252

0

بلفور 2

بقلم: الدكتور محمد مراح

 

أعاد الاستعمار العالمي سيناريو منح من لا يملك لمن لا يستحق بعد قرن و نحو عقد وثماني سنيين من جريمته الإنسانية بفلسطين؛ فقرار عُتاة الاستعمار الغربي في مجلس الأمن الذي صادقوا عليه، أو مشروع "ترامب " بمنح الصحراء الغربية للمخزن ، بصفة حكم ذاتي ، بمثابة بلفور جديد .

فعناصر الجريمة الأولى تتكرر في الجريمة الثانية حد التطابق : فالحالة الاستعمارية لفلسطين آنئذ{ بريطانيا} ، تقابلها الحالة الاستعمارية للصحراء الغربية من المخزن الغربي الآن. و المقاومة العربية الفلسطينية الخالدة للاستعمار البريطاني ، تقابلها المقاومة الصحراوية للاحتلال المغربي المستمرة منذ خمسين سنة بأشكال متعددة . و حاجة بريطانيا لدعم الحركة الصهيونية ،تقابلها حاجة المخزن لتعويض فشله في هزيمة إرادة المقاومة الصحراوية التي تتنامى مساندتها عالميا على مستوى الدول والشعوب ، بالاستيلاء على حق شعب ، رفض يوما ما أن يسترده من مستعمره الاسباني بتحريره وإلحاقه بمملكته . أما بلفور عراب الوعد الصهيوني لدى التاج البريطاني ، يقابله استغلال الحركة الصهيونية العالمية واليهودية العالمية الطموحات والخصائص النفسية والأخلاقية لتاجر العقارات لإنجاز بلفور الجديد أو بلفور 2 ، إنقاذا لعميلهم في المنطقة الذي طبّع معهم وجلب وزير دفاعهم ليهدد بلدا يشاركونه التاريخ والجغرافيا والعرق واللغة والدين . أما العنصر الملكي المتعاون مع الاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية، فيقابله دور الإمارات أكثر الدول العربية تشاركا مع الكيان اقتصاديا ، واسنادا له خلال إبادة غزة . و الرمزية الدينية والتاريخية لفلسطين ، تقابلها الخيرات والثروات الطبيعية والبحرية في الصحراء الغربية . و الدور المخزي لمجلس الأمن بإقدام أعرق الدول الغربية الكبرى في الاستعمار مع وريثه الأعظم الولايات المتحدة الأمريكية على التصرف في حق شعب عاني مرارة احتلالين ، يتوق للتصرف الطبيعي في مصيره و وطنه، لنظام محتل وفق كلّ التوصيفات القانونية الدولية ، وهو يمارس القمع والإرهاب في حق المدنيين العزل . يقابل هذا الطغيان تحت قبة المجلس ، اعتراف الهيئة الأممية باستيلاء الكيان على فلسطين ، ثم إصدار قرار التقسيم المشؤوم .

فمما تعد به هذه الخطوة الحمقاء إن مضت الترتيبات والمؤمرات والإجراءات لتنفيذها على الأرض ، هو إرساء بؤرة توتر جديدة في شمال إفريقيا والمغرب العربي تشبه الحالة في المشرق والخليج. وسيعهد للصهيونية العالمية وكيانها الإشراف على المخططات المستقبلية لمواجهة التوترات والمخاطر الناجمة عن خلق " كيان استعماري صهيوني عبر العميل الصهيوني المطبع في المنطقة ، وجعل أرضه منطلقا لمشروعات الشركات والمؤسسات الاقتصادية والتكنولوجية الأمريكية والغربية والصهيونية في المنطقة ، ومنه " ريفيرا الصحراء الغربية " المقابلة لريفيرا غزة .

بطبعة الحال ، " بلفور 2 أو صفقة ترمب ،سيواجه خادمهم الوظيفي في المنطقة صعوبات كثيرة في تجسيدها ؛ لأن الشعوب العريقة في المقاومة ، المؤمنة بحقها ، وحرية اختيارها ستواصل دربها بالأساليب المشروعة ، لتحقيق تطلعات شعبها . كما سيكون للدول التي تعترف بالحق الصحراوي أثر حين يعرض القرار الحقير على الجمعية العامة . ومثلما تناضل دول حرة ترفض منطق الهيمنة والإمبريالية والعربدة ضد الكيان المجرم، ستضم هذه الصفقة الظالمة لسجلها النضالي .

وعند هذا المنعطف ستكثف المنظمات الحقوقية الداعمة للنضال الصحراوي تحركها وحضورها في المشهد الجديد الذي رسمه مجلس الأمن بقراره المخزي . خاصة المنظمات والأحزاب والجمعيات في المحيط الغربي الذي سيستفيد من مأساة مجاراة الحركة الاستعمارية لإنشاء الكيان الذي لطخ ضمير الحضارة الداعمة له في إبادة غزة ، وسيشرف على إنجاز النموذج الصهيوني الجديد في منطقة المغرب العربي وشمال إفريقيا ، وبالتالي الكوارث التي سيجلبها للمنطقة ودول حوض المتوسط الأوربية .

لا شك أن رصيد البوليزاريو من المقاومة ، وقدرتها على استثماره وإدارته في مدى جغرافيا التأييد العالمي سيكون من أقوى الضمانات لتشكيل رأي عام عالمي في الآماد المتاحة للحرية واستقلال .

أما الجزائر المستهدفة الأكبر بهذا المشروع الاستعماري {الفرنسي الصهيوني } بمساعدة منديلي التطبيع المغربي والخليجي ، فهي بحمد الله تعالى لا تخشي الوقوع في المأزق الذي يروج له إلى جانب القوى العدوة التقليدية ، بعض أبنائها ، كما هو الحال مع رئيس حزب سابق مشهور، الذي أنهى نضاله السياسي والفكري بحمل وريقات يسوق بها صفقة الاستعمار والصهيونية عبر حساباته في الوسائط الاجتماعية ، بل هي تُعد مراسم استقبال ممثلي الدول الكبرى للمساعدة في الخروج من مأزق بلفور 2 .

الجزائر 1نوفمبر المبارك 2025

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services