356978

0

مذكرات شاهد على سنوات الجمر الحلقة 142

بقلم اسماعين تماووست 

 الذكاء قد يعني التعامل مع الظروف بحكمة، ولا سيما منها الطارئة،  فالأشخاص الذين يعرفون التكيف يظهرون أكثر ذكاءً من أولئك الذين لا يستطيعون ذلك. والمثالي هو أن نتمكن من استغلال كل هذه القدرات لنصل إلى نوع من الذكاء الفعّال والعالي.

هناك أيضًا العديد من الصفات الأخرى التي يجب أن نوليها أهمية،  مثل الوفاء، والنزاهة، والشجاعة، والجرأة، والتي يجب أن تكون في خدمة الخير، خاصة لمصلحة وطننا.

بهذا نحصل على صورة حقيقية للإنسان المحترم الذي يحظى بتقدير الآخرين. وبالتالي، يصبح الإنسان الذكي هو الذي يعرف كيف يوازن بين عقله وقيمه، وكذلك بين حكمته وأفعاله.

من ناحية أخرى، يصبح الإنسان جاهلًا عندما يرفض الاعتراف بخطئه ويتعنت في موقفه، ويصر على الدفاع عن المستحيل، في صورة تُظهر فيه التمادي والغرور.

وهذا النوع من البشر يكون أقرب إلى الجهل ، بل إن جهلهم يعميهم عن فهم عواقب أفعالهم، مما يجعلهم في بعض الأحيان غير مسؤولين عن تصرفاتهم .

غالبًا ما يؤدي هذا الجهل إلى الحروب التي كانت وما زالت مصدرًا للدمار،  ولكن الحروب الأهلية، ستظل أكثر قسوة وشرًّا، وتُعد من أكثر أنواع الحروب دموية ودمارًا على مر التاريخ. لقد كانت الحروب الأهلية دومًا من أبشع الحروب في تاريخ الإنسانية، حيث لا مفر من الخسارة، ويقع الأذى على الجميع، بدون استثناء. لذا، يمكننا القول أنها الأكثر فتكًا وتدميرًا في جميع جوانب الحياة.

أما السؤال الحقيقي الذي يجب أن نطرحه، فهو ذلك المتعلق بالتطرف والتمادي في العنف، الذي يقف ضد كل تقدم وأي نوع من التطور. 

هذا التطرف، بكل أشكاله وأبعاده، يشكل تهديدًا حقيقيًا لكل القيم الإنسانية، ويحرم الناس من التعايش في سلم وأمان، وهذا هو السبب الذي يجعل النزعات المتطرفة تُعد واحدة من أخطر الآفات التي تهدد المجتمعات، وتعرقل مسارها نحو المستقبل.

فالإنسان الذي يتحلى بالعقل والفهم هو الذي يدرك أن التطرف ليس إلا طريقًا مسدودًا، وأن الخلاص يكمن في الحوار، والتفاهم، والاعتراف بحقوق الآخرين،  وعلينا أن نعلم أن الحقيقة لا تكمن في الاستماع إلى أصوات التشدد، بل في الإصغاء إلى أصوات الحكمة والتعاون.

إن العمل من أجل بناء مستقبل أفضل، يتمحور حول بناء مجتمعات قائمة على العدالة، والمساواة، والرحمة.

والإنسان الحكيم،  هو الذي يسعى لتحصيل العلم والعمل الصالح، ليس لإثبات تفوقه على الآخرين، بل إلى خدمة الخير العام، وبناء عالم تسوده المودة والمحبة بين الناس.

إن تطور البشرية يكمن في تقدير الإنسان لقيمه الروحية والأخلاقية، وابتعاده عن المواقف التي تؤدي إلى الخراب والموت.

الحياة، مهما كانت قصيرة، فهي فرصة لنماء العقل وإعلاء الروح، وخدمة المجتمع في سبيل الله.

وفي الختام، ليتذكر كل فرد منا أن الجهل والتطرف هما العدو الأكبر للبشرية، ولذا، ينبغي علينا أن نتمسك بالقيم الإنسانية الرفيعة، ونرفض كل ما من شأنه أن يزرع الفرقة والكراهية بيننا.

