63
0
منتدى الذاكرة يعيد صدى مظاهرات 11 ديسمبر بتكريم المجاهد محمد بوسماحة

إحياءً للذكرى الخامسة والستين لمظاهرات 11 ديسمبر 1960، نظمت جمعية مشعل الشهيد، بالتنسيق مع جريدة المجاهد وجمعية 11 ديسمبر، اليوم الأربعاء، منتدى الذاكرة تحت عنوان: "الصدى الإعلامي والديبلوماسي لمظاهرات 11 ديسمبر 1960".
شروق طالب
استهلت أشغال المنتدى بكلمة رئيس جمعية مشعل الشهيد، محمد عباد، الذي أكد على الأهمية التاريخية والوطنية لمظاهرات 11 ديسمبر، معتبرا إياها محطة حاسمة أسهمت في إظهار قوة الالتفاف الشعبي حول الثورة، وترسيخ صوتها على المستويين الإعلامي والديبلوماسي، بما عجل بفرض خيار الاستقلال على فرنسا الاستعمارية.
مظاهرات 11 ديسمبر… وعي شعبي فجر لحظة تاريخية
من جهته، افتتح الأستاذ والباحث في التاريخ وسيناريست فيلم "مصطفى بن بولعيد" صادق بخوش مداخلته بالاستشهاد بمقولة الشهيد العربي بن مهيدي: "ألقوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب". وأوضح أن هذه المقولة تلخص الروح الجوهرية للثورة الجزائرية، التي لم تكن حدثا طارئا، بل ثمرة وعي شعبي متراكم بأهمية تحرير الأرض والإنسان.
وبين بخوش أن مظاهرات 11 ديسمبر 1960 كانت نتيجة هذا الوعي المتصاعد، وجاءت كرد مباشر على مشروع ديغول الذي حاول تقديم حلول سياسية ظاهرها الاستقلال وباطنها تكريس الهيمنة الفرنسية.
فقد انطلقت الشرارة من عين تموشنت قبل أن تمتد نحو العاصمة وبقية ولايات الوطن، في هبة موحدة رفعت صوت الرفض الشعبي للمخططات الاستعمارية.
ويرى الباحث أن هذه المظاهرات شكلت "منعطفا حقيقيا " في مسار الثورة، إذ أظهرت وحدة الجزائريين خلف جبهة التحرير الوطني، وحولت القضية الجزائرية إلى حدث عالمي بارز، نقل صوته إلى الرأي العام الدولي، ما أحرج فرنسا في العديد من المحافل الإعلامية والديبلوماسية.
ويضيف بخوش أن الزخم الشعبي منح الحكومة المؤقتة دعما سياسيا قويا، وأجبر فرنسا في نهاية المطاف على التوجه نحو خيار التفاوض، مؤكدا أن مظاهرات 11 ديسمبر كانت "صوت الشعب الذي لا يُهزم"، وأنها مهدت الطريق لمفاوضات إيفيان وما تلاها من خطوات نحو الاستقلال.
محمد بوسماحة… القائـد الذي أفشل مؤامرة خطيرة وحمى مسار الثورة
ومن جهته قدم المجاهد بوعلام شريفي قراءة في مسيرة المجاهد محمد بوسماحة، المعروف بـ"محمد البرواقي"، مؤكدا أنه كان أحد أبرز الوجوه الثورية التي جسدت الشجاعة والانضباط في فترة دقيقة من عمر الكفاح المسلح.
وأوضح شريفي أن بوسماحة نجح في التوغل داخل العاصمة في وقت كانت فيه إحدى أكثر المناطق تشديدا من قبل قوات الاحتلال، وهو ما يعكس جرأته وقدرته على تنفيذ مهام عالية الحساسية داخل معاقل العدو.
وبفضل حنكته، استطاع رفقة مجموعة من المناضلين إحباط مؤامرة خطيرة كانت تستهدف إضعاف الصوت الثوري من الداخل، وهي مؤامرة حسب شريفي كانت لتحدث فراغا قد يسمح للعدو بإعادة رسم مسار الثورة.
كما أشار المتحدث إلى الدور السياسي والديبلوماسي الذي اضطلع به بوسماحة خلال فترة مفاوضات 1961، حيث ساهم في توحيد الجهود الداخلية والخارجية وفي حماية الثورة من محاولات الاختراق في مرحلة حساسة.
ويتوقف شريفي عند محطة حاسمة قبل الاستقلال بشهر واحد، حين قاد بوسماحة حركة احتجاجية منظمة داخل العاصمة، جسدت قوة التعبئة الشعبية وأكدت للمستوطنين أن العودة إلى الوراء لم تعد ممكنة.
وقد خرج الجزائريون حينها في مظاهرات عارمة حاملين رايات جبهة التحرير الوطني، في مشهد عبر بوضوح عن نضج الوعي الوطني واقتراب لحظة الحسم.

