22
0
تنصيب اللجنة الوطنية للمدرسة النموذجية
وإطلاق المنصة الرقمية لمؤشرات جودة الحياة

تم اليوم الأحد، بالعاصمة إطلاق منصة إلكترونية وطنية من طرف وزارة البيئة وجودة الحياة تحت شعار "جودة حياة… بيئة مستدامة"، تزامن ذلك مع تنصيب اللجنة الوطنية لجودة الحياة التي ستتولى الإشراف على تجسيد مشروع المدرسة النموذجية المستدامة ضمن تنسيق قطاعي مشترك، في إطار مسعى لتعميم هذا النموذج على المستوى الوطني.
نسرين بوزيان
وجاء ذلك خلال اللقاء الوطني المنظم بالتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة البيئة وجودة الحياة، في طبعته الأولى الموسومة بـ"مكتسبات وطنية، برهانات تنموية"، والذي يندرج ضمن الديناميكية الوطنية الرامية إلى ترسيخ مقاربة شاملة لجودة الحياة، تقوم على التكامل بين الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية، وذلك في سياق إعداد وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة، بما ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة وآفاق 2030.
المدرسة النموذجية المستدامة لتعزيز جودة الحياة

وفي كلمتها الافتتاحية، أكدت وزيرة البيئة وجودة الحياة ، كوثر كريكو ، أن الجزائر، بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، باشرت إصلاحات جذرية ومشاريع هيكلية كبرى تنفيذا لالتزاماته، مست مختلف مناحي الحياة من تنويع مصادر الدخل وتطوير البنى التحتية، إلى تحسين الخدمة العمومية وتقريب الإدارة من المواطن.
وقالت الوزيرة إن هذه الإصلاحات شملت كذلك تعزيز الاستقرار الاجتماعي من خلال إنجاز مشاريع سكنية كبرى، وتدعيم المرافق الصحية والتعليمية، وتثمين الأجور والمنح، وتعزيز شبكة النقل العمومي والري إلى جانب المشاريع الهيكلية الكبرى، لاسيما مشروع غار جبيلات.
وأضافت كريكو أن الدولة أولت أهمية خاصة لمرافقة ودعم الشباب وإقرار مزايا وتسهيلات للجالية الوطنية بالخارج، بما يجسد العناية بأساسيات المواطن في إطار بيئة سليمة ومستدامة قادرة على مواجهة التحديات المناخية، مع مواكبة رقمية تجسدت من خلال تنصيب المحافظة السامية للرقمنة، انسجاما مع المستجدات التكنولوجية العالمية. وكشفت في هذا السياق عن استحداث اللجنة القطاعية الوطنية لجودة الحياة، التي سيتم تنصيبها تحت إشراف وزارة البيئة وجودة الحياة، وبمرافقة رقمية عبر منصة وطنية بهدف ترقية جودة الخدمات وتعزيز التنسيق القطاعي بين مختلف الفاعلين.
كما شددت على أن الوزارة ستتولى متابعة التنفيذ المستدام لمختلف المشاريع المنجزة في هذا الإطار وعلى رأسها مشروع المدرسة النموذجية المستدامة، مؤكدة السعي الجاد لتعميمه على المستوى الوطني.
الأمن الطاقوي والمائي أساس جودة الحياة

