355
0
جامع الجزائر يحيي الذكرى الـ63 لعيد الاستقلال والشباب

بشعار: "قِيَمٌ نُحْيِيها مِنَ المُحَرَّمِ، وأمجادٌ نُخَلِّدُها في جُويليَّة"، نظم جامع الجزائر اليوم السبت، ندوة دينية تاريخية بمناسبة إحياء الذكرى الـ63 لعيد الاستقلال والشّباب المتزامنة مع السّنة الهجريّة الجديدة 1447هـ، والتي جمعت نخبة من المجاهدين والدكاترة وكذا الأطفال لتذكيرهم بأهمية هذه المناسبة العظيمة.
بثينة ناصري
وبهذه المناسبة، أشاد محمّد المأمون القاسميّ الحسنيّ، عميد جامع الجزائر بالتحول الذي شهدته الجزائر من المعاناة إلى المعنى ومن المطاردة إلى التخطيط والبناء، من السكون إلى الحركة والفعل، ومن الجماعة إلى الأمة والدولة، مؤكداً أن استقلال الجزائر في وجه آخر من وجوهه النورانية الخالدة كان هجرة من هوان الاستعمار إلى شرف السيادة.
وأوضح عميد جامع الجزائر أن الهجرة والاستقلال لقاء القيم بين السيرة والذاكرة، مبرزا أنه يخطئ من حبس نظره إلى هجرة الوطنية كباب فقط يطل منه على التاريخ الاسلامي بل هي أسس معرفي، يؤسس به الوعي بالحاضر وفهم سنن التحول، مشيراً إلى أن النصرة كانت نقلة في الوعد قبل أن تكون نقلة في المكان ونقلة تاريخية مشهودة لتشييد دولة الحق والعدل والاحسان.
وأشار إلى أن ثورة نوفمبر المجيدة واستقلال الجزائر كلاهما تحولا من التلقي إلى المبادرة ومن انتظار الانصاف إلى نحت السيادة بالدم والصمود واليقين، موضحاً أن في هجرة دروساً أولها إعادة تعريف الانتصار، مستشهداً بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينتصر يوما بالعدد، بل بالإيمان والصبر والتخطيط مع التوكل على الله.
وأكد أن المجاهدين صناع ثورة التحرير وهم يقتحمون مواقع العدو كانوا يرون في طريق مكة المدينة دليلا إلى طريق الحرية، وكانت الدماء التي سالت في الجزائر تشبه الدموع التي شكلت في مكة حول النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخط مصير الأمة من خيوط الليل المظلم إلى بناء حضارة ربانية المصدر انسانية النفعة والتوجه.
وقال متوجها برسالة إلى الشباب، "ان الاستقلال ليس وثيقة نزين بها المكاتب أو احتفالاً فقط، بل هو عهد في رقابكم متين هو عهد عليكم أن تجددوه بالصلاح والاستقامة وبالعلم والمعرفة وبالالتزام بقضايا الأمة والوطن، أنتم اليوم لستم أمام سيف المحتل، بل أمام سيف النسيان وضغط الذاكرة، ولستم أمام مدافع العدو، بل أمام فوضى المفاهيم وتآكل الهوية، وثقافة الاجتناب والافتراء".
وتابع حديثه"فإن أردتم أن تهاجروا بحق فلتكن من السطحية إلى العمق، ومن الانفعال إلى البناء ومن الاستهلاك الأجوف إلى المشاركة الواعية"، معتبراً إياها هجرة القيم للجغرافيا، وهجرة ضمائر لا مجرد النفوس والاذان".
وأفاد أن جامع الجزائر ليس صرحا معماريا فحسب بل هو مشروع ذاكرة من نور وسجل بالعهد وصوت لهوية تقاوم النسيان والاستيلاء، موضحاً أن الجامع عند احياءه لذكرى الهجرة واستعادة الاستقلال ليش لاعادة الماضي بل لاستثماره في الحاضر وتوجيه البوصلة إلى المستقبل الواعد بالجمال المعماري يخاطب الجامع.
ومن جهة أخرى، أكد الدكتور بزاز لخميسي الأمين العام لرابطة علماء ودعاة علم دول الساحل، أن مداخلته كانت لإيجاد بعض الدلالات والمعاني التي تصادف هذين الحدثين الكبيرين جداً في تاريخ الأمة الاسلامية وفي تاريخ الدولة الجزائرية، المتمثلة في الهجرة النبوية واندلاع الثورة التحريرية، مبرزا إلى أن الذي ينظر إلى هذين الحدثين سيجد بأن هناك كثير من نقاط التقاطع والتشابه.
ونوه إلى أن الهجرة النبوية كانت اعلانا لإحداث التغيير على الواقع الذي كانت تعيشه الدعوة في بيئة مكة يومها، وكانت إعلان لميلاد مجتمع جديد، وثورة التحريرية أيضا تعد إعلان للتغيير على الاستعمار البغيض الذي جثم على أديم هذه الأرض ورفض كل الأساليب ليحسن التعامل مع الجزائريين، مضيفاً أنه كان لابد من أن يغير الأسلوب، فغيرت الجزائر صورتها وكذا نظرتها إلى هذا المستعمر مستعينةً بالعمل السياسي والعسكري الذي أخرج هذا الاستعمار البغيض.
وقال بزاز "الثورة التحريرية كانت مشروع مجتمع ولم تكن فقط ردة فعل لمظلوم على ظالم، ولذلك نجد هذه الرمزيات كثيرة في الجزائر، واليوم تعلن الوفاء لذلك المشروع الذي قام به المجاهدين الأوائل".
وفي مداخلة للدكتور أحمد أبو أنس بوصبع رئيس قسم العلوم الاسلامية بجامعة البشير الابراهيمي، أكد أنه تناول موضوع "نظرات في ذكرى الاستقلال ومعالم في طريق هجرة خير الأنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، لإبراز مسار الشعب الجزائري المسلم المناضل الذي دخل عليه الغزو الفرنسي الغاشم كالريح العقيم الذي لا تبقي ولا تذر، مؤكداً أن هذا الشعب لم يستسلم ولم يخضع للمستعمر وواصل جهاده ليقيم مقاومات وفي بدايتها مقاومة الأمير عبد القادر، وعمامة، المقراني، الحداد، غيرهم من المقاومات.
وأوضح أنه قبل ثورة التحرير سنة 1940 ارتكب المستعمر الفرنسي مجازر حاول من خلالها طمس الإرادة والعزيمة لنيل الاستقلال عند الشعب الجزائري، فإذا به يفاجئ بعد تسع سنوات فقط، بشباب يقودون هذه الثورة لمدة سبع سنوات ليأتي بعد ذلك عام الاستقلال، موضحاً أنه خلال المداخلة تم المزج بين معالم الاستقلال ومعالم هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي خرج من دولة الكفر وعبادة الأصنام إلى تأسيس أمة مسلمة وهذا يتطابق مع الشعب الجزائري الذي خرج من جزائر مستعمرة إلى جزائر حرة مستقلة.