664
0
بمناسبة الذكرى الـ 61 لعيد الاستقلال ...فلسطين تهنأ الجزائر

عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة شؤون اللاجئيناحمد ابو هولي يهنئ الجزائر
هنأ عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة شؤون اللاجئين السيد د. أحمد ابو هولى الجزائر رئيساً وحكومة وشعباً بمناسبة الاحتمال بالذكرى الـ 61 لعيد الاستقلال.معتبرا ان هذا اليوم الخالد يمثل مصدر فخر وعزة وكرامة للأمة جمعاء وللشعب الفلسطيني بشكل خاص . وجاء فى برقية التهنئة : أتقدم للجزائر الشقيقةـ رئيساً وحكومة وشعباً في عيد الاستقلال الواحد والستون للجزائر بأحر التهاني وأطيب الأمنيات فأنتم الشعب الباسل المقدام الذي استطاع تحقيق حلم الحرية والاستقلال بتضحياتكم وإرادتكم الصلبة والدماء الزكية التي روت أرض الجزائر العزة والكرامة، وأننا في هذه المناسبة نقف إجلالا وإكبارا للشهداء الذين حملوا راية الجزائر والشعب الجزائري الذي قدم الغالي والنفيس للوصول لهذا اليوم المجيد، داعياً المولى عز وجل ان يحفظ على الجزائر الشقيقة أمنها وأمانها واستقرارها ومزيداً من التقدم والازدهار في ظل القيادة الرشيدة
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير
أخوكم
د احمد أبو هولي
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
رئيس دائرة اللاجئين
من الجزائر لفلسطين دروس وعِبر
بقلم الأسيرة المحررة : دعاء الجيوسي
تَحُل علينا هذه الأيام ذكرى انتصار الشعب الجزائري على الاستعمار الفرنسي بعد ملحمة طويلة خاضها ضده وباتت فيما بعد أيقونة ومهمازاً للكثير من حركات التحرر حول العالم ،، وللثورة الجزائرية وانتصارها على الغزاة حيز خاص في وجداننا الفلسطيني لعدة أسباب أهمها الارتباط العاطفي بين شعبنا الجزائري والفلسطيني ولتشابه الظروف الموضوعية وربما الذاتية بين التجربتين .
في آواخر ستينات القرن الماضي عندما كانت حركة التحرر الفلسطيني في مرحلة التوهج كانت تجربة الثورة الجزائرية ملهماً أساسياً بالنسبة لها فتجد أن معظم فصائل المقاومة كانت وفي فترة المخاض قبل انطلاقتها تطرح فكرة تشكيل جبهة تحرير وطني ائتلافية على غرار جبهة التحرير الجزائرية وهذا نلمسه في باكورة أدبيات الجبهة الشعبية مثلاً بينما نجد أن مجموعات فدائية أخرى في أواخر الخمسينات حملت مسمى جبهة التحرير الفلسطينية في تماهي تام وتأثر واضح بالفكرة والحالة الجزائرية (التنظيم الذي شكله أحمد جبريل وشفيق الحوت عام 1958 حمل هذا الأسم ) بينما تجد مجموعة أساسية من مقاتلي مجموعة أيلول الأسود مثلاً حمل أسماءً حركية (هواري ، بن بيلا وغيرهم). أنا هنا لست بمعرض التدليل على مدى تعلق شعبنا الجزائري والفلسطيني ببعضها ولا الحالة الوجدانية التي تحضر في النفوس إن ذكرت فلسطين في الجزائر أو العكس فهذا أمر ربما يجيده غيري أكثر مني أنا هنا لأفكر ويُفكر معي أخوتي في الجزائر وهم المُجَرِبُون لماذا وصل الحال بمشروع تحررنا في فلسطين إلى هذا الدرك أترى عدونا أكثر قوة وغطرسة من الاستعمار أم أننا لم نقدم ما يكفي من الدم بعد ، أجزم أن عدونا هنا والعدو الذي قاتلناه في جبال أطلس واحد وأن الدم الذي نزفناه على أرض فلسطين يصنع بحراً لو جمع...المشكلة أنا هنا فقدنا وللأسف قوة النموذج بعد أن غرقنا في كل شئ وأغرقنا كل شئ تحت شعارات ثبت عُقمها، حركتنا الوطنية اليوم تشابه حركة وثورة الجزائر من حيث القاعدة الفدائية والشعبية ولكنها وعلى مستوى الرأس تحتاج أحمد بن بيلا وهواري بومدين وصف من القادة الفدائيين الذين يموتون لأجلنا لا العكس. في ذكرى الظفر والنصر الذي أحرزناه في جزائرنا ستظل فصائلنا وقُوانا مقصرة وظالمة لنفسها ولنا طالما ظلت تبحث عن نماذج بعيدة وتحاول سحبها على تجربتنا وستظل بعيدة عن الانتصار ما ظلت بعيدة عن سبر أغوار الثورة الجزائرية ودراسة تكتيكاتها والحيثيات الدقيقة والتفصيلية لتكوينها الطبقي والاجتماعي وآفاقها الأيدلوجية صحيح أن عالم اليوم لا يُشبه عالم الخمسينات والستينات ولكنه يسير الآن نحو شئ مشابه لما كان في تلك الحقبة وهو أمر ربما يُعزز ما طرحته آنفاً. في ذكرى إنتصار الدم على سيف في جزائرنا الأبية ألف قبلة من ساكني زنازين عسقلان والنقب ونفحة وكل السجون الصهيونية لم نزل يوماً بسراديب سجون سركاجي"، و"مزرعة أمزيان"، و"الجباسة" وكل ورد البلاد وأرزها وزغاريد نسائها على قبور شهداء الجزائر وفلسطين وأمتنا العربية...تحية لجزائرنا وثورتها وإنا على الدرب سائرون.
عيدنا باستقلال الجزائر
بقلم: أحمد طه الغندور
نعم حُق لنا في فلسطين أن نحتفل بغاية الفخر بعيد استقلال الجرائر، وأن ننشد بأعلى الصوت مُرددين:
غردي يا جزائر وافخري فارضك أنجبت أبطالا أحرارا.
عقدوا العزم أن تظلِ حرة وعنك يا جليلة طردوا أشرارا.
رفعوا الراية وخاضوا الثورة بروح مفعمة بالأمل لتحقيق أنصارا.
عزموا عن حفظ كرامة الجزائر وعن طرد الذل أصروا إصرارا.
ساروا على خطوات الرجولة حموا أرضا وكتما أسرارا.
ولما لا؛ وإستقلال الجزائر في 5 يوليو 1962، هو ميلاد الفجر بتحرير فلسطين! ففي الخامس عشر من نوفمبر 1988، وقف القائد الخالد " أبو عمار " مُذكراً بالترابط الأخوي بين الشعبين الفلسطيني والجزائري، مُشدداً على إمتداد ثورة الأحرار في الجزائر إلى فلسطين حتى تحرير القدس، ليؤكد للجميع قائلاً: " ونحن نقف على عتبة عهد جديد، ننحني إجلالاً وخشوعاً أمام أرواح شهدائنا وشهداء الأمة العربية الذين أضاءوا بدمائهم الطاهرة شعلة هذا الفجر العنيد، واستشهدوا من أجل أن يحيا الوطن"!وأعلن من أرض الجزائر " إستقلال فلسطين " هاتفاٌ؛ "باسم الله وباسم الشعب العربي الفلسطيني أعلن قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف".كيف لا نتشارك الفرحة بالإستقلال ونحن تشاركنا، ولا زلنا نتشارك الآلام وقسوة الاستعمار والاحتلال؛ قرن ونيف في الجزائر، وقرن أخر في فلسطين! الشعب العربي في الجزائر وفي فلسطين لا زال يعاني "وقاحة الاستعمار" من جرائمه التي يندى لها الجبين، وكما شارك "الغرب" الاستعمار الفرنسي جرائمه ضد الشعب في الجزائر، لا زال ذلك الغرب يُشارك "الصهاينة" عدوانها على فلسطين! دون خجل أو وجل! الشعب الجزائري الذي هب رافضاً للسيطرة الأجنبية، وللدفاع عن أرضه، رغم عظم التضحيات، حتى حازت الجزائر على لقب " بلد المليون شهيد "؛ لم تنسَ فلسطين ولو للحظة واحدة فهي كما أعلن الرئيس الراحل " هواري بومدين " بأن: "الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"!ولا يمكن لذي عقل أن يتصور هذه المقولة على أنها مجرد شعار لـ " بومدين "، بل شعوراً نلمسه يومياً في وجدان الجزائريين! في ملاعب الكرة قبل أن يكون في السياسة! أو ما تنقله لنا المحافل والمنتديات الدولية! وهذا ما يعبّر عن المسؤولية الجزائرية الكبيرة وموقفها التاريخي المشرّف من القضية الفلسطينية، والتي لا تتوقف منها شكوى "الصهاينة" في كل زمان ومكان، وهي لا زالت مثار عويل "أقرانهم"!هذا التاريخ الممتد والمشترك، الموسوم بالدم والتضحيات في مقاومة الظلم والقهر والاحتلال؛ والذي يتجاوز البعد الجغرافي، لن تكون له إلا نتيجة واحدة ألا وهي " الاستقلال "، استقلال القدس التي بدأ حلمها مع استقلال الجزائر!
حينها فقط يكتمل الحلم، حين ينشد " الفدائي “:
فدائي فدائي فدائي
يا أرضي يا أرض الجدود
فدائي فدائي فدائي
يا شعبي يا شعب الخلـــود
بحق القسم تحت ظل العلم
نحن جند في سبيل الحق ثرنا وإلى استقلالنا بالحرب قمنا
نحن من أبطالنا ندفع جندا وعلى أشلائنا نصنع مجدا
صرخة الأوطان من ساح الفدا فاسمعوها واستجيبوا للندا
كل عام والجزائر حرة وبخير، لتكون فلسطين حرة وبخير!
