35

0

الصليب تحت الحصار.. الوجود المسيحي في القدس يواجه محاولات الاقتلاع

يشير التقرير الأخير حول الوجود المسيحي في القدس، متضمناً تصريحات رئيس «الحركة الوطنية المسيحية في الأرض المقدسة» ديمتري دلياني، إلى واقع خطير يهدد أحد أقدم مكوّنات الهوية الفلسطينية وذلك ان المسيحيون الفلسطينيون، الذين شكّلوا عبر قرون طويلة جزءاً أساسياً من النسيج الروحي والحضاري للمدينة، يواجهون اليوم ضغوطاً متصاعدة تهدد وجودهم التاريخي في مهد الديانات السماوية.

ماريا لعجال 

يؤكد التقرير أنّ الفلسطينيين المسيحيين ليسوا أقلية وافدة أو طارئة، بل هم من أقدم سكان القدس وحماتها. فالأحياء المسيحية في البلدة القديمة، وكنائسها وأديرتها وأسواقها، تمثل امتداداً لتاريخ طويل من الإيمان والعمل والحضور الاجتماعي. وتبقى رسالة السيد المسيح، الذي وُلد على هذه الأرض الفلسطينية، شاهداً حيّاً على جذور مسيحية عربية أصيلة لم تنفصل يوماً عن الهوية الوطنية.

ويكشف التقرير عن سلسلة من الاعتداءات المتكررة التي تتعرض لها الكنائس والممتلكات المسيحية في القدس، بدءاً من تدنيس القبور وصولاً إلى الاعتداءات الجسدية واللفظية على رجال الدين والحجاج. وتفاقم هذه الانتهاكات بيئة قانونية واقتصادية خانقة، تتجلى في فرض ضرائب تعسفية، وقيود مشددة على الحركة، والحد من تصاريح البناء والإقامة.

 

هذه الممارسات، بحسب دلياني، تأتي ضمن سياسة منهجية تهدف إلى إضعاف الحضور المسيحي الفلسطيني ودفع العائلات إلى الهجرة، ما يؤدي إلى نزيف ديموغرافي يغيّر ملامح المدينة وينسف طابعها المتنوع.

وبينما تواصل بعض العائلات الفلسطينية المسيحية مغادرة المدينة بحثاً عن ظروف معيشية آمنة، يرى متابعون أنّ هذا النزوح القسري الصامت ليس مجرد نتيجة للضغوط اليومية، بل انعكاس لسياسة أوسع تهدف إلى إعادة تشكيل الواقع السكاني في القدس بما يخدم الرواية الإسرائيلية.

 

ورغم ذلك، يبقى المسيحيون الفلسطينيون متمسكين بدورهم التاريخي ورسالتهم الدينية والإنسانية، معتبرين أن الحفاظ على وجودهم هو حفاظ على روح القدس نفسها، وعلى نسيجها المتعدد الذي شكّل على امتداد قرون أحد أعمدة هوية المدينة.

 

ويؤكد مراقبون أنّ حماية الوجود المسيحي الفلسطيني بحاجة إلى تدخل عربي ودولي فاعل، بوصفه جزءاً من حماية التراث الإنساني في مدينة تُعتبر رمزاً مشتركاً لمليارات المؤمنين حول العالم. فالاعتداء على الكنائس والمجتمعات المسيحية، كما يشدد خبراء، هو اعتداء على الإنسانية جمعاء وعلى القيم الروحية التي حملتها القدس للعالم.

 

ويختم التقرير بالإشارة إلى أنّ الصليب والهلال يقفان اليوم في خندق واحد أمام محاولات طمس الهوية الفلسطينية. فالأسر المسيحية والمسلمة في القدس تتقاسم ذات الهموم والضغوط، وتواجه تحديات مشتركة تهدد وجودها ومستقبلها في المدينة.

إنّ صمود الفلسطينيين، مسيحيين ومسلمين، يعكس إرادة جماعية للحفاظ على القدس مدينةً لجميع أبنائها، ترفض الإقصاء وتتمسك بعمقها الإنساني والحضاري في وجه محاولات التغيير القسري

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services