51
0
مقتطفات من حياتنا اليومية...واقع نعيشه و مواقف تستدعي استخلاص العبر

بقلم مسعود قادري

المتقاعدون والمعاشات :
" اللي يستنى خير من اللي يتمنى ..؟"
هذا مثل شعبي من امثالنا الكثيرة التي استنبطها السلف من طبيعة الحياة ومتاعب الدنيا ومعناه أن من ينتظر قدوم شيء أو حدث يهمه، خير ممن يأمل وقوع نفس الشيء دون سبب أو مصدر...؟..
سنة 2025 كانت بالنسبة للمتقاعدين سنة انتظار فرج لم يأت رغم الوعود الكثيرة والتصريحات العديدة في مواقع الكترونية بزيادات محترمة في معاشات المتقاعدين تدخل حساباتهم هذه السنة بداية من شهر ماي المعتاد لرفع المعاشات ، وبقي المتقاعد المسكين ينتظر الشهر تلو الآخر ولا خبر ولا زيادة قليلة أو كثيرة، فهو يراقب حسابه الجاري كل موعد، لكن لا جديد، فكل ما قيل وما يقال مجرد ريح في الشباك ؟!فحتى النسب الضعيفة التي كانت تصب كل شهر ماي في المعاشات الضعيفة لا تكفي حتى لشراء دجاجة واحدة لعائلة متوسطة ومع ذلك يتم اقتطاعها من التجار بزيادة أسعار غير مخططة ومبرمجة لكنها تشم رائحة الزيادة في المعاشات فترتفع قبل وصولها الجيوب...!.
فهاهي الزيادات الثابتة سنويا تغيب هي الأخرى بدعوى انتظار ما هو أفضل منها بكثير.. ومرت الأشهر تتوالى وتتسارع ولم يأت هذا الضيف الذي وعدوا به وأكثروا من حوله الكلام حتى كأن هذه الزيادات التي لا تقارن بما يأخذه المحظوظون في البلاد من مرتبات وعلاوات ومعاشات ستتسبب في أزمة مالية وطنية تدفع الدولة إلى الاستدانة..؟ ومع أنها قطرة في بحر مقارنة بما يصرف وصرف عن مشاريع توقفت بعد أن بلعت ما بلعت من الملايير الممليرة من الدينار واليورو والدولار وعملات أخرى.. وما خفي أعظم ..؟؟

قانون المرور ومعالجة القضايا الجوهرية
أصلحوا النفوس يصلح حال الطريق وما يتبعه !؟..
عندما يسمع مستعمل الطريق في الجزائر، أن هناك مساعي من الحكومة بتعديل جديد في قانون المرور بهدف التخفيف على الأقل من الحوادث المميتة التي تتسبب فيها الطريق يوميا ملحقة المآسي بالكثير من العائلات ومخلفة وراءها مصائب اجتماعية واقتصادية كبيرة للمواطنين والدولة على السواء.؟. الخبر في حد ذاته يدعو للاستبشار والفضول ، لعل الجديد فيه فائدة ومنفعة للبلاد والعباد .
لكن عند متابعة العروض المقدمة عن مسببات هذه الخطر اليومي، يركز المشرع الأساسي الذي هو الإدارة المعنية بالنقل والطريق على تحميل السائق المسؤولية الكبرى ويوضع على رأس قائمة المتسببين في الحادث بمجمرعة من المسببات : الإفراط في السرعة ، عدم احترام قانون المرور ، السياقة في حالة غير طبيعية كالسكر وتناول بعض المؤثرات العقلية ــ وما أكثرها في زماننا ..؟ـ إلى جانب التعب والتهاون وقلة النوم والمبالغة في استعمال الهاتف النقال التي تفقد التركيز وما إلى ذلك من الأسباب المتعلقة بالإنسان بالدرجة الأولى... هذه كلها حقائق لا جدال فيها ، لكن هناك عوامل أخرى سببها الإدارة بالدرجة الأولى التي تخرج نفسها من العملية كالشعرة من العجين مع أن الكثير من مصائب الطريق تأتي من تقصير مصالحها المكلفة بتعبيد وإصلاح الطرقات التي أنفقت عليها أموالا طائلة لتبقى دائما غير صالحة لنقص في معايير الإنجاز المتعارف عليها دوليا والتي تفقدها بعض مصالح المراقبة معناها لاعتبارات ذاتية لا تراعي المصلحة العامة أولا، وما ينجر عن التقصير وسوء التقدير من مخاطر على الإنسان ثانيا ...