في ذكري عيد الاستقلال الجزائري من الاستعمار الفرنسي البغيض
"عِيدُ تحرير الجزائر يعُتبر عِيدُ تحرير فِّلسَطِّين"
بقلم: أ. د. جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
إن الحُرية لا تُوهَب، وإنما تُنتزع من بين أنياب الجلاد، وما تم أخذهُ بالقُوة، فلن يُسترد بغيِر القُوة ولا يفلُ الحديدُ إِلاَ الحَديد، فلكل بدايةٍ، نهاية، ولكل مُحتلٍ ظالم نهاية لِتِلك الحكاية؛ فمهما أُريقتَ، ونزفت الدماء من الشهداء الأبرار؛ ومهما طال سواد الليل، وزمن الاحتلال، والاستعمار العنيد، سيأتي يوم الوعيد، والنصر الأكيد، والعيد السعيد، وسيبزغ فجر التحرير، والنصر على الغاصبين المُستعمرين من جديد بكُل تأكيد. ومهما نامت الأمُة عن العزيمة، والهمة، فلابد أن يصحو المارد العربي الإسلامي الجارف ليعود فيعتلى القمة ويرسم البسمة، على وجوه أبناء الأُمة. تحتفي دولة الجزائر الحبيبة، والعاشقة لأختها فلسطين في هذهِ الأيام المباركة الفضيلة بذكري عظيمة وجميلة، ونبيلة، وجليلة، وجلية، وعالية، وعزيزة على قلب كل العرب، والمسلمين عامةً وعلى قلب الجزائريين خاصةً، ألا وهي ذكري الاستقلال الجزائري من الاستعمار الفرنسي الغاشم الارهابي، والذي دام زُهاء ثلاثة عشر قرنًا، "132 عامًا"؛ بعد اشعال فتيل ثورة التفجير الكُبرى للتحرير، والتي تُعتبر أكبر ثورة تحرير في القرن العشرين؛ وبعد حرب استنزاف ضروس استمرت ثماني سنوات بين الثوار الجزائريين الأبطال، ضد الأقزام الغاصبين المستعمرين من عصابة الجيش الفرنسي الكافر الفاجر!؛؛ وصمد الثوار الجزائريين الميامين صمود الأبطال في كل ميادين القتال، واستبسلوا في القتال؛ حتى توقف القتال بعد توقيع اتفاقيات إيفان التاريخية في 18 مارس 1962م، والتي مهّدت الطريق لإعلان استقلال الجزائر ؛ وتمّ إعلان استقلال الجزائر بعد أيام من استفتاء لتقرير المصير، وافق فيه 99.72% من الناخبين على الاستقلال؛ فكان إعلان التحرير في اليوم "الخامس من يوليو / جولية، الموافق لعام 1962م"؛ ويعد هذا اليوم هو عيد وطني عربي تحتفى الجزائر قيادة، وشعبًا في ذكري الاستقلال الجزائري؛ وذلك بعد مسيرة طويلة جدًا تخضبت فيهِ الأرض الجزائرية العربية الإسلامية بشلالات من دماء الشهداء الثوار الأبرار الأطهار من الذين قاوموا الاستعمار الفرنسي الفاجر الكافر!؛ والذي ارتكب مجازر بشعة يندى لها جبين الانسانية، والعالم!؛ حيث لم يترك البغاة الطغاة المستعمرين المجرمين أي طريقة، وحشية من وسائل القتل، والتعذيب البشعة إلا، وقاموا بفعلها بحق أبناء الشعب الجزائري الشقيق على مدار تلك القرون الطويلة من زمن الاستعمار ، لتبدأ الجزائر "تاريخ مجيد وعهد جديد من جديد. ولكن الجراح الغائرة لازالت نازفة حتي اليوم، وبعد مُرور 61 عامًا من تحرير الجزائر من المستعمرين بقوة العقيدة الإيمانية الراسخة، ومع الإرادة، والعزيمة، وقوة السلاح، والرمي في أرض المعركة؛ حيث انتزعت الجزائر الاستقلال بعد حرب دامية خلّفت مئات الآلاف من الشهداء، ما جعل الجزائر المستعمرة الفرنسية السابقة الوحيدة في كُل إفريقيا التي تحرّرت بالجهاد، والمقاومة، وبقوة السلاح وحطمت أنف فرنسا المجرمة في الوحلِ، والتراب الجزائري الطاهر. وحتي بعد مضي 61 عامًا من نهاية الاستعمار الفرنسي الخبيث، واستقلال الجزائر؛ فالجراح لم، ولن تندمل في الجزائر، حيث إلى اليوم لم تقدم فرنسا اعتذارًا رسميًا للجزائر عن سنوات الاستعمار العجاف السوداء التي ارتكبت فيها فرنسا ألاف مؤلفة من المجازر البشعة ضد الشعب الجزائري، ومن أبرز تلك الجرائم والمجازر التي يندى لها جبين الانسانية، وتأنف حتى الحيوانات المتوحشة عن فعل، وارتكاب مثل تلك الجرائم الرهيبة من المستعمرين الفرنسيين الفجرة الكفرة!؛ ومنها جريمة الإبادة الجماعية، والتعذيب، والقتل، والتجارب النووية، والنهب الذي طال حتى أرشيف الوثائق؛ حيثُ مارس الاستعمار الفرنسي أبشع أنواع التنكيل، والقتل ضد الجزائريين، وكانت حصيلتها حسب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أكثر من 5 ملايين قتيل طيلة قرن وربع القرن؛ ولقد كشفت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (خاصة)، في تقرير عام 2017، "أن عدد ضحايا الاستعمار الفرنسي فاق 10 ملايين شخص"!!؛ ومن المجازر البشعة التي ارتكبتها فرنسا استخدامها المدنيين رهائن ودروعا بشرية في حربها ضد جيش التحرير الوطني الجزائري؛ وخلال مواجهته ثورات شعبية منذ دخوله البلاد، وحتى مغادرته قام الاستعمار الفرنسي بإبادة قرى بأكملها فضلًا عن أساليب الصعق الكهربائي، واستخدم الآبار المائية سجونًا، وألقى المعتقلين من المروحيات، وفق مؤرخين؛ وتحتفظ القيادة الفرنسية المجرمة حتي اليوم بـ 18 ألف جمجمة محفوظة في متحف "الإنسان" بباريس، منها 500 فقط تم التعرف على هويات أصحابها، وفق ما كشفت عنه وسائل إعلام فرنسية عام 2016م؛؛ وفي تموز/ يوليو 2020 استعادت الجزائر 24 جمجمة تعود لقادة من المقاومة (قبل اندلاع ثورة نوفمبر/تشرين الثاني 1954) قتلوا ثم قطعت رؤوسهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي منتصف القرن 19!!؛؛ ولاتزال المفاوضات متواصلة لاسترجاع جماجم أخرى (لم يحدد عددها)، وتؤكد الجزائر بأن فرنسا وضعت قانونًا إرهابيًا يجعل من هذه الرفات محمية ضمن التراث الفرنسي؛ ومن المذابح التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر مجزرة 8 مايو كانت أكبر، وأبشع مجزرة ترتكبها فرنسا في يوم واحد، حيث خرج مئات الآلاف من الجزائريين في 8 أيار/ مايو 1945م للاحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، ولمطالبة فرنسا بالوفاء بوعدها بمنحهم الاستقلال لكن قوات الاستعمار استخدمت الرصاص الحي، وقتلت 45 ألفا من المتظاهرين العزل، في جريمة ضد الإنسانية؛ وكذلك جريمة نهر السين والتي وقعت في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 1957، خرج حوالي 60 ألف جزائري في فرنسا؛ للتظاهر ضد استعمار بلدهم؛ وواجهت السلطات الفرنسية المحتجين بالرصاص الحي وألقت الكثير منهم في نهر السين، وبلغت الحصيلة 1500 قتيل، و800 مفقود، إضافة إلى آلاف المعتقلين!!.. ولقد أجرت السلطات الاستعمارية الفرنسية المجرمة 17 تجربة نووية تحت وفوق الصحراء الجزائرية بين العامين 1960 و1966؛ حيثُ تسببت التجارب النووية بمقتل 42 ألف جزائري وإحداث عاهات مستدامة بسبب الإشعاعات النووية التي لا تزال تلوث المكان حتى اليوم!!؛؛ وما زالت السلطات الجزائرية تطالب نظيرتها الفرنسية بتسليمها خرائط دفن نفايات هذه التجارب لحماية السكان من إشعاعاتها لكنها تماطل في ذلك!. وتوضح السلطات الجزائرية، ومؤرخون، إن القوات الاستعمارية سرقت، ورحلت إلى فرنسا خلال مرحلة الاحتلال (1830- 1962) مئات الآلاف من الوثائق منها ما يعود إلى الحقبة العثمانية (1518 – 1830م!؛؛ وحتى اليوم بعد مضي 61عامًا على استقلال الجزائر لازالت السلطات الجزائرية، ومنذ الاستقلال تُطالب بِاستعادة هذا الأرشيف، لكن الباغية فرنسا ترد في كل مرة بأنه "خاضع لقوانين تجعله سريًا" وأن به وثائق "مدرجة تحت بند أسرار الدفاع الوطني".!!؛؛ ونحن في فلسطين نحتفي اليوم، ونحتفل في ذكري تحرير ، واستقلال وطننا العربي الثاني الجزائر نؤكد على أن المخاطر التي تحيط بالأمة العربية، والإسلامية جَّمَة، وكبيرة، وكثيرة، وأن العقلية الغربية، والأوروبية الاستعمارية لم، ولن تتغير، وأنهم يسعون حتى اليوم لاستدامة الاستعمار، وإن لم يكن ذلك من خلال القوة العسكرية، وإنما من خلال الغزو الفكري، والثقافي، واقرار قوانين شيطانية مجرمة مثل:" المثلية الجنسية، واتفاقية سيداو"؛ من أجل هدم، وتدمير أخلاق أبناء الأمة العربية والإسلامية فلم تتوقف شياطين الإنس في تلك الدول الاستعمارية الفاجرة الكافرة، والتي لن يهدأ لها بال حتى تدمر كل شيء جميل، وطيب، وأخلاق حسنة في مجتمعنا العربي المُسلم!؛ ولذلك يجب على كل العرب، والمسلمين في ذكرى الاستقلال الجزائري التوحد، والعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية الوسطية السمحاء، والتمسك بسنة النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وتعزيز القيم الأخلاقية، والفضيلة، ومحاربة الرذيلة، والاستعداد لمواجهة الأعداء من جيش الأعور الدجال في أخر الزمان، وذلك في الحرب القادمة لا محالة؛ فمن يبذل العرق، والجهد وقت السلم، يوفر الكثير من الدماء وقت الحرب؛؛ رحم الله الشهداء البررة في كل الأمة العربية والإسلامية، وحفظ الله الجزائر حبيبة فلسطين، وكل الوطن العربي، والإسلامي من كيد الخائنين.
