263

0

الشيخ صالح بوزينة، كما عرفته أوروبا و البلاد الإسلامية .. مسيرة تضحيات حافلة بالبذل والعطاء للأجيال لما يقارب نصف قرن !!.

 

 

مصطفى محمد حابس: جينيف / سويسرا

قال تعالى : ﴿ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23- الاحزاب)﴾ - صدق الله العظيم

كنت من أول من سمع في أوروبا بحادث المرور المروع الذي تعرض له أستاذنا الشيخ صالح بوزينة المقيم في السويد، حيث أخبرني الأستاذ خالد من كندا، مساء يوم الخميس 24 أفريل 2025م / الموافق لـ 25 شوّال 1446هـ، وقد نشر بعد ذلك، اخواننا في موقع : " منتدى الدراسات النهضة الحضارية"،تفاصيل الخبر المفزع، طبعا هو ذات الموقع الذي كان ينشر من حين لأخر بعض إبداعات الشيخ صالح بوزينة الأسبوعية، نقلا عن صفحه الشخصية، مبينين الخبر، بقولهم : " أن الشيخ صالح كان في زيارة عائلية للجزائر منذ أسابيع، وأنه تعرض بعد صلاة العصر، لحادث سير أليم على مشارف المسجد الأعظم بالجزائر العاصمة، بعد مشاركته في صلاة العصر، حيث مقر سكناه قديما. مبينين:" أن الحادث أسفر عن ضرر بدني خطير تمثل في ضربة في الرأس، وحول الشيخ صالح على جناح السرعة الى مستشفى سليم زميرلي، لينتقل يوم الجمعة الى رحمة ربه. وقد تمت صلاة جنازة حاشدة على روح الفقيد الشيخ صالح بوزينة عصرا -  بمسجد حسن بادي -  الحراش  [بلفور]-  والدفن كان بمقبرة العالية بالعاصمة الجزائرية.

معلوم أن الشيخ صالح معروف للعديد منا في الجزائر، حيث أنه كان أستاذا لمادة العلوم الشرعية، و أحد خطباء مساجد العاصمة، كمسجد الأرقم و الحراش و مسجد الجامعة المركزية، أما في أوروبا وفي السنوات الأخيرة إضافة للخطابة في مساجد السويد والدول الاسكندنافية الى غرب أوروبا، فهو صاحب قلم مزدوج اللغة، له مجموعة كتب تحت الطبع، طبع منها العام الماضي، سلسلة مقالات، عن الهجرة والاغتراب، بعنوان: " بعيدا عن الوطن الجريح" نشر في الجزائر، كما ترجم من الفرنسية للعربية، كتاب" لبيك، حج الفقراء" للمفكر مالك بن نبي، كما ساهم في ترجمة العديد من الاعمال، من الفرنسية للعربية ومن العربية للفرنسية، طبعا بفرنسية راقية جدا وعربية دسمة بنكهة شرعية ماتعة، لما لا والرجل خريج الشريعة من السعودية و دارس الإعلام في الجزائر.

 

مسيرة حافلة ..من الاعلام ، للشريعة ثم الى الترجمة:

 

الشيخ صالح بوزينة في السبعين من عمره(1953-2025)، لا يغيب على من عرفه، قبل التخصص في العلوم الشرعية فالشيخ صالح كان من طلبة معهد الإعلام و الصحافة، أما بالنسبة لكاتب هذه السطور، فالشيخ صالح كان و يقي أخا و مرشدا ورمزا للتضحية والوفاء و الفداء، ذلك المربي الذي لا يكل ولا يمل في حله و ترحاله داعيا للخير، عرفته الجزائر كأستاذ و خطيب و مرشد للخطباء في المساجد الطلابية، وفي أوروبا تعرفنا عليه أكثر، بالإضافة للخطابة والوعظ، كان لسانا وقلما مزدوجا ذو حدين عربي - فرنسي، لا يشق له غبار، وكنت أستنجد بفرنسيته الراقية، في بعض مقالاتي بالفرنسية لمراجعتها في العديد من المناسبات، وكنت أطلب منه ترجمة بعض مقالات " الدعوة العامة" أو " النفع العام "، كما كان يحلو له تسميتها، من العربية للفرنسية أو العكس، فيلبي بكل سرور، و كم استنجدت مجلة "الشاب المسلم" الجزائرية في العقود الأخيرة بفكره و قلمه والتي توزع في أوروبا بترجماته للنصوص الشرعية والعلمية من العربية للفرنسية.

