936
0
جمعية ترقية ثقافة البيئة و الطاقات المتجددة ... السعي لتوعية المواطن بالمشاكل البيئية و تثمين دور النفايات
تسعى الدولة ومؤسساتها لتحقيق الحياة البيئية السليمة للمجتمع، ومع تفاقم التلوث البيئي بشتى صوره أصبح ضروري على هذه المؤسسات أن تجد شريكا لها، يتحمل معها أعباء تطبيق مخطط عاجل للإصلاح البيئ لما له قيمة اجتماعية جديرة بالحماية.
نزيهة سعودي
لذلك أضحت الجمعيات المتخصصة في مجال حماية البيئة الداعم الأساسي للوزارة والهيئات المكلفة بهذا المجال، بكاثف جهود جميع الفاعلين في مجال البيئة، للمحافظة على سلامة المحيط من الضرر الناتج من التلوث و شتى مظاهر التغيرات البيئية.
الجمعية الوطنية لترقية ثقافة البيئة و الطاقات المتجددة من الجمعيات البيئية الناشطة في الجزائر تأسست في فيفري 2019، من طرف السيدة بوطاوي مليكة، تهدف إلى المساهمة في ترقية ثقافة البيئة و السعي من أجل تحقيق مساهمة فعلية في توعية المواطنين ورفع مستواهم العلمي والثقافي في الأمور المتعلقة بالبيئة والطاقات المتجددة، وتنمية روح التطوع بين أفراد المجتمع والعمل على التخفيف من المشاكل الناتجة عن التلوث البيئي، كما تعمل على تنظيم حملات توعوية و تحسيسية خاصة بالأمراض المتنقلة عن طريق المياه،و التنسيق مع جميع الهيئات المختصة من أجل إثراء وتعديل التشريعات والقوانين الخاصة بالبيئة والمياه والطاقات المتجددة، و هي حاليا متواجدة في 26 ولاية.
قطاع البيئة يتطلب مجهودات المجتمع المدني
خدمة المجتمع من المبادئ التي نشأت عليها رئيسة الجمعية السيدة بوطاوي مليكة فقد كانت في صفوف الاتحاد الوطني للشباب سابقا، نقابية كذلك في الاتحاد العام للعمال الجزائريين، جاءت الفكرة في تأسيس جمعية بيئية خاصة مع انتشار عدة مشاكل متعلقة بالبيئة، فهناك عدة جمعيات ذات طابع اجتماعي أو رياضي و ثقافي، معظمها تملك نشاطات بيئية لكن ليست جمعيات مختصة بالبيئة و حتى العنصر النسوي قليل جدا في هذا المجال.
القطاع البيئي حسب ما صرحته السيدة بوطاوي " حساس يتطلب مجهودات المجتمع المدني خاصة و أننا نشهد كوارث بيئية، فالمحيط في تدني إضافة إلى عدم وعي المواطنين في تعاملهم مع البيئة و مظاهر عديدة مخلة للبيئة بفعل الإنسان، العالم تطور أصبحنا في عصر الفضاء المفتوح نلاحظ نظافة المحيط لدى الدول الأخرى و هذا من بوادر التحضر و التطور،و المجتمع المدني لابد أن ينشط في هذا المجال الذي لازال يعرف نقص الجمعيات البيئية".
و ذكرت بوطاوي "خاصة مع القانون الجديد للجمعيات لابد أن نمضي إلى التخصصات، فحاليا شهدنا التغيرات المناخية التي أثرت سلبا على حياة المواطن و صحته" لهذا دعت السيدة بوطاوي إلى ضرورة مراجعة الحسابات في توجيه مجهودات المجتمع المدني لتعميم الفائدة على الجميع.
اعتمدت رئيسة الجمعية على اختيار من لهم ميولات حقيقية و تخصص في الجانب البيئي و القادرة على فتح نقاشات حول موضوع البيئة والطاقات المتجددة كحل من الحلول الحقيقية لانتقال الطاقة، كالزراعة و الحيوانات كونها جزء من الطبيعة و التنوع البيولوجي، و اعتمدت في برنامج الجمعية على مهندسين في الزراعة لتحويل النفايات العضوية إلى سماد طبيعي كبديل للمواد الكيميائية التي تضر بمنتوجات الجزائر الزراعية و بصحة المواطن.
