356

0

المسجد الكبير بمدينة تلمسان...رابع أقدم مسجد في الجزائر

المسجد الكبير بمدينة تلمسان، من أشهر المعالم التي خلفها سلاطين الدولة المرابطية بعاصمة الغرب الجزائري، حيث يحكي هذا الجامع وصومعته أي مئذنته الشامخة عن ألف عام من التاريخ والحضارة الصامدة حتى يومنا هذا.

 

شروق طالب 

كما يعتبر الجامع الكبير واحد من ثلاث مساجد بناها المرابطون في الجزائر، وينتظم على شاكلة الجوامع المرابطية الأخرى، في تصميم يعتمد البلاطات المتعامدة مع حائط القبلة، وصحن مستطيل الشكل، محاط بأروقة على الجانبين الصغيرين، ويمثل النموذج المغاربي الأول للعمارة الدينيّة.

تاريخ بنائه

يقع المسجد الكبير في مدينة تلمسان التاريخية التي تعد من أهم المدن الجزائرية التي وثّقت بمعالمها وآثارها الكثيرة والنادرة جانباً مهماً من التاريخ الإسلامي في الجزائر.

رغم اختلاف المؤرخين حول تحديد تاريخ بنائه، إلا ان جلهم يجمع على أن المسجد الكبير هو حصيلة إنجازات وأعمال متتالية قام بها عدد من الأمراء الذين حكموا المنطقة في فترات مختلفة من العصر الإسلامي.

بُني المسجد في القرن الحادي عشر الميلادي على أنقاض معسكر لجيش المرابطين في ذروة قوة دولتهم، كما يُميز تفاصيل المسجد الكبير من شكل البناء الخارجي وتصميمه الداخلي وزخارفه مزيج من العمارة الأندلسية والمغاربية والإسلامية والعربية التي يمثلها المسجد جميعًا.

وحسب بعض المصادر فان يوسف بن تاشفين أول أمراء دولة المرابطين، هو من أمر ببناء المسجد فوق الهضبة التي كانت معسكراً لقواته، عام1070 ميلادية، قبل أن يعيد ابنه الذي خلفه في الحكم، علي بن يوسف بن تاشفين، بناء المسجد بشكله الحالي، بحدود عام 1136 ميلادية.

ومنذ ذلك الحين، خضع للعديد من التعديلات والترميمات والإضافات، تبعًا لظروف التاريخ والحروب والممالك، لكنه ظل معلماً بارزاً في تلمسان حتى يومنا هذا.

تصميم وشكل المسجد

بني المسجد من الحجارة والطوب والجص، حيث يغطي اللون الأبيض الناصع جدرانه الخارجية والداخلية التي تقطعها الزخارف والنوافذ والأبواب الخشبية.

حيث يبلغ طول المسجد 60 متراً وعرضه 30 متراً، ويحيط بفناء مفتوح طوله 27 متراً وعرضه 15 متراً، حيث استخدم البناؤون الخشب والقرميد في تغطية سقف المسجد الذي يستند إلى أعمدة متوازية قسمت قاعة الصلاة لأروقة.

يعتبر تصميمه غير منتظم على مستوى الحائط الشمالي الغربي بسبب طبوغرافية الموقع، بالجهة الشمالية في مكان مائل نسبيا عن محور المحراب ترتفع الصومعة التي بناها يغمراسن سنة 1236، وهي ذات شكل مربع ويعلوها منبر.

ينفتح الصحن على قاعة الصلاة, وهو ذو تصميم مربع الزوايا ومنحرف وتحيط به أروقة من ثلاث جهات تشكل بعضها امتدادا لبلاطات قاعة الصلاة الثلاثة عشر الموازية لجدار القبلة والتي تنقسم إلى ستة أساكيب.

قسّمت قاعة الصلاة إلى ثلاث عشر بلاطة، تشكّل سبع منها امتداداً لبلاطات قاعة الصلاة، وتؤطّر الصحن من جهتين (أربع من جهة وثلاث من الأخرى). تعلوها المدخل "سدّة".

غُطيت كل بلاطة بسقف من القرميد مكون من سطحين مزدوجين، تستند عوارض الهيكل الخشبي على وصلات حاملة نُحِتت عليها زخرفة نباتيّة، وغطيت قبّتا البلاطة الوسطى بسقوف من القرميد رباعية السطوح.

إنّ رصانة شبه تقشّفيّة تُبرِز وبقوّة المناطق المزخرفة التي تتلخّص في الممر الرئيسي وفي المحراب الذي يفضي إليه.

محارب المسجد الكبير 

لقد زُيّن "المحراب" تزييّنا غنيّا يستند عقد فتحة المشكاة الكامل الاستدارة والمتجاوز على نصفي عمودين صغيرين من الرخام. وتشعّ خلف القنطرة صنجات تحمل زخرفة على شكل غصنيّات يحيط بها عقد ذو إكليليّات، في مقدّمة "المحراب" قبة رائعة، مخرّمة بتعاريق متشابكة تنشر شفيفاً من ضوء النهار.

تميز هندسة الجامع الكبير بتلمسان باستعمال العقود على شكل حدوة فرس متجاوزة ومنكسرة وأخرى متعددة الفصوص مزخرفة خاصة جوار المحراب، هذه الأشكال نجدها كذلك بجامع القرويين بفاس.

اما الفضاء المجاور للمحراب فقط زين ببلاط أوسط واسع تعلوه قبتان جميلتا الصنع مستوحاة من قباب جوامع قرطبة بالأندلس والقيروان بتونس والأزهر بالقاهرة، ولكن قبة محراب تلمسان تعد الأهم والأبرز فهي قبة ذات عروق تتشكل من 16 ضلعا ترتكز على افريز مربع بواسطة أربع عقود زوايا ذات مقرنصات.

فالعروق المصنوعة بصفوف الآجور تبدو على السطح على شكل زوايا بارزة والألواح التي تربطها منقوشة بالجبس وهي مخرمة تمنح الضوء لداخل القاعة، ويعلو هذه الزخارف منور ذو مقرنصات، وهي عناصر زخرفية ذات أصل فارسي، جلبت من الشرق وأدخلت إلى بلاد المغرب.

 

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services