1645

0

ذكرى الثورة المجيدة ..وقفات للتذكر واستخلاص العبر

إذا كان الشعب الجزائري  بكل فيئاته  قد شارك في الثورة  التحريرية ، فإن العقل الذي خطط لها هو الرقم 22 الذي اتفق على أن تكون ساعة الصفر من نوفمبر 1954 موعد للغضب وللانفجار الذي خلط الأوراق السياسية و العسكرية الفرنسية. 

وعلى ذلك جاءت محاولتنا هذه لتقديم صورة مختصرة لظروف و الحيثيات التي كانت الفتيل الذي فجر الثورة ونقطة البداية لمسيرة نضال دامت سبعة سنوات ونصف ،باعتبارها من أخطر مراحل تاريخ الجزائر المفعم بالأحداث والتطورات.

مريم بوطرة ، شيماء منصور بوناب

وعليه أكد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر أحمد بن يغزر، بجامعة جيلالي بونعامة بخميس مليانة أن ثورة نوفمبر لم تكن هي البذرة وإنما كانت الثمرة التي حان اقتطفاها في الفاتح من نوفمبر 1954 ،هذا الكلام له رمزيته التي تتجلى في أهمية فهم سياق ثورة التحرير وربطها فيما سبق من الأحداث وأن نعتبرها نتيجة طبيعية لتراكم خبرة طويلة وتجربة مريرة من تضحيات ونضالات توجت بنقطة وعي انفجرت في ذلك اليوم.

وفي حديثنا عن ظروف اندلاع الرصاصة الأولى للثورة التحريرية من جبال الاوراس ، يقول الأستاذ الباحث عامر رخيلة " أحداث أول نوفمبر تمثل وسام التتويج لمعاناة نضالية طويلة عاشها الشعب الجزائري منذ وطأة الاستعمار أراضيه و فرض سياسته عليه، إلى غاية بزوغ بوادر الحركة الوطنية الجزائرية التي ظهرت في مطلع القرن العشرين برؤية سياسية عسكرية شعبية ممنهجة باستراتيجيات دقيقة لمواجهة العدوان الفرنسي".

إذ عرفت الانطلاقة الثورية ظروف دولية ملائمة ساعدتها على فرض نفوذها و بسط سياستها في ضل التحفظ العالمي للحروب و الصراعات التي أدت لانقسام العالم الى معسكرين "شرقي و غربي "، ثم صيانة ميثاق الأمم المتحدة 1945 والإعلان عن حقوق الانسان 1948 الذي ساعدها بعد الانفراج الدولي للرأسمالية و الاشتراكية ،على ابراز موقفها الحيادي تحت شعار "لا شرقية و لا غربية".

تفاقم الظروف الخارجية و الدولية جعل الثورة الجزائرية أكثر قوة من حيث التأطير و التخطيط ، يضاف إليه حسب ما أفاده رخيلة من جانب الظروف الجهوية "بأن الاحتكاك بالمشرق العربي قد خلق قاعدة شعبية مناسبة و متعاطفة مع الثورة التي استقت أيضا من المقاومة في المغرب و تونس 1953الخبرة الكافية لوضع أسسها ومنطلقاتها".

فتصاعد المقاومة في الدول الشقيقة كان له الأثر البالغ في شد لحاف الصراع في الجزائر داخليا، رغم أن الاخوة في تونس و المغرب كان محميين في عدة جوانب مقابل أن الجزائر كانت تعاني من الاستيطان الذي ألغى الوجود الجزائري ثقافيا و سياسيا و جغرافيا في مراحل عدة لأكثر من 130 سنة من الاستعمار الفرنسي وذلك حسب ما ذكره الباحث عامر رخيلة.

وهو ما أكده الأستاذ بن يغزر في ضرورة وضع أول نوفمبر في هذا السياق حتى يفهم بشكل صحيح وفهم الأسباب العميقة التي كانت وراءه ،فبدون شك وجود الاستعمار في حد ذاته هو سبب كافي لقيام الثورة واذا أضفنا له السياسات التي لطالما قام بها الاستعمار الفرنسي طيلة وجوده منذ 1830 سواء ما تعلق بـإبادة الشعب الجزائري أو محاولة نسخ هويته أو محاولة إخضاعه للسياسات الفرنسية حتى يعترف بشكل نهائي بأن وجود فرنسا في الجزائر لم يعد وجود طارئ وإنما أصبح وجود ثابت وعلى الجزائريين قبول ذلك.