فما إن يصلح عيب في مكان ما من الطريق ، إلا ويظهر آخر أخطر قريبا منه ، وكأن مصالح مراقبة تنفيذ المشاريع على جميع المستويات تصادق على الإنجاز دون مراقبة أو تدقيق، مع أن ممثلي هذه المصالح يتقاضون مرتبات من أجل التدقيق ورفض كل إنجاز ناقص حفاظا على حياة البشر وأموال الشعب .. !؟.. الأمثلة في الواقع حية ومعيشة يويا في الطريق السيار وفي الطرق السريعة التي لم يعد بعضها صالحا للسير على كثير من المحاور وتتسبب دائما في ازدحام عجيب في أوقات الذروة وأيام العطل بالخصوص...!
ثم إن الطرق ( الشوارع ) داخل المدن والقرى سواء الضيقة جدا أو الواسعة، لم تعد المصالح المختصة ليتصرف فيها بعض المواطنين كما شاءوا وفق مصالحهم الذاتية. فهم لا يتركون حق الطريق عند البناء بداية ، ويضيفون عليها ممهلات وحفر لإعاقة حركة المرور والتسبب في أضرار مادية لمستعملي الطريق بنوعية الممهلات غير القانونية التي يضعونها أمام مساكنهم بدعوى حماية لأبنائهم الذين يفترض أن يربوهم على احترام الطريق والابتعاد عن مسالك السيارات بدل من تعطيل الآخرين ـ تهرب ذكي من المواطنين من مسؤولياتهم التربوية والاجتماعية والحضارية . !..
النقطة المهمة التي تطلب سهرا تربويا كبيرا من خلال حملات التوعية والتحسيس للمواطنين في المدن على احترام قوانين المرور والالتزام بالمعابر الخاصة بالراجلين والتوقف عند الأضواء المنظمة للحركة بدلا من المرور في أي وقت وكيفما شاء الراجل ثم يحمل السائق مسؤولية الحادث عند الوقوع لا قدر الله...
كما أود الإشارة إليها هنا إلى تأخر الإدارة في تطبيق تعليمات الرئيس الخاصة بضرورة التعجيل باقتناء عجلات السيارات من كل نوع تفاديا لكثير من المخاطر التي يسببها القديم جدا منها للسائقين ومستعملي الطريق عموما ـ وقد أعلن قبل أمس عن الشروع في الاستيراد ـ وهو ما يضع حدا للجشع الذي فرضه تجار العجلات الذين ضاعفوا أسعارها إلى ما فوق المعقول ، بل ربما ساهم غياب العجلات في الوطن ـ إنتاجنا منها لا يغطي الحاجة المتزايدة للسوق الوطنية ـ في حوادث مميتة كثيرة .. نفس الملاحظة بالنسبة لقطع الغيار التي سيطر فيها المغشوش على الصحيح بعد توقف الاستيراد من المصانع الأصلية ففتح المجال لكل المقلدين ببيع قطع مغشوشة بأسعار تفوق بكثير سعر القطعة الأصلية وهي لا تصلح حتى لترقيع العربات التي تجرها الحيوانات..؟ !.. والمرجو هنا ممن يخططون ويشرعون من الإداريين وحتى النواب المحترمين ان يتعاملوا مع القضايا الرئيسة باستشراف مستقبلي بدلا من تشريع أمور يعاد النظر فيها كل عام او عامين.. فليتحمل كل قطاع دوره كاملا ولتسلط العقوبات بصرامة على كل السائقين والمواطنين الذين يتعدون حدودهم في المس بالطريق العام دون ترخيص وإذن من المصالح المختصة، مع ضرورة التخطيط بين الهيئات المعنية، تفاديا للخسائر التي تسببها فوضى المؤسسات العمومية في حفر الطرق متى وأين شاءت ثم تحمل البلدية مسؤولية الإصلاح ..كل من أفسد جزءا يترتب عليه تصليحه أو ترفع قضيته إلى العدالة ..؟ وحتى مصالح مراقبة الإنجاز والشركات المعبدة والمرقعة للطرق عليها ان تتحمل مسؤولياتها أمام الله والقانون وتحافظ على حياة المواطن والخزينة العمومية.
