300
0
معرض المرأة الريفية ...فضاء يستقطب هواة الحرف التقليدية الجزائرية الأصيلة
المحافظة على الموروث الثقافي الجزائري بات محل طلب في الخارج، ناهيك عن مساهمته في خلق الثروة و الدفع بعجلة الاقتصاد الوطني من خلال إدماج اليد العاملة النسوية في مجال الشغل و خلق مشاريع مصغرة.
نزيهة سعودي
و في هذا الصدد توجهت بركة نيوز إلى بعض الحرفيات خلال تغطية معرض المرأة الريفية المنظم من طرف وزارة التضامن و الأسرة و قضايا المرأة، ذلك من أجل التعريف بمنتجاتهن، باعتبار التظاهرة شكلت فرصة لمشاركات قادمات من مختلف ربوع الوطن.
فن الكونكريت... حرفة جديدة تكتسح عالم الحرفيين في الجزائر
الوجهة الأولى كانت للسيدة بوزقزق زليخة صاحبة مشروع من بلدية ولاد شبل ولاية الجزائر، هاوية لفن الكونكريت المعروف بكثرة في مصر و السودان، تلقنت الحرفة عن طريق تصفحها عبر قناة اليوتوب شدت انتباهها هذه الحرفة، عند مشاركتها ذات مرة في دورة خاصة بالأكسسوارات و الشموع حيث التقت مع أحد المشاركات تتقن فن الكونكريت.
عن المادة الأولية لهذه الحرفة تقول محدثتنا أن الكونكريت تصنع من خلال القوالب، الجبس و الماء و الغراء الأبيض فقد كان صعب تعلمه في البداية و لكن بعد الدورة الثالثة تحسنت الأوضاع و أصبحت شغوفة بهذه الحرفة.
من أهم سر نجاح هذه الحرفة -حسبها- هو قياس و طريقة خلط الجبس بالماء لهذا تقول إن الكمية و الإتقان يلعبان دور كبير، كما يتطلب هذا العمل ماء الحنفية.
مادة الجاسموني هي الأخرى يستعان بها في إنتاج هذه الأجسام، و هو ينافس الجبس حيث ظهر مؤخراً و هو سريع التماسك و صلابته أكثر من الجبس متواجد في الجزائر إلا أن سعره باهض الثمن.
أما عن سيرورة عملها و تقبل الزبائن لهذا الفن تقول السيدة زليخة "حاليا أنا في بداية مشروعي لم آخذ طلبات من الزبائن، لأن المنتوج الواحد يحتاج مواد عديدة كالجبس و القالب، و كذا العازل يعني ( الورنيش المائي نسبة لطلاء الأضافر) يأتي على شكل حليب و هو مادة غير قابلة للزوال في المجسم الذي تم القيام به".
أما عن التشطيبات الأخيرة و أدوات التزيين و تقنيات أخرى، أوضحت بوزقزق أنها تحتاج جهد و وقت و هي من بين التحديات التي تعيق هذا العمل و بالإضافة إلى منطقة السكن التي تبعد عن المحلات المختصة في بيع هاته المواد بكثير.
و أضافت في هذا السياق "كما ساعدني العديد من المجموعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر و السودان اقتسبت منهم تقنيات عديدة باعتبارهم يملكون خبرة في هذا المجال و لديهم ورشات و محلات لتعليم هذه الحرفة".
و عن الدورات التكوينية، حالياً في هذا المجال تسعى السيدة زليخة لتصبح مكونة لهذا الفن من خلال دورات تكوينية للكبار و الصغار للاتقان و الإبداع في هذه الحرفة و التفاعل مع هذه المواد خاصة للأطفال الصغار.
في الأخير ثمنت محدثتنا جهود وزارة التضامن على دعمها للمرأة الريفية بالمشاركة في مثل هذه المعارض و التعرف على أصدقاء و الاحتكاك بهم.
أما عن فكرة المشروع تقول " أن هذا المشروع فريد من نوعه و غير معروف في الجزائر و الحمد لله استطعت الإبداع فيه و أكيد المداومة و الاستمرار و التخلي على الأمور الثانوية في الحياة هو سر النجاح و العمل و المثابرة".
مشروع دار جدي... حرفة تبرز أصالة الدوم الجزائري
وجهة أخرى قادت جريدة بركة نيوز إليها و هو مشروع "دار جدي" و في هذا الإطار أكدت السيدة رشيدة بن زرودة من ولاية بومرداس حرفية في الدوم و السلل أنه يتم صنع قفة الدوم من مادة أولية تسمى الدوم و هي نبتة تنتشر في مناطق البحر الأبيض المتوسط والمناطق السهبية الشبه جافة يتم قطفها في أوقات معينة، ثم تجفيفها في الشمس لمدة 15 يوم إلى غايه جفافها كليا، ثم يتم صباغتها بمادة أولية عن طريق تسخين الماء و وضع المادة الملونة فيه ثم وضع الدوم داخله و تركه ليجف ليأخذ بعدها ألوان زاهية أغلبها الأخضر، الوردي والبنفسجي.