في استقلالك يا جزائر..عليك السلام
بقلم : د. عبد ربه العنزي
حينما نقرا تاريخ الثورة الجزائرية،ينبغي كفلسطينيين أن نقف في الصفوف الأولى للمحتفلين بيوم الاستقلال الوطني الجزائري،يوم استقلال الجزائر ليس مجرد مناسبة لانتصار ثورة عابرة،إن الثورة الجزائرية حكاية امة عرفت كيف تنتصب أعناقها رغم المقصلة الفرنسية التي جزت رؤوس الثوار الجزائريين،قصة أعظم ثورات التاريخ بماضيه وحاضره،حينما يسقط أكثر من مليون ونصف المليون شهيد من شعب واحد،فان الإشارة التي تحملها دلالة هذا الدم تعني أن الحرية والكرامة خيار واحد لهذا الشعب،ولا مجال للتفاوض حول خيار آخر. إن تاريخ الاستقلال الجزائري ينبغي أن يكون لنا كفلسطينيين درس في الوعي والفداء ،يجب أن نتعلم حكمة الانتصار لهذه الثورة الباسلة،نبحث في عثراتها وسبل تجاوزها،ونتبصر في آليات استمراها وقوتها،ونقف على تفاصيل نضالها ،إن تقدير استقلال الجزائر الحقيقي بالنسبة لنا كمقاومة فلسطينية يستدعي أن نسير على دربها ونمضي على طريق حريتها . إن استقلال الجزائر يستدعي أن نسجل كفلسطينيين فضل ثورتها ودولتها علينا ،إن علينا واجب العرفان بدور الجزائر كثورة وكدولة مع المقاومة الفلسطينية،ونستذكر عطاء الجزائر مع فلسطين الإنسان والأرض والمقاومة. لقد كانت الثورة الجزائرية -التي استطاعت أن تستأصل التجربة الاستعمارية الأوروبية العريقة- الفضاء الذي ألهم الفلسطينيون بكل ميولهم وفئاتهم للاقتداء بنموذج الثورة الجزائرية،وهو ما عجل في انطلاقة الثورة الفلسطينية المسلحة رغم الظروف الإقليمية والدولية والذاتية التي اعتبرت تفجير الثورة الفلسطينية المسلحة مغامرة غير مدروسة.ولكن اثبت الأحداث اللاحقة أن تفجير الثورة كان الأمر الحتمي والضروري لمواجهة الاحتلال الاستيطاني الصهيوني. رغم تاريخ العلاقة المميزة بين الثورة الفلسطينية والجزائر ،لم تحاول الجزائر أبدا التدخل في الشئون الفلسطينية الداخلية،ووقفت دوما لصالح فلسطين الوطن والهوية والقضية،وكان دعمها السخي بلا توقع لثمن سياسي أو استقطاب في إطار عملية تنافس إقليمي،أو رغبة في استعراض وقفتها مع القضية الفلسطينية لاستمالة الرأي العام،لقد كان الموقف الجزائري مبدأيا ومتصلا بحالة قومية عضوية أصيلة. احتضنت الجزائر مؤتمرات النقابات والمنظمات الفلسطينية،كما حدث في استضافتها للمؤتمر الخامس والسادس والسابع والتاسع لاتحاد العام للطلبة الفلسطينيين،وكذلك المؤتمر الثالث للاتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين،والمؤتمر الثالث للاتحاد العام للعمال الفلسطينيين،والكثير من المجالس الإدارية خاصة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ،واحتضانها للدورة 16و18 و19و20 للمجلس الوطني الفلسطيني. قام الرئيس الراحل هواري بو مدين بترتيب زيارة الرئيس الراحل أبو عمار التاريخية إلى الأمم المتحدة عام1974،بل ووفر له الطائرة التي أقلت الرئيس الفلسطيني إلى الأمم المتحدة. ساهمت بالجزائر في إدخال منظمة التحرير الفلسطينية كعضو مراقب في منظمة الوحدة الإفريقية،وتبنت مواقف الفلسطينيين ومنظمة التحرير في كتلة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي ،وناضلت الجزائر في جامعة الدولة العربية وخاصة في مؤتمر الرباط لتحصل منظمة التحرير الفلسطينية على شرعية وحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني. استقبلت الجزائر الضباط الفلسطينيين في كلية شرشال ،وقد تخرج من هذه الكلية مئات من الضباط الفلسطينيين،وهي الكلية التي ما زالت تقدم مقاعد دراسية سنوية للفلسطينيين،كما وساهمت بتخريج ضباط في البحرية والطيران. قدمت الجزائر مساعدة نوعية للفلسطينيين في أيام الشدة وأيام الحصار،حينما استصدرت مئات جوازات السفر الدبلوماسية
والعادية الجزائرية لتمكين الكوادر الفلسطينية من التحرك بسهولة بين الأقطار العربية والأجنبية، وكان الرئيس الراحل أبو عمار يحمل جواز سفر جزائري، دبلوماسي تحت رقم (40) وهو ما لم يتمتع به بعض كبار المسؤولين الجزائريين. احتضنت الجزائر قوات الثورة الفلسطينية بعد الخروج من بيروت عام1982،ووفرت لهم ولعائلاتهم قرى زراعية للعمل بها. يسجل للجزائر أنها أنشأت أول إذاعة فلسطينية خارج دول الطوق ،وعملت بشكل منتظم منذ 1970حتى عام1995،وعلى كل الموجات القصيرة والمتوسطة والطويلة،ووصل بثها إلى أمريكا اللاتينية وأوروبا وافريقيا وأمريكا الشمالية واستراليا،وبلغ عدد مستمعيها إلى 250 مليون شخص.
كانت الجزائر أول دولة تفتح مكتب لحركة فتح في العالم عام 1964، وهي أول من فتح مكاتب لمنظمة التحرير الفلسطينية مع الصفة الدبلوماسية الكاملة. كانت ولا زالت الجزائر أكثر الدول في العالم التي تقدم منح دراسية للطلبة الفلسطينيين وفي كافة المجالات والتخصصات. يسجل للجزائر أنها أول دولة تعترف بدولة فلسطين حينما اقر المجلس الوطني الفلسطيني إعلان الاستقلال،وكانت هذه الدورة منعقدة في الجزائر. يحسب للجزائر التزامها الكامل -وربما هي الدولة العربية الوحيدة- بتقديم المساعدات الدورية للسلطة الوطنية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ليتمكن من بناء دولته وبنيته التحتية. يكفي أن نقول خلاصة لهذا الموقف الجزائري مقولة الرئيس العظيم هواري بومدين حينما قال "أن استقلال الجزائر ناقص بدون استقلال فلسطين"
التاريخ يكتبه المنتصرون... في عيد استقلال الجزائر الحبيبة
بقلم: جلال محمد حسين نشوان
كانت الجزائر الحبيبة ومازالت مقبرة للغزاة ، بفضل رجالها الأبطال الذين قاتلوا الإستعمار في ميادين الشرف وضربوا بأيادي من حديد كل من سولت له نفسه أذلال الشعب الجزائري وإركاعه وكسر هيبته، ضربوا المستعمرين الفرنسيين الغزاة الذين ارادوا قتل ابناء شعبنا الجزائري وقطف زهرات ارواحه، ضربوا من حاول أن ييتم الأطفال ويثكّل النساء، ضربوا من حاول حرق القلوب بفقدان فلذات الأكباد، في عيد استقلال الجزائر الحبيبة نبوح بمشاعرنا من الأعماق..لنغسل أرواحنا من أدران الهزيمة والتطبيع الذي لوث أمجاد الأمة، في عيد الجزائر نغسل أرواحنا ونخرج لفسحة الكون مع نفحات العزة والنصر والشموخ والانتصار وننتقل بين ورد وزهر...وثمر وشجر.. لننثر أعذب الحروف في عيد استقلال الجزائر الحبيبة ونسطر الآمال لمداد أرواحنا العطشى لكل عزة ونصر، ونغير لون الكون..بعد خريف الربيع العربي ( الأمريكي ) الذي جعل أوراقنا تذبل وقد زحف إليها بالموت البطيئ ..والممل . نحلم بالخضرة ..وكل يومٍ يقربنا إلى النصر إليك ياجزائر الحب والشرف والكبرياء، وأنا اكتب في عيد استقلال الجزائر..أشعر أنني عدت شباباً، ومازلتُ أحدثُ نفسي بالحلم..وأعدها بالأمل ..لن أيأس لأن الجزائر هي النصر والأمل وهي من تسكب في أرواحنا شلالات العزة والشرف والكبرياء، في عيد استقلال الجزائر الحبيبة نملك الحب لهذا البلد العظيم فوالله لن نهدأ ولن تشفى صدورنا إلا عندما يغادر المحتلون الغزاة الصهاينة النازيين أراضينا المقدسة .
السادة الأفاضل:
من لا تاريخ له لا حاضر ولا مستقبل له، و كما سار الأجداد الجزائريون ، سيسير شعبنا الجزائري البطل إلى المستقبل وفي ركب التقدم مستلهمين التجارب العظيمة من قادة الجزائر العظماء وحكمة السيد الرئيس عبد المجيد تبون، حفظه الله، في عيد استقلال الجزائر الحبيبة نقدم التهاني لهذا البلد العظيم رئيسا وقيادة وشعبا وكل عام والجزائر شعبا وقيادة بألف خير، اقدم التهاني للجزائر الحبيبة واقول لشعبها العظيم : من لي بغيرك عشقاً يا قبلة الأحرار، من لي غيرك عشقاً وانت عظيمة بتاريخك، وحضارتك
ومواقفها الثابتة من فلسطبن وقضايا الأمة، دمت لنا يا مهجة الأرواح يا بلد المليون ونصف مليون شهيد، يا بلد الثوار والمجاهدين
يا بلد الصمود والعنفوان والإرادة التي لا تقهر في عيد استقلال الجزائر الحبيبة استلهم مقولة الشهيد و القائد الأممي ياسر عرفات رحمه الله مخاطبا الشعب الفلسطيني : إذا ضاقت بكم الدنيا فعليكم بالجزائر، اتمنى أن تتاح لي الظروف و أزور هذا البلد الشقيق والحبيب، نحن نفخر بعلاقتنا مع العديد من الاخوة المواطنين الجزائريين حيث تربطنا علاقات صداقة واخوة بيننا ، اقولها وبصوت مرتفع انني وجدت فلسطين في قلب وضمير كل جزائري، عاشت الجزائر الحبيبة، وعاش شعبها العظيم، وعاش الرئيس عبد المجيد تبون ، ودمت يا جزائرنا الحبيبة
تهنئة بمناسبة عيد الاستقلال
بقلم : د. غسان الشامى
تحية عز واجلال وتقديري في ذكرى الاستقلال المجيد لجمهورية الجزائر، هذا البلد الأصيل، بلد المليون شهيد، بلد ثورة والأبطال والتاريخ، الذي قاوم الاستعمار الغربي على مدار أكثر من مائة عام، وهو يقاوم هذا الاستعمار، إلى أن تحرر من رتق الاستعمار، كل التحية والتقديري والحب والعرفان من فلسطين القضية والانسان والأرض، إلى الجزائر شعبا ورئاسة وحكومة في عيد الاستقلال المجيد، كل التحية والحب إلى الجزائر هذا البلد المعطاء المحب الأصيل، الذي ساند ودعم الشعب الفلسطيني فس مقاومته وكفاحه الطويل ضد الاحتلال الاسرائيلي، باسم الشهداء والجرحى والأسرى والمناضلين والثوار من أبناء شعبنا الفلسطيني نتقدم بالتحية للجزائر هذا البلد الأصيل الكبير بأهله وناسه والكبير بعطائه وكفاحه ودعمه ومساندته لفلسطين والقضية الفلسطينية، قضية الأحرار والوطنيين وأصحاب الضمائر الحية في العالم .. دكتور غسان مصطفى الشامي ..كاتب صحفي ومحلل سياسي فلسطيني ..
