1287
0
الكاتب والمحامي الفلسطيني حسن عبادي يتحدث لبركة نيوز عن الأسرى والكتابة وراء القضبان
.jpg)
حسن عبادي كاتب ومحامي فلسطيني سخر جل جهوده لمرافقة الأسرى والدفاع عنهم ، وجعل كتاباته فضاءا لتسليط الضوء على هذه الشريحة التي تتعرض بشكل يومي لكل أنواع التعسف والظلم من قبل العدو الصهيوني وعن معاناة الاسرى ويومياتهم وحياتهم بعد التحرر، تواصلت بركة نيوز مع المحامي حسن عبادي للحديث عن هذا الملف، معرجة على مسيرة المحامي الكاتب وأبرز التحديات التي يواجهها.
الحاج بن معمر
عن بدايته كمحامي يتحدث حسن عبادي عن عمله في قضايا أمنيّة حتى مرحلة أوسلو وبسبب الخذلان الأوسلوي يقول توقفت عن العمل مع الأسرى، ولكن كنت ناشطاً محليا وعالميا بمجال حقوق الإنسان، من خلال أمنستي/ منظمة العفو الدوليّة و"بتسيلم" وغيرها.
يضيف قائلا " بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى خلف القضبان مجدّداً؛ لاهتمامي بأدب السجون، وهناك من بين القضبان سمعت من أحدهم نكتة بنكهة السخريّة السوداويّة القاتلة: "دخل أسير لمكتبة السجن سائلًا عن كتاب فأجابه السجّان: "الكتاب ممنوع وغير متوفّر، لكنّ مؤلّفه في الزنزانة رقم 110".
تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، تجعله يحلّق ليعانق شمس الحريّة؛ من عتمة الزنازين يرسم الوطن قوس قزح... هم في زنازينهم أكثر حريّة من الطلقاء ذوي النفوس الذليلة.
ويضيف حين شربت قهوتي الحيفاويّة صباح جمعة، فاجأتني زوجتي سميرة: ما دُمتَ مهتمًّا بما يكتبه السجناء وبأدب السجون، فلماذا لا تزور كميل وغيره ممّن يكتبون؟ راقت لي الفكرة وقرّرت فعلًا زيارتهم، وبعد خوض التجربة شعرت بأنّه صار لحياتي مذاق آخر.
اللقاء الأول
يقول عبادي كان اللقاء الأوّل صبيحة الاثنين، 03.06.2019 عشيّة عيد الفطر، في سجن ريمون الصحراويّ؛ وبعد لقائي بالأسير كميل أبو حنيش، كتب لي رسالة عنونَها "كعك على بوابة السجن"؛ رسالة قلبت حياتي رأسًا على عقب، ولست بنادم.
ويضيف :"أحاسيسه ومشاعره التي عبّر عنها إثر لقائه ب"غريب" أدخلتني متاهة ودوّامّة لم أخرج منها حتى اليوم، وبعد قراءتها مرارًا وتكرارًا قرّرت لا شعوريًا، البدء بمشوار تواصليّ مع أسرى يكتبون، ومن خلاله ألتقي كلّ أسبوعين بأسرى عبر القضبان، ولكلٍّ قصّته وحكايته، أؤمن بما قاله جبران خليل جبران عن العطاء (نحنُ نُعطي لنحيا، لأنّ الامتناع عن العطاء سبيل الفناء)،
"أما المحرّك الرئيسي من وراء الفكرة والمبادرة وتمويلها هو زوجتي سميرة، مبادرة تطوعيّة غير مموّلة ولا يوجد أيّ تمويل من أيّ مصدر كان غير زوجتي وشريكتي سميرة، يكفيني رسم ابتسامة على وجه أسير رغم عتمة الزنازين!
عن ما قدمه للأسرى يقول أكبر إنجاز "أن تلد أنهار الديك، أسيرة حامل في شهرها الثامن، خارج السجن وبين أهلها، وأن أمنع أقفاصا للأسيرات المرضى نفسياً في سجن الدامون، وأن تكون محطات إذاعية لإسماع صوت الأسرى ورسائل ذويهم، وأن تكون تليفونات عمومية في بعض السجون، وأن أنجح بإدخال آلاف الكتب للسجون وغيرها".
