30
0
بوجمعة: مشروع القانون الأساسي للقضاء خطوة حاسمة لتعزيز استقلالية السلطة القضائية

أكد وزير العدل حافظ الأختام، لطفي بوجمعة، خلال جلسة مناقشة مشروع القانون الأساسي للقضاء بالمجلس الشعبي الوطني، أن المشروع "جاء لتجسيد مبدأ الاستقلال المؤسساتي للمجلس الأعلى للقضاء، تطبيقا لأحكام دستور 2020 الذي منح السلطة القضائية مكانة محورية وعزز استقلاليتها".
شروق طالب
وأوضح الوزير أن "الدستور الجديد فرض مراجعة شاملة للمنظومة القانونية الخاصة بالسلطة القضائية، وعلى رأسها القانون العضوي 04-11 الصادر سنة 2004، بما يتلاءم مع المتغيرات المؤسساتية والسياسية التي شهدتها البلاد، ويضمن عدالة فعالة وعصرية".
وأضاف بوجمعة أن مشروع القانون، الذي يتضمن 110 مادة، يكرس إصلاحات جوهرية في مسار تكوين القاضي وضمان استقلاليته وتحسين ظروف عمله.
المجلس الأعلى للقضاء… رؤية الوزير حول الاستقلال المؤسساتي
وفي هذا الشأن، قال وزير العدل إن المشروع يمنح المجلس الأعلى للقضاء صلاحيات حصرية لتسيير المسار المهني للقضاة من التعيين إلى التقاعد، ويتولى توزيع القضاة الجدد بالتنسيق مع وزارة العدل، فضلاً عن المصادقة على برامج التكوين.
وأكد أن هذه الخطوة تشكل تجسيدا فعليا لمبدأ استقلالية السلطة القضائية.
حقوق القاضي… ضبط النقل والترقية بتوجيه من الوزير
هذا وأشار بوجمعة إلى أن المشروع يحافظ على مبدأ عدم قابلية قاضي الحكم للنقل، إلا في حالات ضرورية يحددها المجلس الأعلى للقضاء وفق مبررات موضوعية.
كما صرح بأن المشروع يحدد شروط التعيين الأول للقضاة ويضبط معايير الترقية والتأهيل بمداولات رسمية تضمن الشفافية.
وبخصوص دعم الهيئات العليا، أكد الوزير أن تعيين قضاة مساعدين بالمحكمة العليا ومجلس الدولة سيسمح بتخفيف الضغط وتحضير كفاءات جديدة للعمل في أعلى الهيئات القضائية.
ضمانات تأديبية أكثر عدلا ووضوحا
وأوضح بوجمعة أن الدستور أكد أن العقوبات التأديبية لا تصدر إلا عن المجلس الأعلى للقضاء، وهو ما راعاه المشروع من خلال تحديد الأخطاء الجسيمة وإخضاع العزل لموافقة أغلبية أعضاء المجلس.
كما أعلن أن سلطة توقيف القاضي ستحال إلى المجلس الأعلى للقضاء، مع وضع إجراءات دقيقة للتعامل مع حالات إهمال المنصب، مؤكدا أنّ "المفتشية العامة ستباشر الدعوى التأديبية باسم وزير العدل، في احترام تام لحقوق الدفاع".
سلطة وزير العدل على قضاة النيابة والقضاة الإداريين
أكد الوزير أن المشروع "يجدد خضوع قضاة النيابة ومحافظة الدولة للسلطة السلمية لوزير العدل، بما يشمل النقل والتعيين في المناصب الإدارية التابعة للقطاع".
التقاعد… الوزير يوضح فلسفة رفع السن والحفاظ على الخبرة
وأوضح بوجمعة أن المشروع يحدد التقاعد ببلوغ 60 سنة للرجال و55 سنة للنساء مع 25 سنة خدمة، مع إمكانية تمديد السن إلى 65 سنة لقضاة المجالس و70 سنة لقضاة المحكمة العليا ومجلس الدولة.
وأضاف أن المشروع "يسمح بالاستفادة من خبرة القضاة المتقاعدين عبر التعاقد حفاظاً على الكفاءات".
تحسين الوضع الاجتماعي للقضاة
وشدد الوزير على أن “الوضع الاجتماعي للقضاة من أولويات المشروع، خصوصاً فيما يتعلق بالتقاعد والسكن والحماية الأمنية والقضائية".
واختتم بوجمعة مداخلته بالتأكيد على أن مشروع القانون "يتماشى مع الإصلاحات العميقة التي جاء بها دستور 2020، ويهدف إلى إرساء قضاء قوي، مستقل وفعال يلبي تطلعات المجتمع ويعزز الثقة في مؤسسات الدولة".
دعوات لتدقيق المفاهيم وتعزيز ضمانات القاضي
وبعد تقديم التقرير التمهيدي حول مشروع القانون الأساسي للقضاء، شهدت الجلسة تدخلات عدد من نواب المجلس الشعبي الوطني الذين شددوا على أهمية التعديلات الواردة في المشروع، مع تقديم مقترحات تهدف إلى تقوية الإطار التشريعي وتحسين ضمانات استقلال القضاء.
وفي هذا السياق، أكد النائب عز الدين زحوف أن القضاء يمثل حجر الزاوية في بناء الدولة، وأن العدل هو أساس العمران"، مستشهدا بما ذهب إليه ابن خلدون بأن "الظلم مؤذن بخراب الأمم".
وأضاف أن إصلاح القضاء يبدأ من الاهتمام بالقاضي نفسه، لكونه العنصر الأساسي في تكريس العدالة، مبرزا أنّ الأسرة القضائية تعمل بشكل متكامل ولا يمكن عزل القاضي عن محيطه المهني.
وأوضح زحوف أنه تقدم بملاحظات تخص المواد 8 و11 و12 من المشروع، مبرزا أن بعض المصطلحات الواردة تحتاج إلى توصيف أكثر دقة وتفصيل أوضح.
وضرب مثالا على ذلك بمفهوم "نقل القضاة إذا استدعى الأمر مصلحةً"، مشيرا إلى أن "كلمة مصلحة هنا فضفاضة وقد تخضع لتأويلات مختلفة"، وداعيا إلى إدراج فقرة إضافية توضح المقصود بها عبر أمثلة تطبيقية محددة.
كما دعا إلى تقييد نقل القضاة خارج الدورة العادية بضرورة عرض القرار في أول دورة يعقدها المجلس الأعلى للقضاء، وأن يخضع للمصادقة عبر التصويت بالأغلبية، حفاظا على شفافية الإجراءات واحترام الطابع الاستثنائي للنقل.
وفيما يخص التوقيف المؤقت للقضاة، طالب زحوف بأن يكون محددا بزمن واضح لا يتجاوز ثلاثة أشهر، باعتبار أن "التوقيف المؤقت لا يمكن أن يتحول إلى إجراء طويل الأمد قبل الفصل في الملف"، مؤكدا أن هذا التحديد يضمن حماية حقوق القاضي ويمنع أي تعسف محتمل.

