتسباتهم و منطلقاتهم.
من جهة أخرى نجد نقطة نشر الوعي بمثل هذه الآفات جد محدودة و التي تركز عليها المرشدة الدينية من خلال ما أفادته في مجال عدم وجود من يعين على الترويج المتعلق بالثقافة الواعية و الأسس الدينية التي تفرض الاستمرار رغم الاحتمالات الضئيلة و الاستجابة المتباينة التي تحث على الاسترسال في الجهود المبذولة لتنوير فكر الأولياء لحماية أطفالهم من براثن الرقمنة وما تبعها في ضل تحكم الواقع،بظروفه في مثل هذه الطابوهات التي تحتاج عناية كبيرة من المسؤولين والمختصين لتبليغ الرسالة عن طريق حسن الكلام والتشاور والنقاش الإيجابي الذي يأخذ من الإصغاء مكسب هام لتعزيزثقة الأطفال في نفسيتهم ومجتمعهم.