147
0
الدعوة إلى انشاء خلية وطنية لليقظة المرورية
مؤسسة صناعة الغد تنظم ندوة حول حوادث المرور المشكل والحل بنظرة استشرافية

أجمع مشاركون في ندوة علمية نظمتها مؤسسة "صناعة الغد" بعنوان: حوادث الطرقات: المشكلة والحل برؤية استشرافية، على أن حوادث المرور ليست مجرد إحصاءات تدرج في التقارير الرسمية، بل هي قضية تمس سلامة الأفراد، ما يستدعي اعتماد رؤية وقائية واستباقية بدلا من الاكتفاء بمعالجة النتائج.
نسرين بوزيان
وقد نظمت الندوة بالمدرسة العليا للشرطة "علي تونسي" بشاطوناف في العاصمة، بالشراكة مع مديرية الأمن العمومي، وبحضور إطارات من وزارات الداخلية والجماعات المحلية والنقل، إلى جانب ممثلين عن قطاعات أخرى معنية.
في كلمته خلال الندوة، أكد ممثل مديرية التكوين بالمديرية العامة للأمن الوطني، مراقب الشرطة دحماني رشيد، أن هذه المبادرة تأتي في سياق الاستجابة للواجب الوطني والإنساني، لمواجهة ظاهرة حوادث المرور التي أصبحت تشكل تهديد يوميا لحياة المواطنين، وما تخلفه من خسائر بشرية واجتماعية واقتصادية فادحة.
واعتبر أن حوادث المرور ليست مجرد إحصاءات تدرج في التقارير الرسمية، بل هي قضية تمس حياة الناس وسلامتهم، موضحا أن معظم الحوادث ناتجة أساسا عن غياب اليقظة المرورية، ما يجعل الرؤية الاستباقية ضرورية، بحيث يتم التركيز على الوقاية ومنع وقوع الحوادث بدلا من الاكتفاء بالتعامل مع نتائجها.
وأشار إلى أن الحلول لا يجب أن تختزل في تشديد العقوبات أو رفع عدد الدوريات الأمنية، بل يجب أن تبنى على ثقافة مرورية راسخة، ينشأ عليها الفرد منذ الصغر، من خلال برامج تعليمية وتكوينية منتظمة، تغرس الوعي بقواعد السلامة المرورية. وأكد على أهمية اعتماد معايير أكثر صرامة في منح رخص السياقة، إلى جانب الاستفادة من التقنيات الحديثة مثل أنظمة مراقبة السرعة الذكية، وأجهزة مساعدة السائق، واستعمال مركبات مزودة بمواصفات أمان عالية.
وفي ختام كلمته، شدد مراقب الشرطة دحماني على أن السلامة المرورية خيار استراتيجي، واليقظة سلوك ثقافي ينبغي تعزيزه لدى الجميع.
من جانبه، قال رئيس مؤسسة "صناعة الغد"، بشير مصيطفى ، أن الرؤية الاستشرافية التي تشتغل عليها المؤسسة لم تتغير منذ إطلاق منظومة اليقظة المرورية سنة 2017، ولفت إلى أن الأرقام والإحصائيات لم تتغير نحو الأفضل، بل زادت سوءًا، ما يجعل من حوادث المرور ظاهرة اجتماعية متفاقمة.
واعتبر مصيطفى أن الأسباب الرئيسية للحوادث لا تزال مرتبطة بالعامل البشري بنسبة تفوق 96 بالمائة، بينما تعود النسبة الباقية إلى أعطاب تقنية في المركبات أو إلى سوء وضعية الطرقات، وهو ما يحتم اعتماد منهجيات أكثر تقدما في إدارة الملف، تقوم على الذكاء الاستباقي والمعرفة الدقيقة.
كما اقترح إنشاء خلية وطنية لليقظة المرورية تضم قطاعات الداخلية والنقل والأشغال العمومية والتربية، تكون مهمتها تحليل البيانات واستشراف المؤشرات الخاصة بحوادث المرور على مدى 15 سنة، بغية صياغة سياسات بعيدة المدى وفعالة.
وفي إطار المعالجة الشاملة للظاهرة، دعا إلى إعادة هيكلة مناخ النقل في البلاد، من خلال إعادة النظر في مواقيت العمل بالإدارات والمدارس والجامعات، عبر تبني نظام المداومة المستمرة على مدار 24 ساعة، بما يسمح بتقليل الضغط على الطرقات.
وفيما يتعلق بالإجراءات الآنية، أوضح مصيطفى أن الوضع يتطلب تعزيز الرقابة الميدانية على الطرقات، تشديد شروط الحصول على رخصة القيادة، تقنين استعمال الدراجات النارية، إطلاق نظام مخالفات يعتمد على النقاط، تسهيل استيراد قطع الغيار، فرض قيود على الحافلات القديمة، وتحسين نظام صيانة الطرق، بالإضافة إلى تفعيل آليات المحاسبة على مستوى هياكل أمن الطرقات، ودعم الجمعيات الناشطة في مجال السلامة المرورية، وإنشاء خلايا يقظة عبر مختلف الولايات والدوائر والبلديات.
أما في ما يخص النظرة الاستشرافية بعيدة المدى، فقد دعا إلى إطلاق مشاريع تشييد مدن جديدة مهيأة بنيويا لتقليل الحوادث، وتطبيق أنظمة مرور ذكية، واستعمال الذكاء الاصطناعي في مراقبة الطرقات، وإدماج السلامة المرورية في المناهج التعليمية والتكوينية.
وفي تصريح خاص ل " بركة نيوز" أكد المدير الفرعي للإعلام والإحصائيات بالمديرية العامة للحماية المدنية، نسيم برناوي، على أهمية هذه الندوة التي اعتبرها خطوة جدية نحو البحث عن حلول واقعية ومستعجلة من خلال دراسات ميدانية واستطلاعات علمية. ولفت إلى أن الأرقام المسجلة خلال الأسبوع الماضي فقط كانت صادمة، إذ تم تسجيل 28 حالة وفاة وأكثر من 1000 جريح، ما يستدعي تحركا تقنيا وفوريا للحد من هذه المأساة، خاصة فيما يتعلق بحوادث النقل الجماعي.