من جانبه، أبرز وزير الدولة، وزير المحروقات والمناجم، محمد عرقاب، أن مفهوم جودة الحياة يعد مفهوما شاملا ومتكاملا، لا يقتصر على مجال واحد، بل يعكس مستوى الرقي في نوعية الخدمات المادية والاجتماعية المقدمة للمواطن.
وأوضح أن قطاع المحروقات والمناجم يعمل على تحقيق مستوى جيد من هذه الخدمات من خلال ضمان الأمن الطاقوي والمائي على المدى الطويل، وتثمين الموارد الوطنية من المحروقات والمنتجات المنجمية، والحفاظ عليها للأجيال القادمة مع تغطية احتياجات القطاعات الاقتصادية وتمويل الاقتصاد الوطني وتعزيز التنمية.
وأكد عرقاب أن سياسة القطاع ترتكز أيضا على البعد البيئي، مبرزا الجهود المتواصلة لحماية البيئة والتقليل من البصمة الكربونية عبر جملة من المشاريع على غرار مشروع التشجير الذي أطلقته شركة سوناطراك، والذي يهدف إلى غرس أكثر من 400 مليون شجيرة خلال عشر سنوات، بما يدعم التنمية الاجتماعية ويخلق آلاف مناصب الشغل.
وبين أن القطاع يعمل كذلك على خفض حجم الغاز المحترق إلى أقل من واحد بالمائة، من خلال إجراءات دقيقة لرصد ومراقبة الانبعاثات، بالتعاون مع الشركاء الوطنيين والدوليين، إضافة إلى تشكيل لجنة مختصة للحد من انبعاثات الميثان ووضع خارطة طريق وطنية في هذا المجال.
وأضاف الوزير أن اعتماد إجراءات صديقة للبيئة في مجال الوقود مكن من تحسين نوعيته والحد من الانبعاثات، كما أشار إلى سعي القطاع لترسيخ نموذج الاقتصاد الدائري عبر تثمين النفايات الصلبة والعضوية، وتجسيد مفهوم "المناجم الحضرية"، إلى جانب تطوير رسكلة الزيوت المستعملة وإنتاج الوقود الحيوي، بما يحول التحديات البيئية إلى فرص تنموية داعمة لجودة الحياة.
وقال عرقاب أن الجهود المبذولة مكنت من تلبية شبه كلية لاحتياجات القطاع المنزلي وباقي القطاعات الاقتصادية من الغاز الطبيعي والمنتجات النفطية، رغم الارتفاع المتسارع للاستهلاك الوطني، مبرزا في السياق ذاته الدور المحوري لتحلية مياه البحر في تعزيز الأمن المائي، حيث تم استغلال تسع عشرة محطة بطاقة إجمالية معتبرة، مع دخول محطات جديدة حيز الخدمة، ما سمح بتغطية نسبة هامة من حاجيات المواطنين من المياه الصالحة للشرب مع آفاق رفع حصة المياه المحلاة إلى ستين بالمائة بحلول 2030.
وفيما يخص النشاط المنجمي، أوضح الوزير أن القطاع يساهم في تنويع الاقتصاد الوطني خارج المحروقات وتقليص فاتورة الاستيراد مع العمل على عصرنة النشاطات المنجمية وإدماج أحدث التقنيات للحد من الانبعاثات الغبارية، مشيرا إلى أن الطموح يتمثل في تحويل المناجم إلى مواقع صديقة للبيئة، تضمن صحة السكان المحليين وتوفر لهم إطارا معيشيا سليما.
الطاقة والطاقات المتجددة رافعة أساسية لجودة الحياة

بدوره، أبرز وزير الطاقة والطاقات المتجددة، مراد عجال، أن الحديث عن جودة الحياة لم يعد مجرد مفهوم نظري، بل أصبح مؤشرا حيا ومعيارا اساسياً لنجاح السياسات العمومية، ومقياسا حاسما لنجاعة الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
مشيرا إلى أن هذه الرؤية الشمولية تقوم على ضمان العيش الكريم للمواطن في مختلف مناحي حياته اليومية من خلال توفير الخدمات الأساسية، وحماية الموارد الطبيعية، وضمان بيئة نظيفة ومستدامة للأجيال القادمة.
وأوضح الوزير أن قطاع الطاقة والطاقات المتجددة يكتسي أهمية بالغة في تجسيد هذا البرنامج المجتمعي التنموي، باعتباره محركا أساسيا للتنمية ورافعة حقيقية لتحسين جودة حياة المواطنين، مشددا على أن ضمان طاقة آمنة وموثوقة ومستدامة يشكل أساسا لكل القطاعات الحيوية، من الصحة والتعليم إلى الصناعة والخدمات.
وأضاف أن قطاع الطاقة باعتباره ركيزة محورية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، يضطلع بدور مباشر في تحسين الإطار المعيشي للمواطن، نظرا لارتباطه الوثيق بكافة تفاصيل الحياة اليومية.
وأكد الوزير أن الجزائر حققت، بفضل الرؤية الاستشرافية والتوجيهات السديدة لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، مكتسبات وطنية هامة في مجال الطاقة، سواء من خلال تنويع المزيج الطاقوي أو الاستثمار في الطاقات الجديدة والمتجددة على غرار الطاقة الشمسية والهيدروجين، إلى جانب تحسين النجاعة الطاقوية، وهو ما ساهم، حسبه، في حماية البيئة وخلق فرص الشغل وتحفيز الابتكار وتعزيز السيادة الطاقوية.
وكشف في السياق ذاته أن وزارة الطاقة والطاقات المتجددة أطلقت برنامجا متكاملا لتحسين جودة الحياة، يندرج ضمن صلب البرنامج الحكومي للتنمية المستدامة ويهدف إلى تعزيز التغطية الطاقوية، وتحسين جودة الخدمات، ودعم البحث والابتكار والتكوين، والمساهمة في بناء نموذج تنموي متوازن يجمع بين التنمية الاقتصادية وجودة الحياة.
جودة الحياة أولوية وطنية ومسؤولية جماعية