و عن الهدف من المشاركة تقول بن زروظة "هو إبراز منتوجنا باعتباره تراث أصيل ليتعرف عليه الجزائريين و الوفود القادمة من الخارج، كما يعرف إقبال كبير و فيه طلب كبير على المنتوجات باختلافها".
تروي محدثتنا كيفية الحفاظ على هذه المادة و طرق صناعتها، فبعد السنوات الأخيرة التي عرفت نقص في تساقط الشتاء يتم سقيها في المراعي و المزارع، تتم عملية صناعة القفة بطريقة يدوية عن طريق ضفر الدوم على شكل شريط عرضه من 7 إلى 10 سنتمتر و طوله من 3 إلى 5 أمتار حسب حجم القفة المراد إنتاجها وتستعمل فيه الألوان بدمجها في الشريط تستغرق العملية من 6 إلى سبع ساعات متواصلة من العمل اليدوي يتم تدوير و لف الشريط عن طريق شريط رفيع من نفس المادة،يستغرق أيضا حوالي الساعة من العمل اليدوي باستعمال عود من الخشب.
و تابعت "كما يتم بريه من الأمام وثقبه من الخلف ليصبح على شكل إبرة كبيرة وتستغرق عملية الخياطة حوالي ساعة من العمل اليدوي أو أكثر حسب حجم القفة يتم بعدها إضافة يدين للقفة من نفس المادة عن طرق صنع شريطة بطول 5 أمتار أيضا يتم لفها لتصبح على شكل يدين تحمل منهما القفة"..
من خلال المعرض دعت السيدة بن زرودة من مديرية الغابات في المساعدة على المحافظة على هذا النوع من النباتات وسقيها، لكي لا يزول هذا المنتوج، بحيث يتم إنتاج من خلالها قفف الروضة لأخذ لمجة الأطفال الصغار، سجادات، حمالة مزهرية للتزيين، قفة جدي للتسوق، قفة حمام العروس، بالإضافة إلى مضلات الصيف و غيرها.
كم تطمح صاحبة مشروع "دار جدي" لفتح ورشة لتقديم دورات تكوينية للنساء الماكثات في البيت و كذا لذوي الاحتياجات الخاصة بشرط أن تتلقى الدعم من السلطات لحصولها على مساحة تقوم فيها بالدورة.
الرسم على المحامل...حرفة تستقطب الشباب و المراهقين
و من جهة أخرى تقوم السيدة مليكة جنادي صاحبة مشروع "maison des cadeaux"، بالرسم على كل المحامل وهي ناشطة منذ 20 سنة في هذا المجال، فرغم أنها أستاذة علوم متقاعدة، إلا أنها تعشق حرفتها حيث ترسم على الزجاج و الفخار و الأدوات المنزلية.
كما تقدم دروس خاصة و دورات تكوينية للنساء الماكثات في البيت و العاملات، بالإضافة إلى ورشات مجانية للأطفال عن طريق عدة جمعيات و مدارس خاصة.
بالنسبة لهذا النشاط الذي يخص حرفة قديمة تحافظ على الأصالة الجزائرية مثل القصبة، إلا أنها -حسب محدثتنا- لم تكن مشهورة بل وأضاف فيها لمستها الخاصة و المعاصرة، إلى أن أصبحت ترسم على الزجاج.
و بالنسبة للمادة الأولية تقول جنادي " نجدها خاصة في المواقع أو مؤسسة تيكنو، بعض اللوحات تستغرق من اسبوع إلى 15 يوم، و أعمال أخرى أكثر من ذلك على حسب الميزة و اللوحة التي يتم رسمها".
لدى السيدة مليكة بطاقة حرفي منذ 13 سنة حاليا تعمل على مشروعها المصغر، و تهدف مستقبلاً إلى الترويج لهذه الأعمال خاصة للجيل الصاعد لأنه بالنسبة للمرأة أو الطفل راحة البال تبعد عن الضغوطات النفسية و المشاكل الاجتماعية.
بالحديث عن الشباب جيل المستقبل تزعم الحرفية مليكة أن المراهقين اليوم لديهم وسائل أكثر متاحة لهم، و الحرفة محبوبة جدا لديهم و تستقطب هذه الفئة بكثير مثل الرسم على الفحم، الزجاج، المادة المائية و الزيتية و كذا على النجوم و الأوراق لهذا لديهم فرص أكثر من تلك التي أتيحت لنا سابقا".
لوحات تعبر عن عادات و تقاليد الجزائر
و من جانب آخر و عند حديثنا عن الأعمال التي رسمتها السيدة مليكة توقفت عند لوحة قامت برسمها و التي فيها 5 تقنيات، حيث أكدت أن اللوحات ليست مثل بعضها كل واحدة حسب لمسة الرسام و كيف يمكنه أن يبدع في اللوحات.
