35
0
بذور اليقطين… حبات صغيرة تحمل أسرارا كبيرة

حين نتأمل ثمار اليقطين الكبيرة ذات اللون البرتقالي أو الأصفر، كثيراً ما نغفل عن تلك البذور الصغيرة التي تختبئ في قلبها.
إعداد هارون الرشيد بن حليمة
هذه البذور ليست مجرد مخلفات لعملية الطهي، بل هي مكوّن غذائي متكامل له قيمة عالية ويُستهلك في ثقافات عديدة عبر العالم.
من لحظة جمعها من الحقول، مروراً بعمليات التجفيف والتحميص، وصولاً إلى رفوف الأسواق، ترافق بذور اليقطين الإنسان كوجبة خفيفة، ودواء تقليدي، ومصدر دخل لآلاف المزارعين.
تراث غذائي عبر الحضارات
يعود استخدام بذور اليقطين إلى حضارات الأزتك والمايا في أمريكا الوسطى، حيث كانت تُعتبر غذاءً أساسياً ودواءً طبيعياً في آن واحد. مع مرور القرون، انتقلت هذه البذور إلى أوروبا وآسيا وإفريقيا، لتصبح جزءاً من مطابخ العالم. في المغرب العربي مثلاً، نجدها تُستهلك محمّصة ومالحة في المقاهي الشعبية، بينما تستعمل في شرق آسيا في صناعة الحساء والزيوت الطبية
ما يجعل بذور اليقطين محط اهتمام الباحثين والأطباء هو ثراؤها بالعناصر الحيوية. فهي غنية بالبروتينات النباتية، وتحتوي على نسب عالية من الزنك والمغنيسيوم والحديد.
كما تضم أحماضاً دهنية غير مشبعة تساهم في تعزيز صحة القلب، إضافة إلى فيتامينات مثل E وB.
هذه التركيبة تجعلها علاجاً وقائياً لمشاكل صحية متعدّدة، أبرزها أمراض البروستاتا، اضطرابات النوم الناتجة عن نقص المغنيسيوم، ومشاكل الهضم بفضل الألياف.
صناعة قائمة بذاتها
خارج الإطار الغذائي، تحوّلت بذور اليقطين إلى مادة أولية لصناعات مختلفة. في النمسا مثلاً، اشتهرت مناطق واسعة بإنتاج زيت بذور اليقطين المعروف بلونه الداكن ونكهته القوية. هذا الزيت يُستعمل في الطهي كما يُسوّق كمكمل غذائي عالي القيمة.
وفي أسواق عالمية أخرى، تُعبّأ البذور في أكياس صغيرة وتصدّر كوجبة خفيفة صحية تحت شعارات تروّج لأسلوب حياة متوازن.
بين الاقتصاد والصحة
ويُجمع الخبراء على أن بذور اليقطين تمثل مورداً اقتصادياً واعداً، خاصة في الدول الزراعية التي تبحث عن تنويع منتجاتها. فالإقبال المتزايد عليها في الأسواق العالمية يعكس وعياً متنامياً لدى المستهلك بأهمية الغذاء الصحي.
في الوقت نفسه، تساهم في دعم الطب التقليدي والحديث معاً، إذ يتم اعتماد خلاصاتها في صناعة المكملات الغذائية والأدوية العشبية.
ورغم صغر حجمها، تحمل بذور اليقطين مستقبلاً كبيراً في ميادين الغذاء والطب والاقتصاد، ومع انتشار التوجه نحو الأغذية الطبيعية والعضوية، يبدو أن هذه البذور ستظل ضيفاً دائماً على موائد الشعوب ومخبراً خصباً للباحثين.
وبين أيدي المزارعين، تواصل بذور اليقطين رحلتها من التربة إلى الإنسان، لتذكّرنا بأنّ القيمة أحياناً تكمن في التفاصيل الصغيرة.