وكما يجب تطبيق القانون بصرامة على السائق والمواطن فكل إدارة يكون لها دور بأي شكل من الأشكال في حوادث سير يسرى على مسؤوليها تطبيق القانون كغيرهم دون تمييز خاصة إن كان النقص مسكوت عنه بسبب الإهمال وسوء التقدير ...

الأرقام القياسية اليومية لليورو..
فأين دينارنا المسكين..؟..
منذ مدة طويلة وأنا أنتظر تحقق نتائج تصريح سبق أن سمعته من مسؤول كبير في الدولة عن قرب تحسن أحوال دينارنا المسكين الذي يمثل شخصيتنا المالية ورمزنا في سوق العملات العالمية ، غير أن الواقع يقدم لي يوميا أخبارا غير التي أنتظرها عن حال دينارنا مقارنة بالعملات الأجنبية خاصة اليورو، بعد صدور قانون النقد والقرض منذ سنتين أو أكثر والذي اعتقدت شخصيا كما اعتقد الكثير من المواطنين أنه سيضع حدا لتغول المتلاعبين بالعملة في السوق الموازية من الذين يملكون امتيازات خاصة تخول لهم الحصول على مبالغ مالية بالعملة الصعبة بوسائلهم ومن مصادرهم الخاصة ليضاعفوا بها متاعب المواطنين المضطرين للجوء إليهم من جهة وزيادة فوائدهم على حساب المستضعفين وعملة الوطن من جهة ثانية.
العملة الوطنية التي أصبحت لا قيمة لها بين أضعف عملات الدول القريبة والبعيدة التي نقول أن وضعنا الاقتصادي خير منها وأنها غارقة في اوحال الفساد والمديونية والضعف الاقتصادي والتجاري و..؟.. والمفروض ـ حسب فهمي الضيق للاقتصاد والمالية، أن تحسن أحوالنا الاقتصادية والمالية ـ حسب المعلن عنه ـ يترتب عنه تحسنا تدريجيا لقيمة العملة بتزامن مع تقلص السوق السوداء وانكماش دورها وتأثيره السلبي على الاقتصاد الوطني.. . أليست العملة جزء من الشخصية الوطنية التي نتغنى بضرورة استعادتها كاملة غير منقوصة رغم كل التناقضات التي تعيق تحقيقها. !؟....

مصالح الضرائب
".. جزار عشاه لفت .."
هذا أيضا مثل شعبي جزائري متداول في كل ربوع الوطن والقصد منه الانسان الشحيح الذي يحرم نفسه حتى مما يملك بين يديه.. هذا المثل ينطبق حرفيا على كل المصالح التابعة لوزارة المالية وفي مقدمتها مصالح الضرائب التي تتعامل يوميا بالملايين وربما بعضها بالملايير، لكن مقراتها ووسائل عملها لا توحي بذلك..، فهي أقل دوائر الدولة اهتماما بمظهرها وأحوال عمالها، التشققات والانكسارات وسواد الطلاء، ميزة مقراتها من الخارج.
أما في الداخل فحدث ولا حرج . بيوت العنكبوت في كل الزوايا والسقوف، التشققات في الجدران الباكية من قدم الطلاء وضيق المكاتب مع كثرم الموظفين وقلة الفاعلين ووسائل العمل حيث يشتكي بعضهم غياب أبسط الوسائل أحيانا.. الورق، الأقلام والحواسيب الضرورية لرقمة العمل وفق المنظور الجديد.
هذه الوسائل إن وجد القليل منها فهي من فضائل بعض البلديات والهيئات العمومية الأخرى التي تمولها الضرائب المحلية.. كل هذا لا يؤثر على عمال القطاع الذين لا يتهاونون في التحصيل الضريبي، وأحيانا يكون الموظف قاسيا على المواطن وكأن الضريبة المفروضة يحصلها لصالحه، ولا عجب إن وجدت أن بعضهم يشتكي من غياب المساواة في العمل والترقية ببعض المديريات. فمصالح المالية فعلا ينطبق عليها المثل المذكور أعلاه «جزار وعشاه لفت"..