ترسيخ فكرة الأسرة المنتجة باسترجاع البقايا
كما قامت الجمعية بتثمين النفايات سواء العضوية أو البلاستيكية و تحويلها عن طريق الحرف بمشاركة نساء و شباب حرفيين فقد تم تحويل المواد البلاستيكية إلى مواد قابلة للاستعمال و عرضها في العديد من المعارض و تلقت انطباعات حسنة مع المواطنين، كما شاركت الجمعية مرتين في المعرض الدولي للاقتصاد الدائري أين تم عرض منتوجات اشتغلت عليها نساء منخرطات بالجمعية وهي إعادة زيوت القلي إلى صابون صالح لغسل الأواني و الملابس مع تحويل الشموع ، كما قامت إحدى نساء الجمعيات بإنتاج الشوكلاطة من قشور الليمون و البرتقال، كل هذا يدخل ضمن ترسيخ فكرة الأسرة المنتجة و المرأة الجزائرية معروفة بحفاظها على الموروث الثقافي.
فكرة الاسترجاع هي الأساس لدى الجمعية فمن خلال بقايا القماش قدمت المنخرطات أشياء جميلة نالت إعجاب الطاقم الحكومي في أحد المعارض ، من خلال ذلك تسعى رئيسة الجمعية إلى تشغيل المرأة الماكثة في البيت ، كما عملت الجمعية على الفرز الانتقائي للنفايات و لأن البلاستيك يأخذ أكبر حجم فيها تدعوا الجمعية المواطنين إلى عزل الكيس المخصص للبلاستيك، و توضح السيدة بوطاوي "أن وزارة البيئة عملت بالتنسيق مع الوكالة الوطنية للنفايات و كذا البلديات بفتح الإستثمار في النفايات كحل للقضاء على النفايات البلاستيكية و الكرتونية،و ذلك عن طريق طلب رخصة لتقنين هذا القطاع الذي يمكنه تحقيق قفزة في الإقتصاد الوطني و يساهم في الدخل القومي للفرد، لأنه يوفر اليد العاملة و يحمي المحيط من تناثر البلاستيك أو ردمه بتكلفة باهظة و مجهودات كبيرة.
مشاركات في حملات وطنية لحماية و تنظيف الشواطئ
تتجسد أهم مشاركات الجمعية من خلال عدة عمليات مع المديرية العامة للنفايات في موسم الغرس، أين تكثف نشاطات الجمعية و تتضاعف مع الشركات، في كل سنة تطلق الوزارة حملات وطنية حول حماية تنظيف الشواطئ و الغابات و إقامة عمليات تحسيسية وسط المواطنين و تشهد إقبالا كبيرا، و في هذا الصدد تناشد رئيسة الجمعية إلى مضاعفة الجهود لأنها فرصة لتحسيس المواطنين، و هذا يندرج ضمن أهداف الجمعية في ترسيخ وعي الثقافة البيئية
تواجه الجمعيات باختلاف تخصصها مجموعة تحديات تعرقل مسارها ولعل أكبر مشكل تتقاسمه هو المقرات و وسائل التمويل، حيث صرحت السيدة مليكة بوطاوي أنه حاليا هناك تمويل عن طريق المشاريع ولكن يبقى مشكل المقرات من أهم مشاكل الجمعية ، رغم ذلك تتواصل أعضاء الجمعية عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي التي تسهل الأمور، مشيرة إلى أنه لابد لكل جمعية أن يكون لها تمويل خاص بها لتتمكن من القيام بمشاريع متنوعة تنفرد بها.
تكوين الشباب في الرسكلة و الاستثمار في الإقتصاد الدائري
تهدف الجمعية الوطنية لترقية ثقافة البيئة إلى تكوين الشباب في مجال الرسكلة و الطاقات المتجددة و تدعوا رئيسة الجمعية في هذا الإطار إلى عدم التخوف من الإستثمار المتعلق بالاقتصاد الدائري باعتباره فضاء مفتوح و المنافسة ليست كبيرة و الطلب بالتكفل بهذه المشاكل البيئية كبير، و أكدت ذات المسؤولة إلى حتمية اللجوء للانتقال الطاقوي خاصة و أن بعض الإجراءات قد ظهرت سنة 2022 من طرف رئيس الجمهورية و دعوته لتصبح الإنارة العمومية عن طريق الطاقة الشمسية و هذا ما فتح مجال كبير من خلال مشاريع ضخمة فإذا تكفلت كل بلدية بإنارتها عن طريق طاقة شمسية ستتحرك عدة مصانع و تحقق يد عاملة بنسبة كبيرة.
كما تنظم الجمعية دورة تكوينية عبر الزوم تخص رسكلة الزيوت مفتوحة للنساء مدة 3 أيام و كللت بالنجاح و تبقى الجمعية صامدة من أجل التكوين، كما تهدف إلى إنجاز مسابقات النوادي الخضراء.
