1961
0
جمعية نور ...فضاء لتحقيق الاستقرار الأسري و ترقية دور المرأة في المجتمع
تعتبر الأسرة أساس الاستقرار وثبات المجتمعات، فهي مسؤولةً عن تكوين القيم الروحية والوجدانية والخلقية، وتعليم الأفراد أدوارهم المتوقعة منهم، لذا نجد المجتمع المدني يركز اهتمامته بها،على غرار جمعية نور للمرأة و الطفل و الأسرة إحدى الجمعيات الناشطة في ولاية الجزائر، نشأت من أجل مد يد العون و المساهمة في تنمية الأسرة و تحقيق أمنها ومعالجة قضاياها وفق أساليب عصرية متطورة تتماشى مع الهوية الجزائرية، كما تقدم خدمة نفسية تربوية اجتماعية و قانونية للأسرة.
نزيهة سعودي
تركز جمعية نور خلال عملها على تطبيق مجموعة أهداف أساسية داخل المجتمع و تحاول قدر الإمكان تجسيدها على أرض الواقع، حيث تسعى إلى الاهتمام بالأسرة والمساهمة في الحد من التفكك الأسري، توعية وترقية المرأة لأداء دور إيجابي في المجتمع وخدمة الوطن، تأهيل الفتاة وإيجاد فضاءات تعنى بشؤونها وتستوعب اهتماماتها، تأهيل الطفل تربويا علميا ونفسيا، إضافة إلى السعي لمرافقة الأسرة ما بعد الطلاق لحماية حقوق الطفل والمرأة المطلقة، على غرار تشجيع مختلف الأنشطة النسوية و كذا مرافقة ومتابعة المرأة الحرفية والمرأة المنتجة وإدماجها في الحياة الاقتصادية، مع ربط علاقات تنسيق وتعاون مع جمعيات ذات أهداف مشتركة على مستوى القطر الجزائري .
في هذا الصدد تروي لبركة نيوز السيدة دليلة حسين رئيسة جمعية نور للأسرة و المرأة و الطفل عن ظروف تأسيس الجمعية، حيث قررت مجموعة نساء جامعيات تقديم خدمة إيجابية للوطن و الأسرة الجزائرية، بعدما كثرت مظاهر التفكك الأسري و الانفتاح الغير مضبوط على وسائل التواصل الاجتماعي و انعدام الاطمئنان داخل بعض الأسر، و أحداث كثيرة و متتالية جعلت من المجموعة تفكر مليا و من ثم المساهمة بما يمكن للوصول بالأسرة الجزائرية إلى الاستقرار ، إلى غاية أن انبثقت أفكار من المجموعة للقيام بأعمال تطوعية في إطار العمل الجمعوي.
سنة 2019 قررت السيدة دليلة إنشاء جمعية، حيث تم تحديد أهداف حسب الاحتياجات و المتطلبات من خلال ممارساتها القبلية، تهتم جمعية نور بالمرأة كعنصر أساسي في استقرار و انضباط الأسرة كما تركز على الخطورة التي يواجهها الأطفال في ظل الإدمان على الأنترنت ، راودت رئيسة جمعية نور فكرة أن تسخر جهودها لصالح الأسرة الجزائرية، بدون التخلي عن مواكبة العصر.
فتح خلايا إصغاء و محاولة حل النزاعات لاجتناب التفكك الأسري
تنشط الجمعية من خلال محاور عديدة سطرتها في برنامجها السنوي حيث تتيح نوادي مختلفة منها نادي الفتات، نادي الطفل، نادي المعرفة، تعليم القرآن، إضافة إلى مشاريع للشابات، فتح فضاء خلايا الاصغاء للنساء الذين يعانون من مشاكل معقدة في إطار الأسرة الجزائرية التي لم تعرف كيف تواكب العصر و في نفس الوقت الحفاظ على بر الوالدين و صلة الرحم و أمور عديدة تمضي بنا نحو التفكك، كما تتيح برامج فضفة لمعالجة المشاكل الزوجية، ومرافقة للأزواج، التأهيل الزواجي، من خلال ندوات و محاضرات، و أمور أخرى ترفيهية و تعليمية.
