19
0
حدث في مثل هذا اليوم.. حصار واحة الزعاطشة

بقلم: محمد بوكريطة الحسني
حدث في مثل هذا اليوم
حصار واحة الزعاطشة
يوم 26 نوفمبر 1849
بسم الله الرحمن الرحيم
إن التاريخ لا ينسى جرائم فرنسا إبان احتلالها للجزائر و من بين هذه الجرائم التي لا تعد و لا تحصى ما جرى منذ 176سنة عندما تم حصار سكان واحة الزعاطشة في ولاية بسكرة بجنوب شرق الجزائر حيث دامت المواجهة أزيد من أربعة أشهر من 16جويلية 1849 إلى 26 نوفمبر1849.
قاد هذه الثورة الشيخ المجاهد بوزيان الذي أثر الشهادة والموت في سبيل بلاده علي أن يعيش تحت رحمة المستعمر الفرنسي و للتذكير فإن الشيخ بوزيان الذي كان مندوب الأمير عبد القادر على منطقة الميزاب الظهري، كان قد أعلن الثورة على المستوطنين الجدد ومن هناك انتشرت إلى مناطق أخرى في الزيبان، حيث كانت بواعث هذه الثورة تختلف فيها العوامل السياسية والدينية والإقتصاية، وفي مقدمة هذه العوامل زيادة الضريبة المفروضة على ملاك النخيل بنسبة 15٪ لتصبح 45 ٪ بدلا من 30٪ من مداخل التمور.
وفي نفس الوقت، فرضت الإدارة تعميم الضريبة على جميع الأملاك، بما فيهم الكراغلة والأتراك وشيوخ الدين والمرابطين الذين كانت الإدارة التركية تعفيهم منها ، فنظرا لهذا الظلم الجائر و عدة أسباب أخرى أعلن الشيخ بوزيان جهاده بواحة الزعاطشة عام 1849 م في الوقت الذي كانت فرنسا تعتقد أن بنهاية ثورتي الأمير عبد القادر و مقاومة أحمد باي قد وضعت نهاية للمقاومة الجزائرية ،ففي 25 من شهر نوفمبر1849م هاجم الجنرال الفرنسي ( هيربيون ) واحة الزعاطشة بلدة ليشانة بمنطفة الزيبان ولاية بسكرة حاليا التي استعصت على قواته آنذاك, وقسم قواته الغازية إلى ثلاث فرق ، للقيام بالهجوم على ثلاث مداخيل, وكانت كل فرقة يتراوح عدد أفرادها مابين 700 – 800 جندي ، باستثناء المرتزقة من الأفارقة ( وقوم العرب ) تحت قيادة كل من ( كولونيل دويران – وكان روبار – دورول مون )، وكلف الكولونيل( دمي باك ) بقيادة المركز و مراقبة الواحات الأخرى لمنع أ ي وصول نجدة للزعاطشة مع تركيز وجودها على مكان تواجد منزل الشيخ بوزيان للتعرف عليه.
في 26 نوفمبر 1849 م اهتز العالم والجزائر لمجزرة الزعاطشة ( بليشانة )، الذي اقترفها السفاح الجنرال ( هيربيون ) بعد أن عزز بقوات كبيرة تقدر بأكثر من 5000 جندي أقدمت إليه من قسنطينة ، باتنة، بوسعادة ، سكيكدة وعنابة مما شجع المحاصرين من معاودة الهجوم يوم 26نوفمـبـر 1849 بثمـانية آلاف من الجند يقودهم الضابط 'بارال' والعقيد 'كانـروبار' و لافارود و العقيد 'دومانتال' ، ناهيك عن العتاد الحربي،في حين ضربت بقية القوات حصارا خانقا على الواحة تحسبا لأي نجدة تصلها من مناطق أخرى ، وقد اشتبك المجاهدين البواسل مع الجند الفرنسيين بالـسـلاح الأبيض في الدروب والأزقة ،حتى سقطوا
عن آخرهم و قد ألقي القبض على الشيخ بوزيان زعيم الزعاطشة ، وابنه الذي لا يتجاوز من العمر السادسة عشر والشيخ موسي الدرقاوي ، في يوم26 نوفمبر1849 م، فأمر "هيربيون" بقطع رؤوسهم ،وتعليقهم على أبواب مدينة بسكرة عدة أيام ، ثم نقلت إلى قسم الانتروكولوجي " متحف اللوفر فرنسا". .
انتهت مقاومة الزعاطشة بخسائر فادحة حيث خربت الواحة بأكملها حيث مارس فيها الفرنسيون أبشع أنواع التعذيب والإجرام التي يندى لها جبين الإنسانية ، بقطع رؤوس البشر وتعليقها على الأبواب أو على خناجر البنادق نكاية في الثوار ، بينما خسر الفرنسيون 10 من ضباطهم برتب مختلفة و165 جنديا قتيلا و إصابة 790 بجروح متفاوتة الخطورة ، أما في صفوف المقاومين فتذكر المصادر الفرنسية العثور على 800 جثة وعدد آخر غير محدد تحت الأنقاض وقطعت أشجار النخيل عن آخرها و قد عرفت هذه المقاومة الأسطورية صدى واسع على مستوى الوطن المحتل آنذاك وأ ثارت مقاومة الزعاطشة تضامنا دينيا ووطنيا واستغراب العدو من إصرار السكان على إفشال مخططاته بعزم الرجال الذين كانوا يستمدون العون من خالقهم .......