أبطال الجزائر قدوة للفلسطينيين
بقلم: د.أحمد لطفي شاهين
يصادف في يوم 3 جويلية / يوليو / تموز 1962 ميلادية الذكرى الواحدة والستين لنهاية الاحتلال الفرنسي الذي استمر لمدة 132 سنة تخللها آلاف العمليات الفدائية وعشرات الآلاف من الشهداء الذين رفضوا الوجود الفرنسي تماما مثل الشعب الفلسطيني الذي رفض ويرفض الوجود الصهيوني والذي يقرأ التاريخ البطولي للجزائر ويتعلم منه ابطال الجزائر المعاني الحقيقية للتحدي والصمود والمقاومة وكذلك نساء فلسطين يقرأن جيدا تاريخ المناضلات الجزائريات مثل لالة فاطمة نسومر- لالة زينب القاسمي، - والشهيدات حسيبة بن بوعلي- ومليكة قايد - وفضيلة سعدان- والمجاهدات الجميلات الثلاث كما يطلق عليهن: جميلة بوحيرد- وجميلة بوعزة- وجميلة بوباشا -.، وغيرهن المئات من المجاهدات والشهيدات في كل الولايات الجزائرية، واليوم نخصص هذا المقال للكلام عن البطل المناضل "أحمد المطروش" الذي تدخلت وزارة الخارجية الفرنسية لمنع إنتاج فيلم عالمي إسمه "رامبو الجزائر لمطروش" و هددت فرنسا بطرد أي جزائري من فرنسا إن تم إنتاج الفيلم، ان هذا البطل "احمد المطروش" استطاع ان يصفّي 611 جندياً بمفرده .. !
قام بعمليات فردية خالدة تسجل في التاريخ بمداد من ذهب حيث استطاع تصـفية كبار الضباط الفرنسيين مثل " بيجول" و "مورس برشلي" و"سانتوس بيير" أمام مقر بلدية رأس الواد في ظل وجود قوات كبيرة من الاحتلال الفرنسي في المكان و خرج من المكان دون أن يمسه أحد، استطاع لوحده أن يخرب عشرات المزارع و المصانع و القصور و المعتقلات و المخازن المملوكة لجيش الاحتلال الفرنسي مما حول حياتهم لجحيم لا يطاق مما أجبر المئات من الجنود و الضباط على الانتحار او الهروب من اماكن خدمتهم ثم رحيلهم إلى فرنسا للأبد وعندما قام الإحـتلال الفرنسي بترحيل سكان " دوار أولاد تبان" و إعلان دوارهم منطقة محرمة قام البطل المناضل "أحمد المطروش" بعمل جبار تمثل في إخراج أسر المجاهـدين و الشهـداء من محتشد الكومبانية قرب "مدينة العلمة" و من بينهم زوجته و طفله ناصر الذين كان الاستعمار قد خطفهم مع أهل البلدة حتى يسلم نفسه لهم لكنهم لا يعلمون عناد الفدائيين !!!! لقد كتبت الصحف الفرنسية وقتها 1957 : أنتم تقاتلون جيشاً مسلماً كاملاً أسمه "أحمد المطروش" أنتم تقاتلون اشباح وخيالات لايمكن ان يكون ورائها شخص واحد فقط ... لقد اصيب القائد "فرانسيس أولان" بالجنون والهوس وجلس يشرب الخمر طوال الليل حتى سقط و حملوه إلى المستشفى ثم عاد للخدمة و معه مرض الإكتئاب من هول العمليات التي قام بها البطل " المطروش" وحيداً، استطاع البطل المناضل "أحمد المطروش" في ديسمبر 1958 إختطاف عسكريين فرنسيين في "مدينة سطيف" بمفرده واستطاع أن يخرج بهما خارج المدينة حتى سلمهما لقيادة الثورة الجزائرية و كان متحمساً و فخوراً حيث قال مستهزئا بهم: ( أصطدت زوج عصافير صغيرة) كان يعمل منفردا وفي سرية تامة دون ان يعلم احد عن مخططاته وكان بعض رفاقه يحذرونه من العمل منفرداً لأن العدو يراقبه للقبض عليه فكان يبتسم لهم و يمضي دون خوف ولا تردد وبكل شجاعة لكنه وقع في الاسر ووضعه الاحتلال في سجن شديد الحراسة منفردا فهرب من السجن بعد 90 يوم و عاد للعمل الثوري منفردا اكثر شراسة و حتى الساعة لا يوجد كتاب تاريخ فرنسي إلا و فيه عبارة ( نحن نتعجب كيف أستطاع الفرار من السجن الشديد الحراسة ) نعم انه بطل من "مدينة سطيف الجزائرية" ويحق لنا في فلسطين ولهذه المدينة ولكل الجزائر أن نفتخر بالبطل "أحمد المطروش" الذي أستشـهد على أرضها أثناء قـتاله ضد جنود الاحتلال الفرنسي و كان وحده أمام كتيبة كاملة مدججة بالآليات والعتاد و السلاح سنة 1959 م بعد ان صـفى أكثر من30 ضابط وجندي فرنسي و لقى ربه شهيدا حتى آخر طلقة وحتى أخر نبضة قلب يعشق التراب الجزائري، نعم كان هذا بطل واحد فقط من ابطال الجزائر والتاريخ لجزائري مكتوب بدم الشهداء وهذا المقال استندت على معلوماتي فيه من كتاب (ما أخفاه التاريخ قصص منسية لبطولات إسطورية ) د:علي عبد الظاهر، نعم .. لم يتحقق استقلال الجزائر الا بعد المرور على جسر من مليون شهيد وشهيدة ونحن في فلسطين نقرأ تاريخ الجزائر بعناية وتدقيق ونحتفل مع الجزائر في هذه الذكرى لأننا نثق أن الجزائر ستكون اول دولة تحتفل معنا بالنصر والاستقلال، اختم مقالي بكلمات الشاعر الفلسطيني الشهيد عبد الرحيم محمود والتي تحولت الى انشودة وطنية يترنم بها ويتوارثها الشعبين الفلسطيني والجزائري :
سأحمل روحي على راحتي.. وألقي بها في مهاوي الردى
فإمّا حياة تسرّ الصديق.. وإمّا مماتٌ يغيظ العدى
ونفسُ الشريف لها غايتان.. ورود المنايا ونيلُ المنى
وما العيشُ؟ لا عشتُ إن لم أكن.. مخوف الجناب حرام الحمى
بقلبي سأرمي وجوه العداة.. فقلبي حديدٌ وناري لظى
وأحمي حياضي بحدّ الحسام.. فيعلم قومي أنّي الفتى
وثيقة الروح "استقلال الجزائر"
بقلم : علي شكشك
الحضارات أوانٍ مستطرقة, لا يكفي أن تتسم بالقدرة على البطش والإفساد, هذا إن لم يكن هذا عينُه دليلَ همجيتها, وشفيعَ نزعِ السمة الحضارية عنها, فهكذا كان المغول والتتار رغم ما فعلوا من بطش وحرق وتدمير, فقد انتهوا وذابوا وتبخّروا مع الأثير, "فهل تُحسُّ منهم مِن أحدٍ أو تسمعُ لهم رِكزا", فكان لابد من فصلٍ أخير تستعيدُ فيها الأمورُ سياقَها بفطرة الأشياء المجبولة على الحرية, ورفضِ الظلم والاستغلال والعبوديّة, وهو دأبُ الذّرّات والكائنات الحيّة, وهي نفسُ الحرّيّة الكامنة في المجرّات, وهي نبضُ القلب وفسحةُ الروح وشرطُ الحياة. ولِذا فإنَّ المساسَ بها يعني بداهةً انتفاءَ شرط الوجود الأوّل, وهل يُمكن أسرُ البحرِ والسماء, فكيف إذن بما طواهما وَوَسِعَهُما, وسعى لِلـ ما وراء, أقصدُ روحَ الإنسان, فكيف إذا كانت هذه الروحُ ذاتَ سماتٍ حضارية متميزة ومستعلية ومتفوقة على الغازي المستعمِر, وذاتَ شأنٍ وتاريخٍ وثقافةٍ مستنيرة أبيّةٍ, ومستعصيةٍ على الدّنِيّة, لكنّ الغريبَ أنْ يكونَ هناك مَنْ يُفكّرُ ويحلم ويخطّط ويَسعى للنهب والسرقة والظلم واستعباد الشعوب ونهب خيراتها وحرمان أهلها من أملاكهم وتوزيعها على أفراد العصابات الوافدة من ما وراء البحار, أيُّ نفوسٍ هي تلك النفوس, وكيف يُمكنُ أنْ يقرَّ لها قرار, وهنا, في هذه الديار, يتماهى الإنسان بِحُرّيّةِ الصحراء, ولا يحدُّه البحرُ, وهو الذي ركبه, وجعلَه لُعبتَهُ, والجبلُ أحدُ تضاريس روحه, مداهُ لا نهايةٌ, وأفقُه الفضاء, وبيتُه العتيقُ حدُّ شوقِه, وقدسُه معراجُه إلى السماء, فما تقولُ فيمن افترى وجاء؟