التعاون الجزائري الفيتنامي
الاستفادة من تجربة فيتنام في النمو الاقتصادي السريع ..
يوجد الوزير الأول الفيتنامي منذ يوم الثلاثاء بالجزائر في زيارة عمل يترأس فيها وفد بلاده للجنة المشتركة الجزائرية الفيتنامية للتعاون مع نظيره الجزائري، وهي اللجنة التي ستركز على ضع الخطوط العريضة وتحديد معالم علاقات استراتيجية متميزة تستمد جذورها من للعلاقات الثورية التاريخية التي تربط بلدين واجها استدمار واحدا.
المستعمر الفرنسي الذي خرج مقهورا من فيتنام بصفعة قوية على أحد الخدين ، قبل ان يلقى نفس المصير في الجزائر ويأخذ صفعة قوية على الخد الآخر !! .. فيتنام التي خرجت من حربها مع فرنسا لتفرض عليها حربا أخرى ضد الولايات المتحدة التي أرادت تقسيم البلد إلى جزئين شمالي ـ اشتراكي ـ وجنوبي ـ رأسمالي يأتمر بأوامر أمريكا ويخدم مصالحها على غرار العديد من الدول التي لا تتنفس إلا باستشارة إدارة واشنطن !!.. فيتنام بعد خروجها منتصرة من حربها الثانية ضد الولايات المتحدة بقيادة الزعيمين هوشي منه والجنرال جياب ، شمر أبناؤها عن سواعدهم كبقية النمور الآسيوية الصاعدة اقتصاديا ليحتلوا مكانة مرموقة في سلم الترتيب للدول التي يسجل اقتصاها نموا متسارعا ويتحسن مستوى معيشة مواطنيها، معوضا بذلك السنوات السود التي فرضت عليه تحت النار والدمار من قبل أبشع القوى الاستدمارية الغربية ..
فالتطور الذي عرفته فيتنام في المجال الاقتصادي لا يخفى على أحد، حيث بلغت نسبة النمو في الربع الثالث من سنة2025، %8.2 في حين يحتمل أن يبلغ الناتج الإجمالي في هذه السنة 440 مليار دولار، دون أن ندخل في تفاصيل نتائج ثورة البناء الحقيقية التي دخلت فيها البلاد منذ بداية ثمانينات القرن الماضي.. وبالمناسبة فيتنام كان اقتصادها اشتراكيا موجها مثل اقتصادنا فحافظت على مكاسب القطاع العام وطعمته بفتح المبادرة للمواطنين القادرين على المساهمة في تطوير البلاد.. فالكل يجد ويجتهد ولا فرق بين العام والخاص مادام الهدف واحد وهو نمو وتطور البلاد وهذا ما نحتاجه في بلدنا..
فالتجربة الفيتنامية وغيرها من التجارب الناجحة اقتصاديا واجتماعيا ، كفيلة بأن نأخذها كنموذج نقتدي به وفق ما يتماشى وقيمنا ومبادئنا.
المهم هو أن نتحرر من التقليد للغرب وخاصة فرنسا التي ستبقينا بعنصرية بعض تياراتنا ، نخطو خطوات متثاقلة لكن للوراء ..وهو ما عانيناه منها في حقبة التسعينيات التي دمرت فيها قدرات البلاد الاقتصادية والاجتماعية والتنموية وضيع فيها الشعب أجيالا من شبابه بفعل تخطيطاتها الجهنمية لإبقائنا تحت مظلتها مادام في الجزائر من يدافع عن مصالحها وثقافتها وما يتغنى بـ "تراثها المكتسب ثوريا ..؟ !"
فرصة شبابنا المتطلع للتطور والرقي هي الاقتداء بالشعوب التي اعتمدت على إمكانياتها وثقافتها لتبلغ العلو .
".فماحك جلدك غير ظفرك...؟ ".. كما يقول مثلنا العربي و" المكسي بشي الناس عريان ..؟ ! " والعبرة بالنتائج والخواتيم .. وليس بالتبعية وتغيير المفاهيم ...

