505
0
عبد الدايم عبد الدايم المجاهد المحكوم عليه بالاعدام مرتان

في كل مرة يدور الحديث مع أحد المجاهدين، تكتشف قصص وبطولات تعكس البعد الوطني والإنساني وكذا الوعي بالهوية والسيادة الوطنية، التي تحلى بها الجزائريين أثناء الاستعمار الفرنسي، في مرحلة يقال عنها أنها من أصعب المراحل التي مرت على الجزائر.
شروق طالب
وفي حوار خاص لجريدة بركة مع المجاهد والمحكوم عليه بالاعدام مرتان عبد الدايم عبد الدايم، تحدث عنه مسيرته النضالية وكيف نجا من حكم الإعدام مرتين.
من الهامل ببوسعادة الى العاصمة
ولد المجاهد سنة 1938 بلدية الهامل ببوسعادة، قال أنه من عائلة مناضلة، اتبع نهج والده المناضل أحمد بن حاج البشير، وواصل مسيرته إخوته.
بدأ حياته التعليمية بالتحاقه بزاوية الحجاج في مسقط رأسه، ثم التحق بمدرسة فرنسية حيث حصل على شهادة التعليم الابتدائي في ماي 1953، وهي شهادة كانت، حسبه ذات قيمة ومعنى، نظرًا للظروف القاسية التي كان يعيشها أطفال الجزائر في ظل الاستعمار الفرنسي، الذي لم يُتح لكثيرين فرصة الالتحاق بالمقاعد الدراسية، وحتى إن تمكنت فئة منهم من متابعة مرحلة تعليمية، فقد كان من الصعب عليها إكمال باقي المسار.
وبعدها التحق عبد الدايم بمركز مهني فرنسي تخصص فيه في النجارة، أما في سنة 1956، انتقل إلى العاصمة لاجتياز الامتحان النهائي لنيل الشهادة، والذي دام ثلاثة أيام، وكانت بدايته يوم 18 ماي، أما اليوم الثاني، فقد صادف إضراب الطلبة الجزائريين بتاريخ 19 ماي 1956، الذي يعتبر حدث وطني بارز دعم الثورة الجزائرية، حيث أضرب الطلبة عن الدراسة وتوقفوا عن اجتياز الامتحانات، وانضموا إلى صفوف الثورة التحريرية، وكان عبد الدايم من بين المشاركين، رغم أن عمره لم يتجاوز 19 سنة.
الالتحاق بالثورة
وفي هذا السياق، أوضح المتحدث بأن قبل تلبية النداء ونيل شرف الالتحاق بالكفاح المسلح، كان مناضل لمدة سنتين منذ عمر 17 سنة، وهي نفس الفترة التي سجن فيها والده المناضل .
وتابع حديثه قائلا: "كنت مع جبهة التحرير الوطني، وكان ذلك دافعًا لتحرير الوطن، فقد تركتُ الأهل في سبيل نصرة الوطن واسترجاع سيادته من المستدمر ".
وذكر عبد الدايم، بإنه التحق بصفوف جيش التحرير الوطني في جبل زعفرانية ناحية بوسعادة في المنطقة التاسعة للولاية الخامسة، مع الشهيد عمر إدريس الذي كان قائد عسكري على رأسها، والتي تحولت بعدها إلى المنطقة الثانية للولاية السادسة.
ومن المناصب التي شغلها عبد الدائم، توليه في ديسمبر 1958، منصب عريف أول في القسمة 35 الناحية الأولى، المنطقة الثانية التابعة للولاية السادسة، ثم ارتقى إلى منصب مساعد قسم في فيفري 1960.
الحكم بالإعدام
وفي تاريخ 3 ماي 1960، ألقى الاستعمار الفرنسي القبض على المجاهد عبد الدايم جريح في أرض المعركة، نُقل أولًا إلى بوسعادة، ثم إلى الجلفة، حيث تعرض للسجن والتعذيب لمدة شهرين، وخلال تلك الفترة أدرك المستعمر أن انتزاع إعتراف حول الجيش والجبهة امرًا مستحيلاً من قبل رجالها، من ثم نقل إلى المدية ليصدر في حقه حكم الإعدام في يوم 20 سبتمبر 1960.
بقي عبد الدايم مسجونا ينتظر كل ليلة تنفيذ حكم الإعدام، وما زاد من قسوة ذلك الانتظار، هو نقله إلى البليدة، حيث اصدر في حقه للمرة الثانية حكم الإعدام سنة 1961، وكأن الاستعمار أصبح في عصمته الحياة والموت، فلم يُرضِ شره الحكم الأول، فزاد عليه بالحكم الثاني.
إلا أن الحكم الثاني سقط، وبقي حكم واحد بالإعدام معلقًا، ظل عبد الدايم ينتظره في سجن البليدة، لكن شاء القدر أن يُسخر له حارسًا ساعده على الفرار من السجن، للتاريخ 30جانفي 1962, فالتحق مباشرة بالولاية الرابعة، المنطقة الثانية بالشريعة، وذلك قبل خمسين يومًا من وقف القتال.
وفي هذه المرحلة شغل عبد الدايم منصب ملازم ثاني، مسؤول عن الناحية الرابعة في المنطقة الثانية من نفس الولاية، بقصر البخاري.
ليأتي بعدها اليوم الموعود، اليوم الخالد والشاهد على بطولات العظماء، وعلى تاريخ أرض الجزائر الطاهرة بدماء شهداءها، إنه يوم الإستقلال 5 جويلية 1962.
نائب في البرلمان في عمر 26سنة
حيث انتخب عبد الدايم بعد الاستقلال بتاريخ 1964، في اول مجلس وطني كنائب في البرلمان، وهو في مرحلة الشباب عن عمر لم يتعدى 26 سنة.
وفي ختام حديثه لبركة نيوز، قال عبد الدايم "الجزائر اليوم تعيش بشبابها ومجاهديها وشهدائها الذين قدموا كل ما اوتوا من أجل سيادتها، لهذا حافظوا على الجزائر، حافظوا على ذاكرتنا كما اوصى بذلك ديدوش مراد، لأن الاستقلال جاء بالدم".