و في مقابل ذلك نجد تعدد المقاومات الشعبية واختلاف أشكالها وأنواعها وتصاعدها أحيانا وتراجعها أحيانا أخرى وتغيير أساليبها وطرائقها يثبت أن هذه الثورة نتيجة تراكم تجارب ،ولا يمكن فصل هذا الحدث الكبير عما سبقه، والأكيد أن هذه الثورة لم تأتي من فراغ بل هي نتيجة الأوضاع السيئة التي مر بها الجزائريون سواء في الجانب السياسي أو الاقتصادي وحتى على المستوى الاجتماعي.

 فعلى المستوى السياسي يشير ذات المتحدث إلى أن الحركة الوطنية بمختلف أحزابها كانت قد وصلت إلى مرحلة إدراك خاصة بعد أحداث 08 ماي 1945 ، التي جعلتها مقتنعة أن الإستمرار بنفس الشكل في مقاومة الاحتلال قد لا تكون له نتائج مضمونة، وبتالي اضطرت إلى تعديل وتغيير أسلوبها في الانتقال من العمل السياسي الذي استنفذ أغراضه وأصبح بشكله أو بالظروف المحيطة به عقيما .

و بالتالي بات من الضروري لانتقال إلى خطوة أخرى ترتكز على العمل الثوري على أساس قاعدة معروفة أن الشعوب التي تتعرض إلى الاحتلال الأجنبي تقتنع في مرحلة من مراحل حياتها أن ما أخذ بالقوة لا يمكن أن يسترجع إلا بالقوة. فكانت مجازر 08ماي بمثابة تحول كبير على مستوى العقل السياسي للجزائريين المتمثل في شخصياته وأحزابه وتوجهاته.

 أما على المستوي الاقتصادي والاجتماعي عرج بن يغزر إلى السياسة الفرنسية التي كانت تريد تهميش الجزائريين وإغراقهم في ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية القاسية ورغم بعض التحسن الذي طرأ على الجزائريين في هذه الفترة بفضل حركة الهجرة ومحاولة إثبات وجودهم إلا أن شعور التهميش لازمهم في تلك الفترة.

 وإن لم تكن للثورة دوافع مادية بحثة إلا أن الشعور بالقهر على مختلف المستويات كان دافع قوي لأن ينتفض الجزائريون لتغير أوضاعهم والانتقال من حالة الاحتلال إلى حالة الاستقلال وهذا كان دافع لإسناد الثورة بعدد كبير من الجزائريين لتحقق أهدافها رغم التضحيات التي كانت متوقعة في مثل هذه الأحداث.

الثورة... بطولات و رجال

تحت شعار " الحرية لا تعطى ولا تشترى بل تنتزع " تروي لنا ملزي مالية تضحيات عائلتها في سبيل الحرية و الاستقلال ، فتنطلق من نضال شفيق ملزي الذي وقف في ساحة سجن سركاجي في فجر 9 اكتوبر 1957 رفقة محمد بورنان و عبد الرحمان كاب الذين قطعت شفرة المقصلة رؤوسهم كفدائيين و شهداء الحركة الوطنية الجزائرية، فتقول "قطعت مقصلة الاستعمار رؤوسهم لأنهم لم ينحنوا و اتخذوا من الله أكبر ،الله اكبر ، تحيا الجزائر، شعارا يرددونه في طريقهم إلى المقصلة التي تدوي بزغاريد حرائر الجزائر افتخارا بأبنائها الشهداء".

كان لصوت المقصلة ذوي حاد في مسامع الأسرة الجزائرية التي تقدم يوميا شهيدا منها في سبيل رفع الراية الوطنية و النعيم بالحرية التي دفع ثمنها الشعب الجزائري نفسيا وجسديا ،وهو ما أكدته السيدة مالية حين قالت " نحن ضحايا حرب نفسية حقيقية ننتظر الاعتقال و الإعدام يوميا دون حول و لا قوة منا ".

