734
0
في الذكرى الأولى لطوفان الأقصى.. القضية الفلسطينية تستعيد عنفوانها
بقلم: سعيد بن عياد
*صحفي، رئيس تحرير سابق لجريدة الشعب الجزائرية.
تنقضي سنة يوما بيوم على عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد مواقع لجيش الاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة، في السابع أكتوبر 2023 بادرت كتائب المقاومة باقتحام مستوطنات وثكنات صهيونية حيث باغتتهم بشكل مثير حطم أسطورة جيش الاحتلال الصهيوني الذي لا يهزم وكانت الغنيمة غيرمسبوقة عنوانها أسر اكثر من مائة صهيوني اغلبهم من مزدوجي الجنسية.
اليوم ليس كالامس، فهاهو جيش المرتزقة الصهيوني بعد أن كان يلحق هزائم بالجيوش العربية في المنطقة يحصد هزائم غيرمسبوقة أمام مقاومة قررت الحسم مع هذا العدو واظهاره للعالم على حقيقته كونه منظمة إرهابية نازية ترتكب منذ سنة جرائم الابادة وضد الإنسانية دون رادع خاصة مجلس الأمن الدولي الذي يتعرض لما يمكن وصفه لاختطاف من الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الأكبر للكيان الصهيوني باعتباره كيانا وظيفيا يخدم مخططات جيواستراتيجية لأكبر دولة في العالم.
بعد سنة على حرب الابادة يمكن استخلاص عدد من النتائج تمثل عناوين كبرى للمشهد الإقليمي والدولي.
لعل ابرز انتصار لطوفان الأقصى تعطيل قطار التطبيع الذي كان مبرمجا ليمرعبر بلدان عربية في المنطقة كانت تستعد لإعلان التطبيع لولا أن الطوفان جرف قطار العار فاخرجه عن سكة الخيانة، انتصار اخر هو اعلان الشعب الفلسطيني في قطاع غزة رفض التهجيرمهما كانت التضحيات وهي جسيمة وبعد أن استوعب الفلسطيني صدمة حرب الابادة موقعا عهدا مع التاريخ إنتقل إلى مواجهة الكيان الجبان ببطولات موثقة بالصورة الحية.
ولم تحقق جرائم الابادة والتجويع والتعذيب اي هدف للكيان النازي المستفيد من دعم عسكري واستخباراتي ودبلوماسي من امريكا وبريطانيا وفرنسا ومن في فلكهم من قوى الطغيان والاستعمار الجديد.،بالطبع لهذه القوى الإنسانية التي ألغت القانون الدولي وادارت ظهرها لمنظمة الأمم المتحدة مخططات غير معلنة على غرار تطهير قطاع غزة لإنشاء طريق تجاري واقوي من الهند إلى البحر الأبيض المتوسط وجعل الكيان الصهيوني وهو ثكنة غربية متقدمة دركي الشرق الأوسط.
هذا الكيان الذي ولد بشهادة من منظمة الأمم المتحدة وتنكر لها بطريقة بشعة إلى درجة التهجم على أمينها العام انطنيو غوتيريش لم يهضم هزيمته في 7اكتوير 2023 وما تراها من هزائم في ميدان المواجهة فراح يستبيح المدنيين وتخريب العمران وتدمير المنشآت والأكثر بشاعة قصف عشوائي للمدنيين خاصة تقتيل الاطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة ومسح المستشفيات والمدارس وعمال منظمة غوث اللاجئين اونروا.
التقتيل والتدمير الممنهج تحت رؤية البيت الأبيض الأسود الأمريكي لم يشف غليل رأس الكيان النازي المجرم نتن ياهو وها هو يوسع حربه الابادية نحو لبنان بعد اغتيال قادة بارزين على غرار اسماعيل هنية بطهران ايران وحسن نصر الله قائد حزب الله اللبناني الذي تخوض قواته مواجهات عنيفة في جنوب لبنان يحققون فيها انتصارات ميدانية.
أن رسم معالم شرق أوسط جديد كما يتوهم قادة الكيان الصهيوني ومستشاريهم الأمريكان لا يمكن أن يبلغوه باي شكل من الأشكال بالنظر لوضع المقاومة بكل جبهاتها بما في ذلك اليمن والعراق وبالتالي فإن الشعبين الفلسطيني واللبناني هما من تكون لهما الارادة الحاسمة فقد تم تجاوز خط الخوف وقبول المواجهة.
انتصار آخر انجزه طوفان الأقصى هو إعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد العالمي كما اظهرته مسيرات واحتجاجات الطلبة في كافة جامعات الدول الغربية وأولها امريكا ولا تزال هذه الديناميكية إلى اليوم، وكانت ابرز الثمار اعلان اغلب اعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية فيما تمت معالجة القضية المركزية وتداعيات حرب الابادة على مستوى مجلس الأمن الدولي اكثر من مرة بحيث عقدت جلسات عديدة بطلب من الجزائر بصفتها عضو غير دائم دفعت بباقي الأعضاء بمن فيهم الدائمين أصحاب الفيتو إلى الكشف عن مواقفهم أمام الرأي العام العالمي وبفضل حرص ومثابرة المندوب الجزائري بلا كلل ولا ملل امكن حتى عزل امريكا وحشرها في زاوية المجلس لما بقيت مندوبتها في إحدى الجلسات معزولة لرفعها وحيدة الفيتو أمام مشروع قرار دولي يدعو لوقف حرب الابادة وإدخال المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة الصامد.
غير أن المثير هو الضرر الفادح الذي لحق بالنظام الدولي الراهن بعد تعطيل القوى الدولية الكبرى للقانون الدولي ووضعه جانبا إرضاءا لمجرمي الكيان الصهيوني، خاصة تهديد أعضاء في الكونغرس الأمريكي وقادة البيت الأبيض للمحكمة الجنائية الدولية وابتزاز أعضاءها بعد الإعلان عن التوجه لإصدار مذكرات توقيف دولية ضد نتن ياهو وغالانت باعتبارهما مجرمي حرب وفقا لمعايير القانون الدولي والنظام الأساسي للجنائية الدولية التي يبدو أنها حقيقة عاجزة.
هكذا بعد سنة لا يزال مفعول المقاومة موجودا في الساحة بالرغم من تفاوت القدرات غير أن الإنسان هو من يحسم المواجهة مهما كانت التضحيات فيما تبادر قوى وطنية في الضفة الغربية وداخل الكيان الغاصب بشن عمليات بطولية باستهداف صهاينة كما حصل في يافا قبل أيام ويتوقع الرفع من وتيرة هذه العمليات الفدائية لاذاقة المجتمع الصهيوني مرارة ما يرتكبه جيشهم المشكل من مجرمين ومرتزقة بحق الشعب الفلسطيني الصامد رغم خلافات فصائل المقاومة قبل أن يوحدهم طوفان الأقصى.