الحاج بن معمر
تعيش المغرب في ظل أزمات داخلية متزايدة تتعلق بالاقتصاد والسياسة والاجتماع، مما يعكس حالة من الانهيار تؤثر على استقرار البلاد.
هذه الأزمات، التي تتنوع بين ارتفاع معدلات البطالة، وتدهور الظروف المعيشية، وغياب الشفافية، تزداد تعقيدًا بسبب محاولات الحكومة المغربية لتغطية الحقائق من خلال الإعلام الرسمي، الذي غالبًا ما يُستخدم كأداة لتزيف الواقع.
كما يعاني المغرب من أزمة اقتصادية خانقة تتجلى في ارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب، حيث تشير التقارير إلى أن نسبة البطالة قد تجاوزت 15% في بعض المناطق.
وفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي في عام 2023، فإن الاقتصاد المغربي يواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك تراجع الإنتاجية وزيادة الفقر، كما تُظهر التقارير أن العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة تواجه صعوبات كبيرة في البقاء، مما أدى إلى إغلاق العديد منها، وبالتالي تفاقم أزمة البطالة، هذا الوضع يعكس فشل السياسات الاقتصادية للحكومة، التي لم تستطع توفير بيئة ملائمة للاستثمار والنمو.
تترافق الأزمات الاقتصادية مع تآكل الثقة في المؤسسات الحكومية، حيث شهدت السنوات الأخيرة زيادة في الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالإصلاحات وحسب تقارير من "هيومن رايتس ووتش" تشير إلى أن الحكومة المغربية تواجه تحديات متزايدة في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، مما يزيد من حالة الإحباط بين المواطنين.
تتزايد الضغوط على الحكومة نتيجة لارتفاع تكاليف المعيشة، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير، مما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين، وفقًا لتقرير نشرته "المساء" المغربية، فإن العديد من الأسر تعاني من صعوبة في تلبية احتياجاتها الأساسية، مما أدى إلى تفشي ظاهرة الفقر المدقع، هذا الوضع الاجتماعي المتدهور يساهم في زيادة الاحتقان الشعبي، حيث خرج المواطنون إلى الشوارع مطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية.
على الرغم من الجهود التي بذلها المغرب لتعزيز وجوده في إفريقيا، إلا أن الحقائق تشير إلى تراجع واضح في النفوذ، فقد استُبعد المغرب من العديد من الفعاليات الدولية الكبرى، مثل قمة مجموعة العشرين، حيث تم دعوة الجزائر ودول إفريقية أخرى للمشاركة، هذا الاستبعاد يعكس فشل السياسات الخارجية المغربية في بناء تحالفات استراتيجية، ويظهر كيف أن المغرب لم يعد يُعتبر لاعبًا رئيسيًا في الشؤون الإفريقية.
في المقابل، استطاعت الجزائر تعزيز موقعها في القارة الإفريقية بفضل دبلوماسيتها النشطة، وتُظهر التقارير الإعلامية، مثل تلك التي نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية، أن الجزائر أصبحت تلعب دورًا محوريًا في العديد من القضايا الإقليمية، بما في ذلك الأمن والتنمية، كما تمكنت من بناء تحالفات قوية مع دول إفريقية أخرى، مما ساعدها في تعزيز مكانتها في الساحة الدولية.
يلعب الإعلام، سواء المحلي أو الدولي، دورًا حيويًا في فضح ممارسات المخزن وكشف الحقائق حول الأزمات الداخلية، فقد نشرت العديد من الصحف العالمية تقارير تسلط الضوء على الانتهاكات الحقوقية والفساد المستشري في البلاد، على سبيل المثال، تقرير نشرته "رويترز" عام 2023 تناول الفساد في المشاريع الحكومية وكيف أن هذه الممارسات تؤثر سلبًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
كما أن التقارير التي أعدتها "الجزيرة" و"فرانس 24" تسلط الضوء على قمع حرية التعبير وحقوق الإنسان، حيث تُظهر كيف أن الحكومة المغربية تسعى إلى تكميم الأفواه وقمع الأصوات المعارضة، تكشف التقارير الصحفية أن الفساد يضرب أعماق المخزن والعائلة الحاكمة، حيث تشير العديد من التحقيقات إلى تورط شخصيات بارزة في قضايا فساد مالي وإداري.
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "الأخبار" المغربية، فإن هناك شبكة معقدة من الفساد تشمل مسؤولين حكوميين ورجال أعمال، حيث يتم استغلال المناصب لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة، هذه الشبكة تعمل على تحويل الأموال العامة إلى حسابات خاصة، مما يؤدي إلى تدهور الخدمات العامة وزيادة الفقر.
تتحدث التقارير أيضًا عن كيفية تأثير الفساد على المشاريع التنموية، حيث يتم تخصيص الأموال لمشاريع وهمية أو ذات جودة منخفضة، مما يساهم في تفشي الفساد في جميع القطاعات، على سبيل المثال، تم الكشف عن العديد من المشاريع التي تم تنفيذها بميزانيات ضخمة، ولكنها لم تحقق النتائج المرجوة، مما أدى إلى استياء المواطنين وفقدان الثقة في الحكومة.
هذا التوجه يعكس رغبة المخزن في إخفاء الأزمات الحقيقية التي تعصف بالبلاد، مما يزيد من حالة الإحباط والغضب بين المواطنين، فالأزمات الداخلية التي تضرب المغرب ليست مجرد نتيجة لظروف خارجية، بل هي نتاج سياسات فاشلة وعجز عن تلبية احتياجات المواطنين.
لذلك يجب على الحكومة المغربية أن تعيد تقييم استراتيجياتها، وأن تتبنى نهجًا أكثر شفافية وصدقًا في التعامل مع القضايا الداخلية، إذا استمرت هذه السياسات، فإن المغرب سيواجه مستقبلًا غامضًا، بعيدًا عن الاستقرار والتنمية، مما يتطلب إصلاحات جذرية وشاملة.
يجب أن تكون هناك خطوات حقيقية نحو تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين. إن الاستجابة لمطالب الشعب ليست خيارًا، بل ضرورة لضمان استقرار البلاد وتجنب المزيد من الأزمات.
يتطلب الوضع الراهن في المغرب تضافر الجهود من جميع الأطراف، بما في ذلك الحكومة والمجتمع المدني والإعلام، من أجل بناء مستقبل أفضل يتسم بالشفافية والعدالة الاجتماعية. إن معالجة الفساد وتعزيز المساءلة هي خطوات أساسية نحو تحقيق هذا الهدف، حيث يجب أن يكون هناك التزام حقيقي من الحكومة لمكافحة الفساد واستعادة ثقة المواطنين.