من جهته أيضا تطرق المناضل صالح ملزي في حديثنا معه لمعاناته أيام الاستعمار الفرنسي الذي جعله يعيش في ظروف صعبة من داخل السجن منذ اليوم الأول لإعتقاله فيقول "كنا نسمع الشاحنة التي تحمل المقصلة التي استأجرها السجن من الجلاد ميسونيي بالأبيار، يوميا حين كانت ظروف الاعتقال سيئة جدا جعلتنا في حالة ضياع و تشتت رهيب ...كنا ننتظر الموت في ظروف لا تطاق كنا 3 أو 4 مساجين في زنزانة صغيرة و موحشة يمارس علينا يوميا أشد الممارسات العقابية فقط من اجل خيانة الوعد الوطني .

وعن المسار النضالي للشهيد شفيق ملزي توضح مالية ، أن شفيق منذ صغره و هو في تواصل و احتكاك تام بحزب الشعب الجزائري، لم يتوقف أبدا عن العطاء داخل المنظمات و الحركات الثورية التي جعلته ينظم للحركة الكشفية التي أنشأ على إثرها "فوج الكفاح".

وتابعت موضحة أنه منذ اندلاع الثورة و هو ينشط لتكوين مجموعات فدائيين (المتطوعين للموت) بالأبيار. المجموعة التي كان يقودها كان ينتمي إليها إخوته الثلاثة" صالح ملزي و محمد وعلي. فدائيون آخرون تقاسموا المسؤولية نفسها، مثل "علي خيضر"، "عمار بريك"، "لونيس خوجة"، "موسى عمر"، "عيسى شادولي"، "رزقي مجيرة"، "علي ضياف"، "علي تومي"، "أحمد سليماني"، "لوناس ملوح"، "حمو قلتي"، "عبد القادر لعروسي"، "احمد زغلي".

نشاطات هذه المجموعة امتدت إلى الأبيار، شارع لامادلين، حيدرة، كولون فوارول، شراقة، بن عكنون، بوزريعة، وكانت طليعة للجيش التحرير الوطني، بسبب محاذاتها للجبال المحيطة. كانوا يسهرون على التنسيق والتموين بالسلاح والمؤونة ،إضافة إلى جمع الأموال والتجنيد لتقوية صفوف جيش التحرير الوطني...

توالت نشاطات المجاهيدين و المناضلين من عائلة ملزي إلى غاية القبض على الإخوة محمد وصالح وشفيق ملزي، وكذا بريك عمار، بالموت من قبل المحكمة الدائمة للقوات المسلحة بالجزائر، يوم 14 مارس 1955، وحكم على رفاق الكفاح الآخرين بالأشغال الشاقة.

ليتم بعدها تخفيض الحكم بالموت على عمار بريك والإخوة ملزي إلى مؤبد مع الأعمال الشاقة، ونفذ الإعدام في حق شفيق يوم 09 أكتوبر 1957 بسجن سركاجي بالعاصمة. وعندما سمع يوسف ملزي خبر إعدام أخيه والحكم بالموت على باقي إخوته ،فر من الثكنة العسكرية التي كان فيها مع مجموعة من رفاقه ، ليستولوا على السلاح والذخيرة ويرد ثأر أشقائه. ليسقط بعدها في ميدان الشرف بعد بضعة أشهر على الحدود الغربية من عام 1958 وعمره 24 سنة فقط.

محاولة فرنسا الاستصغار من ثورة نوفمبر

تجلى الرد الفرنسي الأول على اندلاع الثورة الجزائرية ، حسب الأستاذ بن يغزر في محاولة للاستصغار من شأنها والتقليل من قيمتها واعتبارها مجرد أعمال إرهابية محدودة، وسيتم القضاء عليها وقد كان الرد الواضح من وزير الداخلية الفرنسية الذي كان أنذاك بأن الرد الرسمي لمثل هذه الأعمال هو مواجهتها بقوة وإخمادها .

وبذلك جندت فرنسا وسائلها الإعلامية و نخبها السياسية وقواتها العسكرية من أجل إجهاض هذه الثورة الوليدة في مهدها ، وقد تمثل ذلك في الحصار الشامل الشديد الذي فرض على جبال الأوراس اعتقادا من فرنسا أنها المنطقة الوحيدة التي اندلعت فيها الثورة فإذا تم وأدها في هذه المنطقة فإن باقي المناطق ستكون سهلة.

