84
0
بلمهدي: تكوين صناع المحتوى الديني ركيزة لترقية الخطاب وحماية الهوية الوطنية

أشرف اليوم وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي بالعاصمة على افتتاح الملتقى الوطني الموسوم بـ"الخطاب الديني في وسائل التواصل الاجتماعي"، تحت شعار: الكلمة مسؤولية والتأثير رسالة، والذي يمتد على مدار يومين.
نسرين بوزيان

في كلمة افتتاحية، أكد الوزير أن هذا الملتقى يندرج ضمن مسعى الوزارة لمرافقة صناع المحتوى الديني في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، بهدف إرساء سنة التكوين في مجال الخطاب الديني من خلال جمعهم بخبراء من الجامعة ومختصين من قطاعات مختلفة، قصد تطوير مهارات التواصل، وتقنيات الحوار وأسس الإقناع، سواء في الفضاءات المفتوحة أو المغلقة.
وأوضح أن هذا التوجه يهدف إلى ترقية الكلمة الطيبة والكلمة الوطنية المسؤولة، التي تحافظ على الهوية الوطنية وتسهم في تحصين المجتمع.
وأضاف أن المهارات المكتسبة، حين تضاف إلى الموهبة الفطرية، يكون أثرها أعظم ونفعها أوسع.
كما شدد على أهمية المرجعية الدينية الجزائرية في تحصين المجتمع، والوقوف سدا منيعا أمام محاولات بث الفتنة أو المساس بالوحدة الوطنية.
وأضاف أن الإمام، باعتباره مسؤولا عن الكلمة في المسجد وفاعلا في الفضاء الرقمي، بات في حاجة ماسة إلى هذا النوع من التكوين لمواكبة التحولات المتسارعة في وسائل الاتصال لا سيما مع دخول الجزائر عصر الجيل الخامس وانتشار التقنيات الحديثة والهواتف الذكية.
وفي ختام كلمته، دعا الوزير إلى انخراط الخطاب الديني في مسار الرقمنة الذي تعتمده السلطات العليا، بما يسمح بنشر قيم الخير والكلمة الصالحة التي تسهم في إصلاح ذات البين وحماية الوطن والأمة من كل أشكال الشر والانقسام.
الإعلام أداة حرب ناعمة تهدد الهوية الوطنية

وعرف الملتقى عدة مداخلات، من بينها مداخلة أستاذ كلية علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3، إبراهيم بعزيز، الموسومة بـ" الإعلام الوطني ودوره في تعزيز الهوية والانتماء الوطني"، سلط فيها الضوء على الدور المحوري للإعلام باعتباره أداة ثقافية ومعرفية مؤثرة في تكوين آراء ومعتقدات الأفراد، من خلال ما يقدمه من مضامين تثقيفية وتربوية وأخلاقية ودينية.
وأشار إلى أن الحروب المعاصرة تعتمد بشكل متزايد على الأدوات الناعمة، سواء عبر الإعلام التقليدي أو الوسائط الجديدة، بهدف تفكيك البنية الاجتماعية وتهديم المنظومة القيمية من الداخل، ودفع الأفراد للانفصال عن مرجعياتهم الدينية والتاريخية والثقافية.
وأكد أن الإعلام الوطني يضطلع بدور أساسي في تحصين المجتمع من الانحرافات الفكرية، وتعزيز الوعي الجمعي بمقومات الهوية الوطنية والدينية.
الخطاب المعتدل لمواجهة التطرف

من جهته، قدم مستشار تكنولوجيات الإعلام والاتصال ،يونس قرار ، مداخلة بعنوان "التحول الرقمي في الخطاب الديني: من المنبر إلى المنصة"، أوضح فيها أن الثورة الرقمية مست الأجهزة الإلكترونية وشبكات الاتصال، والمحتوى الرقمي، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، وهو ما انعكس على طبيعة الخطاب الديني ووسائل تقديمه.
مشددا على ضرورة إنتاج خطاب ديني معتدل لمواجهة المحتوى المتطرف، لاسيما بالنظر إلى مزايا الخطاب الرقمي، من حيث التفاعلية وسرعة الانتشار واتساع دائرة الوصول.

بدوره، تناول أستاذ كلية علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3، سعيد عادل بهناس، في مداخلته الموسومة بـ"الإعلام الديني المعاصر بين الاعتدال والتأثير"، دور الإعلام في صناعة الرأي العام وتوجيه الاتجاهات، معتبرا أن الفضاء الرقمي بات ساحة مفتوحة لكل الأفكار، وأن التحكم في التكنولوجيا يمنح قدرة أكبر على تسويق تصورات معينة عن الدين.
وأكد ضرورة تبني خطاب ديني عقلاني، وسطي، منفتح، قادر على التفاعل مع قضايا العصر ونبذ التطرف مع عرض نماذج ناجحة في ترقية الخطاب الديني المعتدل.

وفي تصريح لـ "بركة نيوز" أكد الإمام والأستاذ الرئيسي بمسجد عمر بن الخطاب ببلدية محمد بلوزداد، الشيخ رشيد بن عطاء الله، أن الإمام يظل صاحب تأثير عميق في المجتمع من خلال تبليغ كلام الله واستلهام سيرة الرسول ، داعيا إلى اعتماد منهج الحكمة والموعظة الحسنة في الخطاب الديني، سواء داخل المسجد أو عبر المنصات الرقمية.
وشدد المتحدث على أن الكلمة أمانة ومسؤولية عظيمة، ما يستوجب ضبط الفضاء الرقمي بميثاق وطني واضح يحدد ضوابط الخطاب الديني، ويحفظ قدسية الكلمة من الاستغلال أو الانحراف، ويضمن توجيهها لخدمة القيم الأخلاقية والوحدة الوطنية، بعيدا عن الإثارة أو التوظيف السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي.

من جهته، أوضح الإمام المعتمد بدائرة عين بوسيف بولاية المدية، الشيخ بلقاسم شنشان، أن الإمام يختلف جوهريا عن باقي المؤثرين في الفضاء الرقمي، كونه لا يسعى إلى حصد المشاهدات أو نيل الإعجابات، بل يتحمل مسؤولية كلمة قد تسهم في بناء الوعي أو تحدث أثرا بالغا في المجتمع.
وشدد على أن توظيف الخطاب الديني يجب أن يكون في خدمة الوحدة الوطنية وتعزيز التماسك الاجتماعي، وعدم الانجرار وراء خطاب الإثارة أو الاستقطاب، حفاظا على استقرار المجتمع وحماية للمرجعية الدينية الوطنية.

أما إمام مسجد أبي بكر الصديق بولاية برج بوعريرج، الشيخ وليد مهساس، فاعتبر أن التبليغ الرقمي للأئمة والدعاة أصبح ضرورة عصرية لا خيارا، في ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة، موضحا أن الرسالة الدينية اليوم لم تعد مقتصرة على من يرتاد المسجد، بل باتت تصل إلى فئات واسعة من المجتمع عبر الهواتف الذكية والمنصات الرقمية المختلفة.
وأكد أن تبليغ الدعوة أمانة دينية ومسؤولية عظيمة تقع على عاتق الأئمة والدعاة، تمتد آثارها داخل الوطن وخارجه، ما يستوجب استثمار الفضاء الرقمي لنشر القيم الإسلامية السمحة والدعوة إلى الفضيلة.

