52

0

المولد النبوي يزهر شعرًا وإنشادًا في المكتبة العمومية ببومرداس

لم يكن صباح اليوم في المكتبة العمومية عبد الرحمان بن حميدة لولاية بومرداس عاديًا، فقد امتلأت أرجاؤها بعبق الكلمات العذبة وأناشيد الأطفال البريئة، في أصبوحة شعرية مميزة بمناسبة المولد النبوي الشريف.

هارون الرشيد بن حليمة

حضر التظاهرة شعراء وكتّاب من مختلف ولايات الوطن. أجواء روحانية وثقافية امتزج فيها الشعر بالإنشاد، ليعيش الحاضرون لحظات وجدانية نادرة استحضرت السيرة النبوية العطرة وأعادت للكلمة مكانتها في قلوب الناس، لتتحول المكتبة في هذا الصباح إلى فضاء نابض بالحياة، يجمع بين الثقافة والروحانية في أبهى صورها.

الشعراء يستحضرون السيرة النبوية عبر الكلمة

على المنصة تعاقب الشعراء، كلّ بأسلوبه وصوته الخاص، ليقدّم قصائد حملت في طياتها مديحًا للنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم. بين الشعر العمودي الموزون الذي أعاد إلى الأذهان تقاليد القصيدة الكلاسيكية، والشعر الحر الذي فتح نوافذ جديدة للصور والمعاني، تردّدت أصداء النصوص في فضاء القاعة، فتمازجت الكلمات مع مشاعر الجمهور الذي لم يتوقف عن التصفيق والتفاعل.

بعض الشعراء اختاروا أن يربطوا بين الماضي والحاضر، فكتبوا عن قيم الرسول الكريم وكيف يمكن استلهامها في واقع اليوم، بينما فضّل آخرون الغوص في المعاني الروحية الصافية للمديح النبوي، في مشهد أظهر تنوع الإبداع ووحدة الرسالة.

فرقة الأطفال الإنشادية: براءة بصوت عذب

ولم تقتصر الأصبوحة على الشعر فقط، إذ أضفت فرقة الأطفال الإنشادية لمسة فنية خاصة على الأجواء،  بأصواتهم البريئة وألحانهم البسيطة المليئة بالشجن، قدّم الأطفال وصلات من الأناشيد الدينية التي حاكت حبّ الرسول الكريم، فلامست القلوب. حضور الأطفال على المنصة،  وحركاتهم المنسجمة، صنع مشهدًا مؤثرًا أكّد أنّ الاحتفاء بالمولد النبوي هو مناسبة لتربية الأجيال على القيم النبيلة، بوسائل فنية تربط الإيمان بالفرح والبراءة، وتمنح الرسالة النبوية بعدًا وجدانيًا خاصًا.

 المكتبة فضاءا جامعة الفكر والابداع

وفي تصريح خصّت به جريدة بركة نيوز  أكدت السيّدة آمال بوجلطي، رئيس مصلحة الإدارة والوسائل بالمكتبة العمومية عبد الرحمان بن حميدة ببومرداس، قائلة:
"نظمنا هذه الأصبوحة خصيصًا للمولد النبوي الشريف، حتى نمنح الشعراء والكتّاب فضاءً للتعبير عن قيم الرسول صلى الله عليه وسلم بالكلمة الصادقة، ونقرب هذه الأجواء الروحية من الجمهور. المكتبة العمومية ببومرداس تسير بخطى ثابتة لتكون فضاءً جامعًا للفكر والإبداع، وجسرًا يربط بين الأجيال."

خرجة ميدانية نحو جامع الجزائر 

كما أعلنت السيّدة بوجلطي عن إضافة نوعية لبرنامج الأنشطة المرافقة للمولد النبوي الشريف، حيث أوضحت في تصريحها أنّ إدارة المكتبة قررت تنظيم خرجة ميدانية موجهة خصيصًا للأطفال المنخرطين بالمكتبة العمومية، وذلك نحو جامع الجزائر العاصمة. الهدف من هذه الزيارة، تضيف المتحدثة، هو تعريف الأطفال بمعالم هذا الصرح الإسلامي والثقافي الكبير، وإتاحة الفرصة لهم لاكتشاف دوره كمركز إشعاع حضاري يجمع بين العبادة والعلم. واعتبرت أنّ هذه الخرجة تمثل وسيلة تربوية هادفة لغرس حبّ المعرفة وتعزيز الانتماء إلى الهوية الوطنية والدينية لدى الأجيال الناشئة.

