357
1
الريشة تقول ما يعجز عنه القلم
الكاتبة و الفنانة التشكيلية حليمة بريهوم ل" بركة نيوز".. أرغب دائمًا أن يرافق الحرف اللون في عمل واحد

حاورتها: أمينة جابالله
في معرضها "أضغاث أحلام" المقام بقصر الداي حسين المتواصل الى نهاية شهر اكتوبر الجاري، تمزج الفنانة والأديبة حليمة بريهوم بين الحلم والتجريد، مقدّمة تجربة تستند إلى الذاكرة والوجدان أكثر من التفسير والتأويل. ترى أن الريشة تعبّر عنها حين يصمت القلم، وأن الفضاء التاريخي للقصر يمنح لوحاتها بعدًا بصريًا وروحيًا ينسجم مع رؤيتها للفن المعاصر الذي يزاوج بين الحرف واللون في مشروع جمالي واحد..و ارتات في هذا الحوار ان تعطي تفاصيل متنوعة ومتداخلة عن عمق اعمالها الفنية والادبية.

بركة نيوز : يحمل معرضك عنوانًا لافتًا هو "أضغاث أحلام"، وهو تعبير يفتح على تأويلات كثيرة. ما الذي تختزنه هذه التسمية من رموز ودلالات فنية وشخصية بالنسبة لك؟
التشكيلية حليمة بريهوم: العنوان لا يحمل تفسيرًا أو شرحًا، وهذا هو المقصود، لأن معظم أعمالي تجريدية تشبه المنام الذي يختلط فيه الواقع بالخيال. استلهمت التسمية من روايتي "بنت الكافور" التي أشتغل عليها منذ سنوات، حيث يشكّل الهذيان حبر السرد الذي تقتات عليه الشخصية الرئيسية بعد حادث يجعلها أسيرة الفراش والذكريات، فتسترجعها دفعة واحدة، تفرّق بين الحرف واللون.
فكرة وُلدت من المصادفة
س: كيف وُلدت فكرة هذا المعرض؟ وهل جاءت لوحات "أضغاث أحلام" استجابة لحالة وجدانية أم ثمرة مشروع فني طويل؟
ج: وُلدت الفكرة صدفة حين حضرت نشاطًا حول العمارة في قصر الداي حسين، وشعرت فورًا بأن المكان يصلح لاحتضان معرض فني. لاحقًا وجدت أن مجموعة لوحاتي الأخيرة تنسجم مع طابع القصر، بأقواسه وإنارته الباهتة التي توحي بأنك بين حلم ويقظة، فجمعت بذلك بين الحالة الوجدانية والرؤية الفنية التي ترافق عملي الأدبي.
الرمز واللون والحركة... لغة وعي وجمال
س: في لوحاتك نلمس حضورًا قويًا للرمز واللون والحركة. كيف توفّقين بين الحس الجمالي والانشغال الفلسفي في أعمالك؟
ج: الرمز واللون والحركة هي قواعد أي بناء فني متكامل. من خلالها أعبّر عن إحساسي بلغتي الخاصة، وأتواصل مع المتلقي ليشارك فلسفتي تجاه الفن ودوره في خلق توازن نفسي واجتماعي، يرقى بنا إلى مستويات أعمق من الوعي.
العمل اليدوي... تجربة موازية
س: إلى جانب لوحاتك، تعرضين أيضًا تحفًا صممتِ زخارفها ونقوشها. كيف تنظرين إلى هذا الجانب من تجربتك؟
ج: أراه لغة إبداعية موازية للرسم، وتجارب جانبية تؤكد لي أني مستعدة لتعلّم مهارات جديدة في أي عمر وبأي وسيلة، مستلهمة في ذلك ثقافات متعددة من حولي.
حين تصمت الكلمة... تتكلم الريشة
س: أنتِ أيضًا كاتبة وأديبة، فكيف يتفاعل هذان العالمان في تجربتك؟
ج: بالعكس مما يُظن، الرسم هو من يساعدني أكثر على التعبير حين يعجز القلم عن ذلك في كثير من الأحيان. اللون يمنحني حرية لا توفرها اللغة.
قصر الداي حسين... فضاء يُلهم الجمال
س: ما الذي يعنيه لك عرض أعمالك في هذا المكان تحديدًا؟ وهل للفضاء أثر في تلقّي الجمهور للّوحة؟
ج: القصر تحفة معمارية تلهم كل زائر، خاصة المبدعين وأصحاب الذوق الجمالي. أحببته من أول زيارة، فهو يحافظ على العمارة الإسلامية والتراث الأصيل، ما يجعله فضاءً ينسجم تمامًا مع طبيعة أعمالي الغامضة والعفوية التي أصنّفها ضمن الفن المعاصر. أعتقد أن من يتصالح مع نفسه وثقافته ومحيطه، سيجد في لوحاتي شيئًا منه.
الحرف واللون... تكامل في مشروع واحد
س: يضم المعرض أيضًا إصداراتك الأدبية إلى جانب أعمالك التشكيلية. كيف ترين العلاقة بين الفن التشكيلي والأدب في مشروعك الإبداعي؟
ج: الفن والأدب يلتقيان في المتعة والجمال، وكلاهما يسعى لإسعاد المتلقي. أرغب دائمًا أن يرافق الحرف اللون في عمل واحد، ولا أزال أعمل على تجارب تجمع بينهما. أحيانًا أنشر ومضات أدبية قصيرة على جدران الوسائط الاجتماعية إلى جانب لوحاتي التجريدية، في تمازج بين الكلمة واللون.


