507
0
مستقبل القيم الأولمبية بعد ألعاب باريس2024
دورة بتأثير "مسكر 33" الفرنسي ..؟!
بقلم مسعود قادري
اختتمت يوم الثامن من أوت الفارط الطبعة الـ"33 " من الألعاب الأولمبية الصيفية التي استقبلتها العاصمة الفرنسية باريس في الفترة من 26 جويلية إلى غاية الـ11 أوت بمشاركة 206 دولة مع رياضيين مغتربين أدمجوا في البرنامج، بينما حرمت دول من حق المشاركة لأسباب سياسية ( روسيا وبيلوروسيا ) رغم تنافى الإقصاء مع القيم الأولمبية.؟ !..
الدورة الباريسية الثالثة في تاريخ الألعاب الأولمبية (1900ـ 1928 و2024) ، ساهم في تنشيطها 10714 رياضي ورياضية تنافسوا في32 تخصصا منها 28 أولمبيا و04 اختيارية أقترحها المنظمون والغيت أربع رياضات أخرى لم يتم الاتفاق عليها.. تعيين باريس لتنظيم الحدث الأولمبي سنة2024 ، تم بالعاصمة البيروفية " ليما" يوم 13 سبتمبر 2017 مع اختيار مدينة لوس أنجلس الأمريكية لاحتضان الدورة 34 سنة 2028.
الحركة الأولمبية تضحي بمبادئها وقيمها ..؟
قبل التعرض للحصيلة النهائية للألعاب التي تغير ترتيب جدول ميدالياتها النهائي بغياب قوة رياضية منافسة للولايات المتحدة الأمريكية على مدى الدورات الأولمبية السابقة وهي روسيا ـ وريثة الاتحاد السوفياتي ( باستثناء دورتي موسكو 80 التي غابت عنها الكتلة الغربية بزعامة الولايات المتحدة ودورة لوس أنجلس84" التي قاطعتها الكتلة الشيوعية بقيادة الاتحاد السوفياتي سابقا ) .. هناك عدة تساؤلات مشروعة تفرض نفسها وفي مقدمتها تخلي الحركة الأولمبية منذ مدة عن قيمها ومبادئها التي لاتعترف بالتدخل السياسي والاقتصاي ولا التمييز العنصري والتفرقة الدينية والعرقية في مماسة الرياضة عامة والانتماء للحركة الأولمبية تحت أي عنوان خاصة .. فالملاحظ ميدانيا ، أن اللجنة الأولمبية الدولية والاتحادات المتخصصة التابعة لها تتدخل وتحشر أنفها برفض تدخل الحكومات في توجيه هيئاتها الرياضية بحجة الحفاظ على استقلالية التنظيمات الرياضية عن الحكومات ، بينما صارت الحركة برمتها تخضع للسياسة وتأثير الدول الكبرى التي توجه كل الهيئات العالمية وفق منظورها السياسي بعيدا عن المباديء الأولمبية .. فبدعوى استقلالية التنظيمات الرياضية عن المواقف السياسية مهما كان نوعها حرمت الألعاب الإفريقية في دوراتها التسع الأولى ( الألعاب تنظم كل أربع سنوات إن سمحت الظروف الاقتصادية للبلد المستضيف .. !؟) ، من اعتراف ودعم اللجنة الأولمبية الدولية مثل بقية الألعاب الجهوية الأخرى ، رغم ماتمثله من قيمة رياضية واجتماعية وبشرية ، بدعوى أنها كانت تحت إشراف هيئة سياسية تابعة لمنظمة الوحدة الإفريقية ـ سابقا ـ الاتحاد الإفريقي حاليا ـ، وهي المجلس الأعلى للرياضة في إفريقيا" CSSA". الذي عوض بـ " اتحاد اللجان الأولمبية الإفريقية " UCSA " ولا أظن أن الأوضاع تغيرت كثيرا لصالح الأفارقة .. !؟ . أما المنافسات والألعاب العربية فلا تعترف بها كل الهيئات العالمية بدعوى أنه عرقية ولا تسمح بمشاركة الكيان الصهيوني فيها .. وهذا المبرر لايطرح لجهات أخرى وتنظيمات مثيلة..؟
موقف اللجنة الأولمبية الدولية التي كانت تعتبر الهيئة العالمية الوحيدة المستقلة ماليا عن تمويل الدول التي تهدد المنظمات العالمية الأخرى ـ الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ـ بتوقيف مساعداتها كلما تبنت مواقف سياسيىا لاتساير الدولة الممولة ـ مهما كانت عدالتهاـ فاللجنة الدولية كان يفترض أن تكون مواقفها وكل الاتحادات المنضوية تحت لوائها على نفس المسافة من كل الأعضاء ولا تأخذ في اعتباراتها العوامل العرقية ، السياسية والدينية حفاظا على مكانتها وقيمها التي أثرت فيها سياسة الدول الاستدمارية الغربية السابقة والحالية بمرور الزمن حتى الحقتها ببقية المنظمات التي لاتسطيع الخروج عن دائرة القرارالغربي ـ الصهيوني ..
