725
0
أول ماي...تثمين لإنجازات العمال و دورهم الريادي تجاه الوطن
تحتفل دول العالم بعيد العمال على غرار الجزائر في أوَّل يوم من شهر ماي في كلِ سنة، وهو يومٌ مخصص لدعم العمال واستذكار النضالات والتضحيات التي قدموها على مدى السنوات، حيث تمنح عطلة مدفوعة الأجر لكافة مستخدمي المؤسسات و الهيئات العمومية و الخاصة.
نزيهة سعودي
يعود تاريخ عيد العمال إلى أواخر القرن التاسع عشر للميلاد في الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديداً في مدينة شيكاغو التي ناضلت نقابات العمال فيها آنذاك للحصول على حقوق العمال التابعين لها، وخصوصاً حق العمل لثمان ساعاتٍ يومياً.
ففي أكتوبر عام 1884 اجتمعت ثماني نقابات كندية وأمريكية في شيكاغو الأمريكية وقررت الدخول في إضراب شامل في الأول من ماي من عام 1886 لأجل إجبار الرأسماليين على تطبيق قانون العمل لثماني ساعات، وحان هذا اليوم أخيرا، حيث توقف 350 ألف عامل في أكثر من 20 ألف مصنع أمريكي عن العمل، وخرجوا إلى الشوارع في مظاهرة ضخمة.
وشلت الحركية بهذه المصانع الكبيرة كما حاولت الحكومة قمع المظاهرة بالقوة، الأمر الذي أشعل نيران کفاح العمال في أنحاء العالم ودخل العمال في أوروبا والقارات الأخرى في إضرابات الواحد تلو الآخر، وبعد شهر اضطرت الحكومة الأمريكية إلى تنفيذ قانون العمل الثماني ساعات بفعالية، وفي جوان من عام 1889 ، افتتح مؤتمر النواب الاشتراكيين الدولي في باريس الفرنسية، وقرر المؤتمر تحديد الأول من ماي من كل سنة، عيدا مشتركا الجميع البروليتاريين في العالم، وفي هذا اليوم من عام 1890 بادر العمال في أمريكا وأوربا بتسيير مظاهرات كبيرة للاحتفال بنجاح كفاح العمال، ليولد عيد العمال ، ليكون بذلك اختيار هذا التاريخ، تخليداً لذكرى من سقط من العمال والقيادات العمالية.
وقد تكلَّلت جهودهم بالنجاح حيث تم الاعتراف بشكلٍ رسمي بيوم العمال في عام 1889م والذي تم الإعلان عنه أثناء إقامة أوَّل مؤتمرٍ اشتراكي دولي في مدينة باريس لإحياء ذكرى قضايا هايماركت التي حدثت عام 1886م، والتي كانت عبارةً عن مواجهةٍ قوية بين كلٍ من العمال المضربين وشرطة شيكاغو ثار فيها العمال كاحتجاجٍ على ما كان يحدث حينها من إجبارٍ لهم على العمل لمدة 16 ساعة متواصلة يوميا، وفي ظروف غير مناسبة ولا تخضع لأي معايير متعلقةٍ بالسلامة والأمان.
بدايات الاحتفال
البداية كانت من أستراليا، التي تعد الدولة الأولى التي بدأت بالاحتفال بهذه المناسبة في 21 أفريل من العام 1856، ومن ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد حوالي 30 عاما وباقي دول العالم، ليصبح عيدا رسميا في أكثر من 100 دولة.
بدأ اعتماد هذا اليوم عيدا يحتفل به العالم كل سنة، في عام 1856 بعد أن نجح عمال البناء في ملبورن وسيدني ( عرفوا حينها بحركة الثماني ساعات) بتحقيق مطالبهم بتخفيض ساعات العمل لـ8 ساعات يوميا.
في معظم الدول الأوروبية، باستثناء القليل منها، تعتبر هذه المناسبة عطلة رسمية وقلة هي الدول التي لا تحتفل بهذه المناسبة، ومن بينها هولندا وبعض الدول في الخليج العربي.
ويُنظر عادةً إلى عيد العمال في المملكة المتحدة وأيرلندا على أنه توديع لفصل الربيع وترحيب بفصل الصيف.
وتحتفل كثير من دول العالم بعيد العمال في الأول من مايو من كل عام، ويكون عطلة رسمية في بعض البلدان، كما هي الحال في مصر، التي بدأتها منذ عام 1964.
