بعد ان أسدل الستار على وهج البكالوريا ونتائجها تعالت الزغاريد في كل مدينة وحي ومنزل جزائري احتفالا بنجاح الأبناء في هذا الاستحقاق الهام الذي يعد نقطة فاصلة في حياة الطالب الناجح وأهله.
نسيمة الوافي
وفي ذلك تتفنن العائلات الجزائرية بصفة خاصة بالاحتفال بهذا الحدث المميز بطريقة فريدة من نوعها وبلمسة جزائرية بحثة خالصة .
" لفيميجان والكورتاج" اولى مظاهر الاحتفال .
مقارنة مع باقي المجتمعات العربية يعد النجاح في شهادة البكالوريا لدى الجزائريين حدث هام ومميز ينتظره التلاميذ وأهلهم بفارغ الصبر لإقامة الأفراح والليالي الملاح تبدأ اولا بإطلاق العديد من المفرقعات بمختلف أشكالها وانواعها في الجو او ما تعرف محليا" بليفيميجان " خاصة في الأحياء الشعبية حيث تستمر الاحتفالات منذ ظهور النتائج إلى غاية منتصف الليل وبعده أين يجتمع الشباب والجيران للاحتفال بهذا الاستحقاق في أجواء أقل ما يقال عنها بالخرافية .
كما يحتفى بهم كالعرسان حيث يجوب أصدقاء التلميذ الناجح مختلف الاحياء والمدن في موكب او" كورتاج " يظم مختلف انواع السيارات الفارهة يتصدرها الناجح كأنه فارس زمانه وعصره اذ لا يخلو أي حي في ذالك اليوم من ضجيج مزمار و ابواق السيارات التي تحدث صوتا متناغما موحدا "يوقظ الميت من قبره " كما يقال بالعامية الجزائرية .
توزيع المشروبات الغازية على الجيران أحد مظاهر الاحتفال .
وبما أن فرحة النجاح في البكالوريا تدخل الى بيوت الآلاف من الجزائريين لايتردد هؤلاء في مشاركة كل الجيران بهذه الفرحة حيث تقوم عائلة الطالب الناجح بشراء صناديق معتبرة من المشروبات الغازية توزع على جميع سكان الحي دون استثناء وسط أجواء من البهجة والسرور وغالبا ما يكلف بهذه المهمة الأخ او الأخت الصغرى التي تنقل او تزف خبر نجاح اختها او أخيها من بيت الى اخر وهكذا .
كما يشد كل أقارب الابن الناجح الرحال لتهنئته حيث يحضر الجدان و الاعمام والاخوال والخالات والعمات في ذات اليوم لمقاسمتة الفرحة والتعبير عن مشاعر السعادة التي لها رمزية خاصة أين تتعالى أصوات الزغاريد والبكاء كل البيت ،دموع الفرحة التي تخرج معها مشاعر كل تلك الطاقة، ففي فيض المشاعر لاتعود تلك الكلمات تجدي نفعا لأنها تغسل او تخرج معها كل ما بداخل الإنسان من فرح .
تحضير مادوبة عشاء وحفلات قهوة
تستعد سلمى وهي ام لثلاثة أطفال تمكن ابنها البكر من نيل شهادة التعليم الثانوي بتقدير ممتاز لإحياء حفل بسيط حسب قولها حيث ستقوم بدعوة العائلة والجيران على طاولة قهوة وشاي، حفل صغير يطلق عليه الجزائريون بالعامية " قهوة الباك " أين يتم تحضير مختلف انواع الحلويات التقليدية الجافة والمعسلة تقدم مع الشاي والقهوة للمدعويين الذين يجتمعون في صالة او ساحة البيت يتبادلون التهاني والتبريكات فيما بينهم .
اعداد ثلاثة انواع من الحلويات على غرار المشكلة والعرايش المزينة بقبعة التخرج هو ما تفكر به ربة البيت سلمى لتقديمه مع القهوة، كما تقول بأنها ستعد نوع من المعجنات و ميني بيتزا كنوع من المقبلات مع العصير وتختمها بحلوى المقروط سلطان المائدة الغني عن التعريف لدى الجزائريين مع الشاي المصحوب بالمكسرات ، اضافة إلى كل هذا ستقوم بشراء ملابس جديدة لتبهر بها ضيوفها أثناء استقبالهم او لتكيد اعدائها حسب قولها .