هذا الموقف لم يكن جديدا في عالم يسيطرفيه الإعلام الموجه والمال الفاسد على حركية الأمور في كل بقاع الأرض !؟.. فهناك أمثلة حية من تاريخ الحركة الرياضية الدولية وكيف تسير مع التضليل الإعلامي الغربي وفي مقدمته الإعلام الفرنسي الذي يدعى الحرية والاستقلال عن القرار السياسي مع أنه خير متحيز وخادم لمخططات بلده وكتلته.. .فخلال الثورة التحريرة الجزائرية (54 ـ62)، وبعد إنشاء فرق رياضية جزائرية ومنها فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم لتمثيل الثورة والتعريف بقضية الجزائر العادلة لدى شعوب العالم التي ظللتها الأبواق الاستدمارية وشوهت لها الحقائق وصورة الثورة والثوار.. هنا صدرت قرارات مجحفة من اتحاد الكرة العالمي تهدد كل الدول التي تستقبل منتخب الثورة الجزائرية الرياضي بالإقصاء من المنافسات الرسمية فكانت النتيجة ، امتناع العديد من الدول القريبة والبعيدة عن مواجهة فريق الجبهة خوفا من العقوبة ، مع أن بعض الدول لايزيد إقصاؤها مؤقتا أو ينقص شيئا من مستوى مشاركتها في المنافسات العالمية ..هي خضوع المغلوب للغالب فقط.. !؟..
والحمد لله، أن في تلك الفترة ـ خمسينات القرن الماضي ـ كانت هناك دول لها مواقف مشرفة في مساندة الشعوب المكافحة من أجل التحرر فسمحت للجزائريين باللعب والتحدي وتعريف العالم بأنهم من شعب له تاريخ وقيم لاعلاقة لها بالمستدمر الفرنسي ولا بتضليل إعلامه المنحرف والمشوه للحقائق خدمة لدولته الظالمة وليس له علاقة بالقيم التي يدافع عنها !؟...
أول مقاطعة سياسية للألعاب سببها التحيز ..
