بقلم : ضياء الدين سعداوي

إجتماع مجلس الوزراء اليوم الأحد لم يكن مجرد لقاء دوري، بل محطة مفصلية لإعادة ضبط إيقاع العمل الحكومي، بعد أن وجه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أعضاء الحكومة الجديدة بصرامة واضحة: الجدية، النجاعة، والعمل الميداني. هذه الكلمات ليست مجرد شعارات بل إشارات سياسية تحمل في طياتها إدراكا عميقا بأن المرحلة تتطلب إصلاحاً في الممارسة قبل القرارات.

الرئيس شدد على استخلاص العبر من التجارب السابقة، في إقرار ضمني بأن الأداء الحكومي لم يكن دائما عند مستوى تطلعات المواطن، هنا تكمن أولى التحديات: كيف يمكن للطاقم الحكومي أن يتجاوز البيروقراطية الموروثة ويترجم الخطط إلى نتائج ملموسة؟ فالمواطن كما أوضح الرئيس، يجب أن يكون "أولوية الأولويات" والنجاح يقاس اليوم بمدى استشعار المواطن للتحسن في معيشته اليومية.

ما يميز خطاب الرئيس هذه المرة هو الجمع بين الواقعية والطموح، فالجزائر – كما قال – لا تسير بسياسة التقشف بل بـ"التسيير الذكي"، هذه الفكرة تفتح النقاش حول كيفية تحقيق التوازن بين عقلنة النفقات العامة وبين إطلاق مشاريع تنموية كبرى قادرة على إدخال الجزائر إلى مصاف الدول الناشئة ، التسيير الذكي يعني محاربة التبذير وسوء التخطيط، وفي الوقت ذاته الإستثمار في القطاعات الحيوية كالصحة، التعليم، الطاقة المتجددة، والصناعة التحويلية.

لكن النجاح هنا لن يكون رهين الخطابات ولا حتى الخطط الورقية، فالتوجيه الصريح بضرورة التنسيق مع الوزير الأول وتحضير مخططات قطاعية للعرض أمام مجلس الوزراء، يبرز الحاجة إلى إنسجام حكومي طالما عانت منه الحكومات السابقة، أي خلل في التنسيق أو تضارب في القرارات سيعيد إنتاج نفس العجز وفقدان الثقة الشعبية.

في النهاية.ما ينتظره الجزائريون من الحكومة الجديدة ليس وعوداً إضافية، بل قطيعة مع الإرتجال ومردودية حقيقية تقاس بالنتائج الملموسة: طرق معبدة، خدمات صحية متطورة، مدارس عصرية، وبيئة إستثمارية جاذبة.

الرئيس وضع البوصلة لكن مسؤولية التنفيذ تبقى على عاتق الحكومة، والرهان اليوم هو: هل تنجح هذه الأخيرة في تحويل "الجدية" و"الفعالية" من مفردات سياسية إلى واقع يومي يلمسه المواطن؟