183
1
لماذا أنتخب تبون؟
نورالدين جودي
إن التهديدات التي تثقل كاهل بلادنا والمؤامرات الحقيقية التي تستهدف المرشح المستقل عبد المجيد تبون، تناديني وتجبرني على الخروج عن صمتي.
إن واجب التحفظ الذي كان مفروضا على وضعي كأحد قدماء الدبلوماسية الجزائرية لم يعد قائما، ولابدّ ان يتلاشى أمام التزامات الوحدة الوطنية للدفاع عن منجزات ثورة أول نوفمبر 1954.
ليس لدي سوى أن أعرب عن الاحترام والتقدير للمرشحين الثلاثة للمنصب الأعلى، ولا شك في صدق وعودهم.
لكن التجربة واستخدام العقل الناجم عن انتمائي إلى جيل الكفاح المسلح التحريري، وهو جيل أحرقته الوعود التي لم يدعمها عمل ملموس من الأحزاب السياسية قبل إنشاء جبهة التحرير الوطني في عام 1954، يعني أنني الآن أسترشد سبيلي من قولين مأثورين من الحكايات التراثية والحكمة الشعبية: "لا تترك الفريسة أبدًا من أجل الظل" و"التمسك خير من الركض".
أمام وعود اثنين من مرشحي حزبين بشكل جَليّ، وهو أمر لا يمكنني الشك فيه بشكل مسبق، يقدّم المترشح تبون أولاً تقييماً إيجابياً للغاية، استناداً إلى إخلاصه للوعود والالتزامات التي قطعها على نفسه أمام الشعب خلال حملته الرئاسية الأولى. نقطة أساسية أخرى: أن المرشح تبون، الذي لا ينتمي إلى أي حزب، أثبت نفسه طوال فترة ولايته الرئاسية كرئيس لكل الجزائريين دون أي إقصاء.
إن الاستقبال الشعبي الحماسي الذي لقيه في قسنطينة، كما هو الحال في وهران أو تيزي وزو أو جانت، هو أفضل دليل على أن الشعب يقدّر تقديرا كبيرا ما قام به المترشح الرئيس تبون من أجل بعث "جزائر جديدة قوية، فخورة بشعبها" حاضرة مرة أخرى على طاولة عظماء هذا العالم، جزائر صوتها قوي وذات وزن ثقيل اليوم في محافل الأمم.
وتمكّنت هذه القوة الجديدة للجزائر في جعل المحور الإعلامي والسياسي "الفرنسي-المغربي-الصهيوني" يردّ بهجوم حقير على شخص المترشح تبون وعلى قراراته بصفته رئيس للجمهورية.
ومن ثم، فإن مشهدًا كاملاً من الهجمات الفظة التي لا طائلة منها، تجمع بين التلاعب بالمعلومات والأكاذيب الأشد فجاجة.
ومن هنا يأتي التشويه الغبي لتصريحات الرئيس بشأن احتمال إقامة الخدمات الطبية للجيش الوطني الشعبي لمستشفيات ميدانية للناجين من الإبادة الجماعية في غزة، وصولاً إلى التضليل المتعمد من قبل اليومية الفرنسية "لوموند" حول الهجوم الذي لا يوصف الذي تعرض إليه دبلوماسي من الجمهورية الصحراوية على يد “دبلوماسي مارق” من العصابة المخزنية، خلال مؤتمر طوكيو الدولي حول التنمية في إفريقيا (تيكاد).. وحاولت هذه اليومية الفرنسية أن تجعل من "دبلوماسية البلطجية المغربية" الجديدة، التي أدانتها جميع الوفود الحاضرة بالإجماع، عملاً استفزازياً للمغرب من قبل الجزائر!!!
إن التقييم الإيجابي البارز لما يقرب 5 سنوات من ممارسة السيد عبد المجيد تبون للرئاسة يحرج ويقلق في نفس الوقت زواج القربى بين أنصار الإمبريالية والصهيونية والمشيدين بـ "اتفاقيات إبراهام".
إعادة انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون وتصميمه على استكمال هدفه المتمثل في جعل بلادنا جزائر سيّدة في قراراتها، فخورة بتاريخها الممتد لآلاف السنين وشخصيتها العربية الإفريقية، وفخورة ومخلصة خصوصا لمبادئ ثورة الأول من نوفمبر عام 1954 العظيمة التي استشهد من أجلها مليون وخمسمائة ألف من أبنائها، شهداء في سبيل الحرية والكرامة والإنسانية، كل هذا يخيفهم.
بالإضافة إلى ذلك، يشكّل انسجام الثلاثية الرئاسة – الجيش الوطني الشعبي – الشعب، صخرة غير قابلة للغرق، روحها هو الشعب، وقوتها الدافعة هو الجيش الشعبي الوطني وقائدها الرئيس تبون.
إنها شعاب مرجانية يتحطّم عليها القارب الضعيف لقوى الشر والكراهية، وهو قارب عفى عليه الزمن، يحاول عبثا مقارنة نفسه بالسفينة المهيبة تيتانيك، وهولا يشترك مع سيد البحار إلا في حطام كارثي لا مفر منه.
نعم، إن إعادة انتخاب الرئيس تبون لولاية ثانية يخيف أعداء استعادة العدالة وحقوق الشعوب والإنسانية، الضامنين الوحيدين للسلام في العالم.
وبطبيعة الحال، فإن المترشح تبون ليس مثاليا ولا معصوما من الخطأ، مثله مثل أي إنسان. "أن يخطئ هو الإنسان" كما يقول المثل، فإن لم أتردد أبدًا في التعبير عن عدم موافقتي على ما اعتبرته خطأً تافهًا، فقد حرصت أيضًا على ألا أجعله موضوعًا للاتهام أو أعير الخطأ عندما يبدو لي قليل الأهمية في ظل النجاح الهائل الذي حققته العديد من المشاريع الحيوية جدا لبلدنا.
بناء على كلّ ما سبق، فإنني على قناعة بأن تجديد الثقة في المترشح تبون ضرورة وواجب أخلاقي، ضرورة منح الفرصة لمن بذل الكثير من أجل ترسيخ الجزائر الجديدة، لاستكمال ما بدأه.
ومن الواجب أيضا إعادة الثقة إلى عبد المجيد تبون، الذي يريد أعداء الجزائر بشدة إقصاءه من الحياة السياسية، كما فعلوا في الماضي، تلك المرة، القضاء الجسدي على عملاق تاريخنا، الرئيس العظيم الراحل هواري بومدين. .
لكل هذه الأسباب، وبعد دراسة متأنية، أدعو كل الوطنيين الجزائريين إلى إلحاق الهزيمة بأعدائنا من خلال التصويت بكثافة. ومن جهتي فإن قناعتي قد تبلورت وقراري اتُّخِذ ولا رجعة فيه:
سأعبر عن خياري في 7 سبتمبر و أنتخب تبون
السفير نورالدين جودي
مجاهد وعميد الديبلوماسيين الجزائريين