, غيرَ الظلامية والجهل والغباء, لكنّه قد جاء, ومنذ يومه الأول ابتدأ الفساد ولإفساد, بجرعة زائدةٍ لعلها تحسمُ الأمور وتصلُ الرسالةُ وتنكسرُ الأرواح وتستسلمُ النفوس ويطيبُ له ولها المقام, لكنّ هذا اليومَ الأول طال واستطال لأكثر من خمسين عاماً في إشارةٍ ذات دلالة إعجازية, بل لم تهدأْ لحظةً واحدةً مظاهرُ الرفض والإباء, وعمد الشعب إلى تخزين ومراكمة وتطوير وإبداع أدواتٍ تعجزُ بصيرةُ العميان عن إدراكها, وقد حجبَتْها عنهم قراءتُهم الآثمة لمعنى الحياة, وعمدوا ـ وقد ظنّوا أنْ قد استقرَّ الحال ـ إلى الإيغال في الضلال, بإلحاق الجزائر حديقةً لخدمةِ السّيّدِ المُختال, وإلغاءِ هويتها وذاتِها وكرامتها وشخصيتها وملامحِها الحضارية, جاهلين بعمى البصر والتقدير والبصيرة أنّه بكثيرٍ قبل العصور الغربيّةِ والتنوير, كان هنا امرأةٌ متنورةٌ بحجم زنوبيا وكليوباترة وذكاء وفطنة وحكمةً بلقيس, تقودُ الجيوش, وتسوسُ النفوس, ديهيا الجميلة, الكاهنة الجزائرية الأمازيرية, والتي تواصلَتْ في مسامات التاريخ إلى أنْ رأَوْها بأمِّ أعينهم مجسَّدةً في لالّة فاطمة نسومر التي وُلدَتْ في نفس العام الذي وطئوا فيه شاطئ سيدي فرج, الطاهر الشريف, وهي أختُ العالم سي الطاهر, وهي ربيبة العائلة المتعلمة, وهي العالمة المتفقهة وبنتُ الزاوية الرحمانية, وبنتُ سيدي محمد بن عيسى مقدم زاوية الطريقة الرحمانية, وأمُّها لالة خديجة التي منحَتْ اسمَها للجبال في جرجرة, فلعلهم لا يدَّعون أنهم جاؤوا إلى هنا في مهمَّةٍ حضاريّةٍ تعليمية, وقد علَّمَتْهم لالة فاطمة دروسَ البطولة والحنكة والفروسيّة والدراية في إدارة المعارك, إذ لم يكونوا أهلاً لِتُعَلِّمَهم دروسَ الحكمة والتصوف والأدب, وأوقعَتْ بهم وبجنرالاتهم هزائمَ نكراء, كان منهم الجنرالان زوندوف ويوسف التركي, وقتلتْ الخائنَ الجودي بيدها, وأنقذَتْ من الموت المحقَّقِ زميلَها في السلاح الشريفَ بوبغلة, وقد تواصلتْ هجماتُها وانتصاراتُها بنواحي يللتن والأربعاء وتخجلت وعين تاوريج وتوريرت موسى, حتى جاء الجنرال روندون وجنَّدَ جيشاً من خمسة وأربعين ألف رجل معززاً بدعم قوات الجنرال مكمهون التي جاءت من قسنطينة, وكان المشهدُ الذي يُلَخِّصُ الحكايةَ حين التقى الجمعان واحتدمَ السيفان, وبرزَتْ لالة فاطمة نسومر في مقدمة الجمع كأبهى ما يكونُ المعنى في لباسها الحريري الأحمر, ولم ينتِه الأمرُ إلا بمفاوضاتٍ واتفاق, ثُمّ غَدْرٍ {كالعادة} مِن السلطاتِ الاستعمارية, فقد أُسِرتْ رغم الاتفاق, وأُبعِدَتْ, إلى أنْ وافتها بعد سبعِ سنواتٍ المنيّة, وقد كان كلُّ هذا وعمرُها ثلاثٌ وثلاثون سنة ميلاديّة, وهل كان يمكنُ لأولاد قلعة سلامة حيث اعتزل ابن خلدون ليكتبَ مقدمتَه, أن يقبلوا بالضيم, وهل توقَّعَ المستعمِرُ أنَّ أحفادَ عُقبة سيقبلون لحظةً واحدةً ويستسلمون ويسلِّمون, كيف وأجدادهم قد جابوا البحارَ وما وراء البحار لتحريرِ الأقوام, من ربقة العبودية والجهل والظلام, دونما طمعٍ في نهب واستغلال أو استعباد, فهم الذين فتحوا الأندلس, ووهبوها للنور والحرية والمجد, فعشقَتْهم الأماكنُ وتعلَّقَتْ بهم, واستعارت أسماءهم ومجدَهم, فأصبحَ الجبلُ أحَدَ آثارِ طارق, والمضيقُ ملحقاً به, فمَنْ هؤلاء إلا أحفاد هؤلاء, فلو تصوَّرْنا أنَّ طارق بن زياد سيقبل بالعبودية, لَتَحَطَّمَ الجبلُ واختنقَ المضيق, فكان كلُّ الجزائريين طارق, وكانت كلُّ الجزائريات لالة فاطمة نسومر, وما حسيبة وجميلة إلّا عيناتٍ ماجِدات,
وقد ركَّز المستعمِرُ جهدَه على المرأة, وقد عبَّأت قوى الاحتلال لمعركتها على المرأة أغزر مواردها وأكثرها تنوُّعاً, ووضعَ نظريةً سياسية محدّدة "إذا أردنا أن نضرب المجتمع الجزائريَّ في صميم بنيته وفي قدراته على المقاومة فيجب علينا قبل كل شيء كسبُ النساء", وإذا كانت "البنات مرايا البلاد على القلب", كما يقول محمود درويش, فإنها تصبح شارتَه ورمزَه ومغلاقه ومفتاحه, وباختصار كُلُّ الوطن, ولهذا وكما يقول فرانز فانون؛ "إنَّ هناك عدائيةً متبلورةً تتجلَّى في درجة العنف لدى الأوروبي إزاء المرأةِ الجزائرية, فنزعُ الحجاب عن هذه المرأة هو كشفُ جمالها للأنظار, وهو هتك سرِّها,وتحطيمُ مقاومتها, وجعلُها رهنَ الإشارة للمغامرة, وإنَّ إخفاءَ الوجه هو أيضاً إخفاءُ سرها, وهو إحلالُ عالمٍ من الأسرار ومن الخفاء, وهكذا يعيشُ الأوروبي في مستوى شديدِ من التعقيد صلتَه بالمرأة الجزائرية, تتملكه رغبةٌ شديدة في جعل هذه المرأة في متناول يده, وفي أن يصنعَ منها متاعاً, امتلاكُه محتمل",
وهذه الحال ليست إلا ترجمةً لرغباته إزاء الجزائر, فالمرأة ليست في أغوار الروح إلا الوطن, فهي التي تلدُه وترضعه وتهدهده وتربيه وتحتمي به, ثم حين يجبُ, تصونُه وتحميه, "وعندما شنَّت السلطاتُ الاستعمارية حملةً لجعل المرأة الجزائرية تأخذ بأسباب الحضارة الغربية وهُدِّدَت خادماتٌ بالطرد وجُذِبت نساءٌ مسكينات من منازلهن, واقتيدت سيداتٌ إلى الساحات العامة لِيُنزعَ عنهن الحجابُ في جوٍّ من هتافات تحيا الجزائر الفرنسية, وأمام هذا الهجوم فإنَّ نساءً جزائرياتٍ سافراتٍ منذ زمن طويل وبصورةٍ عفوية وبدون أوامرَ قد عاودن ارتداءَ الحجاب, مؤكداتٍ, هكذا, أنَّ المرأةَ الجزائرية لا تتحرّر بدعوةٍ من فرنسا ومن الجنرال ديجول"{فرانز فانون}.
"وقد تكررت لعبةُ خلع وإعادة الحجاب في مراوغةٍ أربكت المستعمِر, وأصبح الحجاب يُستخدمُ كآلةٍ يُحَوَّلُ إلى فنٍّ في التمويه ووسيلةً للكفاح"{فانون},وقد أصبحت رغبةُ المستعمر في نزعِ الحجاب آليةً معقدةً من السخرية من المستعمِر, وتأكيد استقلال الذات, إنها حربٌ معقَّدَةٌ وشاملة, وإنَّ بداهةَ الإبداع لدى المرأةِ الجزائرية لم تخطر على بال الكولون, في تأكيدٍ متجدّدٍ على أن لالة فاطمة نسومر –رغم عدم زواجها- فهي متناسلةٌ في كل الجزائريات, "وإنَّ الشجاعةَ التي تُظهرها المرأةُ الجزائرية في الكفاح ليست ابتداعاً غير منتظَر أو نتيجةً لِتحوُّل, بل هو جواب الدعابة الساخرة في المرحلة التمرُّديّة"{فانون},لقد سَخِرَ الجزائريون من المستعمِر, ومن حلمه, وكيّفوا سخريتَهم طول الوقت وفق الكيمياء التي تسمح بها معادلةُ البطش والمجازر, بل لقد تجاوزَتْ سخريتُهم كلَّ حدٍّ وهم يَهبّون للجهاد إلى فلسطين ويعقدون الندوات ويجمعون لها التبرعات, وكأنّهم قد تجاوزوا إنجازَ استقلالهم, ولم يعُدْ تحقيقُ الأمر إلا مسألة وقت ما داموا قد قرروا, لقد بدأت معركةُ الحرية في الخامس من جويلية عام ألف وثمانمائة وثلاثين, وخاضها كلُّ فردٍ في هذه البلاد, وكلُّ شيءٍ فيها, وكانت الجزائر طولَ الوقت مستقلة, بمعنى أنها لم تَتْبعْ ولم تخضع لحظةً واحدة, فلم تتبدل الأشعارُ, ولا اتجاه القبلة, ولا الأسماء, ولا العواطف, ولا الحايك, ولا الأهازيجُ, ولا الزغاريدُ, ولا رقصات الرجال, ولا آيات التنزيل, ولم تكن الثورة والقنابلُ إلا ترجمةً عنيفةً لنغمات وتميُّز الزغاريد الجميلة مِن حناجر مَن يلِدْنَ البلاد, فهل كان يمكنُ أنْ يكونَ إلا ما كان, أن يخرج الكولون من سياقٍ مستقلٍّ عنه وعصيٍّ عليه, ولو طال الزمان, فقد كان عليه أن يتقهقر إلى نفسِ النقطة التي بدا منها .. الخامس من جويلية, وإلى نفس المكان .. شاطئ سيدي فرج, لينكفئَ هناك, في عملية إقلابٍ للتاريخ, خرج منه بكل الخزي والعار, محملاً بما لا يمكن حصرُه من الأوزار, تاركاً ما لا يليقُ به لأهلِ الدار, المجدَ والفخار, وأكاليلَ الغار, ومائة واثنين وثلاثين عاماً بالتمام وبالكمال, شاهدةً عليهم, أنه لا بُدَّ مهما طال الليلُ من نهار, وسَجَّلَ الجزائريون وثيقةً للروح, ووقّعوها بالدّم الطاهر المسفوح, لِكُلِّ مُعَذَّبي الأرضِ والمظلومين, أنّه لا مستحيل .. وأنّه مهما استوطنَ المستوطنون.. من قدسِنا سيخرجون.
عيد استقلال الجزائر.. ثمار النضال ضد الاستعمار.
بقلم : تمارا حداد
الباحثة السياسية في الشأن الدولي.
