104
3
أستاذنا الدكتور والدبلوماسي الجزائري أحمد طالب الإبراهيمي في ذمة

مصطفى محمد حابس: جينيف / سويسرا
﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ*أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾
انتقل إلى رحمة الله، اليوم الأحد، الدكتور الطبيب والدبلوماسي أحمد طالب الإبراهيمي، عن عمر ناهز 93 سنة.
وحسب ما أفادت به مصادر عائلية لنا في سويسرا و إعلامية جزائرية، توفي، اليوم الأحد، 5 أكتوبر 2025، أحمد طالب نجل العلامة الإمام الشيخ البشير الإبراهيمي مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين رفقة الإمام الرئيس عبد الحميد بن باديس، رحمهما الله.
والمرحوم طالب الإبراهيمي، حاورناه وجالسناه في العديد من المناسبات، و استفدنا من تجاربه النضالية و الفكرية العديدة، ونادرا ما اختلف معه بعض إخواننا في بعض الرؤى و الطروحات الخاصة بالوضع في الجزائر في بعض المحطات من تاريخها المتشعب.
المرحوم من مواليد 5 يناير 1932 بسطيف بالشرق الجزائري، متحصل على شهادة جامعية في الطب، كما درس في جامعة باريس سنة 1954
مؤسس مجلة "الشاب المسلم" بالفرنسية التابعة لجمعية العلماء المسلمين عام 1952-1954،
التحق بالثورة الجزائرية المباركة في عام 1955 من خلال ترأسه للإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين حيث قام بالعديد من النشاطات،السياسية والدبلوماسية لصالح الثورة، ثم التحق بفيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا سنة 1956، أين ألقي عليه القبض وهو يقوم بمهام سرية سنة 1957، وتم الإفراج عنه مع بداية الاستقلال سنة 1962.
وفي الجزائر المستقلة تولى الإبراهيمي عدة مناصب، كان أولها في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، حيث كلفه بمنصب وزير التربية والتعليم العالي بين سنة (1965-1970)، ثم وزيرا للإعلام والثقافة (1970-1977)، ثم وزيرا مستشارا (1977-1979).
وفي عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد تم تنصيبه وزير مستشار للرئيس وذلك بين (1979-1982)، ثم وزيرا للخارجية (1982-1988م)، وهو آخر منصب تقلده الدكتور.
يجيد لغات عديدة خاصة منها العربية و الفرنسية بفصاحة نادرة لأمثاله و رجال جيله، ولم يقتصر أيضا تمكنه في السياسة فقط بإنشاء حزب في عهد التعددية بل تعداه إلى المجال الفكري، فهو مفكر وأديب، له العديد من الأعمال الفكرية التي وجدت صدى لدى الكثير من الباحثين والأكاديميين، منها إشرافه على جمع تراث والده الشيخ البشير الابراهيمي في أربع مجلدات رفقة مجموعة من الباحثين يتقدمهم أستاذنا الشيخ محمد الهادي الحسني حفظه الله و رعاه، كما جمع كل أعداد مجلة الشاب المسلم، و كان آخر حواراته مع الاعلام، حوار مقتضب نشر في العدد الأخير الشهر الماضي، رقم 59- 2025 / 1447. من مجلة الشاب المسلم بالفرنسية و الإنجليزية.
ونحن نودع اليوم واحدا من جيل المربين الرساليين المؤمنين بالرسالة التربوية والروحية و الوطنية، الذي فارق الحياة بعد مسيرة حافلة بالبذل والعطاء في خدمة دينه ووطنه وتراث جمعية العلماء المسلمين و صفحات مشرقة من تاريخ الجزائر عموما.. نشاطر في هذه الظروف الصعبة عائلة الابراهيمي عموما أحزانها في هذا الرزء الفادح، خاصة ابنة زميلنا بشير طالب الإبراهيمي الذي كان مقيما معنا في سويسرا و اشتغل في البنك الإسلامي بجنيف، وكان والده المرحوم طالب الابراهيمي ببساطته يحل ضيفا على مسجد جنيف ويصلي معنا في الأعياد و المناسبات وكثيرا ما كان يحدثنا عن أمجاد الإسلام والجزائر، إذ كانت تربطه علاقة متميزة مع إمامنا الكبير الشيخ محمود بوزوزو(من تلاميذ الإمام ابن باديس)، خطيب مسجد جنيف، رحمهما الله، وبقيت هذه العلاقة بيننا حتى لما اضطر بشير للعودة للجزائر بعد وفاة والدته.
وبهذا المصاب الجلل يتضرع الإخوة والاخوات، أساتذة وطلبة في "منتدى دراسات النهضة الحضرية"، و كذا الأفاضل والفضليات في كل من "جاليتنا المسلمة في سويسرا" و"جمعية الشيخ محمود بوزوزو بجنيف " إلى الله سبحانه وتعالى بأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يفسح له في جنته، ويلحقه بعباده الصالحين، وأن يرزق أهله وذويها جميل الصبر والسلوان.
اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده. والحمد لله على ما أعطى وعلى ما أخذ، و"إنا لله و إنا إليه راجعون