إن الفهم الصحيح والتسامح هما الطريق نحو التقدم، والطريق الوحيد لبناء مستقبل أكثر إشراقًا لجميع البشر. ونسأل الله أن يهدينا جميعًا إلى الطريق المستقيم، وأن يخلصنا من براثن الجهل والتطرف، وأن يوفقنا لما فيه الخير والفلاح.

إنّ التطرف في جميع العصور يعارض كل ما يمثّل الحداثة والعلم والتنمية، التي هي أسس ضرورية لا غنى عنها في مسيرة الإنسان نحو التقدم والرقي.

فالتطور لا يقتصر على المعارف فقط، بل يشمل كل جوانب الحياة التي تدفع بالبشر إلى حياة أفضل وأكثر إنسانية، ومن هذا المنطلق، يظل من واجبنا جميعاً، رجالاً ونساء، أن نتصدى لهذا التطرف الجاهل الذي يعيق تطورنا ويهدد وحدة وطننا.

إنّ القضاء على هذا الفكر المتخلف لن يتحقق إلا بتضافر الجهود، من خلال إرساء أسس التوعية والتعليم، وتحقيق الرفاهية والعدالة الاجتماعية.

إنّ النضال ضد هذا الفكر الرجعي هو نضال من أجل المستقبل، من أجل بناء مجتمع عادل، قادر على احتضان العلم والثقافة، ومؤمن بقيمة الإنسان، ومن أجل تطور شامل يمتد ليشمل العقل والروح والجسد.

لا يمكن للجهل أن يكون بديلاً عن العلم، ولا يمكن للانغلاق أن يكون حلاً للإبداع،  إنما الحل يكمن في الابتعاد عن أساليب التفكير المتخلفة التي لا تُنتج سوى الفوضى والدمار.

لا ينبغي أن ننسى أن التعليم هو السلاح الأقوى في مواجهة الجهل، وأنه هو السبيل الوحيد لخلق جيل جديد قادر على تحمّل المسؤولية والعمل من أجل غد أفضل،  ولذلك، فإنّ واجبنا في هذه اللحظة التاريخية هو نشر الوعي في أوساط شبابنا، الذين هم أمل الأمة، ليكونوا قادرين على التمييز بين ما هو نافع وما هو ضار، بين ما يعزز من إنسانيتهم وبين ما ينزع عنهم إنسانيتهم.

من خلال التوجه نحو التقدم الفكري والعلمي، يجب أن نبني مجتمعاً لا مكان فيه للظلام والجهل، مجتمعاً يسوده العلم والبحث والحوار. فهذا هو السبيل الذي يوصلنا إلى رفاهية حقيقية، ويحقق لنا استقراراً اجتماعياً، ويمنحنا مكانة محترمة بين الأمم. ولعلّ الأهم من ذلك كله هو أن نتذكر أن العلم ليس مجرد وسيلة للتحصيل المعرفي، بل هو وسيلة لرقي الروح وسمو الأخلاق، ومن هنا فإننا بحاجة إلى إعادة توجيه عقلياتنا لتكون أكثر انفتاحاً على الفكر المتجدّد والأفق الواسع الذي لا حد له.

ولا يخفى أن الحروب التي تشهدها الأمم هي نتاج هذه الصراعات الفكرية والعقائدية التي ينشأ فيها التطرف والتعصب، ولا شك أن الحروب الأهلية، التي تندلع بسبب الانقسام الداخلي بين أفراد المجتمع الواحد، هي من أخطر الحروب على الإطلاق، إذ  تمزق النسيج الاجتماعي وتدمر الروابط الإنسانية،  فلا يوجد شيء أكثر بشاعة من أن تقتل أخاك في الوطن، وتبني جداراً من الكراهية بينك وبين من يشاركك التاريخ والهوية.

إن الحرب الأهلية هي حرب لا رحمة فيها، ولا تفرّق بين الحق والباطل، بل هي حرب تذبح فيها القيم الإنسانية وتُسحق فيها الأرواح باسم معتقدات مزيفة لا أساس لها من الصحة.