 وقد طلبت منه قبل رمضان الماضي فقط، مساعدتنا في ترجمة بعض الأشرطة الصوتية الشرعية للعلامة الشيخ محمود بوزوزو( 1918-2007) - رحمه الله - ، فاعتذر متأسفا، قائلا لي،" أنا حاليا وعدت إحدى دور النشر لترجمة ومراجعة بعض كتب " مالك بن نبي" و مشاريع اخرى، وريثما أنهيها بعد رمضان، أعود اليكم، ففضل الشيخ بوزوزو علينا كبير!! ثم استدرك متبسما مازحا، بقوله لي:" المعذرة.. نسيت، بل حتى أنهي قراءة صندوق الكتب الكويتية و القطرية الذي أرسلته لي !!"،  ومطالعة بل دراسة الكتب بالنسبة للشيخ صالح، فن لوحده، بحيث يسطر في الكتاب و يلون بعض المقاطع والفقرات ليعود إليها ويكتب تعاليق في الهامش بخط رائع، وهكذا، حتى البريد الذي كان يصلني منه، يكتب على الظرف  بألوان زاهرة، ربيعية  مختلفة، مثل ما كان يكتب و يصحح نسخ طلبته في الجزائر، حسب ما اخبرتنا إحدى طالباته!!

 

كان قدوة للعلماء في ندوة الحج الكبرى : 

   الشيخ صالح بوزينة، في المدة الأخيرة استضفناه ثلاثة أيام في ندوة في مسجد زايد بمدينة زيوريخ  بسويسرا، كان فعلا شعلة في التدريس و الإمامة و الوعظ و استعمال حتى بعض اللغات والمصطلحات بالتركية و الألبانية، مقارنة ببعض المشايخ الذين اتعبهم السفر مدة إقامتهم عندنا !!

 كما أذكر منذ سنوات، لما وصلتنا دعوة وزارة الحج السعودية لحضور أشغال "ندوة الحج الكبرى لعام  2016-1437"، وكان موضوعي حول "فريضة الحج ورسالة الاعلام بالنسبة لجاليتنا في الغرب" ، أو شيء من هذا القبيل، فاستفدت منه و من بعض مشايخنا لإعداد ورقتي .. و أثناء أشغال الندوة، رغم علمه الغزير وهو من قدماء طلبة العلوم الشرعية بالسعودية، بقي متواضعا في الكلام، الا عند الاسرار عليه من بعض المشايخ والعلماء كالشيخ الطيب برغوث الذي كان معنا وبعض الافاضل من الجزائر و من دول أوروبية أخرى، و لما سُرقت منه حقيبته و أوراقه وماله في  آخر أيام ندوة الحج،  ونحن نستعد للعودة، صبر واحتسب، و لم يصخب ولم يغضب قائلا لنا،" ما شاء الله قدر فعل، قد يكون الله قد أكرمني بأيام أخرى ببيته لأصلي في الحرم!!"، لأن الرجل قلبه معلق فعلا بالمساجد، معلق بالحرم المكي و المدني بشكل رهيب، كل سنة تجده يفكر في الحج والعمرة، و للشيخ صالح مناقب عديدة، قد نعود اليها في تغطية خاصة لندوة مخصصة لروحه، اليوم السبت 26 أفريل 2025، في المسجد المركزي بمالمو بمملكة السويد، المركز الإسلامي الذي درس و خطب فيه لعقود، بحول الله.

رثاه رفيق دربه الدكتور محي الدين درويش :" الشيخ صالح رحل وهو صائم!! " .

