278

0

انطلاق فعاليات الملتقى الدولي حول جرائم الاستعمار في التاريخ الإنساني

بعنوان "جرائم الاستعمار في التاريخ الانساني...من جراح الذاكرة الجماعية إلى استحقاق العدالة التاريخية"، أشرف وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، اليوم الثلاثاء، على افتتاح الملتقى الدولي، بالعاصمة، تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية.

بثينة ناصري 

وفي مستهل اللقاء، أكد وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، أنّ هذا الملتقى الدولي جاء لفتح نقاش عميق حول جرائم الاستعمار في التاريخ الإنساني، من جراح الذاكرة الجماعية إلى استحقاق العدالة التاريخية، وبلورة عمل مشترك يعكس عمق ومجد الروابط التاريخية، ويستجيب لبناء مواقف وجبهات تكون في مستوى التحديات والرهانات العالمية وتداعياتها على مصير شعوبنا في مختلف المجالات.

وأوضح ربيقة أن هذا الملتقى ليس مجرد وقفة علمية أو قانونية أو تقييمية مع الماضي فقط، بل هو التزام أخلاقي وواجب تاريخي تجاه الحاضر والمستقبل وهو صرخة وعي ضد النسيان، وجسر نحو عدالة مؤجلة آن أوانها.

وحسب وزير المجاهدين فإن "ما تعرّضت له الجزائر وكثير من شعوب المعمورة من جرائم استعمارية بشعة، لا يسقط بالتقادم وفق كل المبادئ والمواثيق الدولية، ولا يمكن طيه بالتناسي، بل تتم معالجته بالاعتراف بهذه الجرائم، فلا عدالة إنسانية بدون اعتراف، ولا مستقبل كريم بدون إنصاف".

وتابع حديثه"لقد أيدت الجزائر، ولا تزال كل المساعي النبيلة للمطالبة بالعدالة بخصوص الجرائم الاستعمارية، والدفع بكل قوة من أجل إنهاء سياسة الإنكار والإفلات من العقاب وتحميل الجناة المسؤولية الكاملة عن آثار الاستعمار والاستعباد ونهب الثروات وسلب الخيرات والمساس بالهويات وتشويه الثقافات".

واعتبر ربيقة أن الجزائر قطعة أصيلة من نسيج هذا العالم، مؤكداً أنها بقيادتها المتبصرة وشعبها الأبي، وفيةٌ للأمن والسلام ومجندة في نصرة قضايا التحرر والانعتاق، مشيراً إلى أنها بقدر ما مثلت الثورة الجزائرية مصدر إلهامٍ للشعوب المضطهدة، بقدر ما كان دورها مشرفًا في دعم الثورة.

وأبرز إلى أن الجزائر لم تتوان يوماً في وفائها لدعم القضايا العادلة، وتطلعات الشعوب المشروعة على غرار قضيتي الشعبين الصحراوي والفلسطيني الشقيقين، مستذكرا بذلك معانات بنات وأبناء فلسطين اليوم في غزة المكلومة التي أصبحت مقبرةً للمبادئ القانونية الأساسية التي يقوم عليها النظام الدولي، والتي كان يُفترض أن تظل مرجعاً يحتكم إليه الجميع دون تمييز أو تفضيل أو إقصاء. 

وأشاد بالأهمية التي توليها الجزائر لاستعادة الذاكرة بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، باعتبارها منبعًا للقيم والمبادئ ومدخلاً أساسيًا للعدالة، معتبراً إياه رسالةً للسلام المستند إلى الحقيقة والاعتراف والمسؤولية عن طريق مساءلة الإرادة بشأن مدى التزامها بالمبادئ الأممية المتعلقة بحق الشعوب في الإنصاف وجبر الضرر، انطلاقا من مواثيق الأمم المتحدة، الّتي تنص على مسؤولية الدول عن انتهاكات حقوق الإنسان، وحق الشعوب في عدم طمس ذاكرتها الجماعية.