وإنّه لمن المقلق حقاً أن نرى كيف أن بعض الأشخاص، في سعيهم لتحقيق مكاسب شخصية أو أهداف ضيقة، يسيئون استخدام الدين ويستغلون مبادئه النبيلة لتحقيق أغراض دنيئة.

إن هؤلاء الذين يتاجرون باسم الدين ويستخدمونه وسيلة للفتنة والدمار، لا يمكن أن يكونوا سوى أعداء للحياة وللإنسانية،  لا يسعى هؤلاء إلا إلى زرع الفتنة والفرقة، وإثارة النزاعات التي تقودنا  إلى الهاوية.

لكن في المقابل، يجب علينا أن نعي أن مواجهة هذا الفكر المتطرف لا تكون فقط بالتصدي له بالقوة، بل يجب أن تكون بالعلم وبالوعي وبالتربية الصالحة التي تزرع في نفوس الأجيال القادمة القيم النبيلة التي دعا إليها ديننا الحنيف، والتي حضت عليها جميع الرسالات السماوية.

يجب أن نعلم أبنائنا أن العلم هو سلاحهم الأقوى في مواجهة الجهل، وأن الأخلاق هي درعهم الأقوى في مواجهة الفساد، وأن حب الوطن والإيمان بالوحدة الوطنية هو ما يضمن لهم مستقبلاً مشرقاً وواعداً.

وإذا أردنا أن نحقق هذا التقدم في شتى ميادين الحياة، فإننا بحاجة إلى أن نكون واعين بما يدور حولنا، وأن نكون مستعدين لتقديم التضحيات من أجل مستقبل أفضل.

فهذا هو السبيل الوحيد الذي يمكن أن يرفع من شأن بلادنا في مصاف الأمم الكبرى،  علينا أن نتصدى لأولئك الذين يعيثون في الأرض فساداً، وأن نعلم الشباب أن قيمة الوطن تكمن في وحدته، في تماسكه، وفي تقدمه، وأن الأعداء الذين يسعون لتفريقنا لا يريدون لنا إلا الهلاك والدمار.

كما يجب أن نعلم أن أعداء الوطن لا يتوانون في استخدام أبشع الأساليب لتحقيق مآربهم، من خلال نشر الأكاذيب والتحريض على الفتنة، مستغلين في ذلك جهل البعض وطموحات البعض الآخر التي تتغذى على الوعود الكاذبة والمغرية.

إنهم يسعون إلى تفتيت وحدتنا الوطنية ويعملون على زرع الخوف والشك بين أفراد المجتمع. ولكن، ومع ذلك، يجب أن نكون على وعي تام بهذه المحاولات الماكرة وأن نتصدى لها بكل حزم.

إن مواجهة هذه التحديات لا تكون إلا من خلال توحيد الصفوف وتماسك القوى الوطنية الحقيقية، التي تؤمن بالعلم والإبداع، وتعمل على بناء مجتمع يسوده العدل والمساواة.

إن محاربة التطرف والفكر المتعصب ليست مهمة سهلة، ولكنها ليست مستحيلة أيضاً،  تتطلب منا أن نكون أقوياء في وحدتنا، وأن نعمل معاً من أجل بناء مستقبل أفضل، لأنّ في ذلك وحده يكمن أمل الأمة، وأمل الإنسان في أن يعيش في عالم يعمه السلام ويغمره النور.

إن الطريق إلى التقدم ليس مفروشاً بالورود، بل هو مليء بالتحديات، ولكنه في ذات الوقت مليء بالأمل.

فالتاريخ يثبت أن الشعوب التي تتحدى الظلام، وتعمل على نشر النور، هي الشعوب التي تحقق النجاح والتقدم، وهي التي تصبح نماذج للأمم الأخرى في كيفية التغلب على الصعاب.

لذلك، يجب علينا جميعاً أن نكون جزءاً من هذه المسيرة، وأن نعمل بلا كلل من أجل بناء وطننا، ليس فقط بالعلم والابتكار، بل أيضاً بالقيم التي تشدّنا إلى بعضنا البعض، والتي تؤكد لنا أن الوحدة والتماسك هما الطريق الوحيد نحو المستقبل

.يتبع ..

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services