30
0
مُجَاهَلَة أم دفع نحو المجهول !

اختيار وتعليق محمد مراح
تستظل فقاقيع صوتية بوقائع طارئة في الهوية، جالبة نحوها شيئا من " القيمة" أوالأهمية الشبكية ، لما اهترأ من العمر أو الحنجرة ، أو المسار في هذا أو ذاك من المسارات الشخصية، فيؤدى " الغزو العربي " و" الغزو الإسلامي" الغرض لهم بأعلى مما يتوقعون.
وأقرب النماذج : مقالات "المحفل الأنديبندنتي "، والمعجم الطوبوميني المسحوب، وحنجرة أدركها التحشرج .
لم يعد هذا التفقع الهَوِيِّيِ مسألة لَغْوَ قول أو فضل رأي ؛ فالأحداث المزلزلة باسم الطائفية والهوية ، التي خطط لها الكيان الصهيوني كما نقلنا سابقا : "، على ضوء إشعاعات مشروع "أوديد إينون "الذي أنجزه في 1982المسؤول عن شعبة التخطيط للدراسات الإسرائيلية للتخطيط بعيد المدى، وقدّمه لشارون جزار صبرة وشاتيلا، تتضمن رؤية تفكيك الدول العربية إلى كيانات طائفية وعرقية صغيرة بهدف ضمان تفوق إسرائيل الإقليمي، وركّزت بشكل خاص على سوريا، مشيرة إلى ضرورة تقسيمها إلى دويلات.
كما ذكر عالم المستقبليات البروفيسور وليد عبد الحي عن نصيحة " يغائيل يادين" نائب رئيس وزراء الكيان سابق، في أطروحة دكتوراه عن الدولة العباسية؛ أننا يجب أن نطبق السبب الأعمق لسقوط الدولة العباسية، وهو الشعوبية؛{العنصرية العرقية } في البلاد العربية والتي دخلت مؤخرا مرحلة الجحيم ، في الشام ، لذا وجب مدّ يد الحزم القانوني الحاسم للعابثين بشرف الشعب الديني واللغوي.
وقد جاء اختيارنا للنص الآتي ذكره ، صوتا للعلم ، ينير الكرامة العقلية للقراء والمواطنين، فتذوب الفقاقيع العابثة .
هيأت أحوال مادية وثقافية الأرضية التي قدر للدولة الإسلامية أن تنشأ عليها، فقد قامت هذه الأحوال على حدث تاريخي هو الفتح العربي المبكر في العصر الأموي.
ففي أقل من ثلاثين عاماً بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في العام 11هـ / 633م كانت الجيوش الإسلامية قد فتحت من جنوب غرب آسيا وشمال شرق أفريقيا البلدان التي كان الإسكندر المقدوني قد احتلها قبل ألف عام.
وبذلك أنهت حكم الأسرة الساسانية الفارسية (224- 651م) التي كانت قد استردت من إمبراطورية الإسكندر البلاد الواقعة إلى الشرق من نهر الفرات، كما استعادت الأراضي التي فتحها الإسكندر في الهلال الخصيب ومصدر، وهي المناطق التي حكمها على التوالي خلفاؤه ثم الرومان ثم البيزنطيون.
إن الإمبراطورية العربية الإسلامية التي نشأت ونظمت حتى العام 113/هـ 732 م على أساس تعاليم الإسلام، قدر لها أن تتسع جغرافيا، من أواسط آسيا وشبه القارة الهندية إلى إسبانيا وجبــال البيرينيه، وأصبح قلب الحضارة الجديدة التي أنشــأتها في مراكز الحضارة القديمة من فارس عبر أراضي الرافدين وبلا الشــام إلى مصر.
إن أهمية الفتح الإسلامي التاريخية تتجلى في توحيد مصر وبلا الشــام والعراق مع فارس والهند سياسيا وإداريا، وما هو أهم من ذلك كسر الحواجز الاقتصادية والثقافية الكبيرة التي فصلت بين بلدان العالم المتمدن لألف عام مضت قبل ظهور الإسلام.
وقد وفرت هذه الفرصة للمواد الخام والمصنوعات والمنتجات الزراعية وأدوات الرفاهية والخدمات والمهارات والتقنيات والأساليب وطرق التفكير والآراء لكي تنتقل بحرية.
ومما يزيد من أهمية الفتح الإسلامي وآثاره المفيدة أنه جاء في أعقاب الحروب البيزنطية – الفارسية المدمرة، التي دارت رحاها بين العامين 570 م و 630 م، والتي خربت المنطقة وحصدت الكثير من أرواح السكان المحليين وأوقعت الضرر بالتجارة.