في حين فضلت ربيعة التي تكلل ابنها بالنجاح هي الاخرى اعداد وليمة عشاء للعائلة فقط حيث ستقوم بإعداد طبق الكسكسي كتقليد متوارث للعائلة ، كما تقول ربيعة ان هذا النوع من الاحتفالات لا يخص البكالوريا فقط اذ تحييه كل العائلات التي تمكن ابناؤها من الانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى سواء كانت مرحلة ابتدائية او شهادة التعليم المتوسط وحتى شهادة الليسانس وغيرها .
هدايا ومبالغ مالية معتبرة للناجحين
كما تستعد العائلات لإحياء الحفلات بدعوة المدعون والمقربون من العائلة أيضا بتخصيص مبالغ مالية معتبرة لتقديم "الباروك" ، هدايا تتنوع وتختلف كل حسب جيبه وإمكانياته الا انها غالبا ما تكون كنوع من الدين بين النسوة فمثلا فلانة قامت بمنح الفائز مبلغ معين من المال يتوجب على الاخرى اعطاء مبلغ مضاعف للأولى كنوع من التقدير.
عادة جزائرية متجدرة يمكن أن تسبب حساسيات بين العائلات خاصة .
الاحتفال بالنجاح نوع من أشكال الدعم والتحفيز في هذا الشان تقول الدكتورة أمينة عرباوي مختصة في علم الاجتماع ان احتفال العائلات الجزائرية بنجاح أبنائهم في مختلف الأطوار التعليمية النهائية يعد كنوع من التحفيز والتشجيع خاصة لباقي الابناء لتشجيعهم وحثهم على الدراسة ، كما تردف الدكتورة قائلة ان الأسر الجزائرية تولي اهتمام خاص للدراسة والنجاح رغم كل التحديات التي تواجهها سواء تعلق الأمر بغلاء المعيشة او غيرها وهي فرصة أيضا لتعزيز الروابط الاجتماعية والأسرية بين الفرد ومحيطه .
جائزة رئيس الجمهورية للطلاب المتفوقين
الأوائل ككل سنة يقوم رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون باستقبال التلاميذ المتفوقين او التلاميذ الأوائل عبر كل التراب الوطني بحضور مختلف الوزراء على رأسهم وزارة التربية الوطنية في قصر الشعب لتكريمهم على كل تلك المجهودات التي بذلوها خلال مسارهم الدراسي كما يتلقى التلاميذ النجباء هدايا ومنح معتبرة من قبل رئيس الجمهورية لتشجيعهم على مواصلة مشوارهم الدراسي الذي يعود بالنفع على البلاد لانجاب اطارات ومهندسين وغيرهم .
صالونات وهواتف ايفون أبرز هدايا الجزائريين للمتفوقين
ما ان كشفت وزارة التربية الوطنية عن نتائج امتحانات شهادة التعليم الثانوي واعلانها عن أسماء التلاميذ المتحصلين على المراتب الأولى وطنيا حتى تجند الجزائريون لاهداء الناجحين مختلف الهدايا رغم عدم معرفتهم بهم وعدم وجود صلة قرابة بينهم الا انها تعرف بمشاعر الأخوة والتأزر بين أبناء الوطن الواحد ففرحة النجاح تسعد الكبير قبل الصغير قريبا كان او غريب ، حيث قام احد اصحاب محلات الأثاث بإهداء التلميذ الذي توج بالمرتبة الأولى وطنيا صالون معيشة احضره من ولاية سطيف إلى غاية ولاية تيبازة كي تتمكن عائلة الطالب من استقبال الضيوف في أبهى حلة ، كما قدم له هاتف ايفون وغيرها من الهدايا من قبل أبناء وطنه الذين توافدوا عليه من كل حدب وصوب.