213
0
فى الذكرى الـ 86 لاستشهاد القائد المجاهد عبد الرحيم الحاج محمد القائد العام للثورة الفلسطينية الكبرى بين عامي 1936 - 1939.
تكريما للشهداء الأكرم منا جميعا في ذكرى استشهادهم

بقلم وريشة الفنان التشكيلى / محمود البوليس
القائد العام للثورة الفلسطينية الكبرى بين عامي 1936 - 1939. القائد العام للثورة الفلسطينية الكبرى بين عامي 1936 - 1939.
ولد عبد الرحيم الحاج محمد ( ابو كمال) في قرية (ذنابة) عام 1892 وتلقى تعليمه الأولي في أحد كتاتيب القرية. وحين أصبح شابا طلبته السلطات العثمانية للجيش، وتم فرزه إلى الوحدات العثمانية المرابطة في طرابلس بلبنان، نقل بعدها إلى بيروت حيث تم إلحاقه بمدرسة عسكرية تخرج منها وفي جعبته الكثير من العلوم العسكرية. التي وظفها في المعارك التي خاضها العثمانيون في مواجهة القوات البريطانية. وبعد صدور تقرير (لجنة بيل) في السابع من تموز/يوليو 1937، عاد عبد الرحيم الحاج محمد إلى فلسطين، ليصبح في أواخر عام 1938 القائد العام للثورة الفلسطينية، قرر (أبو كمال) الذهاب إلى دمشق في مطلع عام 1939، للاجتماع مع قادة اللجنة المركزية العليا، لعرض الأوضاع والاحتياجات اللازمة للمجاهدين من سلاح ومال، ومن دمشق اتجه إلى لبنان حيث اجتمع مع الحاج أمين الحسيني.
معاركه العسكرية:
قاد (أبو كمال) عددا من المعارك بنفسه، وخطط لبعضها الآخر، وشارك في بعضها الثالث مع القاوقجي، ومن المعارك التي قادها (معركة نور شمس) و(بلعا الأولى)، كما شارك في معارك: بلعا، جبع، كفر صور، تحت قيادة القاوقجي، كان هدفه في (معركة نور شمس) في الحادي والعشرين من حزيران/ يونيو 1936- تدمير قافلة يهودية مكونة من ست سيارات ركاب- تحرسها قوة بريطانية مؤلفة من فصيل مشاة بريطاني محمول ومعزز بمصفحتين، وقدر عدد اليهود والبريطانيين بحوالي 170 فردا، عززوا بعد الاشتباك بثلاث طائرات حربية، ونجدة بريطانية قدمت من نابلس تقدر بفصيلين محمولين، تمكن الثوار من إشعالها لمنع وصولها بواسطة كمين نصب لها قرب (دير شرف). وضع القائد أبو كمال خطته بتقسيم قواته -50 مجاهدا- إلى ثلاث مفارز، الأولى تحاصر القافلة بالنيران من الأمام، والثانية تضرب قلب القافلة، بعد وقوعها في المصيدة، والثالثة تضرب مؤخرة القافلة. واختار القائد مكانه في مركز المفرزة الثانية. استمرت المعركة حوالي سبع ساعات، قتل خلالها ما يقارب خمسين جنديا بريطانيا، وتم تدمير ثلاث سيارات، وإسقاط طائرة حربية، ومن جانب الثو ار ارتقى ثلاثة شهداء. وجرت معركة (بلعا الأولى) التي اشتهرت أيضا باسم (معركة المنطار) في العاشر من آب/أغسطس 1936 التي خطط لها أبو كمال وقادها بنفسه فتمت حين احتل الثو ار جميع الاستحكامات والخنادق والواقعة بين قرية بلعا ومدينة نابلس، وما أن مرت القوات البريطانية من تلك المنطقة حتى اشتبك معها المجاهدون، فتعطلت السيارات ونزل منها الجنود للاختباء بين الصخور، فقتل الكثير منهم قبل أن تأتي النجدات المكونة من خمسة وعشرين سيارة بينها خمس مدرعات وخمس طائرات، واستمرت المعركة حتى غروب شمس ذلك اليوم حيث انسحب الإنكليز إلى الوراء مخلفين ما يقارب 60 قتيلا، ولما كان الثوار قد لغموا طريق انسحاب الإنكليز، فقد انفجر أحد الألغام تحت سيارة بريطانية ، قتل