 

و قد نعاه يوم الجمعة 25 أفيل 2025، في مقبرة العالية بالجزائر، بكلمات مؤثرة، رفيق دربه الدكتور محي الدين درويش، الذي درس معه في الحجاز في ثمانينات القرن الماضي، مبينا أن الشيخ صالح، لما خرج بعد صلاة العصر من المسجد الأعظم يوم الخميس، يوم الحادث الأليم، كان صائما، وكان مدعوا لندوة نظمتها "مؤسسة الآفاق" بالعاصمة، وكان موضوع محاضرته " دور التربية الروحية للعاملين في حقل الدعوة"، ففاجأه الأجل المحتوم، وهو ضيف في بلده الجزائر"... مضيفا بقوله، أن الشيخ صالح بوزينة، بعد مشوار طويل في أرض الحجاز، بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، أين تخصص في الدراسات الإسلامية، قد عرضت عليه مناصب مرموقة في المراكز الإسلامية في العديد من دول العالم، وفضل الرجوع لبلده لخدمة شعبه، فكان أستاذا للعلوم الإسلامية لمدة سنوات، وداعية وخطيبا ومدرسا وواعظا في العديد من مساجدها، آخرها مسجد الأرقم المعروف بحي " شوفالي" بالعاصمة.

 

نعته جمعية العلماء المسلمين، على لسان نائب رئيسها:

 

كما نعاه الشيخ يحي صاري، الخطيب في مسجد الارقم، و نائب رئيس جمعية العلماء، والذي تعلم من الشيخ صالح ومن سبقوه لمنبر مسجد الارقم، كالشيخ سحنون و الشيخ محمد السعيد وغيرهما، بقوله:" إنا لله وإنا إليه راجعون.. فاضت روح الأستاذ الشيخ صالح بوزينة إلى بارئها.. إثر حادث سيارة رحمه الله وتقبله ورفع درجاته في العليين.. أعظم الله لأهله ولإخوانه وأحبته وطلبته الأجر و رزقهم الصبر.. وجزاه خير الجزاء على ما قدم للدعوة إلى الله، وجعل ذلك ذخرا له في ميزان حسناته..

مضيفا بقوله :" فجعنا فيك أخي الحبيب.. الأستاذ صالح بعد غياب طويل خارج الوطن..  ولا نقول إلا ما يرضي ربنا عز وجل وإنا على فراقك لمحزونون.. والحمد لله أني اجتمعت بك قبل الفراق والتقيتك قبل الفاجعة.."، مختتما بقوله أن :" الشيخ صالح رحمه الله من خطباء ومدرسي مسجد دار الأرقم السابقين، وقد عرفه رواد دار الأرقم - رحمه الله - بدروسه وخطبه التربوية النافعة الهادفة."

 

كلمة مدير دار الأصالة للنشر، و ناشر بعض كتبه:

 

 كتب الأستاذ محمد، في صفحته، مستهلا ببيت شعري، مطلعه:

بأي بنان أكتب شعري شاديًا ***وقد قيد الخطب الجليل أياديا

كذا لساني أعجز الهول نطقه*** فكيف ينطق في ذا المصاب لسانيا

مبينا بقوله :" لم أجد أبلغ من هذين البيتين، اللذين استهل بهما أخي الشاعر الحسين بن محمد قصيدته "دمعة وفاء"، التي نظمها عقب وفاة أحد الدعاة المصلحين في ظروف مأساوية، منذ قرابة ثلاثين سنة... وهي نفس المدة التي قضاها في الغربة الأستاذ صالح بوزينة، الذي وافته المنية اليوم، إثر حادث مرور وقع له مساء أمس بالقرب من مسجد الجزائر، بعد صلاة العصر.."

مضيفا بقوله :" عرفت الأستاذ صالح بوزينة حين كنت طالبًا في الجامعة، مداومًا مكلفًا بمتابعة برمجة الخطب والدروس في مسجد الطلبة بالجامعة المركزية خلال ثمانينيات القرن الماضي. كان الأستاذ صالح رجلًا وديعًا على الأرض، أسدًا هصورًا على المنبر، واسع الثقافة، فصيح اللسان، من أبرز الخطباء المفوهين.. كان يتقن اللغتين، العربية والفرنسية، نطقًا وأدبًا وثقافة. كانت خطبه نماذج راقية من البيان والفصاحة، لا تخلو من جمال الأسلوب وعمق المضمون.".. " أذكر أنني زرته في بيته يومًا، فوقعت بين يديَّ نسخة من كتاب، بعنوان "حياة محمد"  للكاتب الروماني "جورجيو فيرجيل"
Gheorghiu Virgil- (La vie de Mahomet).