يُخلد الجزائريون، اليوم 5 جويلية سنة 1962، ذكرى استقلال الجزائر بعد مسار نضالي ومواجهة ضد الاستعمار جمع بين الكفاح المسلح والنضال السياسي والجمعوي والفصائلي في مرحلة لعبت فيها كل مكونات الحركة الوطنية إلى جانب مقاومة الشعب الجزائري دوراً أساسياً في طرد الاستعمار. حيث ان مسار الجزائر التحرري تلون بدماء المليون شهيد لإحراز تحرر مثالي يُنهي الاستعمار على أرض الجزائر، واستأنفت الحركة الوطنية الكفاح والنضال بكافة أشكاله التي سلكته المقاومة ضد سلطات الاحتلال بأساليب الكفاح النوعي للتخلص من احتلال إلى الاحتفال باستقلال مُشرف بعد إعلان الاستقلال عام 1962. ويحتفل الجزائريون بذكرى الاستقلال وهم يستذكرون بمشاعر الفخر لقادة بلادهم التي أوصلتهم إلى التحرير من الاستعمار وأوصلت الجزائر نحو بناء دولة حديثة حيث واصلت مسيرة بنائها نحو نهضة مستدامة حتى يومنا الحالي. عيد استقلال الجزائر هو بداية العطاء الذي يتجدد في كل يوم، ويؤكد عليه الجزائريون في كل مكان وزمان بسعيهم نحو الاستمرار في النضال في كل المجالات العلمية والتكنولوجية والعملية لأجل أن يظل اسم الجزائر عالياً وأن يظل علمه خفاقاً في ميادين النصر والتميز، حتى أصبح الجزائري موضع فخر وانتماء لكل من يعرفه لأنه يُعطي بكرم وشهامة ولا تغيره الظروف مهما كانت صعبة ما ينعكس على الجزائر بشكل كبير، لصناعة الاستقلال وترسيخ مفاهيم في أذهان الجميع ما جعل الجزائر دولة في المقدمة لها مكانتها السياسية. ذكرى الاستقلال تُجدد العهد في قلوب الجزائريين وتزرع في داخلهم حب الوطن وولائهم وانتماؤهم لدولتهم التي قدمت لهم الأمن والأمان والاستقرار، ومنحتهم القدرة على طلب العلم والعمل والنمو المستدام، فالجزائر بلد الأحرار الطيبين الذين لا يعرفون الذل أبداً، وعطاؤهم لا محدود لأهلهم ولدولتهم والاستقلال عزز هذه المعاني وزاد في حجم التصميم والإرادة في قلب كل جزائري ومُحبي الجزائر. يعطينا الاستقلال كثيراً من الدروس التي يستفيد منها كل فرد فهم يرون ذكرى الاستقلال حياة جديدة تتجدد مع كل شروق شمس فالاستقلال محطة مهمة من محطات الجزائر لهذا يستذكره الجزائريون بكل مشاعر الفخر والتقدير والامتنان ويتذكره الفلسطينيون الذين ما زالوا يُقدموا التضحيات والشهداء في سبيل حرية فلسطين، حيث تسير فلسطين كما سارت الجزائر نحو تحقيق الخلاص من الاحتلال وإزالة القيود العنصرية على شعب اعزل.
وبتحقيق الاستقلال، أخذت الجزائر دوراً مُتقدماً وبارزاً وهاماً عربياً وإفريقياً ودولياً لتتبوأ مكانة متقدمة موظفة استقلالها في الدفاع عن الأمتين العربية والإسلامية وخدمة قضاياها العادلة، وبالتحديد القضية الفلسطينية التي وقفت طيلة السنوات الماضية إلى جانب الشعب الفلسطيني وما زالت حتى اليوم تُقدم الدعم المعنوي والمادي للقضية الفلسطينية مؤمنة بعدالة القضية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ووصوله إلى الإستقلال والإستقرار والانتصار على الاستعمار الصهيوني الجاثم حتى اليوم على الأرض الفلسطينية.
الاستقلال مسيرة الخير والعطاء الذي رسم خريطته الجزائريون وساروا عليه بكل ثقة وعزيمة صادقة وبكل صبر وحرص على ان يكون الوطن مبنياً على أساس العدل والنظام مقترن بالعمل والإنجاز والتطوير، فالآباء والأجداد صنعوا الاستقلال والأبناء والأحفاد يحافظون عليه بكل ما أتوا من قوة وعزيمة ليظل الاستقلال مرحلة مفصلية في حياة كل جزائري وجزائرية. فالجزائر طرَز اسمه بحروف من ذهب وبدماء الشهداء ورفع راية الوطن في الأعالي وصنع كرامة لجميع شعبه، أن الحديث عن استقلال الجزائر هو حديث شجون يأخذه إلى الكثير من الدروس التي تسطر التحدي والصبر لنيل الحرية والخلاص من المحتل. فالاستقلال عطر الجزائر من جميع نواحيه لينشر الفرح والبهجة بيوم الاستقلال وهو حديقة الزهور ويوم الاستقلال أجمل الزهور، بل هو الشجرة التي يستظل الجزائريون بها دوماً ويأخذون منها أطيب الثمر، والاحتفال بيوم الاستقلال يمنح الجزائري كل الفرح ليكون دوماً مواطناً منتمياً إلى دولته. إن الاحتفال بذكرى الاستقلال يأخذ طابعاً خاصاً لاسترجاع السيادة الوطنية على حدود الجزائر من الاستعمار حيث يكتسي يوم الاستقلال أهمية بالغة في عقول الجزائريين تتعلق بصون ذاكرة الأمة الجزائرية والحفاظ على أمانة الشهداء، وتعزيز روح الانتماء الوطني لجيل الشباب وبأن أسلافهم الذين ضحوا من أجل الوطن تركوا أمانة عليهم صونها لاستكمال بناء الوطن والتقدم في التطور.
إن الإنسان الجزائري الذي يشكل كنزاً مجتمعياً لوطنه وهو الأغلى فيه الذي صنع الاستقلال من قبل ويصنع الإنجاز في شتى المجالات وهو يرسم صورة الجزائر الحضارية وهو محط الاهتمام من قادة الجزائر في سبيل أمن الوطن واستقراره والحفاظ على كرامة الشهداء التي زينت بأرواحهم أرض الجزائر عبر التاريخ الحافل بالمجد والكرامة، وهذا ما يسعى إليه المواطن الفلسطيني والانعتاق من استعمار بات يؤرق الأمة العربية والاسلامية. هنيئاً للجزائر بذكرى استقلاله وهنيئاً للشعب الجزائري وقيادته ومزيداً من التقدم والبناء في مسيرة العطاء المستمرة في بناء الجزائر ونهضته.
استقلال الجزائر وكوفية الثائر
بقلم الأسير : أسامة الأشقر
شكل استقلال الجزائر الرسالة الأهم وشارة النصر الحقيقية للشعب الفلسطيني الذي اعتبرنجاح الثورة الجزائرية وطرد الاستعمار الأجنبي من الأرض العربية البداية الحقيقية لإنكفاء قوى الشر والاحتلال وقد أحس كل فلسطيني بطعم هذا الانتصار كأي جزائري يحتفل وسيبقى بهذه المناسبة حتى أصبحت التجربة الجزائرية تدرس في قواعد الثورة الفلسطينية. وعند دخولنا معتقلات الاحتلال الإسرائيلي كانت تجربة الثورة الجزائرية إحدى التجارب العالمية التي درسناها وما زلنا ندرسها لما فيها من عبر ملهمة للمناضلين الفلسطينيين ولكل أحرار العالم. غير أن البعد المعنوي لم يكن هو البعد الوحيد لحقيقة الترابط بين فلسطين والجزائر فمنذ إعلان استقلال الجزائر أصبحت الرئة الرسمية الأولى التي تتنفس منها الثورة الفلسطينية فكانت أول دولة تفتح ذراعيها لحركة فتح، فكان المكتب الأول الذي يتم افتتاحه بشكل رسمي وهكذا بدأت الثورة الفلسطينية تتلقى كافة أنواع الدعم السياسي والعسكري والفني إضافة لفتح أبواب الكليات العسكرية والجامعات الجزائرية لأبناء فلسطين وخاصة لثوار فلسطين الذين ساهمو مساهمة حاسمة في تعديل موازين القوة ونقل التجارب الهامة للمعسكرات الفلسطينية ولساحات القتال الفعلي. هذا الدعم الذي امتد ليتحول بوابة فلسطين للقوى الصاعدة كالصين وفيتنام وكوبا وغيرها من الدول التي تحررت من الاستعمار بعد منتصف القرن الماضي وبالفعل فقد ساهم هذا التحول الكبير في نصرة الثورة الفلسطينية عسكريا ولاحقا سياسيا في المحافل الدولية التي كانت أول إنجازاته عندما اعترفت الدول العربية بمنظمة التحرير كممثل وحيد للشعب الفلسطيني الأمر الذي انسحب على الأمم المتحدة التي استقبلت الثائر الفلسطيني وصاحب البندقية وغصن الزيتون وهو يعتمر كوفيته الفلسطينية التي أصبحت رمزا لثورة شعبنا ولأحرار العالم. استقلال الجزائر لم ينعكس على فلسطين قبل أكثر من نصف قرن فحسب، بل إن هذا الاستقلال رافقنا في مسيرتنا الشاقة وما زال حتى الآن فالشعب الفلسطيني لا ولن ينسى آلاف المنح الدراسية لأبنائه ولا يمكن له أن يتجاهل حقيقة أن الجزائر الحبيب البلد الوحيد الذي لم ترق فيه دماء الفلسطينيين وهو البلد الوحيد الذي يقف مع فلسطين ظالمة أو مظلومة كما قال الرئيس الراحل وابن فلسطين هواري بو مدين، وهو لا يشترط مساعداته بأي اشتراطات سياسية أو مواقف دولية. وفي لحظة الانحطاط العربي الأليم يقف الجزائر سدا منيعا أمام موجة التتبيع والتآمر والسير في فلك دولة الاحتلال الإحلالي والجزائر بجيشه وشعبه وقيادته من أكثر القوى العالمية إدراكا لخطورة التغول الصهيوني في القارة الإفريقية والتداعيات الخطيرة لهذا الاختراق وهو بعكس بعض الأنظمة التي انساقت في ركب الهرولة والاستقواء بهذه الدولة المارقة على أبناء جلدتهم . استقلال الجزائر هو استقلال شعب والطريق لاستقلال أمة وهو السبيل الأقصر للوحدة العربية وهو النبض الذي ما زال يحرك الأفئدة الطامحة لأن ترى الأمة العربية وفلسطين بخير. وكل عام وأنتم بألف ألف خير
كل عام ووطن الثوار الأحرار بألف خير
بقلم: د. فيصل عبد الرؤوف عيد فياض
في ذكرى الاستقلال الخالد لدولة الجزائر الشقيق، نقف وقفة اجلالٍ وإكبار لهذه الدولة الصادقة الثابتة على مواقفها تجاه قضيتنا، هذه الدولة العظيمة الكريمة بعظم قيادتها وشعبها، من احتضنوا الثورة الفلسطينية منذ البدايات ليومنا هذا، كانوا-وما زالوا-نبراسا للتعاون والاخاء والدعم والاسناد لكافة قضايانا العادلة، بل لا ننسَ إعلان قيام دولة فلسطين بلسان القائد الشهيد/ أبو عمار من قصر الصنوبر بالجزائر عام 1988م، الجزائر الحبيبة احتضنت الثورة الفلسطينية المعاصرة، وكانت نبراساً للدعم والتأييد السياسي واللوجستي والمعنوي منذ زمن هواري أبو مدين "نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة" و "لا وصاية على الفلسطينيين، ولا تطبيع مع العدو"، فهي معنا في كافة مشوارنا التحرري والنضالي، فالجزائر تمثل ساحة تاريخية لمساندة القضية الفلسطينية، حيث استمر اهتمام قيادة الدولة وشعبها الوفي بقضايا فلسطين ومنها قضية الأسرى الفلسطينيين والعرب القابعين في سجون الاحتلال. تحتفل الجمهوريّة الجزائريّة بتاريخ 5 يوليو من كلّ عامٍ بالذكرى السنويّة لاستقلال البلاد، بعد أن دام الاستعمار الفرنسيُّ فيها قرابة 13 عقداً، أي ما يساوي 130 عاماً، حيث حصلت الدولة على حريّتها واستقلالها بتاريخ 5 يوليو سنة 1962ميلادي، فالجزائر هي إحدى الدول العربية التي عانت من الحروب والاستعمار لفترات طويلة، ولكن شعبها الأبيْ دافع عن تراب أرضه بدمائه الزكية، حيث قدمت أكثر من مليون شهيد في ثورتها لدحر الاحتلال آنذاك، وهنا وفي خضم الثورة، وتحديدا عام 1956، ألّف الشاعر الجزائري مفدي زكريا النشيد الوطني، والذي جاء في أحد مقاطعه: "نحن ثرنا فحياة أو ممات.. و عقدنا العزم أن تحيا الجزائر".فمن هنا من أرض فلسطين الأبية العصية على الانكسار نبرق بالتحيات العظيمة لدولة الجزائر الحبيبة بقيادتها وشعبها وإعلامها وكافة شرائحها ممن اهتموا بقضايانا العادلة بكل احترامٍ وتقدير، من منطلق مسؤوليتهم الوطنية والعربية والإسلامية، فكل الود لهم والمحبة، داعين الله لهم بالأمن والاستقرار والرخاء، فمن فلسطين للجزائر ألف تحية وألف سلام، ولا ننسً هنا السفارة الفلسطينية في الجزائر بطاقمها وأخص بالذكر هنا سعادة الاخ السفير/ د. فايز أبو عيطة والأخ العزيز أ/ خالد عز الدين ، حيث عمل جاهداً على إبراز قضية الأسرى كاملة، فله كل الود والحب والتقدير، ولتحيا الجزائر وفلسطين على درب الحرية والتحرر في عملية البناء الوطني. وكل عام وفلسطين والجزائر وشعبيهما الأبيْ بألف ألف خير.