هذا التحيز الذي نراه في العديد من المواقف الحالية ـ كما سيأتي ـ أدخل الألعاب الأولمبية في مواقف ومواجهات سياسية كانت في غنى عنها لو التزمت بمباديء الحركة التي تتنافى وهذه المواقف !... في سبعيينات القرن الماضي وعندما تمادي نظام التمييز العنصري بجنوب إفريقيا في عنصريته وعنجهيته ضد أهالي البلد الأصليين على غرار مايقوم بها الصهاينة المجرمون حاليا في فلسطين من إبادة جماعية يندى لها جبين الأحرار في العالم وتفتخر بها الصهيونية والماسونية في الغرب مع بعض المثبطين والمرجفين من العرب والمسلمين !.. ، قلت عندما تمادى نظام "بيتر وليام بوتا" العنصري (المعروف ايضاً بــ" التمساح الكبير" وهو زعيم جنوب أفريقيا من سنة 1978 إلى 1989، فقد شغل منصِّب رئيس وزراء من (1978 - 1984) وأول رئيس لجنوب افريقيا من (1984 ـ 1989 ) في جرائمه ضد الأفارقة. حيث كان يمارس سياسة عنصرية مقيتة ضد السود الأصليين دفع الشعب الأصلي ثمنها غاليا قبل أن يحقق النصر .. لمواجهة هذه السياسة البربرية ناضل الأفارقة الأصليون ومعهم كل القارة والعالم كله . فاتخذت الأمم المتحدة قرارا بمقاطعة نظامه " بوتا " مقاطعة عالمية جامعة . لكن دولة نيوزيلندا تجاوزت القرار الأممي رياضيا وشاركت في دورة للريغبي ببريتوريا قبيل الألعاب الأولمبية 1976 بمونريال .. طالب الأفارقة حينها في موقف صلب ومتماسك من اللجنة الدولية معاقبة "ويلانغتون" على موقفها ومنعها من المشاركة في الألعاب الأولمبية بمنتريال 76 فلم تفعل وكانت النتيجة مقاطعة القارة السمراء للدورة وهي أول مقاطعة سياسية لدورة أولمبية منذ عودة الأخيرة للظهور في صورتها الجديدة ..
المقاطعة السمراء للألعاب ، كان وراءها المجلس الأعلى للرياضة في إفريقيا وقد كانت له دوافع إنسانية ورياضية بالدرجة الأولى ، لكنها استغلت من الولايات المتحدة والحلف الأطلسي ومن يسير في فلكهم لمقاطعة العاب موسكو1980 كموقف من الغرب الديمقراطي .. !؟ ضد التدخل العسكري السوفياتي في أفغانستان التي خرج منها السوفيات مهزومين وحل محلهم الأمريكان ليدمروا البلاد تدميرا لم تعرف مثله ـ لافي العهد السوفياتي ولا قبله ـ ولم تخرج منه إلا بعد أن دمرت كل مايصلح وتركت آثار الخراب في كل مكان ، لكنها خرجت تجر أذيال هزيمة دعمت بها سجل هزائمها العسكرية السابقة في فيتنام ،الصوامال ،لبنان و ..
ردا على تغيب الكتلة الغربية في موسكو ، كانت المقاطعة الثالثة في لوس أنجلس 84 من الكتلة الشيوعية التي تركت المجال للولايات المتحدة لتسيطر على الألعاب رياضيا وسياسيا وتحرم رياضيي روسيا من حضور دورة باريس 24 التي كانت فرصة للقوة الثالثة " الصين لمقارعة الولايات المتحدة والتفوق على الدول الغربية الأخرى مجتمعة ..
المال قبل المباديء.. !
عندما تخلت الحركة الأولمبية وقواعدها عن قيمها ومبادئها الأخلاقية، أصبحت الاختيارات والانتقاءات لاتخضع للمعايير والمقاييس الرياضية ، بل لعوامل أخرى تحددها القوى المهينة على العالم .. فبسبب الحرب الروسية الأكرانية أقصي الرياضيون الروس من المشاركة في كأس العالم بقطر أولا، ثم حرموا من مواجهة منافسيهم في بقية الرياضات بعاصمة الحرية والديمقراطية، باريس24 .. ؟! .. لكن عندما تدوس إسرائيل على كل الأعراف والقوانين الدولية والقيم الإنسانية وتقرر إبادة شعب كامل اغتصبت أرضه وأبيحت دماء مواطنية وانتهكت حرماته ، وصفيت عائلات وأحياء وقرى كاملة بكل وسائل الدمار الشامل التي يقدمها الغرب لحليفته الوصية على مصالحه في المنطقة .. باسم الحرية والديمقراطية .. كل هذا لايحرم إسرائيل من المشاركة في الألعاب الأولمبية وكل من يرفض مواجهة رياضييها يطرد من الحركة الأولمبية ... !؟. إنها سياسة التفضيل والتمييز العنصري المقيت والكيل بمكيالين التي يفترض أن لاتكون في المحافل الرياضية منذ زمن طويل !؟.. والحقيقة التاريخية انها كانت موجودة في الأصل بغطاء آخر حيث كانت الدول الاستدمارية الغربية وحيدة في الميدان ، فهي الخصم والحكم ،وعندما تعددت أطراف المشاركة تدخل التمييز العنصري الذي لن يتخل عنه اليهود والنصارى مادامت في الأرض حركية وفي الحياة صراع بين الخير والشر .. فالشر لن ينقطع ويبقى هؤلاء ممثلوه إلى أن تقوم الساعة . !. وسيزداد قوة كلما زاد ممولوا الحركة الأولمبية حيث مالت كفتها للأكثر تأثيرا في السياسة العالمية على حساب رياضيين ودول لها باع طويل في الحركة الأولمبية .
