40
0
بن دودة: المسرح هو فن المدينة.. فن الظهور والقول والتعبير
افتتاح فعاليات اللقاء الوطني حول المسرح

على هامش لقاءها بنخبة المسرح الجزائري، أشرفت وزيرة الثقافة والفنون، الدكتورة مليكة بن دودة، يوم الاثنين، بقصر الثقافة "مفدي زكرياء" بالجزائر العاصمة، على افتتاح فعاليات اللقاء الوطني حول المسرح، المنظم هذه السنة تحت شعار "إصلاح وعصرنة تسيير المسرح.. من الإبداع إلى الاستدامة."
شروق طالب
وفي كلمتها الافتتاحية بالمناسبة، عبرت الوزيرة عن رؤيتها العميقة لمعنى المسرح، متجاوزة الحديث التقليدي عن تاريخ هذا الفن أو موضوعاته، مؤكدة أن هذه الجوانب لها مقامها ومختصوها، وفضلت أن تشارك الحاضرين فلسفتها في ماهية المسرح ومعناه الإنساني والحضاري.
وصرحت بن دودة أن المسرح ليس مجرد وسيلة ترفيه أو وسيلة فنية للتعبير، بل هو فن العالم، لأنه يستند إلى جوهر الوجود الإنساني المتمثل في الكلام والظهور والمعرفة.
فالعالم كما قالت لا يختزل في خرائط الجغرافيا أو الحدود، بل هو نتاج للأصوات والأفعال التي يعبر بها الإنسان عن نفسه، والتي تتقاطع وتتحاور وتتصارع، مشكلة بذلك جوهر الحضارة.
وأضافت أن الإنسان وجد ليتكلم ويظهر، وأن المسرح كان دائما تجليا لهذه الحاجة العميقة، وبهذا المعنى فإن المسرح ليس ظاهرة فنية فقط، بل هو انعكاس لطبيعة الوجود الإنساني، وفضاء يجسد اللقاء بين الناس، حيث يصبح القول والفعل شرطا للعيش المشترك.
وفي هذا السياق، استحضرت الوزيرة الفيلسوف اليوناني أرسطو الذي اعتبر المدينة-الدولة تجسيدا لفكرة العيش الحر القائم على الحوار والتعبير، مؤكدة أن المسرح ولد كامتداد لهذه الفكرة، فظهر في القرن السابع قبل الميلاد مع نشأة المدينة كمكان سياسي وثقافي يجتمع فيه الأفراد للتعبير عن أنفسهم.
وأوضحت أن المسرح هو أول وأهم تمثيل رمزي لهذا اللقاء الإنساني، وأنه منذ نشأته مع الطقوس الدينية اليونانية، مثّل أول تجلٍّ لفكرة الإنسان الذي يقف أمام الآخرين ليعبر، يرقص، يُغني، يبكي، يضحك، ويقول ما يشاء بحرية.
ومن هنا، ترى الوزيرة أن المسرح هو "فنّ الظهور"، وأن كل أشكال التعبير الحديثة من سينما وتلفزيون وخطابة وسياسة ليست سوى محاكاة أو امتدادات له، لكنها لا تحمل جوهره الفينومينولوجي العميق.
وتوقفت الوزيرة عند أهمية هذا اللقاء الوطني، موجهة دعوة صريحة للحاضرين من أجل بناء رؤى استراتيجية بعيدة المدى لإصلاح تسيير المسرح وتطويره، بدل الاكتفاء بحلول عاجلة قد تتحول لاحقا إلى مشكلات.
وشددت على أن دور الوزارة في هذه المرحلة هو الإصغاء أولا، ثم المشاركة الفعالة في البحث عن حلول جذرية تضع المسرح الجزائري في مساره الصحيح وتدفع به نحو الاستدامة.
وختمت بن دودة كلمتها بالتأكيد على دعمها الكامل لأهل المسرح، وعلى استعدادها التام لمرافقة الأفكار الجادة التي تسعى إلى بناء سياسة ثقافية جديدة قادرة على استيعاب التحولات التي يشهدها المسرح محليا وعالميا.
وتجدر الإشارة ان اللقاء عرف مشاركة أزيد من 250 مشاركا من مديري المسارح، أكاديميين وفنانين ونقاد وتقنيين، إلى جانب مسيري التعاونيات، حيث ضم برنامجه جلسة عامة وخمس ورشات
متخصصة تعالج قضايا محورية مرتبطة بالتسيير والحوكمة، إنتاج وتوزيع العمل المسرحي، جمهور المسرح والتحولات الاجتماعية، التكوين والأرشفة والرقمنة، ودور الجمعيات والتعاونيات في دعم الإبداع.