177

2

"مستفيد" منصة رقمية مبتكرة لتنظيم جمع وإعادة تدوير النفايات

تطبيق " مستفيد" هو منصة رقمية تهدف إلى تنظيم رقمنة جمع، نقل، وإعادة تدوير النفايات بشكل فعال ومنظم، ليسهم في تحسين البيئة وتحفيز الاقتصاد الدائري،
كما يعمل على ترسيخ ثقافة الرقمنة البيئية لدى المواطنين.

 

نسرين بوزيان 

     


في لقاء  مع "بركة نيوز" أكد مسير التطبيق إسماعيل كحلوش أن الفكرة بدأت تتبلور في نهاية عام 2023، مستندة إلى تجربتين شخصيتين مهمتين في حياته، التجربة الأولى كانت خلال عمله كمدير تجاري، حيث لاحظ أثناء تنقلاته بين مختلف الولايات تراكما هائلا من القارورات البلاستيكية المهملة على الطرقات، مما دفعه للتفكير في إمكانية إعادة استثمار هذه المواد وتحويلها إلى مواد أولية قابلة للاستخدام الصناعي، ما يخلق قيمة اقتصادية ويقلل من الأثر البيئي السلبي. 
أما التجربة الثانية التي كان لها أثر كبير في صقل فكرة التطبيق، فكانت بعد انتقاله في 2021 للعيش في حي جديد، حيث لاحظ انتشارا واسعا لجامعي النفايات الصغار الذين يعملون بشكل فردي ومن دون تنظيم، هذا الواقع أثار لديه اقتناعا بأن استخدام التكنولوجيا والرقمنة ، تمكن من تحقيق  جمع نفايات أكثر كفاءة وسرعة عبر منصة موحدة تجمع الأطراف المختلفة.

           

 

آلية عمل التطبيق وفئاته المستهدفة

وأشار كحلوش إلى أن تطبيق "مستفيد" صمم خصيصا ليكون منصة إلكترونية تربط بين ثلاث فئات رئيسية: منتجو النفايات وهم الأفراد، المنازل، المؤسسات، المطاعم والمقاهي، أي كل جهة تنتج نفايات قابلة لإعادة التدوير، ثم جامعو النفايات الذين يقومون بجمع هذه المواد، وأخيرًا مراكز إعادة التدوير التي تعنى بمعالجة وفرز وتحويل هذه المواد إلى مواد أولية يمكن استخدامها في صناعات أخرى. 
وأوضح أن هذه المنصة الرقمية تحدث تكاملا بيئيا واقتصاديا يجعل كل طرف يؤدي دوره بدقة وفعالية.
أما من حيث أنواع النفايات، فأكد كحلوش أن التطبيق لا يقتصر على نوع واحد، بل يشمل جمع عدة مواد مثل البلاستيك، الورق والكرتون، الزجاج، القماش، الخشب، والمعادن، وشرح كيف أن هذه المواد، عند جمعها وفرزها بشكل منظم، تتحول إلى موارد مادية هامة تساهم في تقليل التلوث وحماية البيئة، كما تفتح آفاقًا جديدة في سوق العمل، وخاصة في مجال إعادة التدوير.
وفيما يتعلق بآلية عمل التطبيق، بيّن  كحلوش أن " مستفيد" يتوفر بنسختين مختلفتين، الأولى مخصصة للمستخدمين العاديين، حيث يمكن لأي شخص تنزيل التطبيق من متجر " بلاي ستور" والتسجيل خلال 90 ثانية فقط، ليتمكن بعد ذلك من عرض نفاياته للبيع أو التبرع بها بسهولة. 
أما النسخة الثانية، "مستفيد برو"،فهي موجهة للمحترفين من جامعي النفايات ومراكز التدوير، وتوفر لهم أدوات وخدمات متقدمة تساعد في تحسين عمليات النقل والتجميع، مع اشتراك مجاني للسنة الأولى يليها اشتراك رمزي لاحقا، مما يضمن استمرارية واستدامة الخدمة.
شدد كحلوش على أهمية الالتزام بعملية الفرز الانتقائي للنفايات لضمان جودة المواد، مؤكدا على ضرورة فرز النفايات حسب نوع المادة مثل البلاستيك، الورق، الزجاج وغيرها من المصدر، لأن هذا الفرز يحافظ على خصائص المواد ويقلل من الخسائر أثناء المعالجة، ويساهم في تحسين جودة المواد المعاد تدويرها. 
كما يشجع التطبيق المستخدمين على التبرع أو بيع نفاياتهم بدلا من التخلص العشوائي منها، حيث يتم توجيهها إلى مؤسسات خيرية مثل الهلال الأحمر، جمعية البركة، الكشافة الإسلامية، وجمعيات أخرى معنية، مع تنسيق مستمر مع وزارة الشؤون الدينية لتعزيز الطابع الاجتماعي للمبادرة.

