136
1
جمعية حورية تواصل تدريب المقبلين على الزواج
مشروع لبنة للتأهيل الزواجي

في إطار دعم جهود التوعية والتأهيل الأسري، وبهدف ترسيخ ثقافة الزواج المسؤول، نظمت اليوم السبت، جمعية حورية للمرأة الجزائرية، دورة تكوينية "لبنة" للتأهيل الزواجي، تحت إشراف المرصد الوطني للمجتمع المدني، وذلك على مستوى دار الشباب باش جراح، بحضور الوالي المنتدب للمقاطعة الإدارية الحراش، وعدد من ممثلي الجهات الرسمية.
شروق طالب
وفي كلمتها الافتتاحية، أوضحت رئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدني، الدكتورة ابتسام حملاوي، أن المرصد بصفته هيئة تمثل المجتمع المدني، يسعى إلى تبني كل المبادرات والمشاريع البناءة التي من شأنها الإسهام في تنمية المجتمع وإيجاد حلول فعالة لعدد من الآفات الاجتماعية التي تهدد تماسكه، وفي مقدمتها ظاهرة الطلاق، التي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة.
وأشارت حملاوي إلى أن المرصد قد باشر العمل في هذا السياق، من خلال التنسيق مع مراكز البحث التابعة لوزارة التعليم العالي، إلى جانب تبنيه ومرافقة مشروع "لبنة للتأهيل الزواجي"، الذي تشرف عليه جمعية حورية للمرأة الجزائرية، إيماناً منه بالدور الحيوي الذي يضطلع به المجتمع المدني في دعم جهود تعزيز الترابط الأسري وتحقيق الاستقرار المجتمعي.
كما أكدت أن هذا المشروع يُعد تجربة رائدة أثبتت نجاعتها في عدد من الدول، نظراً لمساهمته الفعلية في الحد من حالات الطلاق عبر التأهيل النفسي والاجتماعي للمقبلين على الزواج.
وأضافت أن المشروع، وبفضل جهود جمعية حورية، يشهد اليوم تجسيداً فعلياً ميدانياً، بعد أن تم توفير كل الإمكانيات اللازمة لإنجاحه، بالتنسيق مع مختلف الجمعيات الولائية، بهدف ضمان استفادة أكبر عدد ممكن من الشباب المقبلين على الزواج والمتزوجين حديثاً، بما يسهم في بناء أسر مستقرة ومتماسكة.
ومن جهتها، أوضحت الدكتورة عائشة سرير الحرتسي، رئيسة جمعية حورية للمرأة الجزائرية، أن مشروع "لبنة للتأهيل الزواجي" الذي أُطلق سنة 2019، جاء عبر مرحلتين أساسيتين.
تمثلت المرحلة الأولى في تكوين مدربين ومرشدين أسريين، تلقى خلالها المشاركون تكوينا متخصصا في 14 محوراً تغطي الجوانب الاجتماعية، النفسية، الصحية، القانونية، الاقتصادية، والاستشارية للحياة الزوجية، على غرار الخطبة، الطلاق، الرضاعة، والتغذية، وفن التواصل وتسيير ميزانية الأسرة.
وقد استمرت هذه المرحلة من 2019 إلى 2021، وخرجت الدفعة الأولى من المدربين، تلتها دفعة ثانية من 160 مدربة خلال الفترة من 2021 إلى 2024، جميعهم عملوا بشكل تطوعي.
أما المرحلة الثانية، فركزت على الوصول إلى عامة المجتمع، لا سيما المقبلين والمقبلات على الزواج والمتزوجين حديثًا، من خلال تقديم دورات تأهيلية مكثفة تمتد على مدى ثلاثة أيام، تهدف إلى تزويد المشاركين بالمهارات اللازمة لبناء حياة زوجية مستقرة، متوازنة، وطويلة الأمد.