جبال الآوراس لا ترحل أبداً
بقلم : يحيي رباح
ثورة الجزائر.. ثورة الشعب الجزائري, التي انطلقت في نوفمبر عام 1954, وحققت انتصارها التاريخي في الخامس من يونيو عام 1962, تضيء اليوم شمعة انتصارها الـ 61 ، ثورة الجزائر, شكلت حالة شاملة من الإلهام ليس فقط في محيطها العربي, وخاصة في فلسطين التي استلهمت في مسيرتها الصعبة روح الثورة الجزائرية!! بل أن هذا الإلهام الجزائري إمتد إلى الوطن العربي من المحيط إلى الخليج, وامتد إلى أفريقا من شمالها إلى جنوبها, وإمتد إلى كل مكان في هذه الدنيا الواسعة, حيث يحلم الناس بأن ترسم أصابعهم علامة النصر التي رسمها الجزائريون, بكفاحهم البطولي, وملاحمهم الخارقة, وإبداعاتهم العليا, وصبرهم النبيل, وطموحاتهم التي يستحقونها بأنهم أمة تعلو هامتها وهمتها لتصل إلى ذرى جبال الآوراس السامقة. هل هناك حركة تحرر بالعالم لم تقرأ التجربة الجزائرية, ولم تردد النشيد الجزائري, ولم تسلتهم الروح الجزائرية, ولم تستند في مسيرتها إلى اليد الجزائرية الشجاعة؟؟ بالنسبة لنا في فلسطين, فأن الجزائر هي التي أطلقت النداء الخالد, على لسان الرئيس الشهيد هواري بو مدين, بأن الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة!!, لان الجزائريين اللذين خاضوا غمار الكفاح في أقسى حلقاته, وفي اعنف أطوره, وفي أغلى ضحاياها, تعلموا الحكمة المقدسة, بأن من يخوض مرارة الكفاح ليس مثل من يتفرج عليه!!, ولذلك ظلت الجزائر دوماً حضناً دافئاً لفلسطين, وسنداً قوياً لفلسطين, و ساحة أمان وعون لفلسطين, ومصدر إلهام للفلسطينيين بأنه مهما إدلهم الخطب, وتضاعفت صعوبات الطريق, فأن الفجر آت لا محال وإن النصر يتلألأ هناك في نهاية الطريق. لم تكن الجزائر منكفئة على نفسها ذات يوم, لان جبال الآوراس أعلى هامه من الانحناء او الانكفاء!!, بالجزائر في كفاحها البطولي في سنوات الثورة كانت منارة للآخرين, وفي إنتصارها كانت عوناً وعطاءاً ونموذجاً يحتذي, وحلماً يضيء القلوب. ولهذا كان خوف الأعداء منها كبيراً, وتوجسات القوى المعادية لحرية الشعوب لا تهدأ عند حد, فأنفتح في لحظة صادمة من الزمن جرحها الكبير الذي نزف أطهر الدماء, ولكن الشعب الجزائري بروح الثورة المتغلغلة فيه, كان هو الأقوى, والجيش الوطني الجزائري أبن الثورة الشرعي, كان هو السياج الأقوى الذي يحمل حديقة الوطن المقدسة, بل إن ميراث الثورة ظل هو الحاضر دوماً في العقول والقلوب, وروح الوحدة الوطنية, ظلت هي لحمة النسيج الوطني, والإيمان بالجزائر القوية القائدة هو أول الكلام وأخر الكلام. نفرح بالجزائر التي تلهمنا مشهدنا القيامة المتجددة, وتجدد إنتصارها بأكثر من معنا, وتتعاقد مع المستقبل, وترسل لأمتها العربية والإسلامية, محيطها الإفريقي, وأفقها العالمي رسالة أمل, وبناء ورفاهية, رسالة مصالحة ووحدة متينة, رسالة إنفتاح بأن الشعب الذي أنجز الثورة العظيمة وحقق إنتصار خالد لا يمكن ابدأ أن يغرق بالظلام, رسالة ندية وإعتزاز بأن الأمة التي قدمت على مذبح الثورة مليون ونصف المليون من الشهداء, لا يملى عليها أحد, أين تقف أو كيف تفتح نوافذها على الزمن القادم. تحية للشعب الجزائري في ذكرى إنتصار ثورته الكبرى ملهمه الثورات في بقاع الأرض, الروح القوية التي ساندت كل طامح من أجل الحرية, وفي ذكرى إنتصار الثورة الجزائرية, نصعد إلى قمم الآوراس, نرفع علم الجزائر, ونرى حين نفعل ذلك أن العالم يصبح أفضل.
هل يتّعظُ المستعمِرون ؟
بقلم : أ.د. عبد الكاظم العبودي
منذ اللحظات الأولى للاحتلال الفرنسي 1830 تتابعت الثورات المسلحة في الجزائر. ولكنها، ونظرا لضعف الاتصال والتنسيق بين قادتها، وترامي أطراف البلاد الجزائرية، وكان ينقصها التخطيط الدقيق ووحدة القيادات، وتعوزها الشمولية فقد توقفت أو فشلت.ورغم بطولات وضخامة تضحيات معاركها فقد ظلت عبارة عن انتفاضات جهوية تفجرها وتقودها شخصيات ذات وزن اجتماعي وديني محترمة أو تتصدرها قبائل متوزعة ومندفعة تحت تأثير الروح الوطنية والانتماء العربي والإسلامي. ومن الطبيعي أنها كانت منعزلة عن عوالمها العربية والإسلامية، المنقسمة حينها أيضا؛ في حين كان العدو متحالفا مع أوربا الاستعمارية ويمتلك القوات الاستعمارية المدربة والمجندة والمسلحة بأحدث الأسلحة لذلك العصر. من هنا كان خلل المعادلة لصالح الاستعمار. تعتبر الفترة بين (1914-1918 )ما بعد الحرب العالمية الأولى فترة تجليات الوعي المشترك لأقطار الوطن العربي بمشرقه ومغربه بعد انكشاف اتفاقيات سايكس بيكو السرية بين فرنسا وبريطانيا. تجلت في الجزائر بظهور حركة الأمير خالد، تلته عدد واسع من ظهور تنظيمات الحركة الوطنية، كحزب الشعب الجزائري خليفة نجم الشمال الإفريقي، ثم جمعية العلماء المسلمين، وغيرها حتى تكلل النصر على يد وجيش وجبهة التحرير الوطني وقيام ثورة نوفمبر 1954 المباركة. وهي الفترة التي يطلق عليها المؤرخون " عهد الكفاح السياسي" المركز والمنظم الهادف إلى تهيئة الظروف الأنسب للثورة والتحرير. وهي فترة أغدقت الجهات الاستعمارية بوعودها الكاذبة باعتماد حق تقرير المصير للشعوب التي كانت تحت السيطرة العثمانية؛ لكن تلك الوعود انقلبت عليها وصارت واقعا استعماريا مريرا قابلته الشعوب بمطالب الحرية والاستقلال بالثورة المسلحة. ومنها كفاح شعبي فلسطين والجزائر. وفي الجزائر، بعد أن حاولت السياسات الاندماجية والتجنيس وفرنسة البلاد وصدور القوانين الزجرية بحق أبناء البلاد من الأهالي و تنفيذ قوانين التجنيد في الجيش الفرنسي وعدم الاستماع لمطالب الأهالي اشتد التضييق على أحرار البلاد ونخبها التواقة إلى الحرية. كان المشرق العربي يتطلع إلى القضية الجزائرية ويتابعها ويُعرف بها وينشر أخبارها. حملت الصحافة الاستعمارية الكثير من الأخبار حول التفاعل بين المشرق العربي والحالة الجزائرية منها ما نشر حول اعتقال السلطات الفرنسية في الجزائر وفودا عربية وإسلامية زارت الجزائر، واتهمتها ببث الدعاية "للقومية الإسلامية" ضد فرنسا وحاولت تقليص حركة الحج إلى بيت المقدس وحتى منع الحجيج التوجه إلى البقاع المقدسة في أحوال كثيرة. تقول الكاتبة الأمريكية جوان غليسيبي Joan Gillespie في كتابها " الجزائر الثائرة" ، الذي وصفه المعرب خيري حماد: (بأنه يعرض القضية الجزائرية عرضا تاريخيا وعلميا صادقا ويبين أسباب ثورة نوفمبر 1954 ودوافع نضالها). تقول الكاتبة غليسيبي في فصل لها تحت عنوان[ طلائع الحركة القومية] : (... يعتبر الشعور القومي في الجزائر مزيدا من نوعه بين المشاعر القومية في العالم المعاصر، حتى بالنسبة لتلك المشاعر الموجودة في البلاد المجاورة للجزائر، والواقعة في الشرق الأوسط وأفريقيا). وتشير غليسيبي كثيرا إلى فشل وسائل القمع الفرنسية، ومحاولات إشراك بعض الجزائريين في مجالس صورية منتخبة تكون فيها الغلبة للمستوطنين في الإدارة والتمثيل أمام السلطات. يضاف إلى ذلك محاولات السلطات الاستيطانية إرهاق المسلمين الجزائريين بشتى الوسائل القمعية، من إلقاء القبض الجماعي، ومنع المسلمين من الحج ، كما كان ذلك في عام ممارسات كانت في 1908 امتدادا لقانون الأهالي الذي كان سيفا قمعيا فوق رؤوس الجزائريين منذ تشريعه في 1856. وباشتداد حملات القمع ، لم تتمكن الهجرة الكبيرة لسكان المدن الجزائريين إلى الأرياف والمدن البعيدة أن تحميهم من المظالم الاستعمارية وملاحقتها، لذا تعددت الهجرات على نطاق واسع إلى المشرق العربي طيلة القرن التاسع عشر، وخاصة بعد الاضطرابات الاقتصادية التي أدت إلى استنزاف أوضاع الأسر من الطبقات الوسطى لثرواتها ومصادر رزقها . وبعد وقوع مجاعة 1867 وما سببته من موت لآلاف الضحايا. رغم المقاومة المستميتة للنخب الدينية والاجتماعية الجزائرية في المواجهة وتجنب دمار المستعمر والحفاظ على هوية البلاد؛ إلا أن ظروف بعضها كان فوق الاحتمال، فلم تجد بدا إلا الهجرة والاحتماء بملاذ آمن إلى المشرق العربي. كانت الشام والقدس قبلتها. ولما كانت المقاومات المتعددة للشعب الجزائري تستذكر بطولة وخط الأمير عبد القادر، وما تبعه من ثورات وانتفاضات للمقراني وابن الحداد وأولاد سيدي الشيخ وغيرهم في الكفاح المسلح فقد ظلت الأنظار ترنو إلى المشرق العربي؛ أين حل الأمير بدمشق بعد نفيه ومعه العديد من أصحابه وبقية أسرته ومن تبعهم من المجاهدين. منهم من ارتحل من الشام إلى القدس وحلوا فيها والتحقوا بمن سبقهم من الجزائريين والمغاربة منذ عهد صلاح الدين الأيوبي أين كونوا حارة المغاربة وبوابتها المشهورة عند حائط البراق. ازدادت وتيرة الهجرة إثر اتخاذ البرلمان الفرنسي يوم الثالث عشر من فيفري1912 قرارا بإجبار الجزائريين على الدخول إلى الخدمة العسكرية الإجبارية بصفتهم رعايا فرنسيين. وحتى في هذا القرار الاستعماري الجائر المهين، فُرض على الجزائري الخدمة العسكرية لثلاث سنوات مقابل خدمة الفرنسي بسنتين. عندها تفجرت المشاعر وتعلق الجزائريون بقناعة أكثر بجدوى المقاومة والكفاح. رغم محاولة السلطات الفرنسية الأخذ بمبدأ التعويض المالي الذي يدفعه المجند مقابل عدم خدمته في الجيش الفرنسي. فقد رفض الجزائريون مبدأ التجنيد الإجباري أو التطوع في جيش أجنبي أصلا، لما فيه من احتقار وإذلال لهم ولكرامته الوطنية، ولاعتبارات دينية وأخلاقية حرمت ذلك، ولعدم الاطمئنان لما يقال عن مساواة مواطنتهم الفرنسية، إضافة إلى أن العوائل الجزائرية وصلت إلى حالة من الفقر يمنعها من حماية أبنائها من تعسف التجنيد الذي دفعت الجزائر بسببه من أرواح أبنائها على جبهات الحرب العلمية الأولى وكلفها ثمنا باهظا. يشير الدكتور صلاح العقاد إلى الهجرة التي تبعت هذا القرار : (... وكان لهذا القرار صدى عنيف بين الجزائريين إلى حد أن هاجر على إثره جماعات متلاحقة من وهران إلى الشام). وهذه الهجرة كما أسلفت سبقتها هجرات لم تنقطع على امتداد تاريخ الاحتلال الفرنسي، وبخاصة بعد قمع كل ثورة وانتفاضة شهدتها الجزائر وما يعقبها من تقتيل وتشريد واحجز الأراضي ومصادرة الممتلكات والتعرض لكل أشكال القمع والانتقام الديني والعنصري. ويؤكد جميع المؤرخين أن الهجرة بعد قرار التجنيد الإجباري، مضافة إلى محاولة التجنيس والسيطرة على تسيير وإدارة الأوقاف الدينية والتضييق على التعليم العربي أخذت الهجرة طابعا جماعيا وجديدا فمن حالة فردية أو عائلية محدودة إلى رحيل قبائل برمتها ونزوح جماعي شمل مئات العائلات تاركة أملاكها وضياعها وكل عزيز لديها، (هروبا من أرض الكفر) وفرارا من الحكم الاستعماري الظلوم. كتب عن تلك الهجرة الجماعية مارشاند في "مجلة الشؤون الدبلوماسية والاستعمارية" بما يلي: [وعندما أصبح واضحا أن قانون التجنيد الإجباري كان سيصدر لا محالة، باع هؤلاء أملاكهم وأخذوا نسائهم وأطفالهم ثم غادروا وطنهم]. وحديث مارشاند عن بيع للأملاك ربما انه لم يتصور أن الأملاك العقارية أو الأراضي لم تجد من يشتريها وليس هناك من سبيل إلى بيعها، مما جعلها تصبح مستلبة من قبل السلطات الاستعمارية ويستولي عليها المستوطنون. وليس التجنيد وحده سبب في اختيار المنفى على الوطن بل هناك من الأسباب الأخرى منها رفض الاستيطان الاستعماري ورفض الفرنسة والحياة الغربية التي أراد فرضها المعمرون وسلطات الإدارة الاستعمارية الفرنسية. في تلك السنة خرجت 800 عائلة من تلمسان وحدها ورحلت إلى الشام وفلسطين. وحتى من سكان القبائل الذين انقطعت عنهم أرزاقهم خرج منهم سنة 1912 وحدها قرابة 5000 فردا وتزايدت الهجرة بشكل متصاعد خلال سنوات الحرب وحتى سنة 1924. ومن أصعب الهجرات التي تعرض لها الجزائريون من اجل إعالة عوائلهم هي الهجرة إلى بلاد مستعمرهم حيث استغلوا في الأعمال الشاقة وقلة الأجور وترك الأهل في الوطن وبذلك تكونت نواة النزوح الجزائري إلى فرنسا وتفاقمت إعداد المغتربين من الرجال إلى أن بلغت مئات الألوف فتضاءلت أمامها الهجرة نحو المشرق العربي بسبب غلق الحدود. أكثر المهاجرين قصدوا سوريا ومنهم من اتجه إلى القدس ومدن فلسطين والقلة منهم قصدوا الحجاز. إضافة إلى تونس والمغرب الأقصى. يقدر بعض المؤرخين أن عدد المهاجرين في تلك الموجة وحدها وصل قرابة عشرين ألف. لقد سبب وجود جاليات جزائرية في المشرق العربي إزعاجا للسياسات الاستعمارية الفرنسية مما لمسته من نشاط سياسي واجتماعي جزائري متميز هناك، وبما أثرت به تفاعلات حركة النهضة العربية وطموحها في التحرير لبلدان الوطن العربي. لقد حمل الجزائريون وأبنائهم تجربة الثورات والانتفاضات الوطنية وتعلموا منها دروسا هامة وخاصة أسباب توقفها أو هزيمتها أمام جبروت الاستعمار وخاصة نهاية ثورة المقراني 1871 التي كان توقفها ضربة قاضية على الآمال للتحرير وطرد الاستعمار. وقد كانوا في طليعة ثوار القسام 1936 وقدموا على مذبح حرية فلسطين الى اليوم الكثير من الشهداء. إن حروب المقاومة الجزائرية وكما يكتب عنها الكثير من المؤرخين المنصفين كلفت الشعب الجزائري نصف سكانه. وبعد انتكاسة ثورة المقراني 1871 بلغت القسوة الفرنسية إلى مصادرة 5 ملايين هكتار من خيرة الأراضي الزراعية التي كانت ملكا للثوار وعوائلهم وأهلهم. كما تم تأميم مليونين ونصف هكتار أخرى، وزيادة على فرض دفع مبلغ 100 فرنك عن كل بندقية كضريبة حرب. وأصدرت السلطات قانونا بالمسؤولية المشتركة الجماعية على كل خسارة تحدث في ممتلكات المحتلين المغصوبة. وبطبيعة الحال فكل نزوح من الجزائر إلى الخارج كان يحل محله توافد المستوطنين الغزاة الذين أطلق عليهم المعمرين وهم المخربون الحقيقيون لأرض وثروات الجزائر. هي صورة مطابقة لما جرى في فلسطين. فما بين (1871-1881) تم توزيع ملايين الهكتارات من الأراضي العربية المصادرة. وبنيت للوافدين الجدد مئات القرى الفلاحية ومنحت لهم القروض السخية. وما كتبه المجاهد الراحل توفيق المدني من وصف الاستبداد وسياسات الإلحاق والضم للأراضي والسيطرة على ثروات البلاد ما بين 1870 إلى 1914 كان تدميرا شاملا لحياة الجزائريين دفعهم إلى خيارات الهجرة البديلة، أو الرضوخ تحت نير الاستعباد الاستيطاني. ولكنهم اختاروا خيار الثورة. في حين اندمج المستوطنون واليهود في الجزائر فيما بينهم وتجنسوا وبشروا بدياناتهم على حساب الأهالي من السكان وحقوقهم. وفي نهاية المطاف كان البحر طريقهم من حيث أتوا.
للمقالة عدد من المراجع منها:
د. صلاح العقاد، المغرب العربي،
عبد الرحم ابن إبراهيم بن العقون، الكفاح القومي والسياسي، ج1.
تفاعلية الذكرى والوجدان الوطني والقومي مابين الجزائر وفلسطين