نظم أمس الثلاثاء مخبر الدراسات و الأبحاث الجيوسياسية في المتوسط، بجامعة الجزائر 3 ، بمدرج زهير احدادن بكلية الإعلام وعلوم الإتصال، فعاليات الملتقى الوطني الموسوم ب " الإشكالات الأمنية في المغرب العربي -المتغيرات الجديدة و التحديات المتصاعدة- " الذي طرح أهم المنطلقات الفكرية للإشكالات الأمنية و الجيوسياسية التي تواجه منطقة المغرب العربي بحضور عدد من الأساتذة و الدكاترة .
ياسمين بايو
في كلمته الترحيبية، أشار الدكتور عبد الرزاق مختاري رئيس الملتقى إلى التحديات التي تواجه الأمن القومي الجزائري بين الفضاء الجغرافي الإقليمي، و الإشكالات الأمنية و الفواعل المهددة لمنطقة المغرب العربي، ضمن المجالات الجغرافية لهذه الدول و مناطق جوار الإقليم، مبرزا أن البيئة الأمنية الجديدة تطرح العديد من المخرجات التي تعترض دول المنطقة المغاربية خاصة الجزائر بحكم إنها أحد الفضاءات الجيوسياسية الأكثر أهمية في المنطقة.
تحديات أمنية وتنموية
من جهته، ثمنت الدكتورة سلامة سعيدة نائبة عميد كلية العلوم السياسية أهمية الموضوع، مشيرة أن منطقة المغرب العربي تشهد تحديات عدة في إطار السياق الداخلي و الدولي، و كل الأحداث المتسارعة في العلاقات الدولية تعتبر تحديا كبيرا للمنطقة خاصة و إفريقيا عامة، بإعتبارها مساحات شاسعة غير آمنة معرضة لتحديات إجتماعية، داخلية سواء أمنية أو تنموية لافتة لأهمية دراسة كيفية مواجهة هذه التحديات في إطار مقاربة التنمية في المنطقة لتحقيق الأمن، و السعي إلى توفير وحدة و تعاون بين هذه الدول لتحقيق الإستقرار و الأمن.
كما تحدث الدكتور عبد الرزاق صاغور أستاذ بكلية العلوم السياسية عن سقوط الأنظمة بغداد، طرابلس، دمشق باعتبارها إنعكاسات على النظام السياسي الإقليمي العربي، وأن هناك أدوار على المستوى الرسمي و المجتمعي، و المنطقة العربية تعيش في ظل ضغوط و تهديدات أمنية كبيرة، و يجب على الدول العربية تحديد خريطة الطريق للوصول إلى الأمن و الإستقرار، مبرزا دور الجامعة في إقتراح مناخ علمي أكاديمي يقدم علوم أساسية مفيدة للوطن.
و أوضح الدكتور محمد عمار خلف الله أستاذ بجامعة الجزائر 3، أهمية تعريف الأمن مذكرا بأكبر المراحل التي مر بها كالأمن الدولتي، الأمن القومي و الأمن المجتمعي، الأمن السياسي، مؤكدا أن إفرازات العولمة قد تسبب تهديد أمن الإنسان مثل ما حدث في جنوب شرق آسيا بماليزيا، و المنطقة المغاربية التي لها تهديدات مصنفة إلى البنيوية كالتحول الديموقراطي و تهديدات النسق الخارجي و ذكر أهمية الأمن المستدام المتعلق بالمناخ، الذي يجمع الأمن الدولتي الانساني و الجماعي.
وفي ذات السياق أكد الدكتور رضوان بوهيدل أستاذ بجامعة الجزائر 3 أن المعالم الجديدة للخريطة الجيوسياسية مرتبطة بشكل وثيق بجيوسياية الهجرة الغير شرعية في افريقيا ككل، و لا يمكن الفصل بين الهجرة الغير شرعية بمساراتها بدول الدفع و الجذب و العبور في قارة افريقيا عن الدول المغاربية، خاصة وأن المنطقة أصبحت جسر لعبور هذه الظاهرة التي تحولت إلى تهديد للقارة الأوربية.
مقاربات لحلحلة الأزمات
وفي مداخلته التي تصدرت برنامج الجلسة الثانية من فعاليات الملتقى، انتقد الدكتور ابراهيم الخليل كربال (صحافي بالتلفزيون الجزائري) التدخلات الاجنبية في ادارة الازمة الليبية منذ 2011، حيث طرح جانبا مهما من التصورات الفكرية و السياسية التي ترى إمكانية حل الازمة الليبية من مدخل نظري مسمى بـ "مقترب بناء المنطقة Region-Building approach " ، كونها تساعد على احتواء الازمات السياسية من الخارج المحيط (الإقليم)، وقد ثبتت نجاعة هذه المقاربة في حالة ناميبيا التي ساعدت على حل ازمتها كل من أنغولا وجنوب افريقيا... وفكرة الاقليمية Regionalism في هذه المقاربة تعتمدها الأمم المتحدة في الفصل الثامن ميثاقها الأممي.
واضاف الدكتور ابراهيم الخليل كربال وهو المتخصص في الازمة الليبية التي كانت موضوع اطروحته للدكتوراه، اضاف انه كان قد سبق وأن أشار رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في احدى لقاءاته الدورية مع ممثلي الصحافة الوطنية، الى نجاعة المقاربة حين تحدث عن تصور تقسيم القارة الأفريقية الى 05 مناطق، وكل الدول في هذه المناطق تعمل على تعزيز التعاون البيني والاقتصادي والتكامل فيما بينها... وبالتالي يؤكد الدكتور والاعلامي ضرورة اعتماد المقاربة في حل الازمة الليبية ودعم الفرقاء الليبيين في الحوار السياسي لأن المستفيد الاول من حل الازمة هم الدول المحيطة بالقدر نفسه الذي يستفيد به الليبييون أنفسهم من تسوية سياسية للأزمة المستمرة طيلة 12 سنة بعد سقوط نظام معمر القذافي.
يذكر أن الملتقى شهد مداخلات هامة منها "التهديدات الأمنية للمغرب العربي من الداخل بين بذور التفكك وأمل الإتحاد، حالة المغرب ككيان مهدد لإستقرار المنطقة" للدكتور محمد هدير أستاذ محاضر بالمدرسة العليا للصحافة ، وتطرقت جميلة زيغم أستاذة بجامعة الجزائر 3 إلى واقع الأمن الغذائي في منطقة المغرب العربي الجزائر نموذجا، كما تحدثت كريمة عيساوي أستاذة بجامعة الجزائر 3 على الهجرة غير الشرعية من دول جنوب الصحراء واقع المعضلة وآليات المواجهة، وتناول محمد خوجة أستاذ بجامعة الجزائر 3 التغيرات المناخية كعامل مهدد للأمن في المنطقة المغاربية، وغيرها من المداخلات ذات الصلة بموضوع الملتقى.