ولتحقيق هذا الهدف، أشارت الحرتسي بأن الجمعية حرصت على توسيع الشراكات، عبر إشراك الجمعيات الولائية والجهات الرسمية، على غرار وزارة التضامن الوطني والمرصد الوطني للمجتمع المدني، الذي ساهم بدوره في تعميم المشروع على مختلف ولايات الوطن من خلال توجيه الدعوات للجمعيات الفاعلة في الميدان لتحفيز الشباب والشابات على حضور هذه الدورات.
وذكرت سرير الحرتسي بان المشروع شهد انطلاقة ميدانية ناجحة من خلال الدورة الافتتاحية في ولاية المدية، التي حضرها 60 شاباً وشابة، تلتها دورات مماثلة في العاصمة، ورقلة، وبلدية عين بسام بالتنسيق مع جمعية محلية تابعة للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات.
وعن الأهداف المستقبلية للجمعية، كشفت سرير الحرتسي، بأن الجمعية تسعى إلى تأهيل 16 ألف مستفيد على المستوى الوطني، ضمن رؤيتها للمساهمة في خفض نسب الطلاق وتعزيز تماسك الأسرة الجزائرية.
وأكدت الحرتسي أن هذا المشروع مستلهم من تجارب دولية ناجحة مثل ماليزيا، العراق، ودول الخليج، التي اعتمدت التأهيل الزواجي كشرط أساسي قبل الزواج، كالفحص الطبي قبل الزواج.
مضيفة بأن الأسرة باعتبارها الخلية الأساسية في المجتمع، هي نقطة الانطلاق الفعلية للإصلاح المجتمعي، وذلك للحد من مختلف الآفات الاجتماعية، فضلا عن المساهمة في تنشأة جيل واعي ومتوازن نفسيا يعول عليه في بناء الجزائر.
تشويه مفهوم الزواج
وفي السياق ذاته، أوضح البروفيسور كمال صدقاوي، المختص في علم النفس بجامعة ابن خلدون بتيارت، أن مشروع "لبنة للتأهيل الزواجي" لا يُعد مجرد مبادرة اجتماعية، بل يمثل مقاربة علمية مدروسة تهدف إلى رفع وعي الشباب المقبلين على الزواج، من خلال ترسيخ ثقافة التكوين المسبق قبل دخول الحياة الزوجية.
وأكد أن هذا التكوين يُمكن الشباب من اكتساب الأساسيات الضرورية التي تُعد ركائز لاستقرار الحياة الزوجية، لا سيما في الجوانب النفسية، الاجتماعية، والصحية، ما يساهم بشكل مباشر في خفض نسب الطلاق وتعزيز التماسك الأسري.
وأشار صدقاوي إلى أن النتائج الأولية للمشروع أظهرت انخفاضاً ملحوظاً في نسب الطلاق بين الأزواج الذين خضعوا لبرامج التأهيل، حيث لم تتجاوز النسبة 5%، في مقابل ارتفاعها لدى الأزواج الذين دخلوا الحياة الزوجية دون أي توجيه أو إعداد نفسي مسبق.
حيث قال "الزواج ليس مجرد عقد أو احتفال، بل هو مشروع إنساني واجتماعي يتطلب تهيئة جدية ومسؤولة، لأن التحدي الحقيقي يبدأ في اليوم التالي للاحتفال".
وفي هذا الشأن، لفت إلى أن الخلل في فهم مفهوم الزواج اليوم، بات أحد أبرز أسباب فشل العلاقات الزوجية، إذ أصبح يُنظر إليه أحيانًا كـ"ملجأ نفسي" للهروب من مشاكل البطالة أو الإدمان، وهو ما يتعارض مع المقاصد الأساسية للزواج.
هذا بجانب تراجع دور الأسرة في التوجيه والإرشاد، إلى جانب تأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي ساهمت في تشويه معايير الاختيار والزواج، مما جعل المفهوم الأسري للزواج يبدو "هلامياً"، غير واضح المعالم، لدى كثير من الشباب.