62

0

مقاربات فلسطينية للهويّة والتربية الإعلامية والأمان الرقمي

ملتقى جامعة بيت لحم الإعلامي الأول

بقلم: جوسلين قسيس

في أجواء فكرية جمعت أكاديميين وخبراء في الإعلام، نظّمت دائرة اللغة العربية، برنامج الإعلام التفاعلي والاتصال في كلية الآداب بجامعة بيت لحم، الملتقى الإعلامي الأول في الجامعة، الذي خصص للإعلام التفاعلي. شكل الملتقى منصة حوارية غنية، حيث تبادل المشاركون رؤى معمقة حول قضايا الإعلام الفلسطيني في سياق التحولات الرقمية والتحديات المعاصرة.

وناقش الملتقى، الذي عُقد الخميس 10 نيسان 2025 في جامعة بيت لحم، ثلاث قضايا محورية تمثلت في الخطاب الإعلامي الفلسطيني والهوية، التربية الإعلامية والذكاء الاصطناعي، والأمان الرقمي، ضمن طرح جمع بين التحليل الأكاديمي والخبرة العملية، وسط حضور لافت من طلبة الجامعة وأعضاء الهيئة التدريسية، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات إعلامية محلية ومؤسسات المجتمع المدني، ما أتاح نقاشاً تفاعلياً ساهم في تعميق الفهم النقدي لقضايا الإعلام الفلسطيني المعاصر وآفاق تطويره في السياقين الوطني والتقني.

وافتُتح الملتقى بجلسة أدارها د. مؤمن البدارين، استُهلت بالسلام الوطني ودقيقة صمت تكريمًا لأرواح الشهداء. تلاه د. خليل عيسى، رئيس دائرة اللغة العربية وبرنامج الإعلام التفاعلي، بكلمة شدد فيها على أن الإعلام ليس مجرد أداة لنقل الأحداث، بل وسيلة لمواجهة محاولات طمس الهوية، مؤكدًا ضرورة ترسيخ السردية الفلسطينية في ظل التحولات الرقمية المتسارعة.

بدوره، أكد د. مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية وضيف الشرف، على دور الإعلام في معركة الوعي، مشددًا على ضرورة استثماره أداة نضال ضد الاحتلال، كما دعا إلى ترسيخ التربية الإعلامية في المناهج لمواجهة التضليل وحماية الرواية الفلسطينية.

تناولت الجلسة الأولى "الخطاب الإعلامي الفلسطيني والهوية"، وأدارها د. زين العابدين العواودة. ناقش د. إيهاب بسيسو، وزير الثقافة الأسبق، مركزية الذاكرة الثقافية في الخطاب الإعلامي، محذرًا من مشاريع الطمس المنهجي للرواية الفلسطينية، ومؤكدًا أن الإعلام يجب أن يُبقي الذاكرة حية وفاعلة. من جهته، سلط عيسى قراقع، رئيس المكتبة الوطنية السابق، الضوء على تداخل الأدب وتجربة الأسر في إنتاج خطاب مقاوم، نابع من المعاناة اليومية ومتجذر في الواقع الوطني، باعتباره رافعة أساسية لحماية الهوية وتعزيز الصمود.

وفي الجلسة الثانية، التي يسّرتها الإعلامية والمحاضرة تمارا أبو لبن، طُرح نقاش معمق حول العلاقة بين التربية الإعلامية والذكاء الاصطناعي في سياق الواقع الرقمي المتغير. حلمي أبو عطوان، من مؤسسة "بيالارا"، شدد على أهمية إدماج التفكير النقدي في التعليم أداة لمواجهة التأثير الخفي للخوارزميات والمعلومات المضللة. أما رهام أبو عيطة، مديرة مرصد "كاشف"، فقدّمت أدوات عملية لرصد التزييف الإعلامي، مؤكدة أن مسؤولية الصحفي اليوم لم تعد تقتصر على نقل الخبر، بل تمتد إلى التحقق من مصدره، وسرعة تحليله، في فضاء يعج بالمعلومات المفبركة.

واختُتم الملتقى بجلسة ناقشت الأمان الرقمي، أدارها أ. هشام اللحام، وشارك فيها إبراهيم صلاحات من مركز الأمان الرقمي التابع لحملة، حيث قدّم قراءة شاملة للمخاطر الرقمية التي تحاصر الصحفيين والنشطاء الفلسطينيين، مشددًا على ضرورة بناء وعي تقني وقانوني يحمي الخصوصية ويواجه المراقبة والاستهداف المنهجي في الفضاء الرقمي.

وجاء هذا الملتقى ليؤكد أن الخطاب الإعلامي ليس مجرد أداة تواصل، بل هو ساحة صراع مستمرة على الوعي والهوية، حيث تُصاغ الحقائق وتُطمس الروايات في عصر تتسارع فيه تحولات الواقع الرقمي. في هذا السياق، يصبح الإعلام أداة أساسية في حماية السردية الفلسطينية، ودفاعًا حيويًا عن الذاكرة الوطنية في عالم يعج بالتشويه والتضليل.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services