لقد صار المال من بين المؤثرات الكبرى في الأحداث الرياضية عن طريق التمويل المباشر للنشاطات الأولمبية من قبل الشركات التي تمثل أمورا أخرى ذات طابع سياسي وعسكري في مناطق معينة من العالم إلى جانب ماتجنيه اللجنة الدولية والاتحادات المنضوية تحتها من أموال تدرها عملية البث التلفزي في كل المنافسات الرياضية العالمية التي تحولت إلى سوق تجارية بين مؤسسات الإعلام الكبرى في العالم ... هذه المصادر التمويلية الحقت المجلس الأولمبي بكل الهيئات العالمية ـ رياضية وخيرية ـ التي يتحكم فيها المتشدقون من المتصدقين بالمساعدات ليبقى المال ليس عصبا للحياة كما يقال ، بل مصدرا للتمييز والتنكيل والتدمير.. وشاهد العصرعلى ذلك مايجري في فلسطين أولا من قبل أنذال العالم ومن يواليهم .. وفي مناطق أخرى بالعالم العربي والإسلامي بالخصوص ..؟ !.
دورة باريس والمباديء الأولمبية..؟
لم يستفد الفرنسيون في هذه الدورة من تاريخهم العريق في تنشيط وبعث الحركة الرياضية العالمية ومنها دورة الألعاب الأولمبية ... فقد أخضعوا الدورة الـ 33 لمعتقدات فاسدة يريدون نشرها في العالم .
وهي معتقدات تتنافى والقيم التي يدعون إليها والرامية إلى استعادة الحياة الطبيعية في الغذاء بالخصوص تفادايا للكثير من الأوبئة والأمراض التي نتجت عن المبالغة في المعالجات الوراثية والكيمياوية للمنتجات الحيوانية والنباتية وانعكساتها على حياة البشر لتعارضها مع الفطرة والطبيعة ..
الفطرة التي يسعى الغربيون ـ وفي مقدمتهم كبار القوم في فرنسا،أمريكا والمانياـ الغاءها بالسعي الحثيث للقضاء على العنصر البشري بتشجيع الشذود الجنسي ونشر الرذيلة في المجتمعات لتنزل إلى أدنى المستويات البهيمية ، بل أقل من البهائم التي تتحكم فيها الغزائز ولا تستطيع الخروج عنها .. فالفرنسيون الذين حاولوا مع الألمان وبعض الدول الغربية التي حضرت كأس العالم الأخيرة بقطر2022، تلويث جو المنافسة بمعتقداتهم الشيطانية الفاسدة، فشلوا في نقل فسادهم لدولة لها قيم سامية وأخلاق عالية وموقف صارم رفض رفضا قاطعا مجرد ذكر هذه المفاسد التي عاقب عليها الله أمما سابقة بالخسف ..؟ حكام باريس المغترون جدا بتحويل الرجال إلى نساء والنساء إلى دمى للعرض والزينة .، استغلوا وجود الحدث الأولمبي ببلدهم .ففاجئوا العالم بالإساءة للأنبياء في حفل افتتاح الدورة 24 الأولمبية بالكذب والافتراء ونسج حكايات خيالية عن أنبياء ورسل هي من وحي الشيطان وأحفاد القردة والخنازير من المفسدين في الأرض الذين يرون المجموعة البشرية مجرد ذباب يجب التخلص منه ليخلو لهم الجو فيحققوا مآربهم الخسيسة ..