أما بخصوص المشاريع المنجزة من طرف الجمعية أوضحت السيدة حسين حول مشروع كفاف الذي أطلقته منذ سنتين يخص المرأة بصفة عامة مهما كان مستواها التعليمي، حيث يمكنها من كسب مهارات جديدة و مرافقتها نفسيا لتطوير نفسها، كما قالت محدثتنا "نتعامل مع مؤسسات عمومية و خاصة لتطوير الجانب المهاراتي لدى الحرفيات كما نشارك و نقيم معارض عديدة مثل معرض "من صنع يدي" للتسويق لمنتجات النساء، باعتبار كل امرأة مشاركة تتمكن من التسويق لمنتوجها و ذلك من أجل تخفيف الضغط النفسي لديها نتيجة الاحتياج المادي، لتستطيع تجسيد مشروعها الخاص و تتحصل على دخل خاص بها، ذلك من أجل تحقيق اكتفاء واستقرار يعود بالنفع على الأسرة.
أما بالنسبة لمشروع الصحة و الجمال شرحت لنا رئيسة الجمعية أنه مشروع كبير يظم أساتذة متخصصين في التغذية الصحية أطباء و رياضيين، يتم فيه ممارسة التمريض المنزلي من خلال فريق يتنقل للأشخاص المرضى لعلاجهم و التخفيف عنهم ، بالتنسيق مع جمعيات أخرى من خلال توفير أدوية و كراسي متنقلة و كل الأمور التي يحتاجها المريض حتى في الولايات الأخرى.
إضافة إلى المشاريع الخاصة بالجمعية نجد حملة "ديرو بحالي" يتم جمع من خلالها الملابس المستعملة و الغير المستعملة أفرشة أغطية و يساهم أعضاء الجمعية في فرش بيوت للأسر المعوزة و اللجوء إلى مناطق الظل و إعانة الأسر في مختلف المناسبات الإجتماعية.
إحياء الأعياد و المناسبات لإبراز الموروث الثقافي في عمق الأسرة الجزائرية
كما تشارك الجمعية في كل المناسبات الدينية و الوطنية التي تعني الأسرة الجزائرية في العمق و هذا من خلال مسرحيات و حفلات، مثل المولد النبوي الشريف اليناير هنا صرحت رئيسة جمعية نور "نحاول من خلال هذه المبادرات إبراز كل العادات و التقاليد و الموروث الثقافي الموجود في عمق الأسرة الجزائرية من شمالها إلى جنوبها و من شرقها إلى غربها ، مع الاهتمام بالطبخ و اللباس التقليدي و طرق زف العروس الجزائرية الأصيلة، و كيفية القيام بالأعراس بعادات و تقاليد جزائرية".
تركز الجمعية على أنشطة أسبوعية دورية تقوم من خلالها ببرامج لتكوين و تأهيل العاملين و أعضاء الجمعية بتأطير من أساتذة من مختلف التخصصات، يسمى "لقاء الثلاثاء" ، ينبثق عنه عدة برامج تسعى من خلالها الجمعية أن تبني مجتمع نموذجي، وأسرة جزائرية آمنة ومطمئنة، وذلك بطريقة علمية و مدروسة.
تواجه الجمعية كغيرها من الجمعيات مشاكل عديدة أولها عدم تواجد مقر فمنذ سنة 2016 و الجمعية تلجأ إلى الكراء و هذا ما أرقها ماديا، علاوة على انعدام الدعم المادي و في هذا السياق اعتبرت رئيسة الجمعية أنه من أجل سير برنامج عمل الجمعية بشكل متتالي تحتاج لعديد من الأمور و الاشتراك لا يكفي، بل مبلغ الكراء فقط يؤرق الجمعية ماديا.
دورات للتأهيل الزواجي و الترشيد الأسري و أخرى لكشف المهارات النسوية
و من ناحية أخرى و بخصوص التكوين تتيح الجمعية دورات للتأهيل الزواجي و الترشيد الأسري ، من خلال دورات خاصة بطواقم الجمعية، منها خاصة بالحرفيات بالتنسيق مع مؤسسات أخرى، و دورات مفتوحة للجميع في كل المجالات التي تخص الأسرة و الطفل، لتمكينه من إبراز مواهبه ليحقق طموحاته ويكسب ثقته في النفس.