ويرى الشيوعيون أنفسهم خط الدفاع الأول عن العمال وشعارهم "يا عمال العالم اتحدوا" وفي عام 1877، بدأ أول إضراب في تاريخ أمريكا، بعد أن نظم العمال مظاهرة كبيرة واندفعوا إلى الشوارع، وطالبوا الحكومة بتحسين ظروف العمل والعيش، وتقصير دوام العمل إلى ثماني ساعات يوميا، وازداد عدد المتظاهرين والمضربين بسرعة في بضعة أيام، وهو ما اضطر الحكومة الأمريكية تحت هذه الضغوط الكبيرة إلى وضع قانون لتحديد دوام العمل اليومي بثماني ساعات، غير أن بعض أرباب العمل لم يلتزموا بهذا القانون أبدا، واصلوا استغلالهم للعمال واستمر العمال يعملون بلا انقطاع ويعيشون حياة صعبة.
الدعم السياسي للعمال الجزائريين تجاه القضية الجزائرية
تعد فئة العمال الجزائريين من بين أهم هذه الفئات التي كان لها دورا كبيرا في دعم الثورة ماديا ومعنويا، مثال ذلك المظاهرات التي قام بها العمال المهاجرين الجزائريين بفرنسا في 17 أكتوبر 1961م مواصلة لمسيرتهم النضالية بالمهجر التي في الثلاثينات من القرن الماضي.
فكيف لا ؟ ونحن نعلم أن هذه الفئة من العمال كانت سببا في ظهور الحركة الوطنية وظهور أول حزب سياسي وهو نجم شمال إفريقيا بفرنسا ثم حزب الشعب سنة 1937م برئاسة "مصالي الحاج" الذي طالب بالاستقلال للجزائر وأعيد تشكيله فيما بعد 1946م وسعى بحركة الانتصار للحريات الديمقراطية، والتي كانت بدورها سببا في ظهور المنظمة الخاصة سنة 1947م بهدف الإعداد للكفاح المسلح الذي بدأ بالفاتح من نوفمبر 1954م.
و في هذا الصدد تحيي الجزائر كغيرها من البلدان هذا العيد لتثمين إنجازات العمال ودورهم الريادي في خدمة البلد ونهضته الصناعية والمعمارية والخدماتية وفي كل المجالات لأنهم أصحاب الإنجاز اللامحدود.
إدماج أكثر من 500 ألف شاب في مختلف الهيئات العمومية
و في هذا الإطار أكد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي فيصل بن طالب خلال مشاركته يوم أمس في فعاليات منتدى شباب الجلفة أن شباب الجزائر اقتحم عالم الشغل في جميع المجالات ولاسيما عبر المؤسسات الناشئة وجهاز المقاول الذاتي، منوها بالإنجازات المحققة بفعل القرارات المتخذة من طرف السيد رئيس الجمهورية من خلال إدماج أكثر من 500 ألف شاب في مناصب بمختلف الهيئات والادارات العمومية، بينما تم تشغيل أكثر من 80 ألف شاب بالقطاع الاقتصادي العمومي والخاص معتبرا هذا الإنجاز إيجابيا وجب تثمينه.
الجدير بالذكر أن الجزائر وعلى الرغم من الركود الاقتصادي العالمي الذي خلفته جائحة كورونا تشهد نموا اقتصاديا بلغ 4.1 % مما يترجم الحركية الاقتصادية التي تعرفها البلاد والرؤية الصائبة والبرامج المبنية على أسس سليمة تنبئ بمستقبل واعد لجزائر الشباب.
النقابات أمام رهان مرافقة و تأطير احترافي للطبقة الشغيلة
و من جهته كان قد أوضح اعمر تقجوت رئيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين في كلمة ألقاها خلال تجمع لعمال الاتحاد العام للعمال الجزائريين، أن المركزية النقابية أمام رهان تحقيق مرافقة مدروسة وتأطير احترافي للطبقة الشغيلة، لضمان المساهمة في مسعى البناء، مؤكدا أن فعالية هذا التنظيم النقابي يعتمد على مدى مساهمته في تكوين وتأطير الفرد العامل ليصبح مؤهلا في إطار منظومة اجتماعية متكاملة قادرة على إنتاج الأفكار.
وأشار في ذات السياق أن "الاتحاد في المرحلة الراهنة التي تشهد تحولات إقليمية ودولية في أمس الحاجة إلى تحديث وتفعيل مختلف أدواته بما يؤهله على المواكبة الإيجابية لهذه التحولات باعتبار أن الطبقة الشغيلة هي العمود الفقري للمجتمعات، و لابد تفعيل دورها في البناء الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.