وخلال رحلته اليومية وما تعتريها من ضغوطات أشاد عبادي ب دعم عائلته الصغيرة الحاضنة، بالقول زوجتي وبناتي وأحفادي خير علاج ورادع ضد تلك الضغوط النفسية وتمدّني بالطاقة والعزيمة لإتمام المسيرة حتى تبييض السجون وتحرّر آخر أسيرة وأسير من سجون الاحتلال.
عن أبرز التحديات التي تواجه الأسرى الفلسطينيين يؤكد الكاتب حسن عبادي أنها تتمثل في عدوانيّة المحتل، الاعتقالات التعسفية، الاعتقالات الإدارية، ظروف اعتقال مأساويّة، تحقيق تحت التعذيب والتنكيل، العزل لفترات طويلة لابتزاز "اعتراف" تحت التهديد، محاكم صوريّة، جهاز قضائي عنصري وغيرها.
قوانين عنصرية مجحفة
أما عن القوانين الإسرائيلية يقول "أنها عنصرية ومجحفة بحق الأسير الفلسطيني، غير عادلة وغير منصفة، صوريّة وتحرمه من الأمور الأساسية للدفاع عن حقّه وحريّته، تدينه مسبقاً دون أدلّة، تمنح القاضي حق الإدانة دون أدلّة وإثباتات، فغالبيّة الأدلة سريّة لا يسمح للمعتقل ومحاميه الاطّلاع عليها بحجّة سريّة المصادر وعدم الكشف عنها".
وفي سؤالنا عن دور المحامين في قضية الأسرى، يضيف أن لهم دور هام من حيث كونه وسيلة للتواصل مع العالم الخارجي وكذلك تمثيل المعتقل مهنياً أمام القضاء.
ويشير إلى المعيقات والتضييقات على عملهم؛ قائلا "كلّ زيارة تحتاج لترتيب مسبق مع إدارة السجن، (يقدم المحامي 3 مواعيد مقترحة، وإدارة السجن تحدّد الموعد)، وغالبيّة السجون تبعد عن حيفا ثلاث ساعات سفر كلّ اتجاه (وفي حالة أزمة سير تكون مضاعفة)، وفي كل زيارة يسمح بلقاء أسير واحد، واللقاء عبر الزجاج المقيت، والسماعة الحديدية الباردة، لا يوجد مجال (من ناحية عمليّة) زيارة أكثر من سجن في كل مشوار.
أما عن الفرق بين وضعيّة الأسرى المدنيين والعسكريين من حيث القوانين المطبقة عليهم، يقول أن الفرق شاسع من حيث المعاملة وظروف الاعتقال والإجراءات القانونية، ووسائل التعذيب.
انتهاكات صارخة لحقوق الطفل
أما بخصوص اعتقال الأطفال يضيف المحامي عبادي أن قوات الاحتلال تعتقل الأطفال الفلسطينيين بشكل ممنهج، ويتعرض الأطفال المعتقلون لمختلف أصناف التعذيب النفسي والجسدي، ودون احترام للحماية الواجبة للطفل، وتستغل قوات الاحتلال اعتقال الأطفال لأغراض تجنيدهم للعمل لصالح أجهزتها الأمنية، وتخلف عمليات اعتقال الأطفال آثاراً مدمرة على صحتهم النفسية، وتتسبب غالباً في تركهم مقاعد الدراسة.
كما تستغل قوات الإحتلال الضعف لدى هؤلاء الأطفال حتى تدفع بهم للإدلاء بمختلف الإعترافات، وتلجأ لعمليات التعذيب بالخداع والوعود الكاذبة حتى تقنع الأطفال أن اعترافهم سينهي تعرضهم للتعذيب والمعاملة اللاإنسانية.
