353

0

كريمة زيوان... حرفية جزائرية تستعين بالهندسة والرياضيات لتبدع في حرفة "غرزة الحساب"

عرف قطاع الصناعات التقليدية في الجزائر، مسارا كبيرا من التنوع والابداع، أبرزت فيه المرأة الجزائرية، لعقود طويلة مواهبها  وأظهرت مدى أصالة الجزائر وتنوع موروثها ؛ الذي ظلت معالمه لغاية اليوم صامدة رغم التهديدات التي تشهدها بعض الصناعات التي جعلتها عرضة  للزوال والاندثار .

شيماء منصور بوناب

رغم ذلك فإن التعاقب على الصناعة التقليدية اليدوية بين الأجيال، عزز الإرتباط  بين الصناعات التقليدية و السياحة من جهة وعزز مكاسب الجزائر في تحقيق التنمية و زيادة الترويج لها كبلد ثقافي ذو موروث نوعي لا متناهي ، ولعل من بين تلك  الصناعات والحرف التي لا زالت مستمرة بذات البصمة نجد الحياكة والطرز الخاص بصناعة الأزياء التقليدية التي تصون حضارة بلد بحجم قارة بمختلف ولاياته ومناطقه التي تختلف فيها العادات والتقاليد .

كما أن الإهتمام بمجال الحرف اليدوية في الجزائر نابع من اهتمام شعبها بتراثه كأمانة تاريخية لا تتجزأ من التاريخ الثقافي والحضاري الذي يشكل الإرتباط الوثيق بين الشعب وذاكرته. 

الحرف اليدوية.... صناعة جزائرية تتعاقبها الاجيال

وللتعرف على مجال الحرف اليدوية الجزائرية الخاصة بصناعة الأزياء التقليدية ، كان لقاؤنا مع الحرفية كريمة زيوان بنت حي القصبة العريق التي عادت بنا لتاريخ الحياكة اليدوية الجزائرية التي تتوارثها الأجيال إلى يومنا هذا ، وفي ذلك قالت"  الطفل ابن بيئته يستقي منها ما يلبي رغبته و يغطي احتياجاته سواء كانت في شكل حرفة أو هواية أو مهنة تكسبه رزقا ومدخولا ".

وباعتبار أن اللباس التقليدي الأصيل من المقومات الثقافية التي تبرز مدى اهتمام الفرد بهويته و موروثه الذي تعود جذوره لعمق حضارة عريقة تتنوع في العادات و التقاليد حسب كل منطقة فيها ، والقصبة باعتبارها المحروسة الجزائرية فهي قاطبة التراث و الثقافة التي تجمع في ازقتها صرح لا متناهي من الحرف اليدوية خاصة تلك المتعلقة بصناعة الأزياء التقليدية المحضة على طريقة غرزة الحساب.

غرزة الحساب .... تقنية جزائرية محضة لصناعة الأزياء التقليدية

وفي هذا الصدد تطرقت ذات المتحدث لماهية غرزة الحساب التي تعتبر مجال تخصصها منذ ولوجها لعالم الحرف اليدوية منذ بداية مراهقتها ، إلى غاية انطلاق دورتها في تعليم النساء كيفية اتقانها لصنع الملابس التقليدية التي تحتاج مثل هذا النوع من الطرز و الحياكة.

وتابعت موضحة ان غرزة الحساب تأخذ من الهندسة و الرياضيات الحسابية نهجا فنيا يحول الخيوط  لحلقات متصلة و صغيرة تطبع فوق القماش كتقنية قديمة في مجال الخياطة و الحياكة، و التي تراعي اختيار نوع محدد من الاقمشة التي يسهل الحياكة عليها دون احداث خرق بها ، وكذا نوع الخيط الذي يجب انتقاؤه بالرجوع لعدة عوامل أهمها "الجودة و النوعية الرفيعة لتفادي اتلافه بعد الغسل من ناحية تغيير الوانه او تلاشيه "، يضاف الى ذلك الابر التي يجب ان تكون حسب القماش و نوع الغرزة  دون وجود شكل مطبعي تعمل عليه انما عبر تقنية حسابية تبني الاشكال الهندسية  في القماش.  

وأكملت حديثها مشيرة لأهم الأزياء التي تستخدم فيها هذه التقنية  كالباليطة و البرنوس وكذا محرمة لفتول التي تعتبر رمز الاصالة للمرأة الجزائرية العاصمية التي تبدع بحياكتها و بأزيائها التي تصنعها يدويا من تلقاء نفسها وفي بيتها  .

التكوين والتعليم .... أساس حماية الموروث الثقافي

وعلى هذا الصعيد عادت بنا الحرفية  لزمن الاصالة و الحضارة في فترة الزمن الجميل حين كانت تجتمع النسوة من كبار السن  في "وسط الدار " كما يطلق عليها مع مجموعة من البنات و الشابات لتعليمهن اسرار الحرف اليدوية في الطرز والحياكة التي تتوارثها النساء في كل عائلة وهو ما يعكس سر تكوينها العصامي.

ومن منطلق التكوين العصامي الذي أكسبها تميز في مهنتها ، أكدت بأن الاهتمام بمجال الأزياء التقليدية أهلها لفتح مجال التكوين وتعلم اساسيات الحياكة بنفس الطريقة و النهج التقليدي المتوارث دون إضفاء لمسات عصرية قد تلغي عمق الحضارة و الثقافة من القطعة التقليدية المنجزة.

وعلى ضوء ذلك قالت" تكوين خمسين امرأة لحد اليوم اثمر أخيرا بنتائج إيجابية ساهمت بتوسيع دائرة الاهتمام بالحرف اليدوية ،أين انطلقت كل امرأة دربتها في مشوارها لتعليم نسوة أخريات بنفس البصمة التقليدية ". 

بين الصناعات التقليدية و السياحة.... منظور رؤية تكاملية

 أما بخصوص الترويج لأعمالها عرجت لأهمية إقامة المعارض الحرفية و السياحية التي تتواجد فيها منذ 31 سنة أي من سنة  1992 من خلال التنسيق مع الديوان الوطني للسياحة، وذلك في اطار تحقيق الازدواجية بين الصناعة و السياحة ، من منظور تكميلي يخلق الإضافة للتنمية المحلية.

وأضافت  منوهة لعامل توافد السياح للجزائر للتمتع بخيراتها و منابرها السياحية ، مشيرة أن ذلك من شأنه تعزيز حركة بيع المنتجات الحرفية التقليدية ، لأن السائح حسب ما أفادته يفضل اقتناء منتجات ملموسة و رمزية تخلد ذكرى زيارته لأحدى المناطق .

من جهة أخرى ركزت زيوان على ما يعانيه اليوم شباب الجزائر من التخوف من دخول عالم الحرف التقليدية بسبب أزمات الحرفيين الدائمة خاصة  تلك المتعلقة  بغياب  الدعم و المرافقة وحتى نقص المواد الأولية وغلائها، فضلا عن الحاجة للآلات كونها تشغل نسبة 10بالمئة من احتياجات المهنة أو الحرفة.

وختمت الحرفية حديثها بإبراز قيمة التمسك بالحرف اليدوية اليوم في ضل ما يتم ادراجه اليوم من اضافات غربية كنوع من أنواع العصرنة التي الغت في حقيقتها طبيعة المنتج التقليدي الذي يستدعى منا الحفاظ على خصوصيته وتميزه .

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services