وطبعا لن يتأتى لهم ذلك إلا بدس السم في العسل لزوار عاصمة الجن والمجنون من المفتونين بالحضارة الغربية الزاهية بالألوان الاصطناعية المغرية والأجساد المكشوفة التي فضحت كل ما ستره الله والأخلاق البشرية منذ ميلاد آدم عليه السلام ..في هذا المحيط الملوث استغل الشواذ الفرنسيون ومن يسيىر في فلكهم الفرصة للإعلان صراحة أمام الملأ عن مخططاتهم الفاسدة الرامية إلى النزول بقيمة الانسان، الذي كرمه الله عن بقية الكائنات بالعقل، إلى أدنى من أي بهيمة تعيش على سطح الكوكب ...هذا الخروج المفاجيء وغير المنتظر في محفل رياضي عالمي له ـ ظاهريا ـ مباديء وقيم أخلاقية ترفع من قيمة الإنسان ، استنكره العالم العاقل المتخلق وحتى بعض الساسة من أهلهم في الغرب ، بينما الشعوب الأخرى كانت منغمسة في التمتع بجمال المدينة الظاهر، مثلها مثل أعضاء المجلس الأولمبي الدولي الذي لم يعر الكثير من الاهتمام لهذا الحدث الذي يمس الألعاب في الصميم وقد تكون الدورة المقبلة في أمريكا راعية الشذود خاصة بالشواذ .؟..بل قد يحرم منها بالمقابل المعوقون والرافضون لهذا النهج المنحرف عن الطبيعة والفطرة .. . الدول الإسلامية ـ مع الأسف ـ صار لايهمها الجانب الأخلاقي والروحي. فهي تلهث وراء الحضور الفاشل ـ ليقال أنها حضرت فقط تطبيقا لمبدأ " المهم الحضور ـ وقد أخفت الرأس في الرمل وكأنها لم تع ماحدث ويحدث حولها مع أن عقيدتها هي المقصودة من أتباع الماسونية ودعاة الشذوذ والانحلال لأنها العقيدة الوحيدة التي تنبذ هذه الممارسات الدنيئة التي لامكان لها في الحياة البشرية السليمة ولا الفطرة التي يريدون العودة إليها كبهائم فقط عن طريق بطونهم ..!؟
خروج آخر عن القيم والمباديء ..
كان من المفروض أن لاتخضع اللجان والهيئات الأولمبية والمنظمين لدورة باريس عن قواعد الممارسة الرياضية والقوانين التنظيمية التي تتحكم في مراقبة المنشطات والتنظيم العام ، لتأويلات الصحافة وخاصة الفرنسية التي دأبت زمن بعيد على التستر وراء حرية الرأي والتعبير لضرب من تقصده وتحددها دوائر أخرى سياسية ومخابراتية من الدول التي لاتريد الخضوع للمنطق الاستدماري وتسعى للتحرر من التبعية لأي جهة كانت .. !؟.