 فتبين فيما بعد أن الثورة الجزائرية أوسع وأشمل من أن تحصر في مكان محدد وأن تكون مجرد رد فعل بسيط وآني وسينتهي بمجرد أن تواجهه القوات الفرنسية بالحصار والقمع والتشويه مع الوقت تطور الموقف الفرنسي وأدركت حقيقية الثورة على أنها متصاعدة ولن تتوقف إلا بعد أن تحقق أهدافها .

وعليه يوضح محدثنا أن فرنسا بدأت في زيادة عدد أفراد جيشها وتعديد الطرائق والخطط للمواجهة وبلغت ذروة هذا الرد عندما تم استدعاء والاستنجاد بالجنيرال ديغول لقيادة فرنسا وإنقاذها من الثورة الجزائرية مثلما أنقذ فرنسا سابقا في الحرب العالمية الثانية ،لكن هذه السياسة لم يكتب لها النجاح أمام قوة وعظمة الثورة الجزائرية.

فعندما وصل ديغول للحكم في 01 جوان 1958 وطالب الفرنسيين بضرورة التعديل الدستوري وتفويضه كل الصلاحيات من أجل أن يقضي على الثورة الجزائرية بدأ في العمل على صورتين أولهما القضاء على سمعة الثورة الجزائرية عن طريق العمل العسكري وغلق الحدود شرقا وغربا ومحاولة إفراغ الثورة من قوتها شيئا فشيئا عن طريق العمليات المركزة في المناطق الجبلية وإحداث أكبر قدر ممكن من الخسائر في الصفوف الجزائرية."وذلك حسب ما أفاده الأستاذ بن يغزر".

 أما الصورة الثانية فقد تمحورت في محاولة احتواء الثورة الجزائرية من خلال بعض المشاريع السياسية التي أعلن عنها ديغول مثل مشروع سلم الشجعان و كذلك مشروع قسنطينة مع محاولة كسب ود الجزائريين بهدف إبعادهم عن الثورة وقطع الثورة عن حاضنتها الجماهيرية، لكن لم تنجح أما م إصرار الثوار وإستعدادهم الكامل من أجل التضحية وتحقيق الهدف الأسمى للثورة وهو تحقيق الاستقلال.

تأثير الإعلام والصحافة على الرأي العام والمجتمع الدولي

أدركت الثورة قيمة الإعلام في كسب التأييد وإيصال صوت الثورة الجزائرية إلى الرأي العام، كما أدركت خطورة الإعلام الفرنسي وما كان يقوم به من تشويه للأعمال الثورية ، فرغم انشغالها بالعمل العسكري إلا أنها لم تهمل الإعلام وأعطته حقه من خلال إنشاء إذاعة الجزائر الحرة وبعض الجرائد كجريدة المقاومة والمجاهد .

 كما يجدر الإشارة إلى أن الجزائر عرفت في فترة انطلاق ثورتها حركة صحفية ناشطة و فعالة ، تقودها أقلام صحفية كبيرة جزائرية تنشط من مختلف الدول العربية الشقيقة ، حاولت بفضل مناشيرها و مقالاتها ايصال صوت الثورة الجزائرية للمحافل الدولية في سبيل المرافعة لصالح القضية التحررية .

بجانب ذلك نجد بعض الدول العربية الداعمة ، أصبحت تخصص جزءا من برامجها لدعم الثورة الجزائرية وأشهرها حصة" صوت الجزائر '' التي كانت تبث من القاهرة كان له دور فعال في رفع الروح المعنوية للجزائريين وإيصال صوت الثورة إلى الرأي العام وإلى العرب بشكل خاص .

 وهو ما يؤكد بأن نشاط الإعلام لم يكن سهلا في تحقيق الاهداف السياسية، إلا أنه كان أداة فعالة ذات صدى وتأثير لكل مهتم بالقضية الجزائرية من داخل و خارج الوطن . وعلى ضوء ذلك يقول عامر رخيلة " كان الإعلام سلاح فعال لتعبئة الشعب و التصدي للمناورات السياسية الفرنسية التي تحاول تضليل الاحداث و تزويرها استنادا على بعض المنطلقات اللاإنسانية التي جرد ت الشعب الجزائري من أبسط حقوقه في وطنه ".