فيها ضابط وأربعة جنود، وتمكن المجاهدون من الانسحاب حاملين أربعة شهداء ، وتلا ذلك معركة أخرى في المنطقة ذاتها في الثالث من أيلول/سبتمبر 1936، التي اشترك فيها خمسون مجاهدا ، خطط لها القاوقجي وشارك فيها القائد عبد الرحيم- اسقط فيها الثوار ثلاث طائرات وقتلوا ما يقارب 80 جنديا وضابطا عدا الجرحى، وبلغت خسائر المجاهدين تسعة شهداء. وهناك معركة (كفر صور) و(معركة النزلة) ومعركة (دير غسانة) ومعركة (لية بلعا) ومعركة (طريق نابلس –طولكرم) ومعركة (بيت إمرين).. ولم يقتصر جهاد القائد عبد الرحيم الحاج محمد على العمليات العسكرية، وإنما اشتغل بالعمل السياسي معتمدا على حسه الحاد، وتبين ذلك البيانات التي أصدرها مع رفاقه في الجهاد،
وهو الذي طالب الشعب بارتداء الكوفية والعقال بدلا من الطربوش، لإخفاء أثار المجاهدين الذين كانوا يرتدون الكوفية لإخفاء ملامحهم بالتلثيم، ولأن البريطانيين طاردوا كل من يرتديها.. واستجاب أفراد الشعب الفلسطيني للنداء –باستثناء أعضاء حزب الدفاع-.
وعارض عبد الرحيم الحاج محمد أي اعتداء على أي مؤسسة اقتصادية وطنية، من شركات وبنوك ودوائر أعمال، معتبرا أنها الحجر الأساسي في بناء الاستقلال الوطني. كما حرص على المدارس والمؤسسات التعليمية بمنع إغلاقها، وكون لجنة لجمع الأموال لدعم الجهاد من سبعة أعضاء ، كما شكل (محكمة الثورة العربية لفلسطين) برئاسة المجاهد عبد القادر اليوسف عبد الهادي، وظل هو المرجعية لأحكام هذه المحكمة، حتى أنه أصدر عفوا عن مهندس يهودي حكم عليه بالإعدام، بعد ان تثبت (أبو كمال) من بعده عن الحركة الصهيونية ، وفي السادس والعشرين من آذار/مارس 1939 وصل أبو كمال إلى فلسطين قادما من دمشق، ونزل مع عدد من المجاهدين للاستراحة في قرية (صانور) –قضاء طولكرم-، ووصل الخبر إلى البريطانيين عبر العملاء الجواسيس، فوجهوا إلى القرية قوة عسكرية من الكتيبة الأولى في فوج الحدود بالاشتراك مع القوات الجوية، وضربت هذه القوة ثلاثة أطواق حول القرية، ورفض القائد عبد الرحيم الحاج محمد الهرب واختار المواجهة مع إخوانه المجاهدين، وارتقى شهيدا مع رفيقه الحوراني ، ومع إذاعة نبأ استشهاده أغلقت كل المحلات حدادا على روح القائد الذي تمتع بأسمى درجات الاحترام، وخيم الحزن عموم فلسطين سائر المدن الفلسطينية كل فلسطين .. وأضربت جميع القرى، ورفعت المنازل أعلام الحداد السوداء، وأقامت المساجد صلاة الغائب عن روحه وروح رفيقه، وقد شهد له كل من عرفوه بالتدين والنزاهة ودماثة الخلق، وصلابة العود، إلى جانب الكاريزما القيادية والهيبة
وهذا جعله مسموع الكلمة وهو يدعو الناس للجهاد ضد أعداء الأمة من مستعمرين بريطانيين وصهاينة، موضحا خططهم ومشاريعهم وأهدافهم، متبعا في ذلك خطى الشهيد الشيخ عز الدين القسام.
ورثاه صديقه ورفيق نضاله الشاعر عبد الرحيم محمود
بقصيدة خلدت جهاده. منها:
أإذا أنشدت يوفيك نشيدي حقك الواجب يا خير شهيد
أي لفظ يسع المعنى الذي منك استوحيه يا وحي قصيدي
لا يحيط الشعر فيما فيك من خلق زاك ومن عزم شديد
كملت فيك المروءات فلم يبق منها زائد للمستزيد
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
- اللوحة المرفقة بريشة مؤرخ وحارس الذاكرة الفلسطينية الفنان التشكيلي محمود البوليس