الحرب الإعلامية البشعة التي شنتها الصحافة الفرنسية ضد الرياضيين الجزائريين ، لم تكن لتحدث ضجة عالمية وتصبح حديث العام والخاص ، لولا الخلفيات العدوانية التي تغذيها مصالح استدمارية ومن ورائها دوائر أخرى في خدمة الصهيونية العالمية .. في البلد الذي يريد القضاء على الجنس البشري ولا تفريق فيه بين الذكر والأنثى ، تشن حربا شعواء باطلة ضد شابة جزائرية اختارت رياضة الملاكمة " إيمان خليف " لتثبت وجودها وتؤكد للغربيات والشرقيات أن المرأة الجزائرية التي مازالت تعيش مع الطبيعة وتتغذي بكل ماهو " بيو " حسب منطقهم و مصطلحهم والبعيدة كل البعد عما ذهبوا إليه من الخلط بين الطاقة الرياضية والشكل المورفولوجي ، قادرة على تحدي حتى الرجال كما تحدت أمهاتها بالأمس قوة وجبروت جنرالات فرنسا في الحرب التحريرية .. لو كانت البطلة من بلد غير الجزائر وفي غير هذا الوقت بالذات لما تعرضت لتفاهات الصحافة الفرنسية وحتى بعض الذين خرجوا من ساسة العالم الذين أقحموا أنفسهم ، واعتمدوا الإشاعة للإساءة لشابة رياضية لاعلاقة لها بكل الخلفيات التي تنظلق منها بعض الدوائر لتلفيق التهم والمضايقات المبيتة ـ ، قلت لو لم تكن خليف غير جزائرية لما أشار أي طرف منهم مجرد الإشارة لما ذهب إليه الإعلام الفرنسي الذي واصل حملته ضد العداء الجزائري الشاب (جمال سجاتي صاحب البرونزية في العاب القوى (800م) وأرادت حرمانه من الانتصار الذي حققه بدعوى مراقبة المنشطات التي تعدت كل حدود اللياقة والمراقبة وتجاوزت كل صلاحياتها ... ـ لاأظن أن أي جزائري يقبل أن يكون له بطل مزيف ـ لكن ليس لدرجة أن تهمل مراقبة كل الأبطال وتتفرغ لهذا الشاب دون غيره فقط بدواعي الإساءة للبلد .؟ ..هذا دليل آخر على أن في الأمر دسائس وراءها جهات معينة لاتريد أن ترى إسم الجزائر في جدول الترتيب بين دول العالم العربي على الأقل ( المرتبة 39 بين 206دولة ) بما في ذلك الدول التي لجأت إلى تسخير المرتزقة وتجنيسهم للدفاع عن الوانها .. !؟ ..
هذا الكلام لايمنعني من تحذير الرياضيين الجزائريين من خطر المنشطات على صحتهم أولا وعلى قيمتهم الإنسانية والأخلاقية وقيمة بلدهم ثانيا وأخيرا والتحلي بالحيطة والحذر من كل هذه الممارسات التي تستهدف أبطالا دون غيرهم والشروع في التحضير لألعاب 28 من الآن ـ إن لم تخصص للشواذ دون غيرهم .. ! وإن كانت كذلك فالأحسن عدم المشاركة فيها وتركها لأهلها .. . ..
الصين تعوض روسيا في جدول الترتيب
في غياب القط ، إلعب يافأر.. ؟!، هذا المثل ينطبق على نتائج الألعاب الأولمبية في عدة دورات عرفت المقاطعة أو الإقصاء ..، فالصراع والتنافس كان في البداية بين الكتلتين الغربية بزعامة الولايات المتحدة والشرقية بتصدرثنائي من الاتحاد السوفياتي والمانيا الديمقراطية سابقا ، ثم انحصر ـ بعد انحلال الكتلة الشرقية ـ بين أمريكا وروسيا التي حافظت على الإرث السوفياتي، بينما ضاعت المانيا الموحدة بين الدول المشاركة الأخرى بعد أن اختفت مخابر الجهة الشرقية التي كانت تعد لكل دورة أولمبية جيلا من الأبطال لاتطولهم مراقبة المنشطات ولا ..
