90

0

إن سألوك عن البطون الجائعة… فقل لهم: مات عمر!

عنوان يجسد مأساة سكان قطاع غزة؛ أولئك الذين طحنوا أوراق الأشجار لصنع خبز مرّ، وأكلوا علف الحيوانات في ظل غياب الدقيق، حتى بلغوا المرحلة الخامسة من التصنيف الأممي لانعدام الأمن الغذائي، المعروفة بـ"الجوع الكارثي" وهي المرحلة الأخيرة قبل إعلان المجاعة رسميا  وسط تجاهل دولي وتراخٍ أممي مستمر.

نسرين بوزيان 


ورغم التحذيرات المتواترة من تفشي المجاعة في غزة، وتزايد المؤشرات الواضحة على ذلك، فإن الأمم المتحدة لم تعلنها رسميا حتى الآن، مع الأخذ في الاعتبار أن الكيان الصهيوني حظر عمليا نشاط المنظمة الأممية والوكالات التابعة لها في القطاع.

     

 

كما أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة أن 112 طفلًا في غزة يدخلون المستشفيات يوميًا للعلاج من سوء التغذية والهزال الشديد، فضلا عن وفاة 620 شخصا بسبب التجويع، 70 منهم قضوا منذ جوان الماضي، كما أكدت السلطات في غزة أن الناس باتوا يصابون بالإغماء في الشوارع بسبب التجويع.

 

واحد من كل ثلاثة لا يتناول الطعام لأيام

 

قال برنامج الأغذية العالمي إن أزمة الجوع في قطاع غزة بلغت مستويات غير مسبوقة، حيث يموت الناس بسبب نقص المساعدات، مضيفا أن واحدًا من بين كل ثلاثة أشخاص في غزة لا يتناول الطعام لأيام.
ودعا البرنامج المجتمع الدولي وكل الأطراف إلى تسهيل إيصال المساعدات الغذائية للمجوعين في غزة، مؤكدًا أن إطلاق النار يوم الأحد الماضي على منتظري المساعدات يعكس الظروف الخطيرة التي يواجهها العمل الإنساني في القطاع.

ارفعوا الحصار

   

   

قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"إن الكيان الصهيوني يتعمد تجويع المدنيين في قطاع غزة، بمن فيهم مليون طفل يعاني الكثير منهم سوء التغذية ويواجهون خطر الموت.
وأوضحت في منشور عبر منصة "إكس"،أن لديها ما يكفي من الغذاء لجميع سكان غزة لأكثر من ثلاثة أشهر، وهو مخزن في مستودعات على الجانب المصري من معبر رفح الحدودي.
وطالبت الأونروا برفع الحصار عن قطاع غزة والسماح لها بإدخال الغذاء والأدوية. وقالت: "ارفعوا الحصار: اسمحوا للأونروا بإدخال الغذاء والأدوية".
وناشدت سلطات الاحتلال قائلة: "ارفعوا الحصار، اسمحوا للأونروا بالقيام بعملها ومساعدة المحتاجين، ومن بينهم مليون طفل".
يأتي ذلك وسط ارتفاع عدد الأطفال الذين توفوا بسبب سوء التغذية في غزة إلى 70 طفلاً بحسب المكتب الإعلامي في قطاع غزة.
كما أكدت "الأونروا"أنها تمتلك مخزونًا غذائيًا كافيًا لجميع سكان قطاع غزة لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر، لكن الاحتلال لا يسمح بدخوله.
وأوضحت أن هذه الإمدادات، ومنها ما هو مخزن في مستودع بمدينة العريش المصرية، جاهزة للتوزيع، مشيرة إلى أن الأنظمة اللوجستية قائمة.
ويعيش مليونا إنسان في قطاع غزة أزمة إنسانية على المستويات كافة، حيث تغلق سلطات الاحتلال المعابر منذ 2 مارس الماضي، وتمنع دخول المساعدات الغذائية والطبية، ما تسبب في تفشي المجاعة داخل القطاع.

صمت العالم ليس حيادا بل شراكة في الجريمة

شددت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، على أن التراخي الدولي في مواجهة جرائم الإبادة والتهجير القسري والضم التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني بات يوفر غطاءً صامتًا لهذه الانتهاكات ويشجع على استمرارها وتصاعدها، مطالبة بتحرك دولي رادع يترجم المواقف والإدانات المتكررة إلى إجراءات ملموسة.
مؤكدة أن مسؤولية المجتمع الدولي لا تقف عند حدود توصيف الجرائم والانتهاكات، بل تتطلب اتخاذ إجراءات فورية وملزمة تجبر الاحتلال على وقف عدوانه والامتثال للقانون الدولي، بما في ذلك حماية المدنيين الفلسطينيين وضمان حصولهم على حقوقهم السياسية والإنسانية.
وطالبت الوزارة بتحرك دولي رادع يترجم المواقف والإدانات المتكررة إلى إجراءات ملموسة توقف عمليات الإبادة والضم، محذرة من أن التهاون في أداء المجتمع الدولي لمسؤولياته يفتح الباب أمام تفشي "قانون الغاب"على حساب الشرعية الدولية.
وأكدت أن صمت العالم لا يمكن أن يعد حيادًا، بل مشاركة غير مباشرة في استمرار المعاناة والكارثة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.