 استغربت العنوان، وقلت له: " أعرف هذا المؤلف، صاحب رائعة الساعة الخامسة والعشرون، لكن لم أعلم أنه كتب عن سيرة النبي ﷺ، وهو مسيحي متدين !!"

فقال لي بابتسامته المعهودة: "لا تخف، اقرأه، ستشعر وكأنك تقرأ سيرة ابن هشام !!

عاد إلى الوطن في خريف السنة الماضية، وصادف وجوده فعاليات "المعرض الجزائر الدولي للكتاب"، فكان يأتي يوميًا لاقتناء الكتب، ثم يمر بجناح مؤسسة الأصالة ليستريح قليلاً، قبل أن يواصل تجواله في أروقة المعرض إلى غاية المساء!!

وقد تشرفت مؤسسة الأصالة بنشر كتاب له سنة 2023، وهو لا يزال في الغربة، بعنوان "بعيدًا عن الوطن الجريح"، وهو مجموعة من المقالات التي كتبها خلال سنوات غربته الطويلة. ثم طلبنا منه ـ عبر بعض الإخوة المقربين ـ أن ينجز ترجمة لرواية "لبيك" التي كتبها الأستاذ مالك بن نبي سنة 1948، فوافق بكل سرور، وقد تم نشر الترجمة وعرضها في المعرض الدولي الأخير للكتاب".

وخلال زيارته الثانية (والأخيرة) للجزائر في شهر مارس، قرر أحد أصدقائه الكرام أن يقيم مأدبة عشاء على شرفه، دعا إليها عددًا من أصدقائه القدامى وإخوانه المقربين. فكان ذلك "العشاء الأخير" لحظة وفاء مميزة، زادته سرورًا وبهجة في تلك الزيارة!!

وتقدّم إليه بعد العشاء أحد الأساتذة المربين بطلب إلقاء محاضرة على مجموعة من الطلبة قبل مغادرته، فاستجاب على الفور بكل رحابة صدر!!

وحين سألته عن موعد عودته، قال لي: "في الثامن والعشرين من أفريل، إن شاء الله".

لكن الله شاء، غير ذلك : "وما تدري نفسٌ بأي أرض تموت".

رحم الله شيخنا صالح بوزينة، وأسكنه فسيح جناته، وحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا

 

كتب عنه أحد معارفه وطلبته، من رواد مساجد القصبة:

 

المرحوم شيخنا صالح بوزينة، قامة كبيرة خلقا وعلما وثقافة .. بعد دراسة الإعلام والصحافة لمدة سنوات قرر أن يكمل دراسة الشريعة في الحجاز ثم يعود إلى الجزائر ليخطب في المساجد كنموذج لدعاة من الصعب إيجاد أمثالهم اليوم، ويحاضر في الجامعات بتمكن من مادة اختصاصه، متمكن من اللغتين العربية والفرنسية.

ولما حلت المأساة الوطنية في تسعينات القرن الماضي، ونال منها المرحوم كما نال غيره من مآلاتها، غادر إلى الى سورية وتركيا والألبانية ثم الى أوروبا ومكث في مملكة السويد ما يقارب ثلاثة عقود ممارسا دوره الفكري والدعوي والحضاري في البلدان الأوروبية خاصة الإسكندنافية منها !!

سمعت قصة عنه ، منذ مدة طويلة أن رجلا من جماعة التبليغ وجد الشيخ صالح جالسا في حديقة هناك بوسامته و أناقته فتحدث معه فعرف أنه عربي جزائري، وبحكم المظهر الغربي ظنه لا يصلي ولا يعرف القرآن، فحثه و رغبه في الصلاة والمرحوم يستمع بتواضع بل ردد خلفه سورة الفاتحة وكأنه لا يعرفها.. رحم الله الشيخ صالح و جعله في عليين.. أمين.