 وأبرز الوزير الصحوة المتصاعدة لشعوب كانت بالأمس ضحية للاستعمار، لتجدّد اليوم مطالبتها بمسار جديد، لا يُنهي الماضي فقط، بل يُعيد كتابته من منظور الضحية، ويؤسس لعدالة تاريخية تنهي الاستعلاء، وتعزّز بناء مستقبل مشترك قائم على الكرامة والاحترام المتبادل.

بشاعة جرائم الاستعمار يلزم الوقوف على استذكارها 

ومن جهتها، أكدت سعيدة سلامة رئيسة المتلقى أن الجزائر لم تكن يوما بلدا عاديا في معادلة التاريخ، بل كانت وما تزال منارة للكرامة ونموذجا حيا في مقاربة الظلم ودفع ضريبة الحرية، مشيرة إلى مجهودات الدولة وبالأخص وزارة المجاهدين في صون الذاكرة وحماية التاريخ التحرري من محاولات التشويه أو التضليل.

وأكدت سلامة أن الحديث عن جرائم الاستعمار ليست دعوة للغرق في الماضي، ولا استحضارا انتقائي لمآسي التاريخ وانما هو موقف أخلاقي وعلمي منسجم مع المواثيق الدولية، ومبادئ العدالة يرمي إلى تثبيت حق الشعوب في الذاكرة، وفي التعويض المعنوي والمادي، مبرزة أن الحديث عن جرائم الاستعمار هو فتح ملف لم يغلق بعد يخص أكثر من 50 دولة عانت من النهب والاستعباد، وكذا أجيالاً من الذين سحقت كرامتهم تحت آلة القهر والاستيطان والإبادة الثقافية.

ولفتت رئيسة الملتقى إلى أن ما جرى للجزائر فيما مضى لم يكن احتلالا عاديا بل جريمة كبرى ضد الانسانية مارس فيها الاستعمار الفرنسي كل أنواع الطمس البطش، التهجير الاغتيال وتجريب الأسلحة المحرمة دولية، مضيفاً أن هذا الملتقى يأتي في لحظة مفصلية، أين تتقاطع القضايا التاريخية مع التحولات الجيوسياسة.

وأدلت ذات المتحدث أن مسعى الجزائر في المطالبة بالاعتراف والتعويض ليس قضية وطنية معزولة بل هو صدى لوجدان عالمي متجدد بدأت ملامحه تتجلى في كتابات المؤرخين وفي مواقف ما بعد الاستعمار وفي نضالات شعوب الجنوب العالمي، موضحة أن مسؤولية اليوم لا تقل أهمية عن مسؤولية المجاهدين بالأمس، التي تقتضي حفظ الذاكرة وتوفيق الحقائق، والدفاع عن شعوبه، باعتباره امتداد رمزي لنضالات التحرر ودرعٌ ضد التصدير والتطبيع مع الاستعمار النمطي والثقافي.

وفي سياق ذو صلة، أوضح البروفيسور محمد عبد الباقي مدير المركز النيجيري للبحوث العربية ورئيس الاتحاد الافريقي للمستعربين، أن هذه المشاركة جاءت لتبيان كيفية إمكانية الإعلام من تعزيز الوعي المجتمعي ضد جرائم الاستعمار، مؤكداً أن الوعي المجتمعي يعتبر ادراك المجتمع بمعنى ذاكرته أو بلغته بما يدعم المطالبة بحقوق الشعوب من المستعمرين.

وشدد على أهمية الإعلام في إبراز حقوق المستعمرين من خلال تقديمه لجرعات ثقافية تأسس من ورائها تصرفات الرأي العام، مشيداً إلى ضرورة ضغط وتعبأ الرأي العام ضد هذه الممارسات.

 

شارك رأيك

التعليقات

لا تعليقات حتى الآن.

رأيك يهمنا. شارك أفكارك معنا.

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services

barakanews

اقرأ المقالات البارزة من بريدك الإلكتروني مباشرةً


للتواصل معنا:


حقوق النشر 2025.جميع الحقوق محفوظة لصحيفة بركة نيوز.

تصميم وتطويرForTera Services