     

 

 

انهيار آخر شريان يبقي الناس على قيد الحياة

من جهتها حذرت منظمات إنسانية أممية من الوضع في غزة، واصفة إياه بـ"انهيار آخر شريان يبقي الناس على قيد الحياة"، وأفادت بأنه مع استمرار العدوان الصهيوني، دمرت مستودعات المساعدات الأممية وأطلقت النيران على مساكن عاملي الإغاثة وأولئك الباحثين عن الطعام، فيما أغمى على بعض من أولئك الذين يعانون من الجوع في الشوارع.
ومن جانبه، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن المستشفيات استقبلت أشخاصًا يعانون من إرهاق شديد ناجم عن نقص الغذاء.
وأضاف أن التقارير المستمرة عن إطلاق نار تفيد بمقتل وإصابة آخرين أثناء سعيهم للحصول على الطعام، "الطعام الذي لا يسمح بدخوله إلى غزة إلا بكميات ضئيلة للغاية".

 

     

 

مسيرة الطحين

وسط تصاعد الغضب الدولي من سياسة التجويع التي تنتهجها حكومة نتنياهو بحق الشعب الفلسطيني، شهدت كل من تل أبيب والعاصمة الأميركية واشنطن موجة احتجاجات ضخمة، تنديدا بسياسة التجويع الممنهَج التي تمارسها سلطات الاحتلال الصهيوني ضد سكان قطاع غزة.

انطلقت احتجاجات عارمة تحت شعار "مسيرة الطحين"،جابت شوارع تل أبيب، مطالبة بفك الحصار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المنكوب. وقد حمل المحتجون أكياس دقيق وصورًا لأطفال غزيين يتضوّرون جوعًا، مؤكدين أن "ما يجري في غزة ليس لحمايتهم، بل هو جريمة حرب تُرتكب باسمهم".
في الولايات المتحدة، رفع المتظاهرون شعارات تُطالب بوقف الدعم العسكري الأميركي للاحتلال، متهمين إدارة الرئيس ترامب بـ"التواطؤ في تجويع الفلسطينيين"من خلال دعمها المتواصل لحكومة تل أبيب.
كما شهدت مدن أميركية عدة، من بينها واشنطن ونيويورك، مظاهرات متزامنة؛ حيث تجمّع المحتجون أمام مقر وزارة الخارجية الأميركية، وأمام منزل الأمين العام للأمم المتحدة، مطالبين بإنهاء المجاعة المفروضة على غزة، ومحاسبة الكيان الصهيوني على جرائمه أمام المحكمة الجنائية الدولية


إغاثة غزة و كسر الحصار من أجل الحياة

أطلقت حركة مجتمع السلم مبادرة وطنية ودولية لإغاثة غزة استجابة لدعوة المقاومة الفلسطينية، في ظل الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها القطاع جراء الحصار الخانق والعدوان المتواصل، وتأتي هذه المبادرة في إطار التنديد بالصمت الدولي تجاه الإبادة الجماعية الممنهجة للكيان الصهيوني الغاشم، واستمرار المجازر وانهيار الوضع الإنساني في القطاع تحت غطاء دولي مخز وصمت عربي قاتل.تدخل هذه المبادرة في إطار الإعلان الذي أطلقته حركة حمس تحت عنوان: "إغاثة غزة – كسر الحصار من أجل الحياة"، وترافع حركة حمس من خلال هذا الإعلان إلى تشكيل تحالف دولي شعبي وبرلماني لدعم غزة ورفع الحصار فورًا، والوقف الفوري لإطلاق النار، وتنظيم قوافل إنسانية عاجلة بالتنسيق مع المنظمات الدولية، وضرورة الفتح الفوري لمعبر رفح ومختلف المعابر لدخول المساعدات، مع تحريك دعاوى دولية لملاحقة قادة الاحتلال كمجرمي حرب.

       

 

أطفال غزة يموتون جوعا

في مؤتمر صحفي عقده بمقر سفارة دولة فلسطين بالجزائر، كشف السفير الفلسطيني د. فايز أبو عيطة أن عدد الشهداء في قطاع غزة منذ بدء العدوان بلغ نحو 58,028 شهيدًا، بينهم أكثر من 17 ألف طفل، ونحو 10 آلاف امرأة.