كما تلجأ قوات الاحتلال إلى اعتقال أهالي الأطفال أوإخضاعهم للتحقيق لدفع الأطفال بإدلاء الاعترافات ظناً منهم أنهم يحمون ذويهم من الاعتقال، وتتسبب أساليب التحقيق المتبعة مع الأطفال المعتقلين من مدينة القدس بالعديد من الآثار النفسية والجسدية عليهم.
ومن أبرزالإنتهاكات في حق الطفل الفلسطني، يشير عبادي إلى اقتحام البيوت في ساعات ما بعد منتصف الليل، عدم السماح للأهل بحضور التحقيق، حرمان الطفل المعتقل من استشارة، إجباره على التوقيع على إفادات مكتوبة باللغة العبرية دون معرفة ما جاء فيها، تقوم المخابرات بخداع الأطفال بالقول إنها ستفرج عنهم في حال قبولهم للاتهامات الموجهة إليهم، وفي حال رفضهم إدانة أنفسهم فإنها ستقوم باعتقال ذويهم أو السجن لسنوات طويلة، الاعتداء على الأطفال بالضرب أثناء الاعتقال وخلال التحقيق، الشتم وسبّ الذات الإلهية، التهديد بالعنف الجنسي، تهويل التهم المنسوبة إليهم، عرقلة تعلّمه وحرمانه من الامتحانات، التهديد بهدم منزل العائلة.
فالطفل حسب محدثنا يتعرض لظروف احتجاز غير إنسانية؛ في غرف تفتقر إلى الإنارة المناسبة والتهوية، سياسة التبريد، الإهمال الطبي المتعمّد، النقص في الملابس والطعام، رش الغرف بالغاز، تقييدهم بكلبشات بلاستيكية مشدودة، .
أليات الدفاع عن الأسرى
وعن الإجراءات القانونية للدفاع عن الأسرى يقول أنه يحق للمعتقل أن يستشير محاميه منذ ساعة الاعتقال، ولكن يمنع هذا الحق من الأسير الأمني، وكذلك يمنع من اللقاء بمحاميه لأسابيع، مما يعيق عمل المحامي مما يضطره للجوء للمحكمة لاستصدار قرار يسمح له بلقاء موكله، وبعد اللقاء تبدأ معركة المحامي للحصول على ملف الأسير والشبهات الموجهة له وفجأة تكون غالبيتها سريّة مما يعيق عمله فيلجأ للمحكمة للسماح له بالطلاع عليها، فيسمح له جزئيا، والتمثيل بالمحكمة يكون صوريا بغالبيته لأن غالبية المواد والأدلة سريّة، ويحاولون عرقلة عمله بتأجيل جلسات أو إبطالها بآخر لحظة.
بالإمكان تقديم شكوى بشأن انتهاكات حقوق الأسرى لمكتب الشكاوى في مديريّة مصلحة السجون ولكن "حاكمك ظالمك" وترفض مباشرة من قبل السجان والمسؤولين في مصلحة السجون، وعنها بالإمكان اللجوء للمحكمة المركزية (في منطقة وجود السجن) وتبدأ الضغوط على الأسير لإبطال الشكوى، بواسطة الوعود الكاذبة أو الترهيب، أو تقديم أدلّة مفبركة للمحكمة مما يؤدي لرفض أغلبيتها الساحقة.
ولفت عبادي للعقوبات القاسية التي تقررها سلطات الإحتلال كالسجن لفترات طويلة وعقوبات وغرامات مالية وإلزام بتعويضات ملايين الدولارات، مستشهدا بالحكم على الاسير عبد الله البرغوثي الذي يواجه سبعا وستين مؤبدا وخمسة آلاف ومائتي عام، بالإضافة إلى المعاملة القاسية، زنازين وعزل انفرادي لفترات طويلة وتنكيل وتضييق وحرمان من أبسط الحقوق.
وعن إمكانية إعادة النظر في الأحكام القضائية للأسرى يقول توجد إمكانية إعادة النظر في الأحكام القضائية للأسرى والاستئناف عليها ولكن في ظل القضاء العنصري فإعادة النظر صوريّة فقط ونسبة النجاح تؤول للصفر.