الشراكات والدعم المؤسسي

وعلى صعيد الشراكات المؤسسية، أشار كحلوش إلى دعم عدة هيئات حكومية للمشروع، منها وزارة البيئة، مركز تكوين التقنيات البيئية، الوكالة الوطنية للنفايات، وزارة الرقمنة، ووزارة الصناعة، مما يعكس أهمية التطبيق وتوافقه مع السياسات الوطنية في مجال البيئة والاقتصاد الأخضر.

كما نوه إلى النجاحات التي حققتها المبادرات المرتبطة بالتطبيق، مثل حملة جمع جلود الأضاحي خلال عيد الأضحى، التي تمت بالتنسيق مع وزارة الصناعة وتطبيق "مريقل نظافة"،حيث ساهمت هذه المبادرة في تنظيم جمع الجلود بشكل سريع وفعال بفضل توعية المواطنين وتعاونهم.

       

 

 

الحملات التوعوية

كما سلط كحلوش الضوء أيضًا على الحملات التوعوية التي أطلقها التطبيق، مثل حملة " كرّاسك مترميهاش.. واربح معنا" بالتعاون مع وزارة التربية الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني، والتي تهدف إلى الحد من ظاهرة رمي الكراسات والكتب المدرسية في نهاية العام الدراسي، مشيرًا إلى أن هذه المبادرة ليست بيئية فحسب، بل تعليمية أيضًا، إذ تسعى إلى تنشئة أجيال واعية تدرك أهمية إعادة التدوير. كما ذكر وجود تخطيط لمشروع آخر يهدف إلى توفير حاويات فرز خاصة داخل المدارس مع استثمار عوائد الرسكلة في تطوير البنية التحتية للمدرسة.
وفيما يخص كيفية البيع والتبرع بالنفايات عبر التطبيق، أوضح كحلوش أن المستخدم يعرض كمية النفايات المتوفرة لديه، ثم يتم إرسال إشعار إلى جامعي النفايات المتواجدين في منطقته، الذين يتواصلون معه لشراء المواد وفق أسعار ثابتة محددة داخل التطبيق للمنتجين، بينما تختلف الأسعار بين الجامعين ومراكز الرسكلة حسب العرض والطلب وظروف السوق.

عدد المستخدمين والمشاريع المستقبلية

وكشف كحلوش أن عدد المسجلين على التطبيق تجاوز الآن 11 ألف مستخدم، مع طموح للوصول إلى 5 ملايين مستخدم على المستوى الوطني، ما يعكس حجم الفرصة الكبيرة في هذا المجال.

وأكد أن قطاع البيئة يوفر آفاقًا واعدة لريادة الأعمال، حيث يجمع بين الابتكار وحماية البيئة مع تقليل الإنفاق الحكومي وخلق فرص عمل جديدة للشباب.
مع ذلك، لا يغفل كحلوش التحديات التي تواجه المشروع، ومنها ضعف التمويل المستمر، الحاجة إلى رفع مستوى الوعي الرقمي والبيئي بين المواطنين، فضلاً عن التفاوت في جاهزية البنى التحتية بين المناطق. ولهذا أطلق مبادرة "زيادة الخير"لتحفيز المزيد من جامعي النفايات على تحميل التطبيق والمشاركة بشكل منتظم.
كما كشف كحلوش عن مشاريع جديدة ضمن خطط توسعية، منها التعاون مع المؤسسات التعليمية لتوعية التلاميذ بأهمية الفرز الانتقائي ووضع حاويات خاصة في المدارس، مع استثمار الأموال المكتسبة من إعادة التدوير في إعادة تأهيل المدارس وتحسين بيئتها التعليمية. كما أشار إلى مشروع طموح قائم على إنتاج أسمدة عضوية من النفايات العضوية.

في الختام، يمثل تطبيق "مستفيد" نموذجا مبتكرا يجمع بين التكنولوجيا والوعي لخدمة المجتمع والبيئة على حد سواء.

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services