 

الشيخ صالح بوزينة يغادر دنيانا الفانية إلى مقامه الدائم !!

 

تحت هذا العنوان، كتب أحد رفاق دربه من الجزائر، قائلا: تفقد الجزائر اليوم 25 أفريل 2025، عمودا من أعمدة الدعوة في الجزائر... داعية ليس ككل الدعاة، ومربي ليس ككل المربين، وشيخ ليس ككل الشيوخ، إنه الشيخ الداعية صالح بوزينه... إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا على فراقك لمحزونون يا صالح !!

بعد أكثر من ثلاثين سنة من الغربة القسرية، عاد الأخ العزيز والشيخ المربي صالح بوزينة، بعد غربة فرضت عليه في العشرية الحمراء، التي حصدت الآلاف من الشباب الجزائري، كما تسببت في تغريب المئات منهم، ومنهم الأخ صالح بوزينة الذي استقر به المقام في السويد، كلاجئ داعية مصلح ومربي، لم يغفل عن رسالته الدعوية التي بدأها في الجزائر، معلما مربيا وخطيبا مفوها في مساجد الجزائر العاصمة وغيرها من محاضن المعرفة والإصلاح والدعوة والدعاة.

لقد كانت زيارته للبلاد الأولى قبل مدة قصيرة، ثم كانت هذه التي لقي فيها قدره وهي أطول من الأولى، وكان ينوي كما أخبر بعض مقربيه بأنه سيقوم بزيارة أخرى في الصيف لتكون أطول من الزيارتين الأولى والثانية... ولكن قدر الله كان أسبق، فنسأل الله له الرحمة والمغفرة، وبأن ينزله منازل الصالحين والصادقين وحسن أولئك رفيقا.

كان مما أسر به لإخوانه عندما فتح الله له أبواب الزيارة لبلاده، "لقد كنت خائفا من أن أموت قبل أن أراكم"... وفي أيامه الأخيرة هذه كان مستحضرا للرحيل، حيث كتب آخر منشور له على صفحته في الفايسبوك يوم 19 أفريل على الساعة الثانية مساء:

"دنيا عابرة... سكنها من سبقونا وعمروها ووسّعوا فيها ثم رحلوا ولم يأخذوا معهم إلا أعمالهم فطوبى لمن جعلها زادا للآخرة"،

 فاللهم اجعله منهم... وكما ذكر أحد أصدقائه وإخوانه الشيخ محمد السعيد رزاز رحمه الله الذي توفي منذ مدة طويلة هو الآخر إثر حادث سير، فاللهم ارحمهما رحمة واسعة تليق بمن يفرح بلقائك ويرجو عفوك وسترك، يا جواد يا كريم، وألحقنا بهم غير مبدلين ولا مغيرين..

 

 :وداعا أخي الشيخ الصالح بوزينة القدوة الممتحن"

 

 تحت هذا العنوان كتب رفيق دربه المفكر الدكتور الطيب برغوث، حفظه الله:

" لا إله إلا الله والله أكبر.. وإنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم تغمد أخانا العزيز الشيخ الصالح برحمتك الواسعة. إن الحزن ليعتصر قلوبنا ونفوسنا من هذا الفقدان الأليم لهذا الرجل الكبير..

اللهم أسكنه فسيح جناتك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وألهم اللهم ذويه وكل أحبته الصبر والسلوان..

يا رب اغفر له وجازه عن الإسلام خير الجزاء فقد عاش للإسلام طيلة حياته حتى أتاه اليقين، وتمحن من أجله كثيرا، فكان رحمه الله من أهل الثبات، ولم يتزحزح عن خط الإسلامية الراشدة قيد أنملة، وكان ينافس عن الإسلام وعقائده وقيمه وأحكامه ووعوده للبشرية حتى آخر لحظة من حياته، فقد صدمته السيارة وهو في الطريق الى إلقاء محاضرة في العاصمة في جمع من أجيال النخبة الشبابية الرسالية العاملة على تحرير دور ومكانة مجموعة لمجتمعنا وأمتنا في هذا العالم المضطرب. يا رب أكرمه بالجنة.. اللهم آمين.