ظروف الأسر قاسية
وبالنسبة لأوضاع الأسرى يؤكد أنها صعبة جداً، وخاصّة في السنة الأخيرة بسبب فاشيّة الحكومة الجديدة وعنصريّة وزير الأمن الداخلي ومسؤول السجون، تضييقات مستمرة وسحب إنجازات حصل عليها الأسرى بعد نضالات واستشهادات، ومحرومين من أبسط الحقوق.
فالسجّان يتعامل بعنجهيّة ووحشيّة وساديّة، يتحكّم بكلّ صغيرة وكبيرة، متى يصحو؟ ومتى ينام؟ ماذا يأكل؟ ومتى؟ أيّة محطة تلفزيونيّة يشاهد؟ محروم من الزيارات العائليّة بشكل منتظم (فقط لأقارب من الدرجة الأولى؛ أب/ أم/ أخ/ أخت/ ابن/ ابنة) وغالبيّتهم ممنوعون أمنياً (منهم من سمح له بالزيارة مرة واحدة في الخمس سنوات!!)
الحرمان من وداع قريب أو حبيب حين الوفاة، مأكولات ممنوعة بتاتاً! والاعتقالات الإداريّة "المفتوحة" بدون تاريخ! ويتمادى الإحتلال في انتهاك حقوق الأسرى بداية من مرحلة الاعتقال ودرب الآلام (اقتحام نص ليل/ عشرات الجنود + مجندين فوق راس المعتقل مع ضوّ البواريد/ فصل عن الأهل/ تفتيش عارٍ (للصبايا)/ كلبشة وتعصيب عينين/ فش فرصة للبس الأواعي).
أما في ساعة الاعتقال: تفتيش عارٍ بالكامل + تفتيش عارٍ جماعي+ تفتيش عارٍ مصوّر وتهديد بالاغتصاب وتهديد برمي المعتقل مع الأولاد لغزة، المسبات والشتائم الشخصية والذات الإلهية والتحقيق بظروف صعبة، هذا بالإضافة إلى الاكتظاظ؛ أسرى ينامون على الأرض (لا يوجد تخوت كفاية و العزل وتحديد الفورة (الخروج للساحة)، الأكل – تجويع!!، تهديد ووعيد وشتائم ومسبات كل الوقت، إغلاق الكانتينا (مقصف السجن للمقتنيات)، مصادرة كلّ المقتنيات، مصادرة الأدوات الكهربائية (القمقم/ إبريق التسخين +++البلاطة/ غاز التسخين +++الراديوهات والتلفزيونات).
كما تتم مصادرة الملابس (أبقوا غياراً واحداً فقط!!) (بنشلح، بنغسل وبنلبس)، الصبايا الصغار مع العادة الشهرية وبدون فوط وممنوعات من الحمام (غير مرة واحدة فقط باليوم)، ممنوع إدخال ملابس والتبريد، البقّ، نقص أواعي صلاة، منع زيارة الأهالي، تضييق لقاء محام ، صادروا كل الأوراق والدفاتر والكتب (ما خلّوا قصقوصة ورق) والأشغال اليدويّة،صادروا الصور العائلية المعلّقة على حيطان الزنازين ومزّقوها ودعّسوا عليها، الحرمان الكامل من العلاج الطبي (ما عدا المسكّنات)؛ إلغاء الهاتف الأرضي ومنع الأسير من الاتصال بالعائلة، الانقطاع عن العالم الخارجي، إبعاد طلاب جامعيين عن مقاعد الدراسة؛الانقطاع عن العائلة؛ منع أي أم/ أب معتقلين يسألون عن أولادههم وأحفادهم وكل أقربائهم المعتقلين.
هذا بالإضافة إلى مصادرة البُقج ورميها بالنفايات/ حرقها، بدون غيارات داخلية – أمراض جلدية، الدشات بدون ستائر، ممنوع صلاة الجمعة، شهرين بنفس البنطلون، الأسير أشعث (بدون حلاقة لأشهر)
أثار نفسية عميقة
وبخصوص ظروف الإعتقال على الحالة النفسية والجسدية للأسرى يقول عبادي الظروف الصعبة والقاسية تؤثر سلباً على صحة الأسير النفسية والجسدية، فحتى المعافي يمرض أوضاع السجن وهندسته لإرهاق الأسير نفسيا وجسديا دون علاج لسنين طويلة مما يؤدي لكونه مشروع استشهاد مع وقف التنفيذ.
