880
0
خيمات القصبة.... مبادرة تجمع بين التراث الأصيل والترويج السياحي
الفن و الأصالة وحسن الضيافة، من ثقافة سكان المحروسة "القصبة العريقة" الذي يعود أصل تراثها لقرون مضت تجسدت في عادات و تقاليد أصيلة، أثارت الجدل عن بدايتها واختلف المؤرخون في أصولها ولكنها لا تزال ضاربة جذورها في عمق التاريخ،يتنفسها سكان الأحياء العتيقة،يحاولون استرجاعها في مبادرات فردية صنعت التميز وأثارت الفضول والإستحسان خاصة من قبل السواح.
شيماء منصور بوناب
لكن بعد توالي السنين أصبحت بعض العادات والتقاليد الخاصة بالقصبة العريقة في طي النسيان أو الاندثار رغم تمسك القلة من أبنائها بها متخذين من محاكاة الأجداد وبعض الأقاويل ملاذهم في استذكار هذه العادات من خلال مشروع ثقافي سياحي تبناه أبناء القصبة لإحياء معالم الثقافة الجزائرية تحت مسمى "الخيمة" .
تعد خيمات القصبة مشروع سياحي ثقافي انبثقت جذوره من رغبة أبنائها في احياء عاداتهم و تقاليدهم التي تصارع البقاء في ضل المستجدات الحديثة للرقمة والتكنولوجيات التي أهملت الجانب التراثي و التقليدي الجزائري ،وتنوعت هذه الخيمات لتشكل الأكلات التقليدية للجزائر أهم مرتكازنها كما اهتمت بالحلويات التقليدية والتي غالبا ما أصبحت "برستيج " فقط، وهذا ما دفع السيدة صابرينة لإنشاء خيمتها قبل ثلاثة أشهر تعيد من خلالها رمزية الحلويات الجزائرية الأصلية دون لمسات عصرية تعرضها في خيمتها " بنة القصبة " من وجهة العودة للأصل والماضي.
الجلسات التقليدية ... ذاكرة جماعية للأصالة الجزائرية
و على ضوء ذلك توضح ابنة القصبة أب عن جد السيدة كنزة صاحبة خيمة" الماما "على أنها الخيمة ترمز إلى الأصالة التراثية للعائلة الجزائرية انطلاقا من الجلسات أو القعدات التقليدية على الهواء الطلق الذي يغلب عليه الطابع النسوي ، تثير فيه فيه المرأة العاصمية عدة مواضيع مع جيرانها وأحبتها مرفقة جلستها بحلويات تقليدية جزائرية تتنوع بين "المقروظ و القريوش...." و الشاي العاصمي أو القهوة التقليدية.
مشيرة بذلك لخلفية اطلاق مشروعها من أزقة القصبة يرجع لرغبة والدها في التمسك بمرجعتيه ومسقط نشأته كمنطلق للإعتزاز والافتخار بنسبه و هويته التي تفرض عليه الرجوع للعادات الأصلية للمحروسة البيضاء التي تزخر بزخم ثقافي عريق يشيد بأهمية الكرم والضيافة، و تؤكد على ذلك السيدة كنزة كونها تقليد رسمي للتعامل مع زوار خيمتها الذين يقصدونها للاستمتاع بالجلسات التقليدية و للاستفسارعن تاريخ القصبة التي ارتبط اسمها بأحداث تاريخية كبيرة لعل أهمها مقتل علي لبوانت الذي يعد جزءا من ذاكرة وطن .
خيمات القصبة... احتواء للمغتربين
في ذات الجانب نجد رمزية الحنين للوطن تدفع الجالية الجزائرية في الخارج لزيارة القصبة كنوع من أنواع الشعور بالعودة للديار التي تجعلهم يتوجهون للخيمات التقليدية التي تعيد ذكرياتهم القديمة وأيام طفولتهم ،وهو ما أشارت اليه ذات المتحدثة تحت مسمى "ريحة لبلاد" تجعل الزوار يقصدونها في كل مرة يعودون فيها للجزائر.
ولعل أهم عامل يدفع السياح و الزوار لهذه الخيمات هو الجو العائلي الذي تحمله تفاصيل القعدات التي ترتكز على الاحتواء بعيدا عن القرابة أو الصلة التي تجمع ضيوف الخيمة ،إلا أنهم يجدون نفسهم في وسط جلسة ملتحمة يتبادلون فيها أطراف الحديث كعائلة واحدة يتشاركون فيها ذكرياتهم وتاريخهم معا.
البوقالات و القهوة التقليدية.... أصالة المائدة الجزائرية
كما تحمل خيمات القصبة في طياتها التقليدية بعض العادات التي اتخذ منها الأجداد متنفس للاستمتاع والترفيه عن النفس عبر القاء "البوقالات" التي نجدها حاضرة في مائدة " بنة القصبة " تتداول عليها النسوة بفن الالقاء ثم النية بعقدة الثبات و زينة التفاؤل بما يطلق عليه "الفال" لتختتم بالزغاريد بينما يحتسين القهوة التقليدية .
وعن سرهذه القهوة تشير السيدة صابرينة لطريقة تحضيرها بالشكل القديم الذي يطلق عليه "التلقام" أو قهوة ملقمة يتم اعدادها بواسطة الابريق "بقراج" الذي يعطيها نكهة قوية مميزة تلقى استحسان الزوار و السياح خاصة بعد أن يضاف اليها قطرات من ماء الزهر أثناء التقديم لتعزيز الذوق وتعطيرها لتقدم مع الحلويات المعسلة أو الجافة.
الألبسة التقليدية الجزائرية..تزيد الخيمة تميزا
وبالحديث عن الزي التقليدي العاصمي تعرب ذات المتحدثة لما ترتديه "الحايك" كلباس جزائري خاص بسكان الجزائر العاصمة و القصبة تحديدا ترتديه النسوة في خرجاتها و مناسباتها تعبيرا عن هويتها و أصالتها التي اتخذت منه السيدة صابرينة سانحة لعرض هذا الإرث الثقافي في خيمتها ، يضاف إلى ذلك ما يعتمده أصحاب الخيمات في عرض بعض الألبسة التقليدية الجزائرية "الكاراكو و البدرون..." في أركان الخيمة ترويجا للثقافة الجزائرية بأزيائها المتنوعة التي تحاكي الأصالة و التراث.
تتخذ أيضا بعض الخيمات بالقصبة من محلها نقطة بيع المنتجات الحرفية التقليدية المصغرة يقتنيها السياح كهدايا رمزية تعكس ثقافة الجزائر و ما يرمز لها سواء عبر الحلي التقليدية أو الأواني الفخارية و غيرها من المنتجات التي تعكس تفاصيل القصبة و سكانها و هويتهم الوطنية التي تؤكد عليها السيدة صابرينة من منبر دعوة الشباب الجزائري للتمسك بعاداته وتقاليده أمام ثقافات دخيلة تسعى لطمس الهوية الوطنية بمختلف الأشكال و الأساليب.