بالإضافة إلى ذلك قدمت بعض اللوحات المعبرة على عادات و تقاليد الجزائرية في ال48 ولاية انطلقت من لوحة تمثل المرأة القبائلية المشهورة بالأعمال المنزلية كفتل الكسكس و اللباس التقليدي القبائلي للرجل الجزائري، لاسيما اللباس التقليدي الجزائري و التلمساني و غيرها من الألبسة لأن كل ولاية لديها لباس الخاص و هذا ما نفتخر به.
شاركت في عدة معارض مؤخرا و الأخيرة معرض القصبة بدار السرطان أين برزت لوحاتها و ثمن الإطارات الحاضرين عملها على غرار معارض أخرى في ولايات مجاورة، فكل معرض حسبها يزيد إضافة و قوة للتعارف و تبادل الخبرات و الأعمال بين الحرفيين للتطور أكثر في حرف أخرى.
الغرافيك ... إبداع فردي لطباعة اللوحات الإعلانية
و من ناحية تطوير مجال الغرافيك نوهت هي الأخرى، السيدة صفية عليش صاحبة مشروع "afou pub" متحصلة على شهادة تقني سامي في الغرافيك، تعمل في بلدية سحاولة بالجزائر العاصمة، أسست وكالة تخصص في مجال الطباعة و كل ما يتعلق الإشهار.
انطلقت في مشروعها منذ سنتين حيث أشارت إلى أن المجال يتطلب الابداع خاصة في اللوحات الإعلانية فمن الضروري على مطور أن يبدع بخياله الواسع، لأن الزبون عندما يطلب الاشهار لمحله هذا يعني أن.لديه ثقة عالية و هذا ما يستوجب المسؤولية و العمل المتقن، لأن اللوحة ممكن أن تكون 50% من مشروع ذلك المحل.
و عن صعوبة هذا المجال تقول محدثتنا أن هذا المجال صعب نوعا ما لأن بعض الزبائن ذوقهم عالي و نحن في خدمة الجديد، و أضافت بأن الهدف من المشاركة في المعرض هو إيصال فكرة الإشهار خاصة و أن كل مشروع يحتاج لإشهار و كذا التعرف على مجال الجرافيك.
و باعتبارها من ذوي الاحتياجات الخاصة، أشادت عايش بدور السلطات المحلية الداعمة لها خاصة بعد تكريمها ذات مرة من طرف الوزير الأول.
و بخصوص بفئة الشباب و علاقته بهذا المجال قالت " هذا المجال يستقطب فئة الشباب لأن الشاب يخلق أفكار جديدة و إبداعية و يستوعب طرق التعامل عبر الانترنت و إتقان العمل بطريقة إبداعية مختلفة عن اللوحات الأخرى".
صناعة المربى بالفواكه الطبيعية... مثال المرأة الجزائرية المحافظة
آخر مشروع التقت به جريدتنا فريد من نوعه يعبر عن أصالة المرأة الجزائرية، و في هذا السياق عرضت عصمان نعيمة صاحبة مشروع "confiture de demain" بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الريفية مختلف أنواع المربى بالفواكه الطبيعية و القليل من السكر، غايتها التعريف بمشروعها لبيعه و تصديره إلى الخارج، ثمنت هذه الفرص كالمعارض التي تتيحها الدولة الجزائرية.
وجهت رسالة لكل مرأة ماكثة في البيت بالانطلاق نحو الأمام في مختلف المشاريع خاصة مع توفر المنتوج و الدعم من السلطات، كما شاركت في ولاية وهران عدة مرات في تظاهرات مع وزارة السياحة و الصناعة التقليدية و كذا في المناسبات الوطنية و الاعياد، سعيا من خلال هذه المشاركات للترويج لمشروعها و المشاركة في معارض خارج الوطن.
و بالنسبة لعادات و تقاليد الجزائر المختلفة و المتنوعة دعت كل فتاة أو امرأة ماكثة في البيت إلى تحدي العوائق والقيام بمثل هذه المشاريع الصغيرة خاصة و أن الدولة تدعم مثل هذه الأفكار التي تبرز ثقافة الجزائر.
و عن أسعار المربى تقول محدثتنا " بما أن الفاكهة في هذه الأيام تعرف ارتفاع في أسعارها، مثلاً سعر علبة مربى الليمون يتراوح ما بين 700 دينار جزائري إضافة إلى أنه طبيعي و قليل من السكر، كما يتم صنع المربى لمرضى السكري ".
للإشارة فقد افتتح المعرض من طرف العديد من المسؤولين وعلى رأسهم وزيرة التضامن الوطني و الأسرة و قضايا المرأة كوثر كريكو، و وزير السياحة و الصناعة التقليدية، و أيضاً وزيرة البيئة و الطاقات المتجددة، حيث فتح أبوابه للزوار ومحبي التراث التقليدي، بهدف التقرب من الحرفيات باختلاف مشاريعهن من صناعة الصابون و مواد التجميل الطبيعية، الماكرامي و الفتول، الألبسة و الجلود و صناعة الخزف و الحلي التقليدية و العصرية و غيرها من الحرف التي لاقت اهتمام كبير من طرف الزوار الذين أثنوا على إبداعات المرأة الجزائرية الأصيلة.