الصراع في الدورة الفرنسية كان محتدما بين أكبر قوتين اقتصاديتين حاليا في العالم ـ أمريكا والصين المتعادلتين في عدد الميداليات الذهبية مع تفوق أمريكي في المعدنين الآخرين .. ويبدو لي والله أعلم بالغيب ..؟، أن دورة لوس أنجلس المقبلة ـ إن لم تخصص للشواذ وتقاطعها دول كثيرة من التي تخاف الله ولا تهابر أمريكا ـ ستكون لصالح الصين حتى ولو حضرت روسيا، بالنظر إلى ماتزخر به الدولة الآسيوية العملاقة من إمكانيات بشيرية وما تسخره من موارد مادية ومالية أملا في ريادة العالم وإزاحة الولايات المتحدة من الصدارة في كل مناحي الحياة .. !.؟. فقد جمعت الولايات المتحدة 126 ميدالية منها 40 ذهبية ، متبوعة بالصين بنفس العدد من الذهب ومجموع 91 ميدالية وكان التفوق الأمريكي في المعدنين الفضي والبرونزي (44مقابل 27 فضة و42مقابل 24 برونز ) ثم تأتي بقية الدول بزعامة اليابان بنصف عدد الذهبيات ومجموع 45 ميدالية في المركز الثالث وأستراليا التي سبقت الدول الغربية الأخرى بانتزاع المركز الرابع بـ 17 ذهبية .. وتأتي الجزائر في المركز 39 من بين 206 مشارك على رأس الدول العربية وهو مركز رغم أهميته لايعبر عن مكانة البلد الحقيقية وما تحوزه من طاقات شبانية لم يحسن اسغلالها ـ وربما لم يكن الانتقاء موفقا لتدخل عوامل خارجة عن المعيار الرياضي ـ كما أن الميزانية التي خصصت لتحضير هذا النخبة ربما تفوق ماخصصته الدول التي تتصدر جدول الترتيب .. لكن في حالتنا وظروفنا ـ نرضى بالقليل ـ راجين من الله المزيد في المستقبل القريب باستغلال أفضل لطاقات الأمة وبداية تحضيىر الدورة الأولمبية المقبلة من الآن بالاهتمام بأصحاب الأرقام الجيدة والنتائج الطيبة من الخلف ليكونوا في الموعد مع الدورات العالمية والجهوية القادمة ..
هذا ـ مع الأسف رجاء وأمل ـ كررناه عقب كل حدث رياضي عالمي ..لكنه لم يؤخذ في الحسبان من إطاراتنا التي لاتقبل النصح والتنبيه ، وتكون دائما على استعداد لتبرير الفشل بعد فوات الأوان !.. الله يوفق الجميع ويبصرهم بمسؤولياتهم في الحفاظ على سمعة الوطن وحماية مكانته بين الدول ونحن معهم طبعا !.. فالله الهادي إلى سواء السبيل ...
مستقبل الألعاب في خطر ...
أخيرا، واعتبارا لكل التجاوزات والمقاطعات التي عرفتها الدورات الأخيرة، وتحول بعضها إلى ميدان للصراع السياسي والعقائدي بتنازل الحركة الأولمبية تدريجيا عن قيمها الأخلاقية ومعاييرها الرياضية البحتة التي وقفت دوما في مواجهة الغش والتزوير ونبذ كل ما من شأنه أن يسيء لطاقات المواهب الطبيعية التي يزخر بها شباب العالم .. فإن استمرار السكوت عن تخطي القيم الأخلاقية باتباع النزوات الشيطانية ـ التي تريد كما يقول مثلنا الشعبي " الخلط بين المعزة والعتروس " ـ لفئات لاتريد الخير للبشر عامة ولأجيال المستقبل بالخصوص .. فإن الهيئات الأولمبية ستكون هي البادية بحفر قبر هذه الألعاب فتحرم الموهوبين الحقيقيين والطاقات الواعدة من البروز .. أما إذا استمر الانحلال والخلاعة وتمت الموافقة على العاب قد يسمح فيها لمنافسات مختلطة في كل الفروع فتذهب قيمة الرجل كرجل والمرأة كامرأة وتسيطر فيها ـ ليس المنشطات فقط ، بل حتى الهرمونات المحولة للجنس البشرى و..
نرجو الله أن لانصل إلى هذه المرحلة من الانحطاط السلوكي والخروج عن الفطرة والطبيعة التي خلقها الله ووفر لها كل سبل الاستمرار والدوام وفق قوانين وسنن ثابتة لاتتغير بتغير الأزمنة إلا ماخرج عن الفطرة والعرف .. ...