تعدد المراجع التاريخية ....منبر اختلاف و تشتيت للحقائق و الوقائع

رغم انتصار القضية الجزائرية ورفع راية الحرية في 1962 ، إلى أن تفاصيل الثورة و مواثيقها لا تزال محل جدل و استفسار عند المؤرخين و الباحثين الذين اتخذوا من بعض المراجع و المنابر حجتهم و مقصدهم للإدلاء بواقع حادثة ما أو محطة تاريخية ما.

 والجدير بالذكر أن فرنسا اتخذت من ذلك سانحة ردا على خسارتها و استسلامها، فاحتكرت المواثيق و المعاهدات في عقر دارها و جعلت من التزييف و التضليل خدمة لها و ذريعة تغطي بها جرائمها محاولة التأثير في الراي العام لغاية اليوم ...

وبذلك يقول رخيلة أن الجزائر باتت اليوم اكثر من أي وقت مضى، بحاجة ماسة لتلقين شامل لمراجعها و تنقيحها من أي حقائق لا تمد بصلة بالثورة الجزائرية و ابطالها ، وذلك قصد ربط جيل اليوم بجيل الثورة " ربط جيل الأحفاد بجيل الأجداد"،في اطار صون الذاكرة الجماعية و الحفاظ على رمزية الثورة التحريرية للأجيال اللاحقة التي تفرض من زاوية أخرى تحسين المراجع التعليمية و المناهج التربوية في كل الاطوار ، مع تعزيز المبادرات الثقافية و الفكرية التي تعزز منطلقات الشباب عن ثورتهم و تاريخهم.

صون الذاكرة الجماعية وربط الأجيال الجديدة بتاريخ الثورة وبطولات الأجداد

في ظل الاحتفالات التي تقوم بها الجزائر لذكرى أول نوفمبر ، قال بن يغزر نحن في أمس الحاجة إلى الحفاظ على ذاكرة الثورة في عقول وعواطف الجزائريين حتى تبقى دائما مرجع لهم فمن خلالها يمكن تحديد علاقتهم بوطنيتهم وبلادهم.

فالأهم الآن هو الحفاظ على هذه الذاكرة وتقديمها للأجيال بأكثر الأساليب وضوحا وأكثرها تأثيرا، من منظور استكمالي للثورة المجيدة، باعتبار أن بيان أول نوفمبر كان مشروع رؤية مستقبلية للجزائر، التي ترتكز على بناء سياسي و اقتصادي واجتماعي ،يكون تتويجا ودليل على عظمة الثورة الجزائرية وقوتها .

أضاف قائلا نحن في مرحلة أصبح التركيز فيها على القوة السياسية من خلال الوحدة الوطنية وقوة الجبهة الداخلية وأيضا في حاجة إلى القوة الاقتصادية التي من خلالها نستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتي والتحول من دولة مستهلكة ومستوردة إلى دولة مصدرة ومنتجة.

بالإضافة إلى ذلك إستكمال الاستقلال الثقافي بتمكين عناصر الهوية اللغوية والدينية من خلال مرجعتينا الثقافية والحضارية هذه هي الخطوة الثانية للثورة الجزائرية ،و ختم كلامه بقوله "اذا استطاعت الثورة من 1954 إلى 1962 تحقيق الاستقلال السياسي واسترجاع السيادة الوطنية فإننا بحاجة ماسة الآن إلى استرجاع الاستقلال الثقافي والاقتصادي وجعل الجزائر من خلال هذه المجالات ضمن القوى الكبرى في العالم ."

وتابع بانه الامر الذي ليس بعزيز فما تملكه الجزائر من خبرات تاريخية ومن ثروات طبيعية يؤهلها من أن تصبح نموذجا ، كما اقتدت بها الدول والشعوب بالأمس من أجل استرجاع استقلالها، بوسها أن تكون اليوم نموذجا في الحرية الاقتصادية و الثقافية وقوة بجميع أشكالها.

على الرغم من تغير الفاعلين على الساحة الوطنية والتراجع الظاهري لحركة التحرر الوطني، على مستوى العالم، وجزئه العربي والإفريقي بوجه خاص وظهور تقنيات جديدة للتفكيك من الداخل والاحتواء من الخارج، فإننا على يقين بأن الوفاء لمرجعية الثورة والاهتداء بمنهاجيتها الصائبة هو الطريق الأقوم للخلاص، وعودة الجزائر مجتمعا ودولة إلى وضعها الصحيح .

 

 

 

 

 

 

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2024.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services