ومن جانبه، أبرز وزير الصحة، محمد الصديق آيت مسعودان، أن تحسين جودة حياة المواطنين يندرج في صميم أولويات السلطات العليا للبلاد، ويجسد التزاما راسخا نابعا من رؤية رئيس الجمهورية، مشددا على أن هذا المسار يمثل مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود جميع الفاعلين.
مشيرا إلى أن جودة الحياة تبدأ بتحسين المحددات الاجتماعية للصحة، باعتبارها محورا استراتيجيا في مخطط التنمية الوطنية من خلال توفير الوقاية والعلاج مجانا وتعزيز التغطية الصحية بما يضمن العدالة في الولوج إلى الخدمات.
وأوضح الوزير أن القطاع الصحي يولي أهمية خاصة للوقاية وترقية الصحة عبر برامج التلقيح ومكافحة الأمراض المتنقلة وغير المتنقلة، وتعزيز الكشف المبكر، ونشر ثقافة الوقاية والسلوكيات الصحية السليمة، بما يخفف العبء عن المنظومة الصحية ويرفع متوسط العمر وجودة الحياة.
وأضاف أن تطوير الموارد البشرية الصحية يحتل مكانة محورية في إصلاح القطاع، من خلال تحسين ظروف عمل مهنيي الصحة ودعم التكوين المستمر وتحفيز الكفاءات، لضمان خدمة صحية نوعية قائمة على الكفاءة والبعد الإنساني.
وأكد آيت مسعودان أن الدولة تولي اهتماما خاصا لإنشاء أقطاب صحية متخصصة على المستوى الوطني، تعنى بتطوير الطب الدقيق، بما يسمح بتحسين نجاعة التكفل الصحي والارتقاء بجودة الخدمات، مشددا في الوقت ذاته على أن الصحة الشاملة لا تنفصل عن الاهتمام بالصحة النفسية، عبر تعزيز هياكل التكفل وإدماجها أكثر في السياسات العمومية ومرافقة الفئات الهشة.
وأشار الوزير إلى أن التحول الرقمي في قطاع الصحة يمثل رافعة أساسية لتحسين الأداء وجودة التسيير من خلال رقمنة المسارات العلاجية وتطوير نظم المعلومات الصحية، بما يسهل ولوج المواطن إلى العلاج ويعزز شفافية وفعالية المنظومة الصحية.
كما شدد على أن جودة الحياة تبقى مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحفاظ على البيئة، باعتبارها عنصرا أساسيا للصحة العمومية، من خلال حماية الموارد المائية، ومكافحة التلوث، وترقية المساحات الخضراء، والتسيير المستدام للنفايات، والانتقال إلى الطاقات المتجددة.

وعلى هامش اللقاء، تم تنصيب اللجنة الوطنية لإعداد الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة، والتي تمثل خطوة هامة في مسار توجه الحكومة نحو تعزيز جودة الحياة كمشروع وطني شامل، حيث تجمع هذه اللجنة بين مختلف الخبرات وتضمن التنسيق الكامل بين السياسات القطاعية، ما يتيح وضع خطة متكاملة تشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية، مع توفير آليات فعالة للمتابعة والتقييم وصياغة استراتيجية مرنة قابلة للتطبيق، تواكب التحولات العالمية المتسارعة وتضع المواطن في صلب كل المبادرات.

كما تم إطلاق منصة وطنية خاصة بمؤشرات جودة الحياة، تعد أداة أساسية لترجمة مفهوم جودة الحياة إلى معايير قابلة للقياس والمتابعة، وتمكن من رصد التقدم المحرز وتقييم الأثر الفعلي للسياسات والبرامج العمومية، بما يساهم في دعم اتخاذ القرار المبني على المعطيات وتحسين الحوكمة العمومية، وتشمل المنصة مختلف الوزارات والهيئات المعنية مثل وزارة البيئة وجودة الحياة ووزارة الصحة ووزارة التربية الوطنية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الصحة والسكان ووزارة الري ووزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية ووزارة الطاقة والطاقات المتجددة ووزارة الصناعة.