 

 ومن مدينة مولمو السويدية، التي عرفته إمام و خطيبا، كتب أحد إخوانه :

رِثاءٌ لفارس المنابر ومُجاهد الكلمة"، كتب الأستاذ خضر الصالح من السويد، معزيا بقوله:"  وتحت عنوان:" رحل عن دنيانا الفانية شيخُنا الجليل الشيخ المجاهد صالح بوزينة، أبو أنس الجزائري، فكان رحيله فاجعةً لقلبي وألماً يعتصر فؤادي...

رحل المجاهدُ المهاجر الصابر المحتسب والخطيبُ المفوّه والأديبُ اللغويُّ، وفارسُ المنابر، وابنُ الحركة الإسلامية، الذي جمع الله له خصال قلّ أن تجتمع في شخص واحد." فقد زانه الله بزهد عجيب ، ميّزه بهمّة لا تنطفئ، وثبات لا تزعزعه المحن ولا السجون".. ما عرفتُ الشيخ إلا زاهدًا مترفّعًا و منصرفًا عن زخارف الدنيا وشواغلها التي استهوت كثيرًا من الناس.. كان يعيش بهدوء العلماء المخلصين، يعمل بصمة وهدوء، ولا يسعى وراء الأضواء، ولا يلهث خلف الألقاب... كان رحمه الله صاحب قلمٍ رشيق، فقد أطلعني على مؤلّفٍ لطيف كتبه بأسلوب أدبي رفيع ، جمع فيه بين التاريخ والأدب، في أسلوبٍ يُذكّر بأدباء الجزائر الكبار أمثال الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله .. تشرفتُ باستضافته في مجلسنا القرآني في الرابطة الإسلامية بمالمو، وأجريتُ معه حوارًا عن سيرته الشخصية.".." رغم كل ما مرّ به من محن، ما عرفته إلا متفائلاً، مبتسمًا، ثابتًا، لا يعرف اليأس ولا القنوط، كنتُ أراسله ونتباحث في شؤون المسلمين، فما كنتُ أراه إلا مُبشّرًا متفائلًا، يوقن أن بعد العُسر يُسرًا، وأن وعد الله لا يتخلّف وأنه ( سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ).. رحمك الله يا شيخنا، فقد كنت منارة علم، وشعلة دعوة، وصوت حقٍّ لا يستكين إلا لرب العالمين."  

 

كما نشر، "منتدى دراسات النهضة الحضرية" الذي كان ينشر بعض مقالات المرحوم:

 

" الشيخ صالح بوزينة إمام وداعية ، من الجيل الذهبي للصحوة الجزائرية المباركة و في أوروبا، غادر الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، واستقر بالسويد، وشاءت الأقدار أن يدفن في تربة بلده الجزائر التي أحبها وكرس شطرا من حياته من أجل نهضتها الحضارية المتوازنة.." 

ونحن نودع اليوم واحدا من جيل المربين الرساليين المؤمنين بالرسالة التربوية والروحية، إنه أستاذ الأجيال الشيخ صالح بوزينة الذي فارق الحياة بعد مسيرة حافلة بالبذل والعطاء في خدمة التربية وتعليم الأجيال لما يقارب نصف قرن، عرفته المساجد مرشدا وواعظا وعرفته المحاضن التربوية مربيا  ناصحا وموجها، وعرفه المجتمع العربي والغربي مصلحا نافعا .. أحبه الجميع بما حباه الله به من خصال حميدة من دماثة أخلاق وحب للخير وحسن معشر وطيبة القلب وروح الدعابة، كان يؤمن برسالته الى آخر لحظة من حياته واجه محنة الغربة  بالصبر والاحتساب، رحل تاركا سيرة عطرة وذكرى طيبة.. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وتقبله في الصالحين وألهم أهله وطلابه ومحبيه الصبر والسلوان.. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح الجنان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وألهم  ذويه ومحبيه الصبر والسلوان.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services