945
4
كرّس حياته لخدمة القضاء وحماية مبادئ العدالة.. كلمة في حق القاضي الراحل محمد قوادري

سعيد بن عياد
تمر يوم 9 جويلية 2025 أربع سنوات على وفاة القاضي المتميز، محمد قوادري، الذي فارق الحياة في مثل هذا اليوم من سنة 2021 وكان يشغل منصب رئيس مجلس قضاء المدية.
تعرفت إلى الراحل في سنوات الثمانينات في مرحلة الدراسة الجامعية بكلية الحقوق بن عكنون. وواصلنا دراسة الماجستير بداية التسعينات.
كان رفقة الصديق، نور الدين لصنامي، نعم الرفيق الوفي والمثابر والمجتهد. تمتعه بأخلاق عالية منحه كسب الاحترام والتقدير من الطلبة والأساتذة. انقطع التواصل في مرحلة العشرية السوداء ولم تتح الفرصة للقاء ما عدا تبادل التهاني بالهاتف في مناسبات دينية ووطنية.
لمّا حل وباء كورونا على المجتمع فارضا التباعد والحجر والعزل، أتذكر، كلمني ذات يوم وفاجأني بأنه يحتفظ بصورة تجمعنا أيام الجامعة، احتفظ بها لعقود وأرسل لي صورة بالهاتف. قال لي أمام الفراغ عدت إلى الأرشيف لاسترجاع ذكريات الدراسة فعثرت على الصورة التي تضم مجموعة طلبة كلهم نقاوة فكر والتزام مواقف وجدية مع ما يرافق ذلك من مزح نظيف.
شكرته كثيرا، لكن غدر به الفيروس القاتل بعد أن قاومه لأسابيع لتصعد روحه الطاهرة إلى بارئها. هو بحق فخر لكل من عرفه ولأبنائه وكل أسرته الكريمة وأصدقائه الأوفياء.
كان موظفا نزيها ومواطنا صادقا وجارا أمينا
بالأمس اتصلت بابنه شفيق قوادري ليكتب كلمة عن أبيه، الرجل نظيف الكف والذهن والسريرة. فكتب يقول "بعد تخرج الوالد رحمة الله عليه من جامعة الجزائر (كلية الحقوق بن عكنون) بدرجة تفوق، أوفدته الدولة الجزائرية لمواصلة الدراسة بجامعة القاهرة بمصر التي تخرج منها بعد ثلاث سنوات من البحث بدبلوم في العلوم الجنائية بانجاز مذكرة علمية بعنوان "الحبس الاحتياطي بين التشريع المصري والجزائري- دراسة مقارنة".
وبعودته إلى الوطن عزّز تكوينه بالحصول على شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة واشتغل مساعد محام، قبل أن يشارك وينجح في المسابقة الوطنية للقضاء والتخرج من المدرسة العليا للقضاء في 1992.
كان له مسار مهني ثري مزج بين الجدية والحرص على تكريس العدالة. تولى وظيفة وكيل الجمهورية بمحكمة عين توتة، ثم عميد قضاة التحقيق بمحكمة باتنة إلى غاية 1998، ثم قاض بمحاكم قسنطينة وعنابة والرويبة إلى أن تم تعيينه رئيس غرفة بمجلس قضاء بومرداس ونائب رئيس ذات المجلس حتى شهر أوت 2020 لما تم تعيينه رئيسا لمجلس قضاء المدية، حيث ساهم في تنشيط المرفق والعمل على تطوير أداء مصالحه كاسبا احترام وثقة محيطه، إلى أن وافته المنية جراء "وباء كوفيد" في جويلية 2021 تاركا بصمة مهنية وأخلاقية وإنسانية في كل المحطات التي مر بها.
أكثر من هذا ساهم بفعالية في التدريس بالمدرسة العليا للقضاء مقدما خبرته وكفاءته المشهود لها في تكوين القضاة." ويعتز الابن بوالده الذي كان له أبا وأخا وصديقا اورثه قيم الأخلاق والصدق والتواضع التي طبعت مسيرة الفقيد وجسدها في حياته اليومية موظفا نزيها ومواطنا صادقا وجارا أمينا بشهادة من عرفوه.
وفي هذه الذكرى نترحم على روح الفقيد الطاهرة داعين المولى عز وجل أن يجدد عليه رحماته وأن يسكنه فسيح جنانه.