لقد كانت هذه الحرب مثل معظم الحروب التي قامت بين الفرس والرومان والبيزنطيين من جهة، والفرس من جهة أخرى، بسبب الحواجز الاقتصادية الناجمة عن تقسيم المنطقة إلى شرق وغرب، وبمزيد من التخصص.
جوهر الصراع هو الوصول إلى طرق التجارة الشرقية – الغربية
في السنين التي سبقت تجدد الخصومة بعد وفاة جوستنيان في العام 565 م، سعى سلفه جوستين الثاني {حكم ما بين 565 مو578م}، والذي أدرك في أواسط آسيا للحصول للبيونطيين على مسلك إلى طريق الحرير الشمالي، أي إلى الشمال من بحر قزوين .
ومع أن التجارة أفادت إفادة كبيرة من الاستمرار الذي خلقه الفتح الإسلامي، فإن الزراعة شهدت ثورة جديدة.
لقد كان لإزالة الحواجز بين الهند وفارس وشرق البحر الأبيض المتوسط أثرها البالغ في انتقال ضروب جديدة من الفنون الزراعية ومعرفة الزراعة الكثيفة والاستخدام الوافي للأرض، وتطوير كل ذلك مع قدوم أنواع متعددة من النباتات والخضار والفواكه.
لقد تمتعت التجارة بازدهار مطرد لم تعرفه من قبل، ولكن فائدتها كانت محصورة في طبقات التجار والميسورين.
بيد أن الثورة الزراعية التي حدثت في القرون الأولى بعد الفتوحات الإسلامية هي التي وفرت للدولة الكثير من الثروة التي أفادت منها الطبقات الاجتماعية كلها: الفئات العليا التي امتلكت الأرض وحازت المحصول، والفلاحون والفئات الدنيا التي تحسن طعامها بطبيعة الحال.
ومن نتائج الفتوحات، إدخال صناعة الورق إلى العالم الإسلامي على يد أسرى صينيين في الحرب التي حدثت في العام 134هـ/ 751م، والتي شكلت العامل الأكبر تأثيرا في نشر المعرفة عموماً.
وقد حل الورق محل المواد الكتابية السابقة، وفي بداية الفترة العباسية تبنته وفرضته النخبة الحاكمة، ثم طورت أنواعا مختلفة من الورق ..
إن إزالة الحواجز بين شـــرق بلاد الرافديـــن وغربها بعد الفتح العربي أدى على نحو طبيعي إلى تطور كبير في الوضع السياسي والثقافي العام، فقد اتحدت مناطق وشعوب كانت واقعة تحت تأثير الثقافة الهيلينية منذ سنين مضت منذ أيام الإســكندر المقدوني. كما أدت إلى عزل البيزنطيين سياسياً وجغرافياً، أي عزل المسيحيين الأرثودكس الخلقيدونيين الناطقين باليونانية.
ولهذا الأمر أهميــة من اتجاهين رئيسيين: الأول، نظراً إلى أن سياســات الأرثوذكسية القسطنطينية وممارســاتها اللاهونية الإقصائية هــي التي كانت الســبب في خلق الانشـــقاقات الكنســـية، وأدت هذه إلى شـــرذمة دينية بالنســـبة إلى المسيحيين الناطقين بالســـريانية. فقد انتهى الأمر بالنســـاطرة أن خرجوا إلـــى بلاد فارس.
وأتت الإزالـــة الفعلية في الدولة الإسلامية في صدر الخلافات والتشتت الثقافي هذا، ثم توحيد الجميع تحت إمرة سيد محايد، أي الدولة الإسلامية، ليفسحا في المجال أساس تواصل ثقافي كبير وجديد. والاتجاه الثاني هو، أن عزل البيزنطيين السياسي والجغرافي أدى أيضا إلى حماية هذه الجماعات المسيحية التي كانت تعيش تحت الحكم الإسلامي وسواهما من الشعوب «المهلنية» في الدولة الإسلامية، من الانزلاق إلى المظلمة والعداوة للثقافة الهلينية على النحو الذي أصاب البيزنطيين في القرنين السابع والثامن. .
أنتوني بلاك ؛ الغرب والإسلام ، مقدمة المرتجم : د. فؤاد عبد المطلب . ص،ص 12،13،14.
والآن فالمجاهلة والإساءة والمجهول باتت جميعا معلومة من الأمن الاجتماعي و الوطني بالضرورة