ورغم هول هذه المجازر، لم ترتوِ بعد شهوة الدم الصهيونية، بل مضت في تنفيذ سياسة التجويع الجماعي، التي وصفها السفير بأنها "مجزرة صامتة" لا تنقلها الشاشات كما يجب، لكنها تفتك بالأجساد الطرية للأطفال، وتنهش ما تبقى من حياة المرضى والجرحى، الذين يزيد عددهم عن 138 ألفًا، يتلوَّون على أسِرّة من تراب في ظل غياب الغذاء والدواء، وتدمير ممنهج للبنية التحتية الصحية. فقد تم سحق 13 مستشفى بالكامل، ولم يتبقَّ سوى 36 مركزًا صحيًا يعمل بشكل جزئي، وسط عجز تام وموارد شبه معدومة.
وأشار السفير إلى ما وصفه بـ"مصائد الموت"وهي نقاط توزيع المساعدات التي تحوّلت إلى مسارح دموية، يُطلق فيها جنود الاحتلال النار على الجوعى، مما أدى إلى استشهاد أكثر من ألف إنسان خلال أيام، بينما مات مئات آخرون جوعًا في المخيمات والمستشفيات، وفي زوايا الأحياء التي ضاقت بسكانها جوعًا وخوفًا وعتمة.
وأضاف أن المساعدات الإنسانية تحوّلت إلى أداة مساومة وابتزاز، وسلاح آخر في يد الاحتلال، حيث يتم منع دخولها منذ أكثر من 139 يومًا، في إطار مخطط صهيوني متكامل يستهدف الأرض والإنسان والذاكرة، ويدفع باتجاه التهجير القسري وتفريغ غزة من سكانها.
مؤكدًا أن العار سيلاحق كل من شاهد ولم يتحرك، ومن علم ولم يغضب، ومن سمع أن أطفالًا يموتون جوعًا واستمر في التفاوض على فتات المواقف.

 

الطبيب الجائع يعالج المريض الجائع

     

 

صرّح الصحفي وسام أبو زيد من داخل قطاع غزة لـ" بركة نيوز"، بأن الأوضاع في القطاع تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، ولا تزال المجاعة تضرب كل مناحي الحياة، بما في ذلك القطاع الطبي، والإعلامي، والمواطنين العاديين، والنازحين في الخيام، وفرق الدفاع المدني والإغاثة، بل وحتى المؤسسات الاجتماعية العاملة في القطاع.

وأضاف: "الجميع يعاني أشد المعاناة، نتيجة استمرار الاحتلال الصهيوني في منع دخول المساعدات الغذائية، وإغلاق المعابر بشكل كامل."

وتابع قائلاً: "اليوم، أتحدث عن قصة مؤلمة لأحد المواطنين الفلسطينيين، الذي كان بالأمس يبحث مع ابنه عن كيس دقيق. للأسف، استُشهد الابن اليوم، بينما وجدنا والده في إحدى التكايا المنتشرة بقطاع غزة، يبحث عن الطعام وهو يبكي، قائلاً إنه لم يعد يجد وسيلة لإطعام بقية أبنائه. وتساءل بحرقة: كيف لي أن أصبر داخل خيمة، ينتظر فيها الموت القادم من كل الاتجاهات؟"

كما أشار أبو زيد إلى وجود مريض فلسطيني يرقد في أحد المستشفيات، يعاني من نقص حاد في التغذية، بينما والدته التي ترافقه تعاني بدورها من المجاعة، والطبيب الذي يُعالج هذا المريض لا يختلف حاله كثيرًا، إذ يبحث هو الآخر عن كيس دقيق يُبقيه على قيد الحياة.

وأكد أن "الجميع هنا يعاني، والقلق يتزايد من احتمال استشهاد المزيد من الفلسطينيين نتيجة سوء التغذية".

وتابع: "اليوم، باتت الأسئلة اليومية للفلسطينيين بسيطة ومؤلمة في آن واحد:
ماذا سنأكل اليوم؟ ماذا سنأكل مساء؟ كيف سندبّر أمورنا؟ ومن أين نحصل على الحطب؟"
وكشف أن بعض العائلات بدأت بالفعل بتحطيم أثاث منازلها  إن تبقى منها شيء لتحويله إلى حطب، يستخدم في طهي العدس أو أي طعام بسيط يمكن أن يسدّ جوع الأطفال داخل الخيام ومراكز الإيواء.

    يبقى الاحتلال الواهم بأن سياسة التجويع ستخضع الشعب الفلسطيني، عاجزًا عن فهم أن هذا الشعب، حتى وبطونه خاوية، لا ينحني بل يقاوم، ويصنع من الجوع صلابة لا تقهر.

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services