تكريم الكتّاب والشعراء المشاركين

واختتمت الأصبوحة بحفل تكريم مؤثر، حيث قامت إدارة المكتبة العمومية عبد الرحمان بن حميدة بتوزيع شهادات تقدير على الشعراء والكتّاب الذين شاركوا في إحياء هذه التظاهرة الثقافية.

وقد جاء هذا التكريم كعربون عرفان لجهودهم وإبداعهم، وكمبادرة رمزية تشجعهم على مواصلة العطاء الأدبي والفني. وقد عبّر المكرمون عن سعادتهم بهذه الالتفاتة، مؤكدين أنّها تشكّل دعمًا معنويًا كبيرًا لمكانة الكلمة والإبداع في المجتمع، وتجعل من بومرداس قطبًا ثقافيًا حقيقيًا.

تفاعل الجمهور وحضور العائلات

الجمهور لم يكن مجرد مستمع صامت، بل كان جزءًا من الحدث. طلبة الجامعات سجّلوا الملاحظات والتقطوا الصور، العائلات تابعت بشغف أداء الأطفال الإنشادي، بينما عبّر المثقفون والأساتذة عن ارتياحهم الكبير لمستوى التنظيم وجودة النصوص المقدمة. وقد تحوّلت القاعة إلى فضاء مشترك يجمع بين أجيال مختلفة، كلّها تتقاطع حول حبّ الرسول صلى الله عليه وسلم، وحول قناعة أنّ الثقافة هي السبيل لترسيخ القيم.

المكتبة العمومية: أكثر من مجرد مكان للمطالعة

هذا النشاط يعكس بوضوح التحول الحاصل في دور المكتبة العمومية ببومرداس، من مجرد فضاء للمطالعة والإعارة، إلى مركز ثقافي حقيقي يحتضن الفعاليات ويمنح المبدعين منصة للتعبير.

فمن خلال الشعر، والإنشاد، والأنشطة المرافقة، أظهرت المكتبة أنّها منارة إشعاع محلية، تسعى لتقريب الثقافة من المواطن وتعزيز الهوية الوطنية، وترسيخ فكرة أنّ الثقافة فعل جماعي حي يتجاوز حدود الكتب والرفوف إلى فضاء التفاعل الإنساني المباشر.

المولد النبوي: مصدر إلهام متجدد

أجمع المشاركون على أنّ المولد النبوي الشريف ليس فقط مناسبة للاحتفال الديني، بل منبعًا للإلهام الفني والأدبي. فالشعراء والكتّاب وجدوا فيه فرصة لتجديد صلتهم بالقيم التي دعا إليها الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما شكّلت الأناشيد وسيلة عملية لغرس هذه القيم في نفوس الأطفال. بهذا، تحوّلت الأصبوحة إلى رسالة مزدوجة: تخليد للماضي المجيد، ورسم لمعالم مستقبل ثقافي حي يعانق الروح والمعرفة معًا.

 لوحة إبداعية 

حسب ما صرح به الحضور، أصبوحة اليوم تجاوزت حدود الأمسية الشعرية التقليدية، لتصبح لوحة متكاملة جمعت بين الشعر والإنشاد، بين الكبار والأطفال، بين الكلمة واللحن.

لقد خرج الحاضرون من المكتبة العمومية ببومرداس وهم يحملون في ذاكرتهم صورًا ستظل شاهدة على أنّ الثقافة، حين ترتبط بالمقدس، تصبح أكثر إشراقًا وعمقًا.

برنامج الاحتفال بالمولد النبوي يواصل نسج خيوط تواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، ليؤكد أنّ بومرداس مدينة تقرأ، تُنشد، وتحتفي بالرسول الكريم بالكلمة واللحن والروح.

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services