و بالنظر لفئة الشباب قامت الجمعية بإنشاء نوادي تسمى "السماء و الضياء" تمكنهم من المشاركة في الأنشطة الكبرى مثل الحملات الرمضانية لتوزيع الطعام و الصدقات باختلافها ،كما يشاركون في ورشات و ندوات متخصصة لمحاربة الانحراف و الآفات الاجتماعية و كذا التوعية و التحسيس بأهمية الأمور التطوعية .
وعن كيفية اعتناء الجمعية بالمرأة و توعيتها بمخاطر سرطان الثدي و كل الأمراض الخاصة تحديدا بالمرأة ، أوضحت السيدة دليلة حسين أن "سرطان الثدي له تأثير عميق على نفسية المرأة و من هذا المنطلق تقوم الجمعية تحسيسها بضرورة المراقبة اليومية و الذاتية مع نصحها بعدم الاتكال على الفحص الدوري مع إرشادها عن طريق ممرضات علامات و مظاهر هذا الداء، كونه مرض خطير و صامت، كما تبرمج الجمعية أيام تحسيسية، للحديث عن أخطار سرطان الثدي مع الوقوف عند الأسباب و عوامل الإصابة به، الوعي هنا مطلوب جدا".
مرافقة الأطفال ذوي الهمم و المصابين بالتوحد من الجانب النفسي
تساهم الجمعية عن طريق الاعتناء بالجانب النفسي و البيداغوجي للطفل بتواجد خلية الاصغاء تظم أخصائيات نفسانيات، للإطلاع على مختلف المشاكل النفسية التي يعاني منها الطفل كالتبول اللاإرادي الحياء الزائد و مشاكل نفسية أخرى ، أما المربيات تضيف رئيسة الجمعية "هن من يهتمون بمن لديه صعوبات في التعلم و النطق ،ويعملن جاهدات ليتمكن كل طفل من التعلم بطريقة سليمة و طبيعية".
تهتم الجمعية على غرار الفئات الأخرى بالأطفال الذين لديهم صعوبات التعلم و لا يندمجون بطريقة سريعة مع الجميع، كما تهتم بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة حيث تغتنم الجمعية الفرصة في المناسبات لدعوتهم و تكريمهم و تقدم لهم بعض الأنشطة الترفيهية، إضافة إلى برامج و ورشات خاصة بهذه الفئة ، وهناك برنامج خاص لفتح فضاء لذوي الاحتياجات الخاصة وأمراض أخرى كالتوحد و متلازمة الداون، تتيح لهم متابعة نفسية من طرف اخصائيين سعيا لتخفيف الضغط و العبئ على الأولياء، و في هذا الصدد نوهت محدثتنا أن الإصابة بالتوحد أصبح بكثرة و الأمر ليس بالسهل يتعلق بكيفية تنظيف أنفسهم، حماية أنفسهم من الآخرين ، تصرفاتهم أثناء سن البلوغ، أمور بسيطة بالنسبة لهم صعبة جدا.
وتضيف محدثتنا" المدارس الخاصة بهذه الفئة مكلفة و تتطلب مبالغ باهضة وهي غير متاحة في كل المناطق و البلديات"
دعوة المجتمع المدني للعمل بقوة من أجل تدارك الأسرة الجزائرية
في الأخير و عن دور المجتمع المدني في تحقيق الأمن الأسري داخل البيوت الجزائرية أكدت ذات المتحدثة بالقول " نعمل على تسخير جهودنا لإيجاد إطار آمن لأسرة جزائرية نخلصها من براثن المادية و الاستغلالية و الضياع بين الفتن و أصحاب المصالح ، للعودة إلى بيت آمن أمام انتشار مظاهر عديدة حطمت الأسرة كالخيانات زوجية ، وتعرض الأطفال لممارسات غير أخلاقية بغير دراية نتيجة عدم الوعي بسلبيات الأنترنت، كلها تجعلنا نعمل بقوة لنستطيع تدارك الأسرة الجزائرية".