أما عن العزل الانفراديّ يؤدي إلى تدمير نفسية الأسير لكونه من أشدّ أساليب التعذيب قسوة، وضع الأسير في حيّز مكانيّ يتميّز بالضيق، لإبقاء الأسير في حصار جسديّ وحسّي وذهنيّ والهدف من خلال سياسة العزل الانفراديّ ليس عزل الأسير عن قيم الجماعة وتفكيك انتمائه، مصدر قوّته، فحسب، بل أيضًا أن يعيش السجن داخل الأسير، بحيث تتحوّل قضبان السجن إلى حراب تتناهش صدره، وتحوّله إلى كتل فاقدة للحياة في قلق دائم للتأثير فيه نفسيًا وعصبيًا وإضعافه سعيًا إلى تدميره نهائيًا.
وعن الأسرى المصابون بالأمراض المزمنة يضيف في سجون الاحتلال بمرضى مُزمنين، منهم المريض بالسرطان، الفشل الكلوي والاضطرار لغسيل الكلى ثلاث مرات أسبوعيًا، أمراض القلب، هناك من يعاني شلل نصفيّ، البواسير، ألم الأسنان، ألم الرأس، وجع الظهر، الأزمة، عمليات في العيون، مشاكل القولون وغيرها، وتتدهورحالتهم نتاج الإهمال الطبّي المتعمّد ممّا يُسبّب الموت البطيء، وقد أودت ظاهرة الإهمال الطبي تجاه الأسرى الفلسطينيّين بحياة عدد كبير منهم، وما زالت تهدّد حياة العشرات، والسلطات تتجاهل ضاربة بعرض الحائط القانون الدولي.
وقد تبيّن لي أنّ غالبيّة الأسرى في سجن عسقلان مرضى ويعانون من الإهمال الطبيّ المريب؛ وكذلك الأمر في مستشفى/ مسلخ الرملة سيّئ الصيت.
يضيف :كما أضرب الكثيرون من أسرانا المرضى عن الطعام عدّة مرّات، ومطلبهم تلقّي العلاج، وفي الآونة الأخيرة تفشّت موضة جديدة، حين يطلب الأسير الفحص أو العلاج أو الدواء من طبيب السجن يُتّهم بالتهديد، ظاهرة جديدة بتقديم شكاوى كاذبة ضدّ السجناء المرضى لإسكاتهم، كذلك الأمر بالنسبة لإجبار المرضى تعاطي أدوية تسبّب الإدمان في الطريق إلى الموت السريع.
كما يعاني أسرانا يضيف من تأخير الفحوصات الطبيّة والمماطلة التي تسبّب أضرارًا صحيّة جسيمة، تأجيل العمليّات الضروريّة والعلاج حسب مزاجيّة الطبيب! كذلك الأمر تمنع سلطة السجون طبيب خاصّ من زيارة الأسير المريض و/أو علاجه.
ولكن يقول عبادي رغم ذلك هناك الكثير من قصص الصبر والصمود رغم كل أنّات الألم والمرض في غياهب أقبية التحقيق وغرف العزل الانفراديّ وفي زنازين القبر المظلمة وفوق أسرّة التشريح مكبّلين في ما يُسمّى مستشفى سجن الرملة للأحياء الشهداء، والشهيد كمال أبو وعر هو أكبر مثال على ذلك.