تحاول الجمعية بكل مجهوداتها إلى توعية الشباب لخوض تجربة الإستثمار في مجال الإقتصاد الدائري و الاقتصاد الأخضر كونه مستقبل البلاد، فهناك مؤسسات ناشطة في مجال الرسكلة هي الوحيدة التي لم تعاني من مشاكل المواد الأساسية وقت الأزمات لأنها متاحة وتنشط في مجال الكرتون، البلاستيك و الزيوت، و حاليا هي من بين المؤسسات المختصة في الرسكلة و الناجحة فقد أثبتت قوتها في السوق و هذا راجع إلى أن المنافسة لازالت غير كبيرة و الفضاء مفتوح.
العالم يشهد قبة حرارية و الأسباب متعددة..
و من جانب آخر و بخصوص مساهمة الجمعيات البيئية في تنمية الوعي البيئي ترى السيدة بوطاوي أن المشاركة الدائمة و الاتصال المباشر مع المواطنين هو من سيساهم في توعية المواطنين، إضافة إلى وسائل الإعلام التي تنشر الوعي البيئي و تغطيتها للنشاطات الليئية و فتح الحوارات مع النشاطات في مجال البيئة، هذا كله يصب في تنمية الوعي البيئي لدى المواطنين و خير دليل هو أن العالم يشهد قبة حرارية بدرجة حرارة غير عادية و هذا راجع للتغيرات المناخية و الاحتباس الحراري و الجفاف، تقلص الغطاء النباتي و توسيع العمران، زيادة عدد السكان و استعمال الطاقات التقليدية و عدم الانتقال إلى الطاقات المتجددة، فيجب المساهمة في الحفاظ على البيئة و نشر الوعي قدر الإمكان.
و بالحديث عن مفهوم القبة الحرارية تقول السيدة بوطاوي هو ارتفاع درجة الحرارة في الهواء و ذلك راجع للجفاف الموجود في الأرض و تصنيع الأسلحة النووية، السيارات و حجم الطيران كلها غازات تطلق في الهواء سمها يعود سلبا على الإنسان و هذا ما ينتج عنه أمراض الربو و الحساسية جراء تلوث المناخ، أما عن السلوكيات الشائعة التي تضر بالبيئة حسب محدثتنا هي الرمي العشوائي للنفايات، التعامل مع البيئة باستخفاف و حتى برامج البيئة ليست من الأولويات الكبرى للبلديات، فمن المفروض أن تكون من أولى أولويات الدولة سواء في سياسة الحكومة.
كما ينبغي على الكل المساهمة في قانون حماية الغابات فقد تسلط عقوبات و تجريم حرائق الغابات لأن الشخص الذي يسبب حريق يودي بحياة المواطنين، و دور المجتمع المدني هنا هو تثمين هذا القانون و شرحه لعامة الناس.
تضامن الجمعية مع الحرائق التي شهدتها البلاد
كما عرفت الجزائر خسائر مادية و بشرية كبيرة و ظاهرة الرياح زادت ساهمت في انتشار الحرائق مما أدى ذلك لخسائر مادية و بشرية، إلا أن المجتمع المدني تحرك في هذا الشأن للتكفل بالعائلات بداية من المرصد الوطني للمجتمع المدني و الهلال الأحمر الجزائري و كل أطياف المجتمع و قد ساهمت الجمعية الوطنية لترقية ثقافة البيئة في هذه الهبة التضامنية من خلال فروعها المتواجدة في الولايات المتضررة.
يكمن العمل الخيري لدى الجمعية من خلال تخصيص وقت للمساهمة في راحة و وعي المواطنين باعتباره عمل تطوعي، و حتى البيئة لها الجانب الإنساني فلما المواطن يخرج في محيط نظيف هذا يريح باله، إضافة إلى تحريك العجلة الاقتصادية و الاجتماعية عن طريق جمع النفايات التي تمنح تراخيص للشباب و تحقيق فرص عمل، و في هذا السياق ثمنت بوطاوي الاكتساح الكبير لحاملي المشاريع و المؤسسات الناشئة في مجال البيئة مشيرة إلى ما لفت انتباهها و هو اختراع آلة منبهة للحرائق و هي فكرة مشروع لشاب جزائري شارك في مسابقة و تحصل على براءة اختراع.
تنمية روح التطوع
و في الأخير أشادت السيدة بوطاوي بكل ما تحققه الجمعيات من نجاحات وسط المجتمع المدني كقوة حقيقية تعمل بمجهودات جبارة، متمنية من الجيل الجديد الاستمرار في العمل التطوعي و مواصلة المشوار في تقديم المساعدة، معتبرة خدمة المجتمع أمر راقي و العمل الجمعوي ليس مناسباتي فلا بد من الاهتمام به أكثر و إعطاء الفرصة للأشخاص التي تتسم بالمؤهلات اللازمة للدفع بعجلة التنمية المحلية.