الإعلام وقضية الاسرى
وبخصوص دور المنظمات الحقوقية في الدفاع عن الأسرى يؤكد فشلها في دعم الأسرى الفلسطينيين وبات دورها صرخة هنا وهناك حين استشهاد أسير أو حين تحرّر أسير مريض بعد انتهاك محكوميته لترافقه لأخذ الصور، وبات دورها، للأسف الشديد، فزاعات عرب موسميّة، لا غير، وتستنكر هنا وهناك دون أيّة عمل ضاغط؟
أما عن دور الإعلام يقول فهو هام وجوهري في تسليط الضوء على قضايا الأسرى، وجعلها على المحكّ تحرّك المياه الساكنة، فالأسير ليس مجرّد رقم، بل لكلّ أسير اسم وحكاية، وتداول قضية كل أسير وأسير حتما سيكون لها أثر الفراشة، وللإعلام الجزائري في السنوات الأخيرة دور هام في تحريك هذا الملف وتدويله وبدأت تتناقله وسائلالإعلام الفلسطينية، هنا وهناك، نقلا عن الاعلام الجزائري، ومنه إلى العالم ليصل حكومة الكيان ومسؤوليها، كما أن تناول قضية الأسرى في الاعلام العالمي وإيصال صوتهم للسفارات ووزارات الخارجية ووقفات احتجاجية عبر العالم بإمكانها تحريك الملف الراكد ومساعدة أسرانا والاهتمام بقضيّتهم الحارقة، كلها طرق لمساندة الاسرى.
ووجه عبادي رسالة مفادها أنه على كلّ منا أن يتناول قضية الأسرى من موقعه، بمقالة أو وقفة أو رسالة احتجاجية أو رسالة مساندة لأسير أو لأهله وهذا أضعف الإيمان، ولنسمع الأسير: نحن معك وأنت ليس وحدك، كلّ يوم وكلّ الوقت، وليس ساعة تحرّره أو استشهاده.
كما يمكن تعزيز الوعي حول حقوق الأسرى بتناوله عبر وسائل الإعلام بشكل يومي، وقفات مساندة كل الوقت وفي كل مكان، ندوات وحلقات ويكون ضمن منهاج التعليم في فلسطين، بلد المليون أسير، فلا يوجد بيت أو حيّ يخلو من أسير.
مستقبل قضية الاسرى
وفي سؤانا عن مستقبل قضية الأسرى أجاب " قال لي صديقي الأسير أحمد عارضة في لقائنا الأخير في سجن الجلبوع: "مروّحين، يعني مروّحين" ومستقبل أسرانا حريّة حتميّة وقريبة".
وبخصوص تدويل القضية ، لفت أن الضغط الدولي على حكومة الكيان بإبطال القوانين العنصرية المجحفة بحق أسرانا، فتدويل قضيتهم لتكون لهم محاكمة عادلة والعمل على تحسين وضع الأسرى ومعاملتهم بموجب الأعراف الدوليّة والمعاهدات التي تتشدّق بحقوق الإنسان.
وعن التنسيق بين المحاميين في القضية أشار بالقول " سؤال صعب جداً لانعدام روح العطاء والروح الجمعيّة في ظلّ الأنجزة والجمعيات والوهم الأوسلوي ومؤسساته آن الأوان للعمل بروح براءة الانتفاضة الأولى.
وبخصوص دورالتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي دعا الأخذ بزمام الأمور لتكون رافعة حيّة لقضيّة أسرانا على درب الحريّة واستغلالها لإسماع الصوت كل الوقت ولكل مكان.
وعن مبادرة لكل أسرى كتاب قال "وصفتها الأسيرة المحرّرة الصديقة عائشة عودة "مبادرة ولادة"؛ مشروع تواصلي مع أسرى يكتبون، زيارة الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، لكل أسير كتاب (وصلت من خلالها آلاف الكتب عبر القضبان)، من كل أسير كتاب (صدرت عشرات الكتب للأسرى)، مبادرة أسرى يكتبون بالتعاون مع رابطة الكتاب الأردنيين، مئات الندوات لإشهار وإطلاق ومناقشة إصدارات للأسرى، عشرات المقابلات الإعلامية عبر العالم العربي بخصوص الأسرى وتدويل قضيّتهم، المشاركة بمؤتمرات حول العالم بخصوص الأسرى، النشاط من خلال التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين، والحبل على الجرار حتى تحرّر آخر أسير من سجون الاحتلال.
وختم الكاتب المحامي حسن عبادي حديثه "وتبقى الحرية خير علاج للأسير"